أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بشاراه أحمد - قَبَانْجِيْنَآتٌ مُتَهَآفتة ... لَاْ حَمْدَ فِيْهَاْ (E):















المزيد.....



قَبَانْجِيْنَآتٌ مُتَهَآفتة ... لَاْ حَمْدَ فِيْهَاْ (E):


بشاراه أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 5211 - 2016 / 7 / 2 - 03:15
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


على الرغم من أن موضوعنا السابق كان بحق محققاً تماماً لمقاصده, وقد وفقنا الله تعالى لوضع النقاط على الحروف, وإعادة الأمور إلى نصابها بعد أن عبث بها العابثون الذين لا دور لهم في هذه الحياة الدنيا سوى نشر الفوضى والشقاق والعدوان بين الناس لإشباع أمراضهم الوجدانية وعدوانهم للحق والحقيقة والصلاح والمصلحين. ولكن هذا قدرنا أن نتعقب آثار جوارحهم الخاطئة المعتدية بأقل القليل من التصدي عبر الكلمة وتصحيح المفاهيم ليس وفقاً لهوى أو أجندة خاصة, وإنما وفقاً للمباديء العامة والمفاهيم المعتدلة المتفق عليها في حدها الأدنى في إطار التعامل الحضاري بين البشر. ولكن دائماً هناك شواذ مشبوهين هم المسئولون عن المصائب.

المواضيع الثلاثة الماضية تعرضنا فيها لتصريحات أحد أولئك المعتدين الذين يفهمون الحرية بمعنى الفوضى والتعدي وتجاوز الخطوط الحمراء التي لا يعترفون بها, بل ويرون أن من حقهم الحديث في كل شيء وفي خصوصيات وقيم كل شخص دون حرج أو رادع لظنهم بأنهم سيصبحون أحراراً وهم في داخلهم يرزحون تحت وطأة عبودية لا تقبل الحرية ولا العتق, هي العبودية للعقد النفسية والأمراض العقلية والإنحرافات الخلقية والتمرد على الآداب العامة,,, وكل تلك المخازي التي أهم عنصر رابط بينها ومغذياً لها هو الجهل والسفه والتمرد على الحضارة.

ورغم أن الموضوع قد جاوب على العديد من التساؤلات والمغالطات وأقام الحجج الدامغة على بطلان الإفتراءات وصحة البديل الذي أثبتناه بكل المعايير العقدية والمنطقية والموضوعية بكامل الشفافية والأمانة العلمية,, ولكن بالمقابل كان لرواد ومروجي الفتن والمشاكل والإعتداءات ردود فعل كشفت مدى إحباطاتهم وجزعهم من النهج المعتدل الكاسع الذي نتبعه والذي شعروا بأنه لن يبقي لهم حجراً على حجر, فلعلهم بحثوا لهم عن طرف خيط ينطلقوا منه في مواجهة هذه الحقائق التي علموا أنها مدعومة بثوابت ليس في مقدورهم زحزحتها, فلم يجدوا بداً من إبتداع مداخل إعتادوا عليها ولن يغلبوا حيلة في أن يصنعوا من حبتها قبة أو عياراً إن لم يصب يدوش كما يقولون.

فلنأخذ بعضهم على سبيل المثال لا الحصر, ممن بيوتهم من زجاج مشروخ ويريدون أن يقذفوا الناس بالحجارة. فعلى الرغم من مخازيهم وسفههم المعروف للناس يريدون أن يظهروا بمظهر المهذب المتحضر الذي يحافظ على "الحضارة" التي لا يعرفها أو يفهمها سوى بصورة مشوهة تدل حقيقة على التخلف المُقنَّن, ويتحدثون عن السباب والشتم والسخرية وتحقير المقابل والطعن والعنصرية والإذلال,,, الخ وهم يخوضون في أكرم الناس خلقاً وخلقاً ومقاماً لا يطمحون في أن يبلغوا قدرهم بأ حال,

فتصل شرورهم وأمراضهم النفسية والخلقية إليهم بدون سبب أو داع أو موضوع رغم أنهم أناس أموات وفي ذمة الله, والفاصل الزمني بينهم أكثر من أربعة عشر قرنا من الزمان, ومع ذلك يتعرضون لشرور هؤلاء المرضى الموهومين بجن الحرية المطلقة وهم مكبلون بسلطان وليهم إبليس الذي إستولى على مداخلهم ومخارجهم. والغريب في الأمر أنهم يدركون تماماً أن ما يخوضون فيه لا أساس له من الصحة, وفي نفس الوقت هم يدركون تماماً أن هذا الإعتداء على المقدسات يؤزي إخواناً لهم يبلغ عددهم ثلث سكان الأرض, ولكننا نراهم يستمتعون بإيزاء مشاعر الآخرين دون أدنى سبب سوى المرض النفسي والإجتماعي والتخلف العقدي والتدهور المزمن.

لقد تصدينا لشخص منهم جعلوه رأساً لحربتهم السامة لطعن الغافلين والمسالمين من المؤمنين في عقيدتهم ومقدساتهم, هذا الشخص ليس له عمل سوى الإساءة لكل حرف في كتابهم المقدس القرآن الكريم وهم يطبلون له ويشجعونه ويباركون كل ما يمكن أن يؤذي مشاعر إخوانهم المؤمنين من عمل غير مشروع إلَّا في شريعتهم العوجاء التي هي سبب معاناة الشعوب الآن في العراق واليمن وسوريا وليبيا ومصر وغيرها لأنهم يعمدون إلى إثارة الفتن وتحريك العداوات بين الإخوان والأحبة. فكان تصدينا لذلك المجرم – رغم فداحة عدوانه وإعتداءاته – بالدراسة والتحليل وتصحيح إدعاءاته ليس لإصلاحه في ذاته لأنه متعمد قاصد, وإنما لدرء شره وإضلاله عن ألغافلين من البسطاء والعامة. وقد بذلنا مجهودات كبيرة لبلوغ الحق والحقيقة المؤكدة.

