أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد عبد المنعم عرفة - الأمة الإسلامية.. عوامل الضعف وأسباب النهوض [3] السيد محمد علاء الدين أبو العزائم















المزيد.....



الأمة الإسلامية.. عوامل الضعف وأسباب النهوض [3] السيد محمد علاء الدين أبو العزائم


محمد عبد المنعم عرفة

الحوار المتمدن-العدد: 5207 - 2016 / 6 / 28 - 03:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يقول السيد محمد علاء الدين أبو العزائم:

سبل النهوض بالأمة الإسلامية
بعد الوقوف على أسباب ضعف الأمة الإسلامية، وتحديد وتشخيص عللها وأمراضها لا بد من إتباع ذلك بالحديث عن العلاج لهذه العلل، وسبل التغلب على أسباب الضعف، لاستنهاض الهمم وإثارة الحماسة الإيمانية، حتى تعود الأمة إلى موطنها الصحيح فى طليعة المسيرة الحضارية الإنسانية، وموقع القيادة فيها.
وما من شك فى أن تحقيق ذلك الهدف إنما يتوقف فى المقام الأول والأخير على التأسى بما فعله المصطفى ﴿ص وآله﴾ حينما بعثه الله هادياً ومبشراً ونذيراً.

لقد استدار الزمان إلى ما يشبه هيئته يوم بعث النبى ﴿ص وآله﴾ فقيادة النظام العالمى والمسيرة الحضارية بيد حضارة مادية جاهلية، بعيدة كل البعد عن قيم الوحى الإلهى، تماماً كما كان الحال عند بعثته الشريفة ﴿ص وآله﴾ حيث كانت قيادة العالم بيد الفرس والروم أصحاب الحضارات المادية الجاهلية.
فكان أن بدأ ﴿ص وآله﴾ طريقه الطويل بتكوين [الفرد المسلم الصالح]، وتربيته على مبادى العقيدة الإسلامية الحقة، وصقله بالعبادات الإسلامية، والخُلُق الإسلامى الحسن.
فكان [الفرد المسلم الصالح] هو النواة التى كونت (الأسرة المسلمة الصالحة)، التى ربى جميع أفرادها على العقيدة الحقة.. ومن خلال الأسرة الصالحة يتكون (المجتمع الصالح)، الذى سينتـج عنه حتماً تكوين الدولة المسلمة الصالحة، وصولاً فى النهاية إلى (الأمة الإسلامية الكبرى)، التى تمثلت حقيقة واقعة فى فترة تاريخية مجيدة، والمأمول الآن أن تعود سيرتها الأولى بإذن الله.

يقول الإمام المجدد السيد محمد ماضى أبو العزائم رضى الله عنه فى كتابه (وسائل نيل المجـد الإسلامى): (ليس بين المجتمع الإسلامى وبين أن يعود له المجد الذى كان له شُقَّةٌ شاسعة، ولا مسافة واسعة، وإنما هى لمحة تحصل بها الصُلْحة، ونحن والحمد لله لم يغب عنا رسول الله ﴿ص وآله﴾ ولن يغيب ﴿ص وآله﴾ وهو فينا ونحن معه، أما كونه ﴿ص وآله﴾ فينا فالقرآن الكريم والسنة المطهرة، حفظهما الله لنا من التغيير والتبديل، وسهل جداً علينا العمل بهما، والغيرة لهما، وإقامة حدودهما، وقهر المتساهلين على القيام بما أوجب الله تعالى، ورغب فيه رسول الله ﴿ وآله﴾.
وأما كوننا معه ﴿ص وآله﴾ فأمر لا يكلفنا مشقة، وليس بيننا وبينه شُقة، وقد بيّن الله تعالى صفات وأخلاق وأعمال من يتفضل عليهم بمعيته ﴿ص وآله﴾ التى بها نكون مع الله تعالى، ويكون الله معنا) (1)

وسنبدأ بالحديث عن بناء الفرد، ثم الأسرة، ثم المجتمع.

أولاً: بناء الفرد المسلم:
يقوم بناء الفرد المسلم فى الأساس على العقيدة، فإذا ما تمكن الإيمان من القلب وملك أقطار النفس، فإن المسلم حينئذ يصبح إنساناً آخر غير جميع الناس.
فبالعقيدة الإسلامية أصبح رعاة الغنم قادة للأمم، وبالإيمان الحق صار عباد الحجر هداة للبشر.. فقد صاغ الإسلام نفوسهم من جديد، وبث فيها روحاً جديدة، جعلتهم ينساحون فى الأرض ينشرون دين الله، لا يخافون فى الله لومة لائم، ولا تقف أمامهم قوة مهما عظمت، ولا يضرهم كيد أعداء الله شيئاً، لأنهم ليس فوقهم إلا الله تعالى.
يقول "السيد عز الدين ماضى أبو العزائم" رضى الله عنه فى مقدمة كتاب (الجهاد): (لقد كان لنا مع دولة العصابات الصهيونية جولات وجولات، تعلمنا خلالها أن عدونا لدود، وأنه يصدر فى اعتدائه علينا وتصديه لنا عن عقيدة ملأت نفسه، وملكت عليه جوارحه، بغض النظر عن صلاح هذه العقيدة أو فسادها.
وقد أفلحت الصهيونية العالمية فى حمل يهود العالم على أن يضعوا تحت تصرفها كل ما يملكون فى سبيل أن تقيم لهم (دولة) على أرض الميعاد- كما يزعمون ويفترون- التى تمتد من النيل إلى الفرات، وأن تعيد بناء هيكل سليمان على أنقاض المسجد الأقصى.
المحارب اليهودى يقاتل إذن فى سبيل عقيدة، يهاجر من أجلها من أطراف الدنيا لينتصر بها أو يموت.
وهذا النوع من المحاربين لايستطيع الصمود له إلا (جنود عقيدة) لا يحارب الواحد منهم فقط لنصرة جاره، أو صديقه، أو إزالة قاعدة من قواعد الاستعمار وما إلى ذلك. وإنما يحارب للدفاع عن مقدسات تنتهك حرمتها، وعن حق شعب مؤمن تربطه بهم وشيجة العقيدة فى أن يعيش على أرضه عزيزاً كريماً. وهنا إذا ما قضى الجندى نحبه فى المعركة فإنما يقضى نحبه شهيداً ينتظره مقام الشهداء، ولن يعرف الخذلان إلى نفسه سبيلاً). (2)
من هنا، فالمسلمون بحاجة إلى إعادة بعث هذه الروح الإيمانية من جديد، ليتم بناء الفرد المسلم صاحب العقيدة الحقة.

مواصفات صاحب العقيدة الإسلامية الحقة :
• هو الإنسان الذى يوقن أن الله عز وجل يراقبه، ويعلم سره وعلانيته.
وبذلك لن يحيد عن الحق، ولن ينحرف عن سبيل الرشاد.
وليس أدل على ذلك من قصة الفتاة التى سمع سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه أمها تأمرها بخلط اللبن بالماء، وحينما اعترضت البنت بأن أمير المؤمنين نهى الناس عن ذلك، أجابت الأم: إن أمير المؤمنين لا يرانا.. فقالت الفتاة المؤمنة المراقبة لربها: إن كان أمير المؤمنين لا يرانا فإن رب أمير المؤمنين يرانا (3)
فعنصر المراقبة لله كان عاصماً من الانحراف، وحائلاً منيعاً دون الوقوع فى معصية لا يتوقف ضررها عند حدود الفرد، بل يتعداه إلى المجتمع ككل.

• وهو الإنسان المتصل بالله صاحب القدرة المطلقة والعلم اللانهائي.
ومن ثم يورثه الإيمان بالله عزة النفس وشجاعة القلب، لا يُرْهِبُه جبروت، ولا يخيفه بطش. فهذا عبد الله بن رواحة رضى الله عنه فى مؤتة، يجد فى الجيش المسلم القليل العدد (ثلاثة آلاف) تهيباً من لقاء الجيش الرومى (مائتين وخمسين ألفا)، فيخاطبهم رضى الله عنه بمنطق الفرد المسلم الصالح صاحب العقيدة الحقة قائلاً: (يا قوم.. والله إن التى تكرهون للتى خرجتم تطلبون: الشهادة. وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة ولا كثرة، وما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذى أكرمنا به الله، فانطلقوا فإنما هى إحدى الحسنيين: إما ظهور أو شهادة)

• وهو الإنسان المستقبِل لقضاء الله وقدره، بكل الرضا والاطمئنان.
فلا جزع على ما فات، ولا خوف مما هو آت، وأمامه دائماً قول الحق تبارك وتعالى: لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم (الحديد: 23). وقول المصطفى ﴿ص وآله﴾: (عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له) (مسلم).
• وهو الإنسان الموقن بأن الرزق بيد الله وحده، وأن مسألة الفقر والغنى ليست إلا تدبيراً إلهياً حكيماً، لينتظم الكون وتسير قافلة الحياة، قال تعالى: أهم يقسمون رحمت ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم فى الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضاً سٌخْرياً ورحمت ربك خير مما يجمعون (الزخرف: 32).
وعلى هذا فصاحب العقيدة يمضى فى الحياة واثق الخطو، مجتهداً فى الأخذ بأسباب الله الموجودة فى الكون، ومفوضاً الأمر إلى رب الكون، فإذا فاته حظه من الدنيا فهو مذخور له عند الله فى الآخرة، وما عند الله خير وأبقى قال تعالى: ﴿فما أوتيتم من شىء فمتاع الحياة الدنيا وما عند الله خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون (الشورى: 36).

• وهو الإنسان الذى يأتيه التوجيه الإلهى – أمراً أو نهياً- فيبادر إلى التنفيذ الفورى والاستجابة التلقائية، كما قال تعالى: إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون

• وهو الإنسان الذى يجعل غايته العظمى، وهدفه الأسمى نصرة دين الله وإعلاء رايته.

متحملاً فى سبيل ذلك كافة المشاق والصعاب، موقناً أنه لا يثبت على الدرب إلا قوى الإيمان، راسخ اليقين، قال تعالى: ﴿أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون﴾ (العنكبوت: 2).

• وهو الإنسان الذى يظل قلبه- مع طول البلاء ووعورة الطريق- عامراً بالثقة الكاملة فى نصر الله وتأييده، بمقتضى وعده الذى لا يتخلف أبداً، قال تعالى: ﴿...وكان حقاً علينا نصر المؤمنين﴾ (الروم: 47). ولا يمكن أن يتسرب اليأس والقنوط إلى قلب صاحب العقيدة الحقة، لأن اليأس قرين الكفر، والقنوط قرين الضلال، كما قال تعالى: على لسان سيدنا يعـقوب : ﴿إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون﴾ (يوسف: 87). وكما قال حكاية عن سيدنا إبراهيم : ﴿قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون﴾ (الحجر: 56).

هذه مواصفات صاحب العقيدة الإسلامية الحقة، وتأتى العبادات الإسلامية لترسيخ هذه المبادىء فى نفسه وتثبتها فى قلبه، فيصبح إنساناً صالحاً متحلياً بكل فضيلة، متخلياً عن كل رذيلة، وعندئذ يكون نواة طيبة لأسرة صالحة قوية.

