أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - لن أكتب هذا المقال !














المزيد.....

لن أكتب هذا المقال !


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 5209 - 2016 / 6 / 30 - 21:05
المحور: الادب والفن
    


لن أكتب هذا المقال. ولم أكتبه؟ أنا أكتب للصحافة من زمن طويل جدا وبانتظام ومع ذلك فإن كل مقالاتي مجتمعة على مدى عشرين عاما لم تبدل شيئا صغيرا طفيفا واحدا، لم تغير من وضع حجر على حجر، ولا هزت أنحف شعرة في رأس وضع مستقر على خطأ أو قائم على فساد، ولا قلقل أي منها مؤسسة أوحتى كشك سجائر ولو بهزة عابرة. فما الذي يجبرني على كتابة هذا المقال؟ لا شيء، لا حافز، ولا رغبة، ولا إيمان بأثر الكتابة يدفعني لإنهاء هذا المقال والوصول به إلي نهايته. أضف إلي ذلك حقيقة ساطعة ألا وهي أن كل شيء معروف! حتى أنك لو قمت بتوزيع ورقة بيضاء لحسبتها الجهات المختصة منشورا سياسيا. والحق أني لا أجد ما ينطبق على دور الكاتب عندنا وتأثيره سوى المثل الشعبي:"البقرة تلد.. فعلام يخور الثور؟ أجاب الثور:تحميل جمايل".الناس يعانون ونحن نخور بجوارهم ونحملهم جمايل كلماتنا وأقلامنا، بينما يتحملون هم عبء الواقع، ولا شيء يتغير. وإذا كان الحصاد الأدبي للكتابة قبض ريح فإن حصادها المادي أقل من ذلك بكثير، إذ لا قبض فيه على الإطلاق! وقد كان ذلك الحصاد ومازال زهيدا ومضحكا منذ أن كتب المازني عام 1924 يخاطب القاريء بقوله:" أقسم أنك تشتري عصارة عقلي وإن كان فجّا، وثمرة إطلاعي وهو واسع، ومجهود أعصابي وهي سقيمة ، بأبخس الأثمان! وتعال معي لنتحاسب ! إن في الكتاب أكثر من أربعين مقالا تختلف طولا وقصرا وعمقا وضحولة. وأنت تشتري كل أربع منها بقرش!". فلا نحن نحصل على أجورنا بعد أن يجف عرقنا، ولا كلماتنا تساهم حقا في تغيير. لهذا لن أكتب هذا المقال. لاشيء يرغمني على الانشغال ثلاثة أيام باختيار موضوع للكتابة، ثم الكتابة مهموما بالخطوط الحمراء ومستغرقا في تمرير الجمل من ثقب إبرة! بالمناسبة كان للأدباء السوفيت اختراع خاص بهم لتمرير الحقيقة من ثقب الرقابة الضيق، فكانوا يدرجون في أعمالهم مشهدا معاديا للنظام يضعونه خصيصا ليلتهي الرقيب بحذفه ويغفل عن جوهر النقد في العمل! يمنعني من كتابة هذا المقال أيضا أن الكتابة عملية إبداعية سهلة على الجميع، صعبة على الكاتب! يقول العظيم يحيي حقي في ذلك:" قد أكتب الجملة الواحدة ثلاثين أو أربعين مرة حتي أصل إلى اللفظ المناسب"! وكانت كتابة صفحة واحدة تستغرق من فلوبير صاحب" مدام بوفاري" عدة أسابيع! يكتب ويكرر لتعزية نفسه أن الموهبة ليست سوى الصبر الطويل. بالطبع الأمر يختلف عند كتابة مقال صحفي لكن يظل التدقيق في الكلمات واختيارها بعناية مطلوبا خاصة إن كان المقال ينتسب إلي نوع"المقال القصصي"الذي عده جابريل جارثيا ماركيز من فنون الأدب. لم إذن أنهي هذا المقال؟ وفيم كل وجع الرأس هذا؟! من أجل ماذا؟ لا فلوس ولا تأثير، وما نكتبه تفرقه الريح ولا يمكث في الأرض. فما الذي يغريني بالحبسة في حجرة مغلقة ساعات طويلة لإنهاء هذا المقال؟. لن أكتب هذا المقال. مهما كان عشقي الكتابة، لن أكتبه، وليبق مجرد خاطر عابر لا يتجسد في كلمات! ليبق هكذا.
د. أحمد الخميسي. كاتب مصري



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جو كوكس .. اقتلاع الزهرة
- كله جايز .. في ثقافة الجوايز !
- عن العلم والأدب مجددا
- جراحة - قصة قصيرة
- رحلة للحكومة للتعرف إلي الشعب
- لغة الجرائد
- تفاصيل الموت والحياة
- - اتصال - قصة قصيرة
- تيران وصنافير .. وحرية التعبير
- صحافتنا المصرية تاريخ من الحرية
- صياد الأرواح
- عدمية وخراب الأدب الصهيوني
- لحظات لن يغغر فيها الوطن الصمت .. حول جزيرتي صنافير وتيران
- تمثال للأم الشجاعة
- علاء الديب .. شجن الوحدة والاغتراب
- طوب علينا يارب
- حاكموا الوزير أو أفرجوا عن أطفال المسيحيين
- من تنوير العقل إلي تنوير الشعور
- يهدمون بيت أحمد رامي في القاهرة!
- الشاي والناس


المزيد.....




- مصر.. الفنانة غادة عبد الرازق تصدم مذيعة على الهواء: أنا مري ...
- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- مايكل دوغلاس يطلب قتله في فيلم -الرجل النملة والدبور: كوانتم ...
- تسارع وتيرة محاكمة ترمب في قضية -الممثلة الإباحية-
- فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى ...
- بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين ...
- ترامب يثير جدلا بطلب غير عادى في قضية الممثلة الإباحية
- فنان مصري مشهور ينفعل على شخص في عزاء شيرين سيف النصر
- أفلام فلسطينية ومصرية ولبنانية تنافس في -نصف شهر المخرجين- ب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - لن أكتب هذا المقال !