أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الجغرافيا في ديوان -ليلة الخروج من الأندلس- نزيه خير















المزيد.....

الجغرافيا في ديوان -ليلة الخروج من الأندلس- نزيه خير


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 5208 - 2016 / 6 / 29 - 04:53
المحور: الادب والفن
    


الجغرافيا في ديوان
"ليلة الخروج من الأندلس"
نزيه خير
استحضار الجغرافيا في الشعر مسألة في غاية الأهمية، خاصة لشعب/لشاعر مهدد بالتلاشي/الموت/التشرد/الضياع، إن كان من خلال سرقة أو محو اهذه لجغرافيا أم على صعيد إلغاء الحياة الاجتماعية، كما أن طريقة/شكل/اسلوب استحضار هذه الجغرافيا مهم جدا في النص الشعري، فليس من المستصاغ اقحمها في النص، أو وضعها هكذا دون مبرر، بل يتعمد تقبلها في النص على طريقة وضعها، وعلى الصيغة الفنية التي جاءت بها، وهذا ما جعل من الجغرافيا في ديوان "نزيه خير" مهمة جدا، ليس لعلاقة ذلك بالفكرة/المضمون الذي طرحه الشاعر وحسب، بل لجمالية وفاعلية وحيوية النص الشعري أيضا.
بكل تجرد نحن أمام ظاهر فريدة في تناول الجغرافيا في النص الشعري، فنجد غالبية القصائد كانت الجغرافيا حاضرة فيها، وبكثافة، وجغرافيا متنوعة، خاصة جغرافيا سورية الطبيعية، التي جاءت في غالبيتها بشكل ايجابي، على النقيض من الجغرافيا الجزيرة العربية التي جاءت بشكل سلبي، "أتكأ في أمعاء غزاة يأتون من الصحراء العربية" ص74 .
وهناك تأثر من الشاعر بما غنته فيروز من قصائد، بصرف النظر عمن كتب تلك الأغاني، مما يؤكد حضور فيروز في العقل الباطن للشاعر، ونجد أيضا شيء لمارسيل خليفة، "يا حادي العيس" ص34 و" يا علي" ص70، كما نجد تأثر بالقرآن الكريم وأيضا بالإنجيل، وهناك أمل، فضاء، أفق في نهاية بعض القصائد، وهذا ما يجعلها تتسم بالبياض رغم قتامة الواقع، " لعل جيلا من الآتين يخلفنا
ويخلف البؤس فينا البأس والغضب" ص23، نجد هنا الأمل المعتمد على جيل الشياب الذي سيغيرون الحال والواقع،
وعن الرجال العظام، امثال "صدام حسين" يقول عنهم الشاعر: "فأنا أنتظر الحاكم في مدخل عشتار
وفي مدخل بغداد
وفي ليلة عاشوراء
كي يرجع يوما من غيبته الزمنية" ص76 وهذه تعد مغامرة، ثورة، أقدم عليها الشاعر عندما تعمد أن يكتب قصيدة خاصة عن "صدام حسين" وهذا يحسب له، فهو استخدم فيها طاقة ابداعية متميزة، وفي ذات الوقت قدم لنا فكرته، رؤيته عما جرى في العراق، ونجد شيء من الرمز في الديوان، "فنجد رمز "ظل القصير" ص22 اشارة إلى الاقزام المتنفذين، ورمز "نجمة الصبح" ص58 التي تمثل ربة الخصب والحرب "عشتار" وهذا يبعدنا نوعا ما عن المباشرة، وهناك محاكاة/تناص مع بعض ما جاء في الشعر العربي كخاصة قصيدة أبو تمام السيف اصدق انباءا من الكتب.
الجغرافيا السورية
هناك تركيز من الشاعر على استحضار الجغرافيا السورية تحديدا، حتى أننا نجدها في العديد من القصائد، فيقول في قصيدة نهران":
"ما بين منازل كسرى ومنازل غسان
يتدفق في قلبي نهران
نهر أسنته النخلة دجلة..
وصار نبيا للنخل.. ونهر
أسمته الجنية نهر الأردن
فصار نبيا للغفران" ص7، فالشاعر هنا يرسم لنا حدود الجغرافيا التي تؤثر فيه، التي تؤرقه، وما يحسب على هذا الشكل من تناول الجغرافيا اقترانها بالرمز الوطني "النخيل" والرمز الديني "المسيح".
ونجد في قصيدة "تشريق" ذكر لحلب، القدس، بحر العرب، الشام، لندن، وهذا الأخيرة الشاذة جاءت بهذا الشكل:
"فلماذا أيها الشرقي لا تبدأ لندن بثا
للتراويح بتوقيت حلب؟" ص11، وكأن الشاعر هنا يدعو إلى النهضة، التخلص من حالة الضياع التي تمر بها المنطقة وسكانها.
ويوحد اشاعر بين العراق وسوريا بهذا الطرح:
"لك نخلة كبرت على ماء الفرات
وأورثتك بهاءها .. لك رافدان
لك نخلة أخرى
ولي عيناك يا بردى" ص12،
ويستخدم أيضا هذا الشكل في قصيدة " يأتي ملك النورس" التي يقول فيها: "... يحمل لي وردا من سامراء ومن أرواد
... ولد مسكونا بالرعب وبالرهبة من بغداد" ص60، الهم الذي يحمله الشاعر لا يختص بمكان محدد، فهو يتألم على بغداد كما يتألم على أرواد، ويتحسر على عكا ويافا والقدس،
ويوحد بين فلسطين وسوريا أيضا من خلال قوله:
"وتذكرني أني ولد من ساحب سوريا
ردته فلسطين
كي يعشق لها كي اعشق بنتا
هي اشهى من تفاح الشام
وأنقى من ثلج حرمون" ص18و19، الشاعر يصر على أن تكون سورية هي المحور/الشمس الذي تدور حوله بقية الجغرافيا، وهذا يشير إلى المكانة التي تحتلها في نفسه، في قلبه، فهي الروح، هي الماء الذي يشربه الجسد ليبقى حيا.