وإكتفينا بوصف هذا الشخص بما وصف هو به القرآن الكريم ونبي الله ورسوله وإتهمه بالكذب والتدليس. فقال عن القرآن "متهافتاً" فأثبتنا بالأدلة أنه هو المتهافت, وقال إن فيه ضعف فأثبتنا بالدليل انه ضحل, وقال عن حقائق معلومة للكل بغير حقيقتها فأثبتنا عليه صفة "الغباء والتغابي", ولكن رأينا بروز الثعالب في ثياب الواعظينا, فمشوا في الأرض يهدوا ويسبوا الماكرينا. فإتهمنا ذلك العاجز عن مواجهتنا بالعلم والحق والحقيقة بأننا نشتم ونسب وأن لنا دكتوراة في ذلك وإدعى انه أحصى لنا أكثر من ألف شتمة وهو من الكاذبين حقيقةً. فمن هو ذلك الشخص المتحضر العفيق؟؟؟ ....... فلنعرفه من أقواله وأفعاله المعتدية العدوانية فيما يأتي.


هذا الشخص يعشق التهكم والسخرية والإستخفاف بالناس, لدرجة أنه يلاحقهم حتى في أسلافهم ليحقرهم ويحقر دينهم ويستخف بنبيهم فقط ليتسلى ويتخلص من غله ويرضي نفسه الأمارة بالسوء, فأنظر ماذا يقول – سفهاً بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير - في أهل بيت الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم:
من أقواله النص التالي الذي برد فيه على الأخ عبد الحكيم عثمان بتاريخ 26 نوفمبر 2014, قال له فيه:
(((... يبدو ان العلاقه بين عائشه وماريا لم تكن على مايرام منذ اليوم الاول. فبدأت النميمه والغيره تعصف ببيت النبوة ولم يسلم الرسول من تجريح عائشه. وانتهت باتهام عائشه لماريا بالزنا على اعتبار ان الطفل الذي ولدته لايشبه الرسول, واعتقد ان الامام علي كان في صف ماريا ويبدو ان العلاقه بين الامام علي وعائشه قد ساءت جدا بعد انكشاف زيف ادعاء عائشه, وهذا قد يفسر التجبيل في ادبيات الشيعه لماريا واعتبارها زوجه شرعيه للرسول نكاية بدسائس عائشه. الاستنتاج الثاني هو هل لهذة الحادثه دور اساسي في تدهور العلاقه بين الامام علي وعائشه والذي انتهى بحرب الجمل التي قتل فيها عشرات الآف من المسلمين؟...))).

فهل شخص بهذه الأخلاق المتدنية وهذا القدر من السفه يحق له أن يتطلع إلى إحترام الناس له؟؟؟
وهل هو جدير بأن يحسب عنصراً مشرفاً لأي موقع ينطلق منه؟؟؟ ومع ذلك لم نصفه في ردنا بما يستحقه من وصف "ترفعاً", بل وإكتفينا بأن يتصور الوصف المناسب له من القراء الكرام.

سأكتفي بهذا النموذج ولو أن هناك أكثر من نموذج يشتركون معه في نفس المنطلقات التي أقل ما يمكن وصفها به هو غياب القيم الإنسانية الحقيقية التي تحرك العلاقات الطبيعية بين الناس بغض النظر عن الخصوصيات العقدية التي تعتبر علاقة بين العبد وربه إن لم يجعلها مصادر عدوان وإيذاء لمشاعر الآخرين الذين سنتصدى لهم بالعلم ونحبط توجهاتهم كلها بآيات الله.

نعود إلى تكملة موضوعنا فنقول وبالله التوفيق:
5. ثم قال هذا الزنديق: (... يقول القرآن: « سنَفْرُغ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلانِ • فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ»، وهذا تشبيه بالإنسان كالذي يقول أنا لست فارغا لك الآن، فكأن القول أن الله مشغول حاليا وتاليا سيتفرغ لكم، ثم يمن عليهم، فهذا من التهافت البلاغي!...). فنقول له في ذلك وبالله التوفيق.

- إرجع إلى الآية "كرتين" فتحقق جيداً,,, هل قال الله فيها (سنَفْرَغ لَكُمْ) بفتح الراء, أم قال: (سنَفْرُغ لَكُمْ ...) بضم الراء؟؟؟ .... ثم قل لنا ماذا يعني - في مفهومك - هذا الشكل في اللغة العربية؟؟؟ .... فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة, وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم. على أية حال إبحث لك عن زنديق آخر يعرف اللغة فأسأله عن الفرق بينهما إن كان من العارفين,

- هل تعرف ما هو مصدر إشتقاق كلمة " سنَفْرُغ "؟ .... وميزانها من كلمة "فَرَغَ" قبل أن تخوض فيها وفي الآية الكريمة؟؟؟
- هل لك علاقة بالصرف لتعرف أن "فَرَغَ" يَفْرَغُ من باب فَتَحَ يَفْتَحُ,, أن "فَرَغَ" يَفْرُغُ هي من باب نَصَرَ يَنْصُرُ ؟؟؟ ...... هذا أولاً,

- وثانياً,, هل تعرف الفرق ما بين عبارتي (نفْرَغُ مِنْهُ), بمعنى يخلوا ذراعنا منه, و عبارة (نَفْرُغُ له, ونَفْرُغُ أليه) بمعنى نقصده/ نقصد إليه؟؟؟ ..... كما في قوله تعالى (سنَفْرُغ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلانِ)؟؟؟

أرأيت تأثير الجهل والختم عليك؟؟؟؟ ..... تماما كما قال عنكم سبحانه وتعالى: (... وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة). الآن كما ترى فإن الخلل يكمن في علمك ومداركك وإستعدادك الفطري للشر وسوء الظن بالله وكتبه ورسله فلعل الله أراد أن يبقي لك ما عندك ويزيدك عليه فلتهنأ به قليلاً فالله أعلم بسرك وهو قادر على أن يجزيك عليه بقدره فالله ليس بظلام للعبيد.