يقول الإمام المجدد السيد محمد ماضى أبو العزائم رضى الله عنه فى كتابه (لبيك اللهم لبيك) ص7-8: (إن الله تعالى نوَّع العبادات من عقيدة وصلاة وصيام وزكاة وحج، ليطهر بالعقيدة من الشرك، وبالصلاة من المخالفة، وبالصيام من الشهوة والهوى، وبالزكاة من الحرص البهيمى، وبالحج من اتخاذ الأنداد، حتى يَكْمُلَ الإنسان الكمال الذى يكون به مع الله تعالى، والله تعالى معه، أو عند الله تعالى والله تعالى عنده.
ومن لم يوفقه الله للمسارعة للقيام بالحق ولو على نفسه لا يبلغ درجة الكمال الذى به السعادة يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
والسالك فى طريق الله تعالى متى طَهُرَ من الشرك بالعقيدة، ومن المخالفة بالصلاة، ومن الهوى الشيطانى بالصيام، ومن الحرص البهيمى بالزكاة، صار تواباً متطهراً فأحبه الله تعالى، وأشهده بديع جماله، فأفرد الله بالقصد وقصده حجاً).

ثانياً: بناء الأسرة المسلمة:
يهتم الإسلام بالأسرة اهتماماً بالغاً، إذ أنها اللبنة الأولى فى بناء المجتمع المسلم الصالح، ومن ثم فقد تدخل الإسلام منذ اللحظات الأولى للتفكير فى تكوين الأسرة، وتواصل اهتمامه بها ليتوافر للبيت السعيد الاستقرار التام والسعادة الكاملة، وحينئذ يكون بحق محضناً صالحاً لتكوين جيل مسلم، يعلى راية الإسلام، وينشر نور الله فى الآفاق.

واتخذ الإسلام الخطوات التالية لتنفيذ ذلك:
(1) حسن اختيار الزوج والزوجة:
لاشك أن الفرد المسلم الصالح صاحب العقيدة- ذكراً كان أو أنثى- حينما يفكر فى تكوين أسرة وإنشاء بيت سيبحث فى شريكه أو شريكته عن الدين والخلق أولاً وقبل كل شىء، لأنه ينظر إلى الزواج ليس على أنه مجرد قضاء وطر أو إشباع شهوة، بل على أنه فطرة إنسانية وضرورة اجتماعية لها قداستها ومنزلتها السامية.

* ففى جانب اختيار الزوجة الصالحة، بيّن النبى ﴿ص وآله﴾ أن الناس متفاوتون فى نظرتهم إلى المواصفات المطلوب توافرها فى الزوجة فيقول: (تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، وجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تَرِبَتْ يداك) (البخارى ومسلم).
وليس معنى ذلك أن الإسلام لا يأبه باعتبارات المال والحسب والجمال ولا يقيم لها وزناً، فلا شك أنها مرغوبة ومحبوبة، وتساهم فى تحقيق الهدف الأسمى من الزواج، المتمثل فى تكوين بيت مؤمن مستقر سعيد
ولكن الإسلام يحذر من النظر إلى المال أو الحسب أو الجمال دون الالتفات إلى الدين والخُلُق، وهذا ما يشير إليه قول المصطفى﴿ص وآله﴾: (لا تَزَوّجوا النساء لحسنهن، فعسى حسنهن أن يُرديهن، ولا تَزَوّجوهن لأموالهن، فعسى أموالهن أن تطغيهن، ولكن تزوجوهن على الدين، ولأمه سوداء ذات دين أفضل) (ابن ماجة والبيهقى).
أما من تمسك بالمال أو الحسب أو الجاه.. كل ذلك بعيداً عن الدين والخلق، فإنه يعامل بنقيض قصده.. وفى ذلك يقول النبى ﴿ص وآله﴾: (من تزوج امرأة لعزها، لم يزده الله إلا ذلاً، ومن تزوجها لمالها، لم يزده الله إلا فقراً، ومن تزوجها لحسبها، لم يزده الله إلا دناءة، ومن تزوج امرأة لم يرد بها إلا أن يغض بصره، أو يحصن فرجه، أو يصل رحمه، بارك الله له فيها وبارك لها فيه) (الطبرانى، والهيثمى).

* وفى الجانب المقابل، يوجه الإسلام نظر ولىّ الفتاة المسلمة، ويشده إلى انتقاء الزوج الصالح التقى صاحب الدين والخلق.. قال ﴿ص وآله﴾: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة فى الأرض وفساد كبير) (ابن ماجة والترمذى).
وبهذا الاختيار القائم على الدين والخُلُق- من جانب الزوج والزوجة- يستقيم عود البيت، وتثبت قوائمه، ويصبح على أتم الاستعداد لمواجهة أعتى الأعاصير، وأشد الزوابع.

(2) ضمانات البيت المسلم السعيد:
تكفلت توجيهات الإسلام بوضع الأُسُس المتينة لتحقيق السعادة والاستقرار للبيت المسلم، ولضمان أن تصل الحياة الزوجية إلى شاطىء الأمان وبر النجاة:
* فقد أمر الإسلام الأزواج بحسن معاملة زوجاتهم، يقول تعالى: ﴿وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً﴾ (النساء: 19).
ويقول المصطفى ﴿ص وآله﴾ فى وصيته الجامعة فى حجة الوداع: (... فاتقوا الله عز وجل فى النساء، فإنهن عندكم عوان لا يملكن لأنفسهن شيئاً، وإن لهن عليكم ولكم عليهن حقاً، أن لا يوطئن فرشكم أحداً غيركم، ولا يأذن فى بيوتكم لأحد تكرهونه، فإن خفتم نشوزهن فعظوهن واهجروهن فى المضاجع واضربوهن ضرباً غير مبرح، ولهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف، وإنما أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله عز وجل..) (أحمد وابن ماجة).
ويقول الإمام المجدد السيد محمد ماضى أبو العزائم رضى الله عنه: (ليس حسن الخُلُق مع المرأة كف الأذى عنها، بل احتمال الأذى منها، والحِلْم عند طيشها وغضبها، اقتداء برسول الله ﴿ص وآله﴾، وعلى الرجل أن يزيد على احتمال الأذى بالمزاح والمداعبة، فهى التى تُطَيّبُ قلوب النساء، ولا ينبسط فى الدعابة والموافقة باتباعه هواها إلى ما يفسد خُلُقها ويُسقط هيبته عندها، مع الاعتدال فى الغيرة والنفقة) (5).
بل إنه ﴿ص وآله﴾ يجعل حسن معاملة الرجل أهله من شرائط كمال الإيمان، ومن إمارات مروءة الرجل وخيريته فيقول: (أكمل المؤمنين إيماناً: أحسنهم خلقاً، وألطفهم بأهله) (الترمذى وأحمد). ويقول: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلى) (ابن ماجة).

* وعلى الجانب الآخر، أمر النبى ﴿ص وآله﴾ الزوجات بحسن معاملة أزواجهن، إلى الدرجة التى يجعل فيها المصطفى ﴿ص وآله﴾ طاعة الزوج وحسن معاشرته تعدل الجهاد فى سبيل الله، فقد اجتمع النسوة ذات مرة، وأرسلن إحداهن لتسأل النبى ﴿ص وآله﴾ قائلة: يا رسول الله، أنا وافدة النساء إليك. هذا الجهاد كتبه الله على الرجال، فإن يصيبوا أثيبوا، وإن قتلوا كانوا أحياء عند ربهم يرزقون، ونحن معشر النساء نقوم عليهم، فما لنا من ذلك الأجر؟ فقال: (أبلغى من لقيت من النساء أن طاعة الزوج واعترافاً بحقه يعدل ذلك. وقليل منكن من يفعله).(الهيثمى، والمنذرى فى الترغيب والترهيب، والسيوطى فى الدر المنثور).
وأكثر من ذلك أن النبى ﴿ص وآله﴾ جعل أداء المرأة حق ربها متوقفاً على أداء حق الزوج، فيقول ﴿ص وآله﴾: (لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، والذى نفس محمد بيده لا تؤدى المرأة حق ربها حتى تؤدى حق زوجها، ولو سألها نفسها وهى على قَتَب لم تمنعه) (ابن ماجة). ومعنى قتب أى: بعير.
ثم إنه ﴿ص وآله﴾ يجعل رضا الزوج سبباً فى دخول زوجته الجنة، حيث يقول فى حديثه الشريف: (أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راضٍ دخلت الجنة) (ابن ماجة).

وبمراعاة كل من الزوج والزوجة لهذه التوصيات الحكيمة يتحقق للبيت المسلم الاطمئنان والسعادة والاستقرار، فيصبح مهيئاً وصالحاً لتربية جيل مؤمن قوى صالح (6).

(3) تربية الأولاد تربية إسلامية صحيحة:
يحرص الإسلام أشد الحرص على حسن تربية الأولاد، وتنشئتهم نشأة إسلامية صحيحة حيث يجعل النبى ﴿ص وآله﴾ كلاً من الرجل والمرأة مسئولاً عن أمانة بيته أمام الله رب العالمين يوم القيامة، فيقول: (... والرجل راع فى أهله ومسئول عن رعيته، والمرأة راعية فى بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها) (البخارى).

وتبدأ مسئولية الرجل تجاه أولاده منذ اللحظة الأولى التى يتجه فيها تفكيره إلى إنشاء بيت وتكوين أسرة، إذ أن عليه أن يحسن انتقاء واختيار من ستكون فيما بعد أماً لأولاده.
فقد جاء رجل إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه ليشكو إليه عقوق ابنه وسوء معاملته له، ولكن الولد حينما مثل بين يدى أمير المؤمنين سأله: أليس للولد حقوق على أبيه؟ فقال عمر: بلى، أن ينتقى أمه، وأن يحسن اسمه، وأن يعلمه القرآن الكريم.. فقال الولد: إن أبى لم يفعل شيئاً من ذلك، أما أمى فهى زنجية كانت لمجوسى، وقد سمانى جعلاً أى: (خنفساء)، ولم يعلمنى من كتاب الله حرفاً واحداً (7)