أهم قصيدة تؤكد تميز الشاعر في تناوله للجغرافيا جاء في قصيدة "الشمالي" التي اشار فيها إلى كافة الجغرافيا التي تهمه وربطها بالتاريخ وبالأفكار الدينية التي وجدت على هذه الجغرافيا وسادت بين المجتمع،
"...أعيدكم نتفنا على السفن التي طافت بحار الأرض" ص66 اشارة إلى الفينيقيين الذي أمخرت سفنهم في كافة بحار العالم، حتى أنهم وصلوا إلى امريكيا قبل كولوبوس بأكثر من ألف وخمسمائة عام.
ويقول أيضا:
".. كانت لي الخيل التي جاءت من الأنباط"ص67 تذكيرنا بالحضارة النبطية التي تعد عمائرها وانجازاتها من عجائب الدنيا السبع.
ويقول:
"أنا الشقي ركضت من بصرى
جعلت شقائق النعمان درس حكايتي" ص67، اشارة إلى الفكر لأسطوري والديني الذي ساد في الماضي، فالشقائق ترمز إلى إله الخصب "بعل" الكنعاني، وأيضا يمكن مساوة الإله "بعل" بالإله العراقي "تموزي" الذي يحمل نفس الصفات، لكن التسمية هي التي تختلف بينهما.
وكتأكيد على التوحد بين الجغرافيا والحياة الاجتماعية، التوحد بين الأرض والإنسان، يقول الشاعر:
" هزي جذع نخلتنا..
ويسقط طيبا بلح العراق فأنثني للعائدين
بكل بيت سوف تظهر مريم العذراء
يركض خلفها الأطفال في الوطن الكبير" في هذا المقطع يتناول العراق، ويستحضر آية قرآنية ويجمعها مع الفكرة الدينية المسيحية، وكأنه يريد أن يربطهما معا، فالجغرافيا والاجتماع والحياة والفكرة الديني واحد، وهذا الشكل من الطرح يعد تألق وابداع من الشاعر، فهو لا يترك مجال للهفوات/الخلافات,.
ويضف:
" لهم بساتين العراق وبيت سيدتي دمشق
وميسلون ومدخلي للبحر فاتبعني .. أنا بيروت سيدة الملاح
إذا تسللت القدود على مدى جسدي
تسللت القدود على مدى حلب
...
ما زالت نائمة على حجر فنيقي
إذا سمت جنوب الشام
طار وشاحي السوري عن عنقي
وحط على منارات الجنوب" ص69، فهنا كانت الجغرافيا السورية مجتمعة وموحدة في القصيدة، في نفس الشاعر، ومن ثم عند المتلقي الذي لا بد أن يتأثر بهذه الوحدة التي جاءت بشكل سلسل ومنطقي.
يتناول الشاعر جغرافيا القدس بطريقة استثنائية، فهو ينفي/يجزم بعدم تغير معالمها بشكل قاطع:
"لا شيء يغير وجه القدس
ولا شيء يغير وجه الله" ص53، فهنا ربط ووحد بين استحالة التغير في القدس كما هو الحال في استحاله التغير/المساس بالله.
اغاني فيروز
هناك تأثير واضح للأغاني التي غنتها فيروز، وكان حضور هذا التأثير واضح في أكثر من وموضع في الديوان، فيبدأ الشاعر قصيدة " ألفية لابن مالك"
"عزف على الريح، لا وقع ولا طرب" ص21، "..يوم الوداع" ص34، "ضج الحجيج" ص69، "مليك الجن" ص72، "من هند وأندلس" ص82، كل هذه المقاطع جاءت في أغناي فيروز.
التأثير القرآن الكريم والمسيحية