6. ثم قال الزنديق الجاهل: (... يقول القرآن: «يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ فَانفُذُوا لا تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ»، فسّر بعض مفسري المسلمين النفوذ من أقطار السماوات والأرض بالصواريخ، ولكن التتمة تقول: «فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ • يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلا تَنتَصِرَانِ»، والآن علماء الغرب قد طيّروا الصواريخ إلى القمر وإلى المريخ ولم تأتيهم شواظ من نار ونحاس فعليه هم قد انتصروا على القرآن، فليس في هذا إعجاز! ...).

نقول له في ذلك ما سبق أن قلناه في موضوعنا السابق,,, ما يلي:
إن أردت أن تتحدث عن القرآن الكريم فلا بد لك من أن تبلغ ذروة سنام القمم في إتقان اللغة العربية, ثم التفقه في البلاغة بإعتبارها أقصى ما قد يبلغه الإنسان من قدرات في الإنشاء والتعبير حتى تبلغ درجة التميز في إتقان علم البيان, حيئذ ستعرف أنك تناطح الصخر ولن تورط نفسك في ما ورطت نفسك فيه الآن, على الأقل حتى تحافظ على تميزك البلاغي والبياني أمام الناس. أما أنت الآن فكالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً.

هل حقاً تظن أن (... علماء الغرب قد طيّروا الصواريخ إلى القمر وإلى المريخ ولم تأتيهم شواظ من نار ونحاس فعليه هم قد انتصروا على القرآن ...), كما تدعي وتأفك؟؟؟ ..... أهذا يعني في مفهومك المريض أنهم "نفذوا من أقطار السماوات والأرض بصواريخهم ولم يعترضهم شيء من شواظ أو نحاس؟؟؟
كل هذه الجهالة والغباء المركب فقط لتكذب القرآن الكريم ورسوله الأمين لترضي بذلك وليك الشيطان؟ أم لعله الختم حتى يرد الله عليك "سخريتك" بسخرية الله القاصمة التي ستجعلك أضحوكة الأطفال والسفهاء والمعتوهين؟؟؟

هل سبق أن سمعت أو قرأت تصريحاً لأربابك علماء الغرب يدعون فيه بأنهم – بصواريخهم أو سفن فضائهم أو بفكرهم وخيالهم بلغوا السماء الدنيا ونفذوا منها ولو حتى في أفلام الكرتون أو في أفلام الخيال العلمي؟؟؟

على أية حال, لقد وضعت نفسك في أسوأ موقف يمكن أن يتصوره عاقل, حيث لا يكفي الوصف بالجهل أو عدم الإطلاع أو المتابعة,,, لأن حتى الذي يوصف بمثل هذه النواقص يستحيل أن يبلغ مبلغك هذا من التخريف.
فإن اتفق أن إستحضرت أو تصورت معنى كلمة "أقطار diameters" بإعتبار الأرض كرةً في داخل كرةِ السماءَ الدنيا, وأنَّ السماوات السبع طباقاً – بمعنى أن كل كرة منها في داخل (في جوف) كرة "تالية" أكبر منها تتوسطها كرة الأرض - وأنَّ ما بين كل سماءٍ والتي تليها كما بين السماء الدنيا والأرض "بعداً", فهذا يعني أن كل سماءٍ تُغَلِّفُ كرة السماء التي تحتها (في جوفها).

ومعنى هذا أن كل قطر من أقطار السماوات والأرض – كما قلنا سابقاً - لا بد من أن ينفذ من كل هذه الكرات المتداخلة – كرةً بعد أخرى - مبتدئً النفاذ من خارج محيط circumference (غلاف) السماء السابعة, فينفذ منها إلى السماء السادسة, ثم إلى السماء الخامسة, فالرابعة, فالثالثة, فالثانية, فالأولى (السماء الدنيا), ثم ينفذ من محيط كرة الأرض ليمر بمركزها (في القلب), ثم ينفذ منها بالجهة المقابلة, ثم يواصل طريقه لينفذ من السماء الدنيا, إلى السماء الثانية, فالثالثة, فالرابعة,,,, إلى أن ينفذ من الجهة المقابلة للسماء السابعة. فهل هذا هو النفاذ التي قام به علماء الغرب عندما طيّروا صواريخهم إلى القمر وإلى المريخ ولم تأتيهم شواظ من نار ونحاس فانتصروا بذلك على القرآن أيها العبقري؟؟؟

إنَّ كل قطر من أقطار السماوات والأرض ينفذ بنفس المسار, بغض النظر عن عدد هذه الأقطار الاَّ نهائي. هذا هو معنى النفاذ من أقطار الكرات المتداخلة فهل يستطييع كائن من كان أن ينفذ بهذه الطريقة من أقطار السماوات والأرض؟؟؟ ..... إذاً فليجرب علماء الغرب - أو الدنيا كلها بما في ذلك جنهم نفسه - فقط أن ينفذوا من أقطار الأرض إن إستطاعوا لذلك سبيلاً. عندها سيجدوا في داخلها ذلك الشواظ من نار جوفها المشتعل بالبراكين المذابة فيها الحجارة والمعادن المصهورة من حديد ونحاس وغيره, فهذه حقيقة لا تخفى على أحد. فهل هناك سلطان لأي من الجن والإنس لمجرد التفكير في هذا النفاذ؟؟؟.

ومع هذه الإستحالة الظاهرة, فكأنما قال الله تعالى لهما "متحدياً",, إن أردتم أن تحاولو الخروج في سلطاننا وقبضتنا وحيزنا الذي أوجدناكم فيه على سطح كوكب الأرض الذي تحيط به السماء الدنيا المحروسة بالشهب وبشواظ من نار ونحاس,,, فجربوا ذلك النفاذ المستحيل. ولكن تذكروا بأن هذا يتطلب منكم التمتع بسلطان غالب يستطيع التغلب على تلك المستحيلات.