ثم بعد أن يأتى المولود إلى هذه الدنيا، يأمر المصطفى ﴿ص وآله﴾ أن تكون كلمة التوحيد أول مايقرع سمع الوليد، فقد قال: (افتحوا على صبيانكم أول كلمة بـ (لا إله إلا الله) (الحاكم).
كما أن من سنته ﴿ص وآله﴾ التأذين فى أذن المولود اليمنى، والإقامة فى اليسرى، والعقيقة... وغير ذلك مما جاء فى الأحاديث الشريفة.
أما عن جانب التربية والتأديب فقد أولاه المصطفى ﴿ص وآله﴾ عناية خاصة، حيث أوجب على الأب والأم تعليم الأولاد وحسن تأديبهم، وذلك فى قوله: (أكرموا أولادكم وأحسنوا أدبهم...) (ابن ماجة). بل يجعل ﴿ص وآله﴾ اهتمام الرجل بتأديب ولده أفضل من بعض الطاعات فيقول: (لأن يؤدب الرجل ولده خير له من أن يتصدق بصاع) (الترمذى). ثم إنه ﴿ص وآله﴾ يعتبر التأديب خير عطية يعطيها لولده، فيقول: (ما نَحَلَ والد ولدا أفضل من أدب حسن) (الترمذى وأحمد).
ويجب على كل من الأب والأم:
- أن يبثا فى نفوس أولادهما عقيدة الإسلام ومبادئه السمحة منذ نعومة أظفارهم، فقد قال النبى ﴿ص وآله﴾: (أدبو أولادكم على ثلاث خصال: حب نبيكم، وحب آل بيته، وتلاوة القرآن، فإن حملة القرآن فى ظل عرش الله يوم لا ظل إلا ظله مع أنبيائه وأصفيائه) ( السيوطى فى الصغير، والديلمى فى مسند الفردوس).
- كما أن عليهما أيضاً أن يأمرا الأولاد بامتثال أمر الله، والابتعاد عما نهى عنه، قال ابن عباس رضى الله عنهما: (اعملوا بطاعة الله، واتقوا معاصى الله، ومروا أولادكم بامتثال الأوامر واجتناب النواهى، فذلك وقاية لهم ولكم من النار).
- ومن المهم جداً فى هذا المضمار أن يحرص الأبوان على تعويد الصغار على أداء العبادات ومتابعة ذلك جيداً، واللجوء إلى العقاب عند حدوث تقصير أو تفريط، يقول ﴿ص وآله﴾: (مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم فى المضاجع) (أبوداود، والحاكم، والسيوطى).
- وقد كان السلف الصالح- رضوان الله عليهم- يحرصون على ربط أولادهم بحب دين الله، وعلى غرس معانى التضحية والفداء فى نفوسهم، من خلال تعليمهم سيرة النبى ﴿ص وآله﴾ بما فيها من مشاهد جليلة ومواقف عظيمة، لها أثرها القوى فى تنشئة الطفل، يقول سيدنا سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه: (كنا نعلم أولادنا مغازى رسول الله ﴿ص وآله﴾ كما نعلمهم السورة من القرآن الكريم).

ويقول الإمام المجدد السيد محمد ماضى أبو العزائم رضى الله عنه فى كتابه (النجاة فى سيرة رسول الله ﴿ وآله﴾): (إن أعماله ﴿ص وآله﴾ فى المغازى أكمل دروس عملية يتلقاها المجاهدون منه ﴿ص وآله﴾ ويلقونها على أبنائهم ومن بعدهم، وهى الأصول التى يستنبط منها الفقيه الأحكام الشرعية عزائمها ورخصها، وهى الروض الجنى الذى يقتطف منه مريد الله سبحانه وتعالى أكمل أزهار الأدب والأخلاق، وأجمل أنواع المعاملات، وهى المشهد الذى يتحلى فيه شاهده بحلة الزهد فى الدنيا، والرغبة فى الآخرة، وبذل النفس والنفيس فى محبة الله سبحانه، وإعلاء كلمته جل جلاله، والجهاد هو الحجة الواضحة التى تقوم للإنسان أو عليه بأنه مؤمن كامل، أو منافق جاهل، هذه الحكم التى يمكن أن يشهدها عامة المسلمين بلا روية ولا بحث).
- كما كانوا  يحرصون كذلك على حضور أولادهم مجالس العلم والخير، لينهلوا من معينها الذى لا ينضب، فهذا عبد الله بن عمر بن الخطاب رضى الله عنهما، كان يحضر مجلس رسول الله ﴿ص وآله﴾ مع أصحابه الكرام ، وهو غلام حديث السن، فيلتزم الأدب والوقار، ولا يتقدم على الكبار برأى، ويشجعه أبوه على إبداء رأيه ما دام ملتزماً بحدود الأدب والفضيلة... أخرج البخارى ومسلم عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما أن النبى ﴿ص وآله﴾ سأل أصحابه ذات يوم: (إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها، وإنها مثل المسلم، حدثونى ما هى؟!) قال عبد الله: فوقع الناس فى شجر البوادى، ووقع فى نفسى أنها النخلة، فاستحييت (أى استحيا أن يجيب عن السؤال فى وجود الكبار) فقالوا: يا رسول الله، أخبرنا بها. فقال: (هى النخلة) قال عبد الله: فحدثت أبى بما وقع فى نفسى، فقال: لأن تكون قلتها أحب إلىّ من أن يكون لى كذا وكذا).
وبهذا يشب الأطفال على الشجاعة والجرأة فى الحق، لا يخافون فى الله لومة لائم، ويثبتون فى مواطن الثبات، ويقومون ببطولات نادرة يعجز عنها الكثير من الرجال، كما حدث من معاذ ومعوذ ابنى عفراء فى غزوة بدر الكبرى، وقتلهما عدو الله أبا جهل، وهما دون الحُلُم. (البخارى).
بمثل هذا الجيل الفذ النادر تنهض أمة الإسلام من جديد، وتستعيد مكانتها الريادية على المستوى العالمى.

(4) إحياء أمل الشباب المسلم:
إن ارتفاع سن الزواج لدى الشباب، إلى سن 35 سنة، وارتفاع سن الزواج لدى الشابات إلى 30 سنة هو جرس إنذار للأمة الإسلامية بانتشار الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وضياع لمستقبلها المتمثل فى هؤلاء الشباب.
فالنشء إذا بلغ سن الشباب ووجد نفسه عاطلاً، وليس له أدنى أمل فى أن يصبح صاحب بيت خاص به.. أو تكون له زوجة وأسرة، أو أن يوفر لأولاده الحياة الكريمة.. فإن ذلك يفقده الأمل فى مستقبل أفضل..

وفى ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية الغير إنسانية تنشأ فى قلوب هؤلاء الشباب حقد ومرارة وكراهية للمجتمع، بل إن أكثرهم يفقد شعوره بالانتماء إلى هذا الوطن.
إن الشباب عندما يفقد شعوره بالانتماء يتحول لأحد ثلاثة طرق:
الأول: هو الطريق العلمانى الذى يبيح الزنا والفساد والانحلال.
الثانى: طريق جماعات قتل المسلمين، انتقاماً من هذا المجتمع الذى أهمله ولم يهتم بحل مشاكله.
الثالث: طريق الإجرام.

والطريق الأول قتل معنوى للشباب المسلم، لأنه يهدم التعاليم السامية لدينه، والثانى والثالث إنهاك لقوى الأمة لقتل أبنائها، وزرع الفرقة والاختلاف بينهم، وبالتالى فشلهم وذهاب ريحهم، فإذا ما انقض عليهم عدوهم سلَّموا له أنفسهم دون مقاومة.

وإذا كان الله تعالى قد أنعم على الأمة الإسلامية بنعم مادية كثيرة كالبترول والذهب وثروات الأرض.. فإن أعظم نعمة وثروة هى شباب هذه الأمة، وقد أدرك أعداؤها من الصليبيين والصهاينة أهمية هذه الثروة، وخططوا حثيثاً لتخريب هذه القوة، وتهديم بنيتها الفكرية والنفسية، وبالتالى أدركوا أنه لا بد من جعل الشباب المسلم أعداء لعلمائهم ودعاتهم، وخدَماً لأفكار اليهودية والصليبية، وجواسيس وعملاء لقوى الشر والباطل.. وإذا استطاعوا أن يخربوا هذه الثروة فإن الخسارة ستكون فادحة لا تعوض.

من أجل هذا لا بد من أن تتكاتف الحكومات والشعوب من أجل إنقاذ شبابنا (مستقبلنا) من الضياع، إما بالتسيب العلمانى، وإما بالتطرف الدينى أو الإجرامى.

أ- الواجب على الحكومة نحو الشباب:
إن واجب الوقت يحتم على الحكومة أن تساهم فى حل مشاكل الشباب بما يلى:
1- التحرر من البيروقراطية والروتين الذى يعوق حركة الإنتاج والإبداع فى جميع دول العالم الثالث، ويعرقل نموها الاقتصادى.. لأن الإنسان فى أية دولة ناهضة هو رأسمالها الحقيقى.
2- استغلال موارد الأمة بأمانة وإخلاص، وعلى سبيل المثال عنصر السياحة الذى كان منسياً فى مصر، ولم يستغل كوسيلة استثمارية لرفع مستوى الدخل.. فمع قليل من الدعاية حققت السياحة فى مصر خلال عام واحد هو 1992م دخلاً قدره 2.125 مليار دولار أى حوالى 7.5 مليار جنيه مصرى، وقد نشر المجلس العالمى للسياحة أن ميدان السياحة وحده يمكن أن يخلق فى مصر 20 مليون فرصة عمل فى السنوات الخمس القادمة، أى أنه يستوعب ويحل مشكلة البطالة فى مصر خلال خمس سنوات فقط بصورة نهائية.
3- يجب أن تهتم الدولة بكل جدية بخلق العمالة الفنية الماهرة فى كل مجال، عن طريق التوسع فى التعليم الفنى والصناعى، وعلى آلات وأجهزة علمية حديثة فى جميع المهن والصناعات، ولجميع الأعمار، وتكون مراحل التعليم قصيرة وسريعة وهادفة.. بحيث لا تعيق العامل عن السعى على رزقه، أو الهروب من الدراسة إلى العمل.
ومن المعروف أن نهضة ألمانيا الحديثة، وقيامها بسرعة من كبوتها، ومن الدمار الشامل الذى لحق بها، هو اهتمامها بالتعليم الفنى لإخراج طبقة عاملة على مستوى عالى من التكنولوجيا، وقد أدى ذلك إلى انتعاشها اقتصادياً.
4- يجب على الدولة أن تساعد الشباب على معايشهم وتسهل لهم طرق الكسب الحلال، لأن الحكومة فى الإسلام تعنى خدمات وإنتاج.. وخاصة الطبقة الكادحة الفقيرة.. وذلك بدلاً من أن تقف أمامهم، أو تعرقل سعيهم.. وتحـضرنا هنا كلمة هامة للخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضى الله عنه وهو ينبه ولاة الأقاليم إلى أهمية مساعدة الناس على الرزق: (إن الله قد خلق هذه الأيدى لتعمل فى الرزق الحلال.. فإذا لم تشغلوها بالحلال شغلتكم بالحرام).
5- تتبنى الدولة مشروع الصناعات الصغيرة المغذية للصناعات الكبيرة، وهو من أهم المشروعات التى تخلق فرصاً جديدة للعمل، وأبواباً جديدة للرزق أمام ملايين الشباب.
ويتلخص هذا المشروع فى توجيه وتدريب الشباب على إنتاج بعض القطع التى تحتاج إليها الصناعات الكبيرة، أو يحتاج إليها الجمهور... وذلك برأسمال صغير، وفى ورش صغيرة توفرها لهم الدولة.. ويكون هذا المنتج تحت إشراف ورقابة هيئة متخصصة تتولى التسويق والتنسيق بين المنتج الصغير وبين المصانع الكبيرة أو الجمهور المستهلك، بدون تعقيدات روتينية.
وقد قامت الهند فى هذا الميدان بحيث نقلت الصناعات الصغيرة إلى كل بيت وأسرة، وأصبحت مصدر الدخل الرئيسى لملايين الأسر فيها.. وبذلك تحولت الهند اليوم إلى خامس دولة صناعية فى العالم.. بالرغم من أنها أفقر من دول إسلامية كثيرة ومنها مصر.