القرآن الكريم له أثره على كل من يقرأه، والشاعر من الذي ترك فيهم القرآن هذا الأثر، "...إلى إرم التي كتبوا على جدرانها
"ذات العماد" ص26، فهنا التأثير واضح بسورة "الفجر" التي جاء فيها "إرم ذات العماد، التي لم يخلق مثلها بالبلاد".
"هزي جذع نخلتنا" ص67، تناص مع سورة "مريم" التي جاء فيها: " هزي إليك بجذع النخلة" .
أما ما يتعلق بالمسيحة فهناك أكثر من مقطع يشير فيها الشاعر إلى هذا التأثير بالمسيحية التي تتوازى مع الإسلام بحضورها وتأثيرها على المجتمع والجغرافيا. "بكل بيت سوف تظهر مريم العذراء" ص68، فمريم رغم أنها ذكرت في القرآن الكريم، لكن تناولها الشاعر بشكل يتماثل مع الاعتقاد المسيحي.
ويقول في قصيدة "سالومي":
"ودع يسراك تأخذني
إلى الماء الذي غسل المسيح.
... هنا استوفى دم الرمان حمرته
وطهر أهله الماء الروان
يوم اختبأت على مداخل بيت لحم
كان فاجأني المسيح بحفنتي قمح" ص95و96، بهذا التنوع والتشكيل الفكري يكون الشاعر قد استطاع أن يطرح افكاره، اسلوبه الشعري، لغته الشعرية، ومما لا شك فيه أن أهم عنصر في الشعر اللغة والاستمتاع بها قد اجتمعت في هذا الديوان، الذي نشرته وزارة الثقافة، رام الله، فلسطين، عن بيت الشعر، الطبعة الأولى2008.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عطيل فلسطين في رواية -السفر إلى الجنة- وفاء عمران
- حقيقة التاريخ في رواية -مسك الكفاية- باسم الخندقجي
- الحرية والأمومة في مسرحية -المدعوة- فرانسوا دو كوريل
- الطرح السياسي في رواية -فرسان الحرية- هشام عبد الرازق
- حب المرأة في رواية -يافا- نبال قندس
- تغير خرائط سايس بيكو
- بحث تاريخي في كتاب -توازن النقائض- سليمان بشير
- ثلاثة شخصيات ولغة واحد في رواية -عرافو السواد- داليا طه
- التناسق والانسجام في مسرحية -وجهة سفر-
- السخط في ديوان - الساعة الناقصة- فايز مقدسي
- المرأة والرجل في رواية -امرأة للفصول الخمسة- ليلى الأطرش
- الارهاب والفساد في رواية -ذاكرة الماء- واسيني الأعرج
- انتصار المرأة في رواية -الحضارة أمي- إدريس الشرايبي
- التجربة في رواية -المرآة مسيرة شمس- هديل الحساوي
- تعدد القراءات في ديوان -عشق- حمودة الشايجي
- السيرة المحفزة للمعرفة -رام الله التي هناك- محمود شقير
- الكويت تنقذ جمهور القراء
- -في اللغة والأدب وعلاقتهما بالقومية- ساطع الحصري
- المعرفة بالشعر في ديوان -وسائد حجرية- مازن دويكات
- البداية المتسرعة في مجموعة -خارج الصورة- محمد المقادمة


المزيد.....




- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الجغرافيا في ديوان -ليلة الخروج من الأندلس- نزيه خير