فإن ظننتم أنكم تملكون هذا السلطان قوموا بالمحاولة, ولكن عندها ستكون النتيجة محسومة, وهي الفشل الذريع لأن هناك رادع في إنتظاركم لن يستطيع أي منكم أن يخترقه ويتعداه, فقال في ذلك: (يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنتَصِرَانِ 35), فما دام أن الأمر كذلك, وثبت لكم بالمحاولات الفاشلة إستحالة ذلك النفاذ,, إذاً: (فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ 36), أتكذبان بالإستحالة, أم بالردع؟؟؟

بعد هذه المناقشة العلمية والفكرية من حيث المنطق والموضوعية فلنعد الآن إلى خطرفة هذا الساذج وهو يقول: (... والآن علماء الغرب قد طيّروا الصواريخ إلى القمر وإلى المريخ ولم تأتيهم شواظ من نار ونحاس فعليه هم قد انتصروا على القرآن، فليس في هذا إعجاز!): فلنسأله فقط في العلوم العامة بما يلي:
1. هل تعرف المسافة التي يبعدها القمر عن الأرض؟؟؟
2. وهل تعرف المسافة ما بين الأرض وأبعد كوكب منها؟؟؟
3. وهل تعرف المسافة التي ما بين الشمس والأرض؟؟؟ ..... وكم تستغرق أشعة السمس من الزمن لتصل إلى الأرض؟؟؟
4. وهل تعرف ما هو بُعْدُ أصغر وأبرد وأقرب نجم من الأرض؟؟؟
5. وهل كل هذه الأجرام السماوية - بشمسها وقمرها ونجومها ومجراتها – يوجد منها ما هو خارج قبة السماء الدنيا؟؟؟
6. وهل يستطيع أي من الإنس أو الجن أن يرى شيئاً مما يوجد من خلق ومخلوقات ما بين السماء الدنيا والسماء الثانية, أو ما بين السماوات الأخرى؟؟؟
واضح أنك لا تعرف شيئاً من هذا ولا غيره, وإلَّا لما عرضت نفسك لسخرية الناس على جهلك بهذه الطريقة.

إذاً سنجاوب على هذه الأسئلة التي لا يمكن أن تخطر على بالك أبداً بما يلي:
1. يبلغ متوسط المسافة بين مركزي الأرض والقمر 376,400 كيلومتر (233,810) ميل. كما يبلغ متوسط المسافة بين سطحيهما 376,280 كيلومتر.

2. والمسافة ما بين كوكب المريخ والأرض يمكن أن تتراوح ما بين 77 مليون كيلومتر عند أخفض نقطة, وإلى 222 مليون كيلومتر عند أبعد نقطة.

3. تبعد الشمس عن الأرض ما يقارب 149.6 مليون كيلومتر, وهذا ما يعادل – بسرعة الضوء - 8 دقائق و 19 ثانية, حيث تتغير هذه المسافة بشكل طفيف حسب دوران الأرض حول الشمس وحسب الفصول, حيث انها تكون أقرب ما يكون في فصل الشتاء.
وبقياس الزمن تبعد الشمس عن الأرض ما يعادل 0,000016 سنة ضوئية
ويبعد عن الأرض أقرب نجم بعد ألشمس: ما يسمى برجل القنطور (قنطور) بمسافة 4.22 سنة ضوئية. ثم هناك نجوم يبلغ بعدها عن الأرض تقريباً 16.19 سنة ضوئية. والسؤال هو ما هي المسافة ما بين أبعد نجم وبين قبة السماء الدنيا؟؟؟

ونظرا لأن المسافات بين النجوم كبيرة جداً فإن الفلكيين يستخدمون مقياساً أسهل في تقدير المسافات بينها وهو مقياس "الزمن" الذي يقطعه ضوء نجم حتى يصل إلينا على الأرض، حيث يقولون إن سرعة الضوء في الفراغ ثابتة لا تتغير وهي نحو 300,000 كيلومتر في الثانية, (و 18 مليون كيلومتر في الدقيقة, و 1.08 مليون كيلومتر في الساعة, و 394.2 مليار كيلومتر في السنة الضوئية). وبناءاً على ذلك يستغرق ضوء الشمس 8 دقائق لكي يصل إلينا - (ما يعادل 150 مليون كيلومتر).

علماً بأن بعثة فوياجر1 تعتبر أحد أهم إنجازات ناسا. وهو تلك الآلة التي بناها الإنسان, وقد وصلت إلى أبعد ما يمكن الوصول إليه عن الأرض في أعماق الفضاء. ففي شهر يوليو 2013 وصل فوياجر بُعداً عن الشمس 124,97 وحدة فلكية وهي مسافة تعادل 18.6 مليار كيلومتر تقريباً أو ما يعادل 14 ساعة و15 دقيقة ضوئية,, علماً بأن السنة الضوئية تساوي (8,760) ساعة ضوئية.

كل هذه المعلومات التقديرية تبين مدى ما بلغه علم الإنسان عن الكون مستخدماً في ذلك أقصى ما بلغته التقنية التي أعطته هذه الأبعاد التي يستحيل عليه مجرد تصور الحقيقة, كل ذلك جزء صغير من واقع الكون الذي يستطيع تصوره ما بين الأرض والسماء الدنيا, وما خفي كان أعظم. ويقول الله تعالى (وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً). أرأيت كيف يكون النصر والإنتصار للقرآن دائماً وأبداً, ولن يكتب لمخلوق كائناً من كان أن ينتصر على الأحاديث النبوية ناهيك عن القرآن الكريم كلام الله رب العرش العظيم.

7. ثم قال الزنديق: (... يقول القرآن: «فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاء فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ»، فهنا إشكال بلاغي لأن هذا التشبيه غير معقول! ...). نقول له في ذلك وبالله التوفيق:

أنت تتحدث عن البلاغة وفي نفس الوقت تنكرها وتصفها بما ليس فيها, فإن دل ذلك انما يدل على الجهل بها, فالله تعالى في قوله عن حال وأحوال وأهوال يوم القيامة – وهذا بالطبع كله غيب على الإنسان والجن, ولا يستطيع أي منهما تصوره والإحاطة به - قد وصف بعضاً عن أحواله وأهوالها, فقال في ذلك: (فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاء فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ), فما الغريب في أن السماء ستنشق وتسقط كسفاً, وبين الله أن لونها حينئذ سيكون أحمراً للناظر إليه وشبَّهه بلون الدهان الأحمر؟؟؟ .....