ب - الواجب على الأمة نحو الشباب:
فرض الإسلام على الأمة التناصر فيما بينهم. أى: ينصر بعضهم بعضاً فى الشدة، ويتحدوا مع الضعيف فى وجه الظالم، ولا يتركوه حتى يوصلوا إليه حقه، ويرفعوا الظلم عنه.
والإسلام فى تقريره لمبدأ التناصر يجعله فى منزلة العبادة، ولا يتركه اختياراً تطوعاً بل يعتبره التزاماً وفريضة على كل مسلم. والمسلم الصادق ليس المنطوى على نفسه لمجرد أن يتقى الناس شره، أو يتفادى شرهم، ولكنه ذلك الرجل الإيجابى الذى يقوم بالخدمة العامة والنجدة والمروءة والتضحية فى سبيل الغير، وفى سبيل المجموع، وفى سبيل الله.
والمؤمن الحق لا يعتبر نفسه مسئولاً عن نفسه وأهله وحدهم، بل هو مسئول عن كل ضعيف ومسكين ومحتاج، ومسئول عن جيرانه حتى سابع جار.. هو أب اليتامى، وملجأ المظلوم، ومنقذ المبتلى والمصاب.. بل هو عون للإنسانية كلها.

وواجب الوقت يحتم على الأمة حل مشاكل الشباب بما يأتى:
1- يجب على الأثرياء من المسلمين الذين يملكون الأموال والمشروعات استثمار الأموال وتوسيع المشروعات القائمة كى تستوعب أكبر عدد ممكن من شبابنا.. ولا ندعهم ينحرفون وراء شعارات العلمانية اللا أخلاقية التى تستمد أخلاقها من العفن والفساد الصهيونى الغربى.. أو ينحرفون وراء التطرف الدينى خلف جماعات قتل المسلمين.. أو ينحرفون وراء التطرف الإجرامى كالسرقة والإدمان والمخدرات، فلو أن هذا الشباب احتضنته الرأسمالية الوطنية.. ما كان هناك بين الشباب منحلاً ولا متطرفاً ولا مجرماً.
2- وكما وجب علينا أن نحذر الشباب المسلم من الزنا وأضراره، وجب علينا أيضاً أن نوفر له العمل والمسكن وأعباء الزواج..!
والإسلام يُلْزِم المجتمع بزواج أبنائه العاجزين أو غير القادرين لأن النكاح سنة ماضية، وخلق من أخلاق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وقد كان بعض الصحابة انقطع إلى رسول الله ﴿ص وآله﴾ يخدمه ويبيت عنده الحاجة إن طرقته فقال له ﴿ص وآله﴾: (ألاتتزوج؟)
قال: يا رسول الله أنا فقير لا شىء لى، وأنقطع عن خدمتك.
فسكت عنه ثم عاد عليه ثانية: (ألا تتزوج؟)
فقال له مثل ذلك، ثم تفكر الصحابى فى نفسه فقال: والله لَرسول الله أعلم بما يصلح دنياى وآخرتى، وما يقربنى من الله عز وجل. لئن قال لى الثالثة لأفعلن
فقال له رسول الله ﴿ص وآله﴾: (ألا تتزوج؟)
قال: فقلت: يا رسول الله زوجنى
قال: (اذهب إلى بنى فلان فقل لهم: إن رسول الله ﴿ص وآله﴾ يأمركم أن تُنكحونى فتاتكم)
فقلت: يا رسول الله إنه لاشىء لى
فقال لأصحابه: (اجمعوا لأخيكم وزن نواة من ذهب) فجمعوا له، وذهب إلى القوم فأنكحوه
فقال رسول الله ﴿ص وآله﴾: (أَوْلِم)
فقال: يا رسول الله لا شىء عندى
فقال لأصحابه: (اجمعوا لأخيكم ثمن شاة)
فجمعوا له وأصلحوا له طعاماً، ودعا له رسول الله ﴿ص وآله﴾ وأصحابه) (8)

فالرحيم الرحمن أعد فى توازن دقيق المجتمع المثالى الذى يؤهل لحياة أكثر إشراقاً، فالحب والرحمة والتعاون والتآزر يعد نسيجاً يَنْسَدِل على الكِيان الاجتماعى الذى شُبِّهَ من فَرْطِ تمازُجه وترابطه بالجسد الواحد، قال ﴿ص وآله﴾: (ترى المؤمنين فى توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضـو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) (رواه مسلم)، وقال ﴿ص وآله﴾: (المسلمون متكافئون يسعى بذمتهم أدناهم على أعلاهم) (أبو داود والنسائى والحاكم وابن ماجة).
فجُعلت أركان الإسلام أركاناً خمسة لبناء ذاتية الإنسان المكرم، وهى أيضاً أركان لبناء المجتمع.. وتوالت الدعوات للتلاحم والتآزر تارة بالقول الرامز كما فى الأداء التعبدى، وأخرى بالأمر الصريح، وتارة بالإلزام الذى يبلغ درجة الفريضة وذلك عندما يدب الوهن النفسى والجسمانى، أو يقع الابتلاء بالفاقة والعوز فى الجماعة، خصوصاً من تجرى فى خلاياهم دماؤنا (الأرحام) لهذا توالت الوصايا بهم، وأوضحت أن صلة الأرحام من أهم ما يتقرب به المؤمن إلى بارئه، ولا نغالى عندما نقول: لقد أعدت الجماعة المؤمنة منذ اللحظة الأولى لرعاية ضعفائها، ورفع المعاناة عنهم.

كل هذه الأشياء دليل على أن المجتمع كله (مُلْزَم) بزواج شبابه وعمله ومسكنه.. وهذا يستوجب منا كمجتمع عمل الآتى نحو هؤلاء الشباب:
أ- كل من يبنى عمارة يتبرع بشقة واحدة، أو ثمنها من كل عشر شقق لأحد أقاربه المحتاجين سواء أكان ذكراً أو أنثى، وبالإيجار الذى لا يظلم المالك ولا المستأجر- ويمكن تقديره بربع دخل المستأجر- ودون خلو أو مقدم حتى نتيح فرص الزواج لشبابنا.
ب- على الآباء ألا يُغالوا فى مهور بناتهم، وعلى البنات ألا يغالين فى اختيار أثاث منازلهن، وعلى أولياء الزواج أن يعلموا أن قائمة العفش أو المنقولات، تعد أبشع أنواع الابتزاز للمقبلين على الزواج، حيث تعتبر سيفاً مسْلَطاً على رقبة الشباب فى ظل الأرقام الفلكية التى وصلت إليها هذه القوائم، وليس لها أصل فى الكتاب أو السنة، بل هى من التقاليد المنقولة عن اليهود، وكانت تسمى عندهم (الكتوبة) وهى فى اليهودية أحد شروط صحة الزواج، حيث لا يجوز الدخول بالمرأة دون التوقيع على هذه الكتوبة مع الإشهاد عليها وهى تضم كل ما تدخل به المرأة من حلى وثياب ومنقولات.. إلخ.. ويضمن الرجل المحافظة على هذه المنقولات من السرقة أو التلف، ويتعهد بدفعها عند أى إضرار بها، أو عند الطلاق. فأصبحت هذه الكتوبة وسيلة تعجيزية للشباب على الزواج، وسيفاً مسلطاً على أعناقهم إذا ما أرادوا استخدام حقهم الشرعى فى الطلاق.
وأيضاً مؤخر الصداق الذى يكتب بالآلاف، بل يصل فى بعض الزيجات إلى الملايين مما حول الزواج إلى صفقة تجارية، وهذا ما يتعارض مع الرحمة والمودة التى ينبغى أن يتصف بها الزواج.. ولا يوجد له أصل فى الإسلام أيضاً بهذه الأرقام التعجيزية، وإنما يعود إلى التأثر بالتقاليد اليهودية حيث لا يجوز الدخول بالمرأة دون دفع المقدم والالتزام بالمؤجل مكتوباً ومشهداً عليه، حتى يكون هذا المؤجل ذخراً لها عند الطلاق، والزواج عندهم دون مؤجل باطل ويعتبر زنا كالداخل بمخطوبته.(9)
ج- هناك بعض الأغنياء ينفقون أموالهم فى اللهو والفسق، وهؤلاء يتعين عليهم الإقلاع نهائياً عن ذلك، حتى يرضوا الله ورسوله، وأن يجعلوا هذه الأموال، أو جزءاً منها للإنفاق فى حل مشاكل الشباب، ورفع العناء عنهم، وتخفيف أعباء الحياة.
(د ) إن متوسط ما ينفقه شخص مدخن على التدخين خلال 35 سنة حوالى 40 ألف جنيه، ولو افترضنا أن عدد المدخنين حوالى ثلث الشعب المصرى فإن ما ينفقونه على التدخين سنوياً حوالى 32 مليار جنيه، وعلى مستوى العالم الإسلامى 640 مليار جنيه.. وذلك بخلاف المخدرات ما يؤكل منها وما يشرب وما يشم.. ثلث هذه المبالغ يذهب إلى خزينة أمريكا وإسرائيل، واقرأ تلك العبارة المكتوبة على علبة السجائر (صنعت من أجود أنواع الأدخنة الأمريكية والشرقية) والشرقية تعنى إسرائيل، فالمدخن يساعد أعداء دينه على قتل إخوته المسلمين، وهذه خيانة للدين والوطن، بل ويعتبر فاعلها موالٍ لأعداء الله ورسوله ويخرج بذلك من دينه لقوله تعالى: ومن يتولهم منكم فإنه منهم.
فلو أقلع الفرد المسلم عن التدخين لوفر لأولاده 40 ألف جنيه يبدأون بها حياتهم.. ولو أقلع المسلمون عن التدخين لاستطعنا إنشاء مئات المصانع التى ستحل مشكلة البطالة خلال فترة قصيرة جداً، وكذلك إنشاء العديد من العمارات لحل أزمة الإسكان.. ناهيك عن حماية الأفراد والأسر من أمراض التدخين المدمرة، وعدم موالاة الأعداء.
هـ- لو افترضنا أن فى مصر 12 مليون أسرة، ربعهم يؤدى الزكاة بمتوسط 1000 جنيه سنوياً، فإن الناتج يكون ثلاثة مليارات من الجنيهات.. فكم مصنع وكم عمارة تشيد بهذه الأموال؟!!.
أما عن زكاة الزروع فيمكن تكوين لجان لجمعها فى كل قرية أو مركز أو محافظة بمتوسط 5. جنيه للفدان الواحد سنوياً..ونحن نعتقد أن هذه الأموال سوف تساهم مساهمة كبيرة فى حل مشاكل البطالة والسكن والزواج بالنسبة للشباب.
و- نهيب بالأخـوة الذين يشيدون المساجد والمعاهد والمدارس أن يبنوا عمارات للشباب ليسكنوا فيها بدلاً من المساجد الخاوية، أو المعاهد التى لا تٌعلم ولا تجد التلاميذ الذين يدخلونها.. وأجرهم على ذلك لا يقل عن أجرهم فى بناء المساجد والمعاهد.
(ز ) نناشد الأخوة الذين أدوا فريضة الحج وزاروا المصطفى ﴿ص وآله﴾ ويريدون العودة مرات ومرات أخرى للتمتع والزيارة، أن ينفقوا أموال هذه الزيارات فى حل مشاكل شبابهم لأنها أولى وأهم، خصوصاً بعد إسقاط الفريضة عنهم.
ولو أحصينا عدد حجاج بيت الله الحـرام فى مصر سنوياً كمثال، لوجدناهم 70 ألف حاج، ثلثهم من المداومين على الحج حوالى 23300 حاج، ينفق الواحد منهم حوالى عشرة آلاف جنيه.. وعلى هذا فإن إجمالى هذه المبالغ 233 مليون جنيه.. يمكن عن طريقها عمل الكثير لشبابنا.
ولنا فى الإمام عبد الله بن المبارك المحدث والفقـيه المثل الصادق فى فهم حقيقة الإسلام.. عندما كان مع أصحابه فى الطريق لحج بيت الله الحرام للمرة الثانية فرأى امرأة تخفى بطة ميتة فى ثوبها، فسألها: لم فعلت ذلك؟ فقالت: مات زوجى وترك لى أولاداً صغاراً جوعى، وأنا أحمل هذه البطة الميتة كى أطعمهم إياها.. فما كان منه إلا أن أخرج ماله الذى يريد أن يحج به وأعطاها إياه، ورجع إلى بيته.. ولما انتهى أصحابه من أداء الفريضة.. جاءوا يهنئونه على الحج ويقولون له: ما أعظم دروسك وأحاديثك التىكنت تلقيها علينا أثناء أداء الفريضة، وهو يتعجب.. فرأى النبى ﴿ص وآله﴾ فى ليلته يقول له: لقد خلق الله ملكاً على صورتك أدى عنك الفريضة وكتب لك أجر سبعين فريضة جزاء صنيعك بالمرأة وأولادها).
ح- إذا جاء رمضان، كثرت موائد الرحمن، وتاقت النفوس الكريمة إلى الغفران.. وصرفت الملايين على الشحاذين والنصابين والمتسولين ومدعى الفقر والمرض.. حوالى 100 ألف مائدة رحمن بالقاهرة والأسكندرية وحدهما كل ليلة فى شهر رمضان، متوسط الإنفاق على المائدة الواحدة ألف جنيه، وهذا يعنى أن ما ينفق كل ليلة حوالى 100 مليون جنيه، وما ينفق طوال شهر رمضان 3 مليار جنيه.. فكم يفعل هذا الرقم الضخم فى حل مشاكل شبابنا؟!!.
ط- بعض الأثرياء من المسلمين يقيمون أفراحهم فى الفنادق الكبرى، والتى تصل فى بعض الأحيان إلى الملايين، تنفق على النفاق والرياء، والراقصات، والفنانين والفنانات. وهذا نوع من الإسراف والبذخ الذى نهت عنه الشريعة الإسلامية، وصاحبه محاسب لا محالة عنه يوم القيامة، فلو وجهت نسبة من هذه الأموال إلى حل مشاكل الشباب لكان ذلك خير وأجدى.
ى- نرى كل يوم على صفحات الجرائد الحكومية المصرية- الأهرام والأخبار والجمهورية- ما يتراوح بين 4-5 صفحات للوفيات، تكلفة الصفحة الواحدة 400 ألف جنيه أى: بمعدل 1.6-2 مليون جنيه مصرى يومياً، أغلبها تنشر نفاقاً ورياءً للوزير الفلانى أو المحافظ الفلانى أو رئيس مجلس الإدارة لشركة معينة وغير ذلك، وهى أموال بلا شك مهدرة ولا تفيد الميت فى شىء، ونقترح أن يتم التبرع بشقة أو بجهاز للزواج لأحد أقارب المتوفى على روحه الطاهرة، وهذا سيكون أجدى وأنفع.
ك- العودة لزواج الشباب فى بيوت آبائهم، وفى حجرات داخل البيت كما كان الحال سابقاً، لتيسير الزواج.

