أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - عبد الحسين شعبان - الاتجار بالبشر.. والأمن الإنساني















المزيد.....

الاتجار بالبشر.. والأمن الإنساني


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 5208 - 2016 / 6 / 29 - 15:02
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    



من الظواهر الخطيرة التي تتعلّق بالأمن الإنساني، ظاهرة الاتجار بالبشر، وهي وإنْ كانت قديمة تتعلّق بالعبودية والرق وامتهان الكرامة الإنسانية والتمييز بين البشر، لكنها بفعل العولمة وما حصل من تطوّر كبير في تكنولوجيا الإعلام والمعلومات ووسائل الاتصال، أصبحت تهدّد الأمن الإنساني، سواءً في البلدان المصدّرة لها أو بلدان الممر والمعْبر، أو في بلدان المستقر. وهناك وجه آخر لها برز خلال السنوات الأخيرة، بما له علاقة بالإرهاب الدولي، سواء عمليات تجنيد الإرهابيين أو تغذية الإرهاب من خلال التجارة غير المشروعة بالأشخاص أو الأسلحة أو المخدرات أو غسيل الأموال أو التزوير أو غير ذلك.
وتعني ظاهرة الاتجار بالبشر: الانتقال غير القانوني من بلد إلى آخر بهدف المتاجرة غير المشروعة والحصول على الربح في الغالب، واحتمال الاستغلال اللاحق للذين يتم انتقالهم من بلد إلى آخر عن طريق التهريب، أي أنه بتعريف اتفاقية الأمم المتحدة لعام 2000 والتي دخلت حيّز التنفيذ العام 2003: تجنيد للأشخاص بنقلهم أو ترحيلهم أو إيوائهم أو استقبالهم، سواء التهديد بالقوة أو باستخدامها، أو غير ذلك من أشكال القسر والاختطاف والاحتيال والخداع لغرض الاستغلال.
وقد ألحقت هذه الاتفاقية بشأن الجريمة المنظمة، ثلاث بروتوكولات، هي: الأول: برتوكول الاتجار بالأشخاص، وخصوصاً النساء والأطفال. والثاني: بروتوكول مكافحة تهريب المهاجرين، عن طريق البر والبحر والجو. والثالث: بروتوكول مكافحة الصنع غير المشروع والاتجار بالأسلحة النارية.
وقد شهد العالم خلال العامين 2015 و2016 هجرة لم يسبق لها مثيل، شملت فئات واسعة من السكان لأسباب تتعلّق بالحروب والنزاعات المسلحة وانهيار سلطة القانون والحصار والاحتلال، لا سيّما من بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وقد أثار هذا الأمر خلافات حادة بين تركيا واليونان من جهة وعدد من البلدان الأوروبية،، مثل النمسا وهنغاريا وتشيكيا وسلوفاكيا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا، وبعض دول شمال أوروبا، بشأن التزاماتها إزاء حقوق اللاجئين بشكل خاص، وحقوق الإنسان بشكل عام، الأمر الذي طرح بقوة موضوع جريمة الاتّجار بالبشر.
وتعتبر هذه الجريمة معضلة قانونية وحقوقية وأخلاقية بامتياز، إضافة إلى كونها قضية إنسانية أساساً، خصوصاً تأثيراتها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وانعكاساتها على السلم المجتمعي والدولي، لا سيّما ما يتعلّق بالأمن الإنساني، ذلك أن الاتّجار بالبشر هو جريمة تنتهك بصورة صارخة كامل منظومة حقوق الإنسان، والقيم والتعاليم الأخلاقية والدينية.
وتعمل العديد من العصابات الدولية اليوم لاستثمار الثغرات في القوانين الدولية والوطنية لمواصلة الكسب غير المشروع والحصول على المزيد من الأرباح والإفلات من العقاب، على حساب الجانب الإنساني والأخلاقي، وهو ما شخّصه مؤتمر فيينا لعام 2008 لمكافحة الاتّجار بالبشر والمؤتمر الإقليمي المنعقد في عمان 2010، وقد صدَّق على الاتفاقية الدولية 180 دولة عضو في الأمم المتحدة، وذلك حتى العام 2015.
إن جريمة الاتّجار بالبشر، إضافة إلى الجرائم المنظمة الأخرى التي تمت الإشارة إليها هي جرائم ما فوق قومية وعابرة للقارات، وهي شكل مستحدثٌ من أشكال المافيا الجديدة، كما أشار إلى ذلك فرناندو أساور المدعي العام الإيطالي في مؤتمر دوكان المتميّز الذي انعقد في السليمانية في كردستان العراق العام 2012 .
وكانت حالة سرقة الأعضاء البشرية من الضحايا الفلسطينيين الذين يتم اغتيالهم من جانب السلطات “الإسرائيلية” التي أسهم في كشفها الصحافي السويدي دونالد بوستروم، فضيحة دولية بكل معنى الكلمة، وهي جريمة دولية ترتب مسؤوليات على عاتق الحكومات والمجتمع الدولي لمعالجة آثارها ووضع حد لها، ناهيكم عن إنزال أشد العقوبات بمرتكبيها.