واضح من الإعتراض على كل شيء بالقرآن أن الرجل يخطرف أو يكون هدفه الأساسي تكذيب القرآن جملة وتفصيلاً دون النظر إلى أي تفاصيل إلَّا بقدر ما يمكنه من إختيار النقد الذي يروقه ويحقق له أكبر قدر من الإستخفاف والسخرية, وهذا عدوان صريح وموجه وسافر. فسقطاته لا تعد ولا تحصى, ولكن فلنكتفي بإثنين منها في مجال البلاغة التي يتحدث عنها بصيغتين إثنين لا يبدوا انه يعرف معنى أي منهما, فإما (تهافت بلاغي) أو (ضعف بلاغي).

- من ناحية التركيب اللغوي والإنشائي والنحوي الآية في قمة البيان والإبيان, فما المآخذ عليها؟؟؟
- الآية الكريمة فيها تشبيه في أكمل صوره, وأركانه, فما هو الإشكال فيه؟؟؟
- أين المعقول لديك فيما يتعلق بأهوال القيامة حتى تحكم على الآية بأن ما جاءت به يعتبر معقول أم غير معقول, فما هي المعايير القياسية لديك؟؟؟

ليتك تجرب لنا ملكتك البلاغية في نقد الأبيات التالية, لترينا المعقول فيها وغير المعقول بجانب ملاحظ البلاغة فيها:
قال البارودي: (عقيلة أتراب توالين حولها * كما دار بالبدر النجوم الزواهر),
وقال يزيد بن معاوية:
نالت على يدها ما لم تنله يدي * نقشاً على معصم أوهت به جلدي
كأنه طرق نمل في أناملها * وروضة رصعتها السحب بالبرد
وأمطرت لؤلؤاً من نرجس وسقت ورداً * وعضت على العناب بالبرد

إذاً,, فأنت تخطرف وتعاني إشكالات حقيقية في البلاغة, فأصبح ويطن الجهل والجهالة من داخلك فتفتري على الله الكذب عامداً متعمداً معتدياً.

8. ثم قال الظالم لنفسه مبين: (... يقول القرآن: « يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالأَقْدَامِ • فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ»، وهذا الكلام مخالف للبلاغة لأنه يمنّ عليهم بالآية الثانية بينما الآية التي سبقتها تتحدث عن التهديد، فكيف تهدد شخص ثم تمنّ عليه بتهديدك؟ هذا خطأ بلاغي ...!). نقول له في ذلك ما يلي وبالله التوفيق:

هل أنت – قبل أن تدخل في مرحلة النقد – فهمت مدلول الآية ومقاصدها وما هي الغاية التي يريد الله إبلاغها للثقلين؟؟؟
واضح من ردودك الهزيلة انك لم ولن تفهم شيئاً من ذلك, وحيث أن الصورة قد بلغتك مقلوبة رأساً على عقب, فمن البديهي أن يضل سعيك ويطيش صوابك ويزل لسانك, لذا علينا أولاً وضع الأمور في نصابها الصحيح, حتى يستطيع القراء الكرام متابعة المقاصد ومقارنتها مع إدعاءاتك المنحرفة لنسخ مفهومها الخاطيء وإبداله بالصواب.

تُقرِّرُ الآية الكريمة ان المكذب من الجن و/أو الإنس لن يُسْألَ عن ذنبه يوم القيامة, وذلك أمر بديهي ومنطقي وموضوعي, لأنه مع جريمة التكذيب لن يكون هناك من عمل صالح يقابل أعماله الطالحة, وبالتالي ليس هناك مبرر لأن يُسأل عن أي ذنب فالإدانة كاملة والجريمة مكتملة الأركان, كأن يلقى القبض على اللص وهو في داخل المصرف والأموال في يده وجيوبه أو حقيبته, فهذا متلبس والدليل يحمله في يديه وجيوبه, وبجانب هذا وذاك, كانت هناك كامرات خفية قامت بتصويره منذ دخوله البنك وحتى إلقاء القبض عليه.

قال تعالى, مصوراً حال المكذبين يوم القيامة: (فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلَا جَانٌّ 39), (فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ 40). فإذا كانت سيماء كل مكذب مجرم تدل عليه تماماً فما الداعي لسؤاله عن الذنب إبتداءاً؟؟؟ .... ومن ثم, فمن السمة فقط تأخذه الملائكة من ناصيته وقدميه فتلقي به إلى النار, قال تعالى في ذلك: (يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ 41), (فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ 42).

ثم يقال له بعد دخولها النار "إستحقاقاً" وبعد تذوقه حرها: (هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ 43). ليست جهنم فحسب بل سيتنقل "تطوُّفاً" بينها وبين حميم آنٍ, فيتنوع له العذاب, قال تعالى: (يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ 44), فيقال لهم ها أنتم أولاء الآن تصطلون فيها وتطوفون بينها وبين حميم آن, وقد رأيتم صدق توعدكم بعذابها, وواقعه وحقيقته,, إذاً: (فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ 45)؟؟؟

9. ثم قال هذا المتهافت: (... يقول القرآن: » فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ »، وفي هذا إشكال بلاغي، فهنا الحديث عن الجنة وأن فيها الحور العِين اللاتي لم يجامعهن إنس، ولكن لماذا يمن علينا بإضافة «وَلا جَانٌّ»؟، لا ميزة في ذلك إذ حتى نساء الدنيا لم يجامعهن جان، فإضافة «وَلا جَانٌّ» هنا لماذا جاءت، هل جاءت لأجل السجع مثلا؟ ...). نقول له في ذلك وبالله التوفيق:

إعلم أن هذا الذي تقوله إنما هو تهافت معرفي وضعف إدراكي, وإشكال عقلي ووجداني. فأنت قد وقعت في أخطاء وإخفاقات مركبة لأنك لم تفهم الآية ولن تفهمها لأنك غير مهيأ لذلك الفهم للآتي:

- هل تعلم أن الجن, بل الشيطان يجامع النساء من البشر إن كنَّ قريبات منه في النجاسة والخبث والبعد عن الله تعالى وتحت ولايته وإمرته, و/ أو كان المجامع لهنَّ من أوليائه الذين لا يذكرون الله ولا يتقونه,, فيولج الشيطان مع إيلاج وليه من البشر, فلا يلدوا عبد ذلك إلَّا فاجراً كفاراً.
فإن لم يكن ذلك كذلك, فمن أين يأتي الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً ويخوضون في آيات الله البينات كما يفعل الكثيرون الآن؟؟؟

- ثم,, ألم يخاطب الله تعالى الثقلين في هذه الآية الكريمة؟؟؟ ..... ثم, أليس من المنطق والمعقول أن تكون قاصرات الطرف "للبشر" لم يطمسهن إنس قبلهم, وقاصرات الطرف "للجن" أيضاً لم يطمسهن جان قبلهم؟؟؟ ..... ولكن هذه المقابلة لا شك يستحيل فهمها للمتهافتين بلاغياً وعقلياً وفكرياً وعقدياً.
- ثم أي سجع ذلك الذي تدعيه وتأفكه أيها المتهافت.


@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@

ثم إنتقل هذا الشيطان المتهافت - بغَيِّهِ وبهتانه وتخبطه المحموم للنيل من قدسية القرآن الكريم طاعةً لإبليس الذي – نحسبه – قد توسد قلبه وأحدث في فؤاده المظلم... – وقصد هذه المرة إلى سورة النور الكريمة الرائعة ظناً منه أنه يستطيع بلوغ ما عجز عنه وليه إبليس ومن هم أبلغ منه بأساً وعلماً وأعمق نهجاً فكان من الغاوين المدحضين.

لقد رأى السادة القراء – بالحوار المباشر والدراسة والتحليل العلمي المتأني لأفكار هؤلاء البائسين اليائسين من رحمة الله – كم هم جهلاء أغبياء معتوهين, وأن كل محاولاتهم باتت محسوبة عليهم, وأنهم كانوا أنفسهم يظلمون ولخصالهم الذميمة ودواخلهم الخربة كاشفون ومعرُّون, فهم لا أكثر من نمور من ورق كما يقول الصينيون, وقد أصبحوا بعد مواجهتهم بحقائقهم وواقعهم مجرد كروت محروقة, وسنعمل على تذرية رمادها في مهب الريح, بعد أن حول الله بآياته البينات عدوانهم وسعيهم الخبيث ومكرهم السيء نصراً مؤزراً كشف للقاصي والداني الإعجاز العلمي المبين للقرآن الكريم الذي سنرى المزيد المزيد منه من خلال تعقبنا لهؤلاء المنبوذين المنظرين.

(أ): واصل هذا المتهافت زندقته وظلمه لنفسه, متطاولاً على سورة النور الرائعة هذه المرة, فقال: (... يقول القرآن: «الله نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ • الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ • الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لّا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ • يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ • نُّورٌ عَلَى نُورٍ • يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ» .... (- ثم يقول -) وهنا ضعف بلاغي، إذ المبتدأ كان جميل «الله نُورُ» ولكن ما جاء بعد ذلك كان تحجيما وتشبيها بما هو أتعس لا بما هو أحسن، إذ شبّه نور الله العظيم بنور مصباح في زجاجة كالفانوس، والذي تنحصر إنارته لمستوى مادي محسوس بحجم الحجرة، ثم قال زيتونة لا شرقية ولا غربية ولم يبق سوى أن يكمل فيقول: ”جمهورية إسلامية“! ...).

نقول له في ذلك الخلل ليس في السورة الكريمة المعجزة ولكنها تكمن في قدراتك الفكرية والعلمية. وسوف نثبت للقراء صدق ما قلناه عنك فيما يلي:

أولاً: يجب أن نعرف مقاصد الآيات الكريمات البينات والغاية التي ينشدها الله تعالى لتصل إلى الناس, والصورة الكاملة الناصعة التي تليق بوصف نوره الذي لا يغادر ظلالاً ولا شوائب ولا بقع فضية باهتة,,, فجاء بهذا المثل التمثيلي التصويري المبدع المعجز الذي يستحيل أن يبلغه وصف في الدقة والبيان والمقاربة والمقارنة في بلوغ تلك المقاصد العليا والغايات السامية, كما سيتضح ذلك من تدبر هذه الآيات المحكمات.

ثانياً: النور الكامل الإنارة هو ذلك النور الذي لا يسمح بأي قدر من الظلال أو الشوائب أو البقع الظلية المنعكسة من أي شوائب وبأي قدر ولو ضئيل, وفي نفس الوقت لا يترك أركاناً أو نتوءاتٍ تكاد تكون داكنة مظلمة. فالنور يكون كاملاً شاملاً, متجانساً ناسخاً تماماً للظلمة كما تفعل الشمس عند تعامدها في كبد السماء في منتصف النهار. وفي نفس الوقت لا بد أن يضرب الله المثل بشيء إعتاده الناس غنيهم وفقيرهم ويمكن أن يتصوره في بيئاتهم وواقعاً في محيط إبصارهم وبصرهم,, من مستوى للإضاءة, لأن الغاية هي تصوير قوة وكمال النوعية بغض النظر عن حجما وقدرها. فلو تأملنا مواصفات هذا النور في المثل الذي ضربه الله تعالى نراه أكثر صفاءاً وإنارةً من الشمس والقمر والنجوم عند إنعكاسها على الأرض.