الخلاصة: إن واجب الوقت يقتضى أن نقدم شبابنا على أى شىء آخر، والإسلام قدم واجب الوقت على فرض الوقت، ومثال ذلك لو نودى للصلاة فإن المسلمين يتجهون للمسجد لأداء فرض الوقت، ولو قام حريق لوجب عليهم أن يتركوا فرض الوقت ويتجهوا لإطفاء الحريق أولاً لأنه واجب الوقت.

وعلى هذا نقول: إن مشاكل شبابنا هى واجب الوقت الآن، وما عداها فرض الوقت.
لأننا إذا لم نحم شبابنا من الضياع ستضيع الأمة..!
لأن أمة بلا شباب تساوى أمة بلا مستقبل.

ثالثاً: بناء المجتمع المسلم:
لا يقوم بنيان المجتمع المسلم المنشود إلا على أساس متين من الأفراد الصالحين أصحاب العقيدة الحقة، وكذلك من الأسر المسلمة الصالحة، التى علم كل عضو فيها الدور المنوط به فقام به خير قيام، وأداه على أكمل وجه وأتمه.
حين يوجد ذلك يوجد المجتمع المسلم من تلقاء نفسه، دون ما حاجة إلى حركة انقلابية ثورية، ودون ما إراقة قطرة دم واحدة، ذلك أن العنصر الطيب بطبيعته يدفع العناصر الخبيثة بعيداً إلى زوايا الإهمال والنسيان وانعدام التأثير، قال تعالى: ليميز الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعاً فيجعله فى جهنم أولئك هم الخاسرون ( الأنفال: 37).
ويقول تعالى: بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون (الأنبياء: 18).
والمجتمع المسلم له مواصفات وأسس يقوم عليها، لابد من معرفتها حتى نسعى جميعاً لتحقيقها فى شنى المجالات، ونقدم فيما يلى مواصفات هذا المجتمع المنشود:

مواصفات المجتمع الإسلامى المنشود
ذكرت الآيات القرآنية الكريمة، والأحاديث الشريفة ما يمكن أن يطلق عليه مواصفات المجتمع المسلم، فى كافة مجالات الحياة:
(1) فى المجال السياسى:
(أ) الانقياد لحكم الله وشرعه:
إذ أن ما شرعه الله عز وجل لعباده هو المنهج الأمثل والطريق الأقوم، كما قال تعالى: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا(المائدة:3).
وما عدا الشرع الإلهى الحكيم فهو (الهوى) الذى حذر القرآن من اتباعه فى كثير من الآيات، كقوله تعالى: وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثيراً من الناس لفاسقون  أفحكمَ الجاهلية يبغون ومن أحسنٌ من الله حكماً لقوم يوقنون (المائدة: 49-5.).

(ب) العدل:
لأن الله تعالى قد أمر به فى كافة المجالات والأوقات، فقال: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذى القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغى يعظكم لعلكم تذكرون ( النحل: 9.). فلا ينبغى أن يغيب العدل بسبب القرابة أو المنزلة الدنيوية، لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا) (النساء: 135)

* يقول الإمام المجدد السيد محمد ماضى أبو العزائم فى كتابه (وسائل نيل المجد الإسلامى):
(كم دانت دولة على غيرها بالقوة القاهرة، فما فرحت بالملك إلا وأتاها العذاب من حيث لا تحتسب، فأصبحت لا ترى إلا مساكنهم.
وخير الملك ما أسس على العدل والمساواة والحرية، وإن الخلق لينظرون إلى الأقوال والأعمال الظاهرة، ولكن الخلاق العظيم ينظر إلى القصود والنوايا، متى أراد أن ينزع الملك من دولة سلبت من قلوب أهلها الرحمة بخلقه، والشفقة على عباده، فظلموا وتكبروا فى الأرض بغير الحق، فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر، أعوذ بالله من سلب النعمة، ومن الغرور بالقوة، ومن قصد الشر بعباد الله.
وكم من دولة ارتفعت حتى ملكت الأرض شرقاً وغرباً، وظلمت العباد انتقاماً وظلماً، فصب عليهم المنتقم القهار النقم من السماء والأرض، وفرق كلمتهم، وألقى بينهم العداوة والبغضاء، فبادوا كما باد فرعون ونمروذ وبابل وآشور وملك اسكندر وملك الروم.
والملك لله الواحد القهار، يهب الملك بفضله وينزعه بعدله، لا معقب لحكمه، وتلك سنة الله فى خلقه، قال الله تعالى: ﴿ونريد أن نمن على الذين استضعفوا فى الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين  ونمكن لهم فى الأرض﴾ (القصص: 5-6).
الظلم مرتعه وخيم، بالعدل يدوم الملك ولو مع الكفر، والظلم يمحق الملك ولو مع الإيمان، وإن ظن الجاهل بأسرار الكون وحكمة إيجاده- لقصر عقله- أن الظلمة لا يزالون، فإن الحقائق تكذبه، ومن نظر بعينه فى تواريخ القرون السابقة وما فعل الله بالأمم الجاهلية والأمم المبدلة والأمم المضلة؛ يحكم يقيناً أن كل أمة ظلمت محقت).

(ج) الشورى:
وهى من ‎‎أهم الدعائم التى يقوم عليها النظام السياسى فى المجتمع المسلم، بل الحق أنها صبغة الحياة الإسلامية فى جميع المجالات، وليس أدل على ذلك من تعبير القرآن الكريم فى السورة التى سميت بهذا المبدأ العظيم، إذ جاء الحديث عن الشورى فى سياق تعداد صفات المؤمنين فى قوله تعالى: ﴿فما أوتيتم من شىء فمتاع الحياة الدنيا وما عند الله خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون* والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون * والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون *والذين إذا أصابهم البغى هم ينتصرون﴾ (الشورى: 36-39) فالتعبير القرآنى يجعل أمرهم كله شورى، ليصبغ الحياة كلها بهذه الصبغة.
ويتحدث القرآن عن موضوع الشورى فى موضوع آخر فى القرآن فى قضية فطام الطفل الرضيع، إذ يقرر فطام الرضيع بعد التشاور والتراضى من جانب الزوجين، فيقول تعالى: ﴿فإن أرادا فصالاً عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف واتقوا الله واعلموا أن الله بما تعملون بصير﴾ (البقرة: 233).
ومن هنا يتبين أن الشورى منهج الحياة السائد فى المجتمع المسلم من قاعدته إلى قمته، أى من الشئون المنزلية الصغيرة إلى نظام الحكم وشئون القيادة.
فالله تعالى قد أمر حبيبه ﴿ص وآله﴾ بمشاورة أصحابه فقال: ﴿فبما رحمة من الله لِنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم فى الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين﴾ (آل عمران: 159). هذه الآية نزلت فى أعقاب هزيمة أحد، لتؤكد للأمة أن الشورى أساس الحكم، وأن الأمة إذا خسرت معركة نتيجة الشورى فذلك خير من أن تخسر الأمة شخصيتها ويتحكم فرد بعد رسول الله ﴿ص وآله﴾ فى مقدراتها ودمائها وأموالها وأعراضها.