إن الاتجار بالبشر هو نشاط سري عابر للدول والحدود والقارات ويشمل النساء والرجال والأطفال، في ظروف عمل لا إنسانية بالنسبة للرجال، وظروف أقرب إلى الاسترقاق أو العبودية بالنسبة للنساء، إضافة إلى الاستغلال الجنسي، وبالنسبة للأطفال استخدامهم بالتسوّل أو كباعة متجوّلين، واستغلالهم جنسياً في الكثير من الأحيان، إضافة إلى محاولات تجنيد بعضهم في صفوف الإرهابيين، وفي ميليشيات أو جماعات خارجة على القانون، كما فعل داعش، ناهيك عن معاملته اللّاإنسانية مع المسيحيين والإيزيديين، ولا سيّما النساء وغير المسلمين عموماً، بل والمسلمين الذين لا يقرّون بمنهجه التكفيري.
وعلى الرغم من الجهود الدولية في ميدان مكافحة الاتجار بالبشر، فإن المعلومات ما زالت شحيحة بخصوصه، لأن بعضها يتخفّى وراء نشاطات "شرعية"، بتواطؤ مع جهات متنفّذة في بعض الحكومات، بما يتعارض مع قواعد القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف لعام 1949 وملحقيها لعام 1977.
وقد أشار تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام 2009 والموسوم "تحدّيات أمن الإنسان في البلدان العربية" إلى الوسائل التي يستخدمها التجار الذين يقومون بالاتجار بالبشر مختلف الأساليب لجني الأرباح، سواءً كان ذلك عبر الخطف أو القسر أو احتجاز الاستحقاقات المالية، أو الإغراق بالديون، أو منع الأشخاص من التواصل مع الآخرين، أو فصلهم عن عائلاتهم، أو مصادرت جوازات سفرهم، أو تعنيفهم وإذلالهم أو تهديدهم بالسجن أو الترحيل. وهذا كلّه يؤدي إلى انعدام الأمن الشخصي وخصوصاً للفئات الضعيفة، إضافة إلى المجتمع ككل.
ولا شكّ أن الاتجار بالبشر يقوّض عملية التنمية لأنه يساهم في تعميق حالة الفقر وعدم المساواة، من خلال الرشا والفساد المالي والإداري، ويساهم في ارتفاع نسبة الجريمة المنظّمة بمختلف فروعها، وقد ناقشت الأمم المتحدة في خطتها للتنمية العام 2015 الأهداف التي ترمي إلى الحدّ من أعداد الأشخاص الذين يتم الاتجار بهم، ناهيك عن التأثيرات النفسية والصحية على الضحايا أنفسهم، إضافة إلى إضعاف حكم القانون، وخفض عائدات الضرائب وتحويلات المهاجرين، ويساهم في تفتيت الأسر، ويحرم الأطفال في التعليم ويفاقم من مشكلات الصحة العامة ونشر فيروس نقص المناعة (الإيدز).
ولعلّ مناسبة الحديث عن الاتجار بالبشر، هو ورشة عمل متخصّصة عقدها المركز العربي لتطوّر حكم القانون والنزاهة، في بيروت بالتعاون مع عدد من المنظمات الدولية، وتم تقديم 12 بحث لخبراء دوليين في ميادين الجريمة المنظمة بأنواعها.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفساد والوجه الآخر لمعركة الفلوجة..!
- الأزمة العراقية الراهنة: الطائفية، الأقاليم، الدولة
- زيد الحلي: حين يغمّس يراعه بحبر المودة
- اسرائيل والخطيئة الجديدة
- الموصل وبعض تداعيات معركة الفلوجة..!
- هل يبقى العراق موحداً؟
- أي مخاض جديد بعد الفلوجة؟
- أي ثمن لتحرير الفلوجة؟
- حوار ومثقفون وأمم!
- حوار الفكر والثقافة -رذيلتان لا تنجبان فضيلة-
- ماذا وراء غبار الحرب في الفلوجة؟
- انطولوجيا الصحافة ومرآة الحياة ونبضها - أوراق من ذاكرة ليث ا ...
- حقوق المدن
- القوة الناعمة: جدل في المفهوم والسياسة
- مأساة الفلّوجة وملهاتها
- الطفولة المعذبة في العراق: إلى أين؟؟
- حوار مع مجلة كولان الكردية
- كوابح التغيير في العراق
- عدوى التعصب الديني
- اتفاقية سايكس بيكو: الاتفاقية الحرام


المزيد.....




- إسرائيل: قرار إلمانيا باستئناف تمويل أونروا مؤسف ومخيب للآما ...
- انتشال 14 جثة لمهاجرين غرقى جنوب تونس
- خفر السواحل التونسي ينتشل 19 جثة تعود لمهاجرين حاولوا العبور ...
- العراق.. إعدام 11 مدانا بالإرهاب في -سجن الحوت-
- السعودية ترحب بالتقرير الأممي حول الاتهامات الإسرائيلية بحق ...
- -العفو الدولية-: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة بذخائر أمريك ...
- صحيفتان بريطانيتان: قانون ترحيل اللاجئين لرواندا سيئ وفظيع
- قبالة جربة.. تونس تنتشل 14 جثة لمهاجرين غير شرعيين
- بعد إدانتهم بـ-جرائم إرهابية-.. إعدام 11 شخصا في العراق
- السعودية وقطر تُعلقان على تقرير اللجنة المستقلة بالأمم المتح ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - عبد الحسين شعبان - الاتجار بالبشر.. والأمن الإنساني