فالله تعالى قال عن نوره: (الله نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ...), وهذا يضعنا أمام أمرين إثنين:
1. الأول: حَيِّزٌ مُنَارٌ - وهو السماوات السبع والأرض وما بينها - وهذا حيز يستحيل أن يتصوره مخلوق, وبالتالي الحديث عن إنارة هذه الحيز يستحيل أن يبلغ فكر المخلوقات بإنسها وجنها, لذا إستعاض الله تعالى كل هذا الحيز – في مثله المعجز – بحيِّز غرفة مهما كبر حجمها فهي في مستوى مدارك الإنس والجن,

2. الثاني: نُوْرُ اللهِ - الذي يُنير السماوات والأرض - أيضاً هذا قدر من الإنارة خارج تصور الثقلين لأن الشمس – وهي أكبر مصدر للنور للأرض والكواكب الأخرى ومع ذلك ليست إنارتها كاملة للحيز الذي بين السماء والأرض مع أن هناك ملايين المجرات التي في كل مجرة منها ملايين النجوم التي تعتبر الشمس أصغر نجم فيها,,, أيضا لا تعطي إنارة كاملة لما بين السماء الدنيا والأرض, فكيف يمكن تصور الإنارة الكاملة لهذا الحيز؟؟؟ وكيف يمكن تصور الإنارات الأخرى اللازمة لما بين السماوات السبع بحيث لا يكون هناك أي مجال لظلال أو بقع مظلمة أو شبه مظلمة؟؟؟ .... لذا وضع اله بديلاً لمصدر الإنارة المستحيل تصوره بمصدر مدرك ومشاهد لكل الناس هو "المشكاة" بدلاً من مصادر إنارة ما بين السماوات والأرض التي يستحيل على مخلوق مجرد تصورها.

إذاً الحقيقة: التي يجب على الجن والإنسان معرفتها هي أن (الله نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ), وأن هذا النور يستحيل أن يتضمن ظلال أو بقع سوداء أو شبه سوداء, هو نور صافي كامل الإنارة ليس له شبيه في الكون كله. وهذا بلا أدنى شك يعتبر خارج تصور المخاطبين من الجن والإنس, فأراد الله أن يجسد هذا النور والإنارة في نموذج مصغر للغاية في مقدور الكل مشاهدته عمليا وتصوره فإستبدل تعالى حيز السماوات والأرض بحيز حجرة عادية, وإستبدل مصدر إنارة السماوات والأرض بمصدر إنارة الغرفة وهي "المشكاة التي فيها مصباح". فهنا يكمن الإعجاز البياني تشبيها وتقريباً في قمته. ولكن لا المشكاة كالمشكاة العادية والا المصباح كالمصابيع العادية وإنما لكل من هذه وتلك مواصفات خاصة للغاية,,, لذا قامت الآيات البينات بتصوير هذا التميز وتلك الخصوصية بصورة تخلب الألباب,, كما سنرى ذلك الإبداع فيما يلي.

فالمشكاة - في الأصل - إنما هي كُوَّةٌ, أو تجويف – يتوسط أحد جدر الحجرة ولكنه غير نافذ – يوضع فيه مصباح يوقد بالزيت ليضيء هذه الكوة بأكبر قدر ممكن من الضوء حتى تصبح هي نفسها المصدر الأساسي الذي يشع منه النور بما يكفي لإنارة الحجرة بكاملها, فهي بذلك تقوم بدور تضخيم ونشر وتصفية ضوء المصباع بدرجات متفاوتة تتوقف على نوع المشكاة, ونوع المصباح نفسه الذي بداخلها, ثم نوع الزيت الذي يوقد به المصباح, وصفاء الزجاجة التي تغطيه. أنظر شكل المشكاة في الروابط التالية قبل أن ندخل في توصيف المشكاة والمصباح ومكوناته:
https://pbs.twimg.com/media/CXayiZQVAAAGdrH.jpg

http://lh3.ggpht.com/_mOMKtbs-AWQ/TT65ld5HfSI/AAAAAAAAACg/vYXTHlf_2CI/mmmm.jpg

فكلما إرتقت و صَفَتْ وسَمَتْ هذه العناصر كلما إنعكس ذلك إيجاباً على نوع الإضاءة وقدر ودرجة صفاء نورها وشموله. والمقصود من المثل هو تصوير أعلى درجات الصفاء من النور ليشمل كل ذرة من ذرات الحيز الذي ينيره, وليست المشكاة لذاتها أو ما بها من مصباح متميز بمكوناته. لذا قال الله تعالى – مفصلاً العناصر التي تسهم أو تشترك في تحقيق هذا النور الصافي المتميز لذلك الحيز الصغير المحدد نسبياً - في سورة النور فبين تعالى ذلك كما يلي:

إنَّ أبلغ تصوير بياني لوصف النور هو الإهتمام بوصف مكونات مصدر ذلك النور, والترقي في وصفها والمبالغة في كمالها النوعي الذي كلما سما وإرتقى وفاق الوصف كلما إنعكس ذلك إيجاباً في تصور النور الصادر من ذلك المصدر القياسي, وهذا ما إنفرد به القرآن في الوصف وضرب الأمثال للناس لعلهم يتفكرون, ولكن أكثر الناس لا يفعلون فتغيب عنهم هذه الصور الجمالية المعجزة.