(د) الحرية:
كفل الإسلام حق الحرية الكاملة للإنسان بكافة صورها، ومن جميع جوانبها كحق من حقوق الإنسان فى الإسلام:
1- حرية العقيدة: وهى أعلى صور الحرية وأهمها، لأنها تتعلق بأهم وأعظم جوانب الحياة الإنسانية، وقد بين الإسلام أن الإنسان حر فى اختيار عقيدته والدين الذى يؤمن به، إذ لا إكراه فى اعتناق عقيدة الإسلام.. قال تعالى: ﴿لا إكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغى﴾ (البقرة: 256)، وقال تعالى: ﴿وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر﴾ (الكهف: 29).
2- الحرية الفكرية: ترك الإسلام المجال فسيحا أمام الفكر الإنسانى فى هذا الكون ليستخلص منه كل ما يعود عليه بالنفع العظيم فى حياته ورقيه وتطوره، فقال تعالى ﴿سنريهم آياتنا فى الآفاق وفى أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق﴾ (فصلت:53). وقد فتح الإسلام باب الاجتهاد فى أحكام القضايا التى لم يرد فيها نص صريح.
ويمتاز الإسلام بأنه النظام الوحيد الذى يعطى للمخطىء من الأجر والثواب إذا أخطأ فى اجتهاده مع توافر النية الحسنة واستفراغ الجهد المتاح، يقول ﴿ص وآله﴾: (إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر، وإن أصاب فله أجران) (الشيخان).
3- الحرية السياسية: وهى تعنى حق الإنسان فى ولاية الوظائف الإدارية- صغراها وكبراها- ما دام بكفايته أهلاً لتوليها، وتعنى كذلك حق كل إنسان أن يبدى رأيه فى سير الأمور العامة وتخطئتها أو تصويبها وفق ما يعتقد اعتقاداً جازماً أنه الحق، وقد كفل الإسلام هذا الحق بأن جعل لكل إنسان الحق فى أن يتطلع إلى تقلد أعلى المناصب وأرفع الوظائف، طالماً تحقق فيه الورع والكفاية، ولا يغنى أحدهما عن الآخر.
ولهذا حذر النبى ﴿ص وآله﴾ أبا ذر رضى الله عنه من الإمارة، باعتبارها أمانة كبرى ومسئولية عظمى.. عن أبى ذر قال: قلت: يا رسول الله ألا تستعملنى؟! قال: فضرب بيده على منكبى، ثم قال: (يا أبا ذر، إنك ضعيف، وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزى وندامة، إلا من أخذها بحقها وأدى الذى عليه فيها) (أخرجه مسلم وأحمد).
ويجب على الدولة أن تجعل الفرصة أمام الجميع متساوية، بعيداً عن المجاملات والرشاوى وغيرها من وسائل الانحراف، يقول ﴿ص وآله﴾: (من استعمل رجلاً على عصابة، وفيهم من هو أرضى لله منه، فقد خان الله ورسوله والمؤمنين) (أخرجه الحاكم والسيوطى).
ومن حق أى إنسان أيضاً أن يبدى رأيه فى أمور الدولة والسياسة، مادام متقيداً بالأسلوب المثالى فى إسداء النصيحة وإبداء الرأى.. وقد أخذ النبى ﴿ص وآله﴾ برأى سلمان الفارسى رضى الله عنه بحفر الخندق حول المدينة لمواجهة جموع الأحزاب.
4- الحرية المدنية: ويقصد بها كل التصرفات النابعة من شعور الإنسان بذاته وضرورة اعتراف الجماعة بشخصه وأهليته المطلقة للتصرف وفق ما يريد.. وعلى أساس هذه الحرية، يملك كل إنسان أن يقيم حيث يشاء، وأن يسافر متى شاء، وأن يجتمع بمن يريد الاجتماع بهم، وأن يحوز من المال ما يكسب، وأن يحترف من المهن ما يهوى، وأن يباشر العقود التى يرى إبرامها، ويفسخ التى يريد أن يفسخها (10)، من بيع وشراء ووكالة وكفالة وإيجار.. إلخ، وذلك كله- بداهة- وفق قانون يمنع الضرر والعدوان، حتى لا يشتط أحد فى استخدام حريته فيؤذى الآخرين وينال من حرياتهم.

* يقول الإمام المجدد السيد محمد ماضى أبو العزائم رضى الله عنه فى كتابه (وسائل نيل المجد الإسلامى):
الحرية لغة: عدم حبس النفس للانتفاع بها، واصطلاحاً: خلوصها من قيود الرق والاستعباد والذلة والاضطهاد. وهى بهذا المعنى صادقة على الفرد والجماعة، فالأمة لا تعد حرة ولا تعتبر مستقلة إلا إذا كان لها تصرف عام فى جميع شئونها، وتدبير خاص فى أحوال معاشها، ومتى كانت كذلك نالت بغيتها وبلغت أمنيتها، وحُق لها أن تنافس غيرها من الأمم المجاورة لها والنائية عنها.
أما إذا فقدت هذا المجد الميسور باستسلامها لعدوها وتسليمها إياه قيادة أمورها، فقلّ أن تبلغ أملاً من آمالها، أو تنال غرضاً من أغراضها، بل إنها تعيش عيشة مرة تُسامُ فيها الخسف والجور، وتُعْدَمُ بسببها العزة والنعمة.

ثم يتساءل الإمام رضى الله عنه:
بِمَ تُنالُ الحرية؟
ويجيب: قد علمت مما سبق أن الحـرية عبارة عن خلوص حركات النفس وتصريفها بالإرادة فى وجوهها المشروعة، فإذا وجدت هناك ضواغط تمنع الاختيار بتاتاً، أو تخرج به عن خلال الاعتدال، فقل على الحرية السلام.
وحينئذ يجب على الفرد أو الأمة التى فقدت هذا المجد، وذهب عنها هذا الشرف، أن تتخذ أنجع الوسائل فى الحصول عليها، والسعى فيما يقرب إليها، وهذه الأسباب وتلك الوسائل أهمها ما يأتى:
1- حب الفضائل وبغض الرذائل، والمحافظة على حقوق الله تعالى حسبما فى الإمكان والاستطاعة.
2- الاتحاد بين الأفراد والجماعة.
3- تحسين الصناعة، وترويج البضاعة، وتخصيب الزراعة.
4- الاستغناء بمحصولات البلاد ومصنوعاتها ومنتجاتها عن الأشياء المجلوبة من الخارج.
5- استعمال قوة الاختراع فى الماديات التى لا تستغنى الأمة عنها غالباً.

أما عن نتائج الحرية فيقول الإمام رضى الله عنه:
نتيجة الشىء عبارة عما يؤول إليه من خير أو شر، ولا تنتج الحرية إلا خيراً محضاً يكاد أن ينحصر فيما يلى:
1- الفرد أو الأمة متى كانا حُرّيْن أمكنهما أن يعملا بجد ونشاط فيما يحسن به أمر معاشرتهما، وتحصل به سعادتهما ويعم به الخير لبلادهما.
2- إغلاق باب الشرور والمفاسد، فإن الأمة المستعمرة تعمل دائماً على إيقاع الضرر بمن استعبدتهم وأذلتهم، ولا سبيل لدفع هذه المصائب ورد هذه المحن إلا باستقلال النفوس وجولانها فى ميدان الحرية، وسيرها على مقتضى الطبيعة البشرية، فإن الذل أمرّ على النفس من الحنظل، وأثقل عليها من الجندل.
3- إذا أطلقت النفوس من قيود استعبادها؛ وصارت لها الخِيَرَة فى تصريف حركاتها وسكناتها، فلا غرو أنها تعمل أعمالاً يبتسم لها الدهر، وتمجدها الأيام، ويسجلها التاريخ، ويكون لها الفخر على سائر الأمم بما ينالها من العز والمنعة والقهر والسلطان، وتصير أيضاً قدوة ومثالاً حسناً للأمة المجاورة لها والنائية عنها، بل يضرب بذكرها المثل فترتفع بذلك فوق عنان السماء، وتناطح بشرفها ورفعتها الجوزاء، ونعمت أمة هذا حالها.
يا معشر المسلمين: إنى لكم ناصح أمين، فاستيقظوا من غفلتكم، وتنبهوا من رقدتكم، وشمروا عن ساعد جدكم، وسيروا على منهج سلفكم، حتى تعيدوا مجدكم والله ولى المؤمنين (11).

(هـ) المساواة والإخاء:
يعد هذا الحق مع الذى قبله منظومة واحدة أو هى ثلاثية: الحرية والإخاء والمساواة، التى تعلن كل منظمة أو ثورة أنها تسعى إلى تحقيقها، بينما هى فى الإسلام متحققة على أكمل وجه وأتمه. وقد مضى الحديث عن الحرية فى العنصر السابق، والحديث الآن عن الإخاء والمساواة، الإخاء العام بين البشر، والمساواة التامة بينهم فى أصل الإنسانية.
ففى نظر الإسلام، يعد البشر المنتشرون فى جميع القارات أسرة واحدة، انبعثت من أصل واحد، لا مكان بينهم لتفاضل فى أساس الخلقة وابتداء الحياة.. قال تعالى: ﴿يا أيها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذى تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً﴾ (النساء:1).
ولا نكران أن البشر يختلفون فى لغاتهم وألوانهم من الناحية العامة، لكن هذا الاختلاف لا يؤبه له، ولا يخدش ما تقرر من تساويهم فى الحقيقة الإنسانية الأصيلة، وقد رفض الإسلام رفضاً حاسماً أن يكون ذلك مثار تفرقة أو سبب انقسام، بل جعله آية على إبداع الخالق سبحانه فقال تعالى: ﴿ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن فى ذلك لآيات للعالمين﴾ ( الروم: 22).
كما أن لون البشرة- فى نظر الإسلام- لا ينبغى أن يكون عاملاً من عوامل التفرقة بين الناس فالنبى ﴿ص وآله﴾ غضب غضباً شديداً حينما اشتم رائحة التفرقة العنصرية فى قول أبى ذر الغفارى رضى الله عنه لأحد السود: يا ابن السوداء. وقال له النبى ﴿ص وآله﴾: (أعيرته بأمه؟! إنك امرؤ فيك جاهلية) (12) وقال له كذلك: (طَفّ الصاع! طَفّ الصاع! ليس لابن البيضاء على ابن السوداء فضل إلا بالتقوى أو بعمل صالح) (أخرجه الطحاوى فى مشكل الآثار 4/363، والزبيدى فى إتحاف السادة المتقين 8/375).
وقد كان النبى ﴿ص وآله﴾ يقرر مبدأ الإخاء البشرى ويؤكده كل يوم أبلغ تأكيد وأوثقه، فعن زيد بن أرقم رضى الله عنه أن النبى ﴿ص وآله﴾ كان يقول دبر كل صلاة: (اللهم ربنا ورب كل شىء ومليكه، أنا شهيد أنك الله وحدك لا شريك لك. اللهم ربنا ورب كل شىء ومليكه أنا شهيد أن محمداً عبدك ورسولك. اللهم ربنا ورب كل شىء ومليكه أنا شهيد أن العباد كلهم أخوة) (أخرجه أحمد).

وبقيت نقطة أخيرة فى مسألة المساواة الإنسانية، وهى المساواة بين الجميع فى الناحية القانونية، فالكل أمام القانون سواء، لا فرق بين غنى أو فقير، حاكم أو محكوم، أمير أو من عامة الناس.. فهذا رسول الله ﴿ص وآله﴾ يغضب أشد الغضب حينما أراد أسامة بن زيد رضى الله عنه أن يشفع لامرأة مخزومية سرقت، فقال له رسول الله ﴿ص وآله﴾: (أتشفع فى حد من حدود الله يا أسامة؟! إنما أهلك من كان قبلكم أنهم إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد.. وأيم الله، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها) (البخارى ومسلم).

2- فى المجال الاقتصادى:
أ- العمل المتواصل ومحاربة البطالة: فالقرآن الكريم والسنة المطهرة يحثان على العمل ويشجعان على الإنتاج، فى الوقت الذى يحاربان فيه البطالة والمسألة، فلقد قال الله عز وجل: ﴿وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون﴾ (التوبة: 1.5).
وقال ﴿ص وآله﴾ : (ما أكل أحد طعاماً قط خيراً من أن يأكل من عمل يده، وإن نبى الله داود كان يأكل من عمل يده) (البخارى وأحمد).
وحينما جاءه أحد الناس يسأله الصدقة أعطاه درساً عملياً فى العمل والإنتاج والابتعاد عن ذل المسألة فقال: (لا تزال المسألة بأحدكم حتى يلقى الله تعالى وليس فى وجهة مزعة لحم) (البخارى) مزعة: قطعة.
وقال ﴿ص وآله﴾: (لأن يحتطب أحدكم حزمة على ظهره خير له من أن يسأل أحداً فيعطيه أو يمنعه) (مسلم والنسائى وأحمد).

ب-قيام المعاملات المالية على الصدق والأمانة وإتقان العمل: لقول النبى ﴿ص وآله﴾: (التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين) (الترمذى والحاكم والسيوطى). وقال ﴿ص وآله﴾: (البيعان بالخيار مالم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما فى بيعهما، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما) (البخارى ومسلم).وقال ﴿ص وآله﴾: (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه).

ج- تحريم الربا بجميع أشكاله: لما يترتب عليه من أوخم العواقب، ليس على الاقتصاد فحسب، بل على جميع مجالات الحياة فى المجتمع، ولذلك يقول الحق تبارك وتعالى: ﴿الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذى يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظةٌ من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون  يمحق الله الربا ويربى الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم  إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون  يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقى من الربا إن كنتم مؤمنين  فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلِمون ولا تٌظلمون﴾ (البقرة: 275-279).
وعن سيدنا عبد الله بن مسعود رضى الله عنه أن رسول الله ﴿ص وآله﴾ لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه (ابن ماجة).

* يقول الإمام المجدد السيد محمد ماضى أبو العزائم فى كتابه (قضايا عصرية): (إن الله تعالى ليسلب من المرابى البركة والنمو والأجر والثواب، بل يسلب الإيمان، فكأن الربا ماحق ممحوق، وذلك لأن مراد المرابى الزيادة فيحرم فى عافيته وأولاده، وفى ماله أيضاً، وفى دينه، وكفى المرابى تَعْسَةً أن الله تعالى حكم عليه بما حكم به على الكافرين، لأن الجحود بالله والاستهانة بأحكامه سواء عند الله تعالى) (13).

د- الابتعاد عن الغش والتدليس: لقوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون﴾ (الأنفال: 27).ولما روى عن النبى ﴿ص وآله﴾ أنه أدخل يده فى صبرة طعام فوجده مبتلاً، فنادى صاحب الطعام وقال له: (هلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس، من غشنا فليس منا) (مسلم).

هـ- الابتعاد عن الاحتكار: لما له من أسوأ الآثار على المجتمع، يقول النبى ﴿ص وآله﴾: (لا يحتكر إلا خاطىء) (مسلم).

و- تذويب الفوارق بين طبقات المجتمع: وذلك بتحقيق التكافل الاجتماعى بين أفراد المجتمع من خلال وسائل عدة من أهمها:
1- الزكاة الواجبة: وهى تشمل: الثروة الزراعية- الحيوانية- المعدنية- التجارية وغيرها.. وهى تمثل ركناً من أركان الإسلام، وتسهم بنصيب أساسى فى تحقيق التكافل الاجتماعى.
2- الكفارات الواجبة: إذ أوجب الإسلام على من يقع فى بعض الذنوب كفارة مالية يستفيد منها الفقراء والمساكين فى المجتمع، مثل كفارة اليمين، وكفارة الظهار وغيرها.
3- الصدقات التطوعية: فقد ندب الإسلام أتباعه إلى الإنفاق فى وجوه الخير، وبين القرآن الكريم عظيم ثواب هذا الإنفاق فى كثير من آياته البينات، يقول تعالى: ﴿مثل الذين ينفقون أموالهم فى سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل فى كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم﴾ (البقرة: 261).
بل إن القرآن الكريم يجعل هذا الإنفاق حقاً للفقراء والمساكين، فيقول تعالى فى صفات المتقين: ﴿وفى أموالهم حق للسائل والمحروم﴾ (الذاريات: 19). وبالتالى فلا يمتن الغنى بإنفاقه، ولا يجرح مشاعر الفقراء، لأن هذا يحبط ثواب عمله، ويجعله هباء منثوراً.

ز- تشجيع الاستثمار وتحريم الاكتناز وحبس رأس المال: إذ يحرص الإسلام حرصاً بالغاً على أن يأخذ رأس المال دورته فى المجتمع، باستثماره فى مشروعات كثيرة يعود نفعها إلى سائر الطبقات من خلال تشغيل الأيدى العاملة، وتحقيق معدلات إنتاج مرتفعة، وإيجاد الرواج الاقتصادى وانتعاش الأسواق، والقضاء على معدلات التضخم والركود، والقاعدة الإسلامية العظيمة فى هذا المضمار هى: ﴿كى لا يكون دُولَة بين الأغنياء منكم﴾ (الحشر: 7). أى: لئلا يكون تداول المال محصوراً فى طائفة أغنياء المجتمع دون غيرهم. ويقول تعالى فى بيان تحريم الاكتناز وحبس رأس المال: ﴿والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها فى سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم  يوم يحمى عليها فى نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون﴾ (التوبة: 34-35).

3- فى المجال الاجتماعى:
أ- الأخوة: فالمسلمون جميعاً تربطهم الأخوة الإيمانية، مهما تباعدت ديارهم أو اختلفت أوطانهم، أو تعددت أشكالهم.
* يقول الإمام المجدد السيد محمد ماضى أبو العزائم رضى الله عنه فى كتابه (شراب الأرواح) ص49، واصفاً أهل الأخوة الإيمانية:
(الإخوان هم هياكل متعددة، سرت فيهم روح واحدة، كالجسد الواحد تعددت أعضاؤه ولكنه واحد، فإذا تألم عضو منه شعر بالألم كل الجسد، فكذلك الإخوان يتألمون جميعاً لألم أحدهم، غنيهم فقير لأنه يؤثر الفقير على نفسه، وفقيرهم غنى لكمال ثقته بربه، صفت قلوبهم فتجملت ظواهرهم، فإذا رأى الأخٌ الأخَ كأنه أشرقت عليه أنوار، فانبسط وانشرح وصافح وفرح، فيزداد نوراً على نوره، وحالاً على حاله، وعلماً على علمه، يبذل كل أخ لأخيه ما يجد من وجد أو موجود، فيغذى الأخٌ أخاه بعلمه، والآخر يغذيه بخبزه، فلا يقابل أخٌ أخاً إلا وفتحت أبواب السماء بالبركات، وهطلت الأرزاق والفتوحات، نزع الله ما فى صدورهم من غل، وما فى قلوبهم من طمع، لأنه سبحانه هو المحبوب لهم فى أنفسهم وما تقولون فى اثنين تقابلا على شوق فى الله ومحبة فى الله وبذل فى ذات الله؟ هذا يبذل لأخيه ما به سعادته الأبدية من علم وحال وخلق حسن، والآخر يبذل له نفيس طعامه وشرابه وماله، وما تقولون فيمن تحقق فيهم قوله ﴿ص وآله﴾ فى الحديث القدسى عن الله تعالى: ﴿المتحابون فىَّ والمتباذلون فىَّ والمتزاورون فىَّ على منابر من نور يغبطهم الملائكة والأنبياء لقربهم من الله ﴾ (السيوطى فى الصغير).
وليس هذا الوصف العلى موجوداً إلا فى الصديقين وأبدال الرسل عليهم الصلاة والسلام، فكل أخ يعامل إخوانه بهذا فهو من الصديقين، ومن أبدال الرسل عليهم الصلاة والسلام) أ.هـ.

ب- المحبة: الشعور السائد بين المؤمنين جميعاً هو المحبة الخالصة، المبرأة عن أغراض الدنيا الفانية فهى محبة لله وفى الله، والله تبارك وتعالى هو الذى يقذف نور هذه المحبة فى قلوب المؤمنين، ووجود هذه المحبة وتحققها شرط من شرائط الإيمان وتمامه، قال ﴿ص وآله﴾: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) (البخارى ومسلم) ويقول أيضاً: (من أحب لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله، فقد استكمل الإيمان) (الطبرانى والهيثمى وأحمد والترمذى).

ج - التعاون: لا شك أن من ربط الإيمان بين قلوبهم وتأصلت أواصر المحبة الإيمانية فى أفئدتهم، سيكونون فى جميع أحوالهم يداً واحدة، يقيل بعضهم عثرة بعض، ويأخذ كل واحد بحجز أخيه، يعاضده ويؤازره ويسانده، استجابة للأمر الإلهى الكريم: ﴿وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان﴾ (المائدة: 2).
وتطلعاً إلى الثواب العظيم الذى تحدث عنه المصطفى ﴿ص وآله﴾ فى حديثه الشريف الذى يقول فيه: (من مشى فى حاجة أخيه كان خيراً له من اعتكافه عشر سنين، ومن اعتكف يوماً ابتغاء وجه الله جعل الله بينه وبين النار ثلاثة خنادق، كل خندق أبعد مما بين الخافقين) (الهيثمى والطبرانى فى الأوسط).
بل يدعو النبى ﴿ص وآله﴾ المسلم إلى ألا يحتقر خيراً يمكنه أن ينفع به مجتمع المسلمين، ولو أن يزيل الأذى عن طريقهم، فيقول: (مر رجل بغصن شجرة على ظهر طريق فقال: والله لأنحين هذا عن طريق المسلمين؛ لايؤذيهم، فأدخل الجنة) (مسلم). وسأله أبو برزة الأسلمى رضى الله عنه قائلاً: يا نبى الله، علمنى شيئاً أنتفع به. قال: (اعزل الأذى عن طريق المسلمين) (مسلم).
فتصور مجتمعاً بهذه الروح العالية، بهذه المشاعر السامية، بهذا التواصل الفياض، لتعرف أن الإسلام يصنع مجتمعاً من الأطهار الأبرار، يعلو ويعلو حتى يدانى الملائكة، ويرتفع فوق حظوظ النفس والأنانيات القاتلة المهلكة.