قال تعالى: («الله نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ...), وحتى يبين – عملياً – صفاء وكمال هذا النور, لم يكتف بوصفه بضوء الشمس وسط النهار, بل كانت غايته تصور الإنسان لنور أصفى وأقوى من نور الشمس والقمر والكواكب. فجسده بصورة حية طبيعية يعرفها الناس ويمارسونها في حياتهم اليومية ويعرفون العناصر والمتطلبات التي توفر لهم أنقى قدر ودرجة من النور. فضرب لهم مثلاً حياً قال فيه:
1. (... مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ ...), وهي التجويف على جدار الحجرة الذي إعتاد الناس عمله في بيوتهم ومحلاتهم ومساجدهم, والذي يوضع فيه المصباح الذي ينيرون به حجراتهم,

2. والمشكاة التي وصفها الله تعالى ليست خالية, وإنما:,( فِيهَا مِصْبَاحٌ ...) ليضيئها حتى ينبعث النور منها إلى كل أركان العرفة التي بها تلك المشكاة المنيرة,

3. والمصباح ليس عارياً وعرضة للهواء, وإنما ذلك: ( الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ...), ومعلوم للكل أن المصباح لن ينير جيداً بدون زجاجة تحمي شعلته من الهوء الذي إما أن يطفئها تماماً أو أن يضعف ضوءها بتحريكها في كل الإتجاهات, وبهذا تعطي إضاءة كثيرة الظلال والبقع الداكنة, ورديئة للغاية, كما أن الزجاجة تعمل أيضاً على صفاء وتضخيم وتشتيت النور في كل الإتجاهات والأركان بحيز الحجرة حتى تعمها الإنارة,

4. والزجاجة ليست عادية وإنما متميزة بنقائِها وجودة صنعها وتميز المادة المصنوعة منها, قال تعالى: (... الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ ...), ومن شدة رقتها وشفافيتها لا تكاد تُرى ومعلوم أنه كلما إرتقت وسمت شفافية زجاجة المصباع أكثر كلما إرتفع قدر وصفاء وقوة نوره,

5. ووقود المصباح ليس زيتاً عادياً, وإنما: (... يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ ...), وبهذه العبارة يريد الله تعالى أن يوصل للمتدبر والمتفكر أن الزيت الذي يوقد منه مصباح المشكاة هذه إنما هو من أعلى درجات الجودة التي عرفها الإنسان,, ومعلوم أنه كما إرتقت وسمت جودة زيت المصباح كلما إرتقىت جودة وقدر وشدة النور الذي يصدره المصباح الموقد به,

6. الشجرة التي يوقد المصباح من زيتها ليست شجرة عادية, وإنما هي شجرة مباركة لانها: ( زَيْتُونَةٍ ...), ومعلوم أن زيد الزيتون من أخف الزيوت وأجود أنواعها التي تستخدم في إنارة المشكاة لأنه لا يخلف كربوناً أو ظلالاً, وإنارته أقوى وأصفى وأكمل,,

7. ومع ذلك, فتلك الشجرة المباركة هي من أجود أنواع شجر الزيتوت وزيتها بالطبع كذلك فهي لا تحجب عنها الشمس طول النهار لأنها: (... لّا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ ...), تشرق الشمس عليها حتى تغيب لا يحجب أشعة الشمس عنها شيء من جبل ولا تل ولا مرتفعات وهذا يعني أنها متميزة النمو ومستوفية لحظها الوفير من إحتياجاتها لأشعة الشمس فكانت متميزة في إنتاجها من الثمار والزيت,

8. لذا: (... يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ...), من شدة صفائه وجودته وتفرده, كأنه – لشدة لمعانه – قد أصبح بذاته مصدراً للضوء الذي ينير ما حوله,

9. فهذه المشكاة قد إجتمعت فيها كل الأنوار بكمالها وجمالها: - نور المصباح, ونور الزجاجة, ونور الزيت,,, حتى أصبحت: (... نُّورٌ عَلَى نُورٍ).

هذا هو مثل نور الله تعالى الذي ينير الكون كله بسماواته وأرضه, تماماً كما ينير هذه المشكاة المتميزة بمصباحها المتميز وبزيته المتميز هذا الحيز الصغير من الغرفة فيحولها لكتلة من نور. وكذلك يكون أيضاً نور الله تعالى في قلب المؤمن الذي جعل قلبه وقفاً لله تعالى ولا يقبل فيه معه أحد غيره (كائن من كان). فهذا النور الساطع الشامل الكامل,,, لا يحسه ويستشعره وينعم به كل من هب ودب, وإنما: (يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء), (وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ). فكيف يهدي الله لنوره من ناصبه العداء وكذب بآياته ورسله وملائكته وسعى في الأرض فاسداً مفسداً؟؟؟


ولا يزال للموضوع من بقية باقية

تحية طيبة للقراء والقارءات الكريمات

بشاراه أحمد



#بشاراه_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قَبَانْجِيْنَآتٌ مُتَهَآفتة ... لَاْ حَمْدَ فِيْهَاْ (D):
- قَبَانْجِيْنَآتٌ مُتَهَآفتة (تصحيح مفاهيم C1):
- قَبَانْجِيْنَآتٌ مُتَهَآفتة ... لَاْ حَمْدَ فِيْهَاْ (C):
- قَبَانْجِيْنَآتٌ مُتَهَآفتة ... لَاْ حَمْدَ فِيْهَاْ (B):
- قاهر الطواغيت وماحق البدع:
- مختوم من البقرة مزنوم 1:
- قَبَانْجِيْنَآتٌ مُتَهَآفتة ... تصحيح مفاهيم (أ):
- قَبَانْجِيْنَآتٌ مُتَهَآفتة ... لَاْ حَمْدَ فِيْهَاْ (A):
- ... أَفِي اللَّهِ شَكٌّ!!! ...؟؟؟ (تصحيح مفاهيم B):
- ... أَفِي اللَّهِ شَكٌّ!!! ...؟؟؟ (تصحيح مفاهيم A):
- ... أَفِي اللَّهِ شَكٌّ!!! فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ...
- ... أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ!!! السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ...
- قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ (ج):
- قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ (ب):
- قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ (أ):
- عندما يصير اللامعقول مألوفاً (تصحيح مفاهيم - « ه »):
- عندما يصير اللامعقول مألوفاً (تصحيح مفاهيم - « ج »):
- عندما يصير اللامعقول مألوفاً (تصحيح مفاهيم - « ب »):
- عندما يصير اللامعقول مألوفاً (تصحيح مفاهيم - « أ »):
- عندما يصير اللامعقول مألوفاً (C):


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بشاراه أحمد - قَبَانْجِيْنَآتٌ مُتَهَآفتة ... لَاْ حَمْدَ فِيْهَاْ (E):