د- الإيثار: ما من شك فى أن المجتمع المتآخى المتحاب المتعاون لابد أن تشيع فيه روح الإيثار، هذا الخلق الذى خلد الله تعالى به ذكر الأنصار فى آيات قرآنية تتلى ويتعبد بها، مسجلة لهم هذا الموقف العجيب، يقول تعالى بعد أن تحدث عن المهاجرين وفضلهم: ﴿والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون فى صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون﴾ (الحشر: 9).

هـ- التناصح: من شأن المجتمع المسلم أن يتناصح أفراده، فيما بينهم، لأن النصيحة السديدة الخالصة لوجه الله هى إحدى ضمانات بقاء المجتمع مستقيماً محفوظاً من الخسران والدمار، وفى سورة العصر إشارة إلى هذا المعنى، إذ يقول تعالى: ﴿والعصر  إن الإنسان لفى خسر  إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر﴾ (سورة العصر).
ومن هنا فلا عجب أن يقول النبى ﴿ص وآله﴾ : (الدين النصيحة) ويسأله الصحابة الكرام: لمن؟! فيقول: (لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم) (مسلم).
إن التناصح، والأمر بالمعروف، والنهى عن المنكر، كل ذلك يوفر للأمة النقد الذاتى، الذى يكشف للأمة عن عيوبها، فتتلافاها وتتفادى آثارها، ويكشف لها عن محاسنها فتتقدم إليها، كما أنه يربط بين أفرادها برباط الحب، إذ ليس التناصح تصيداً للعيوب، ولكنه تسديد وإرشاد وهداية بالحكمة والموعظة الحسنة، فى إطار من الحب والمودة.
وعلى هذا نشأ المجتمع الإسلامى الأول، يقدم النصيحة، ويأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، دون أن يخشى فى الله لومة لائم.

4- فى المجال العلمى:
* يقول الإمام المجدد السيد محمد ماضى أبو العزائم فى كتابه (وسائل نيل المجد الإسلامى):
(لم تنحصر خيرات الإسلام على المسلمين، بل تعدتهم إلى جميع الأمم، كان أكثر الناس انتفاعاً بعلوم الإسلام أوربا الحديثة وأمريكا، فإنهم انتفعوا بعلوم الأندلس واكتشافاتهم التى أسعدت بنى الإنسان، وبالعلوم التى سلبوها من المكاتب الإسلامية فى الحروب الصليبية، وما أخذه نابليون من خزائن الأزهر الشريف.

وقد أهمل المسلمون تحصيل تلك العلوم المفيدة، وقضت سياسة الملوك منهم أن يشغلوا العلماء بدرس الأحكام مجردة عن الحكمة، وعن العلوم التى فرضها القرآن من النظر والتدبر والفكر، وعلوم الأخلاق، وعلوم النفس، ومعرفة الله تعالى، وعلوم تدبير الفرد والمنزل والمدينة، والمجتمع العام، والعلوم العقلية التى بها فتح كنوز المادة، ومعرفة خواص كل نوع منها، وأنها خزائن للنعم، يفتحها العلم والعمل، وقد فرض الله كل تلك العلوم وأوجبها على كل مسلم فى القرآن، قال سبحانه: ﴿قل انظروا ماذا فى السموات والأرض﴾ (يونس: 1.1).

فكان المسلم المتمسك بالدين يحيط بكل أنواع العلوم، ويعتقد أنه يجهل من كمال ربه وقدرته وحكمته بقدر ما يجهل من أى علم من العلوم، وكانوا يولون أهل العلم الولايات، فيكون الوالى إماماً وقائد الجيش، وطبيباً وعالماً بسير الأفلاك وتغيير الفصول، وقد نظر والٍ من الولاة مد البحر، وكان يجهل المد والجزر، قال: هذه تكفينا صيفتنا، ظناً أنه ماء عذب، فبلغ الخليفة فعزله لجهله بتأثير الكواكب على البحر.. لم يبلغ الإنسان مقام الشرف والمجد إلا بالإسلام.. وقد ترك المسلمون العمل بوصايا الإسلام فذلوا لمن كانوا أتباعاً لهم، وترك غيرهم دينهم فعزوا ورقوا فى الأرض لأخذهم بأعمال المسلمين الكونية.

وإنى على يقين أن تلك الأمم قريباً يظهر لها الحق جلياً فتسارع إلى الإسلام، وكيف لا؟ والإنسان مفطور على حب الحرية والمساواة، ومجبول أن يحكم على الأشياء بعقله، وكلما أظهرت الصناعات والفنون ما كنزه الله للخلق فى المادة كلما فكت الأغلال من عنق العقل، فحكم أن الدين الإسلامى هو الدين الحق، وأن ما سواه لايقبله العقل.

ومن حكم أن الدين الإسلامى لا يحث على تحصيل العلوم كذبته الحقائق، والواجب على المسلمين فى هذا العصر بعد أن شهد أعداء الدين بأحقيته، وسارع فيه كثيرون من أمريكا وأوربا، أن يسارعوا إلى الحق والعمل به، ليكونوا أئمة لمن ستنكشف لهم أنوار الإسلام قريباً، بل وليكونوا متمتعين بالحياة الإسلامية الفاضلة، مسارعين إلى نيل السعادة الباقية فى جوار الأخيار ممن عملوا بالإسلام ونشروا فضائله وآدابه وأصوله بين الأمم، والأمر سهل والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.

لقد أخذت أوربا عن المسلمين نشاطهم فى الصناعة، ومسارعتهم إلى فتح كنوز المادة، وشجاعتهم، وتركت العقيدة الحقة، والعبادة التى تجعل المسلم ذا رحمة وعفو وإحسان، وإيثار لغيره، وتركت الأخلاق الفاضلة التى بها حياة المجتمع فى حرية ومساواة وأمن على النفس والمال والعرض، فخبثت النفوس، وانكسفت أنوار العقول، وتسلط الحس على النفس والعقل، فهبط الإنسان إلى رتبة البهائم شهوة وإباحة، والسباع جرأة ووقاحة، والشياطين كيداً وخبثاً، فاستخدم العقل والنفس لهذا القصد حتى انمحى شرف الإنسانية فى نظرهم، وحكموا أنهم قردة ارتقت كما قال دارون تكذيباً للكتب السماوية، وكذلك تفعل العلوم التى يفاخرون بها.

والعلوم- ياقوم- صور ترسم على جوهر النفس، تجذبها إلى الارتفاع عن الإنسانية إلى الفضائل الملكوتية، بل وإلى ما فوق ذلك من التخلق بأخلاق الله) (13).

5- فى المجال العسكرى:
لابد أن يحرص المجتمع الإسلامى أشد الحرص على تحصيل أسباب القوة، ووسائل الغلبة والتمكين، ذلك أن الحق لن ترفع له راية، إلا فى وجود قوة تحميه، وترهب الباطل، وترده على أعقابه خاسئاً وهو حسير.
ولن يتحقق النصر للمسلمين بركونهم إلى الوعود الإلهية، فى الوقت الذى يتقاعسون فيه عن القيام بدورهم فى تحقيق هذه الوعود، فقد اقتضت حكمة المولى جل فى علاه، أن يظهر قانونه الأزلى بنصر المؤمنين وتمكينهم فى الأرض من خلال جهادهم وتضحياتهم فى سبيل الله، قال تعالى: ﴿ذلك ولويشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلوا بعضَكم ببعض والذين قُتلوا فى سبيل الله فلن يٌضلَّ أعمالهم  سيهديهم ويصلح بالهم  ويدخلهم الجنة عرفها لهم  يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصُرْكم ويثبت أقدامكم  والذين كفروا فتعساً لهم وأضل أعمالهم﴾ (محمد: 4-8).
وعلى هذا، فالمسلمون مطالبون بالإعداد والاستعداد، وبذل الجهد الجهيد من جانب جميع أفراد المجتمع، إذ أن التكليف القرآنى قد خاطب الجميع دون استثناء، فقال تعالى: ﴿وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شىء فى سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون﴾ (الأنفال: 6.).

* يقول الإمام المجدد (السيد محمد ماضى أبو العزائم رضى الله عنه) فى كتابه (الجهاد):
(ما من مسلم إلا وهو مطالب بالجهاد بقدره، إما بإعداد المعدات أو بها وبنفسه، فعلى العالم المتفنن أن يجتهد فى اختراع ما به قوة سلطان المسلمين، وعلى التاجر أن يجتهد فى جلب ما به من قوة المسلمين، وعلى المزارع أن يعد ما به مساعدة المجاهدين، فكل مسلم فى كل نفس يجب أن يكون مجاهداً فى سبيل الله.

وليس الجهاد قاصراً على مجاهدة العدو، فإن من جهز غازياً كأنه جاهد فى سبيل الله، وعلى معلم الصبيان أن يبث فيهم روح الغيرة على الدين والمدافعة عنه وعن أهله. والجهاد هو العبادة التى تنبىء بكمال الإخلاص لله تعالى والتصديق بما بشر الله به، وقد كان النساء يجاهدن فى سبيل الله بما استطعن، إما بالغزل أو بالنسيج، أو بتجهيز الأغذية، أو بضماد الجروح، أو بنقل الماء، حتى كانت المرأة تقص شعرها ليكون قيداً لدابة يجاهد عليها مسلم فى سبيل الله لتكون جاهدت، حتى كان كل مسلم وكل مسلمة فى كل نفس يرى نفسه مجاهداً بأى معنى من معانى الجهاد، حتى الأعمى، فإنه كان يتوجه إلى بيوت إخوانه المجاهدين ليقضى لهم حاجتهم ليكتب عند الله مجاهداً.

والجهاد ينتج نتيجتين حقيقيتين، الأولى: علو الكلمة وعز أهلها، والغنيمة. والثانية: الحياة الطيبة فى فردوس الله الأعلى والفوز برضوانه الأكبر. ولم تر عينى ولم تسمع أذنى بتجارة تربح هذا الربح أبداً إلا الجهاد فى سبيل الله، وإنى على يقين أن أصغر مسلم يعلم أن كلمة الله لا تعلو إلا به، وأن العز الحقيقى لا يكون إلا بالجهاد، ولا شرف ولا مجد أعلى من هذا. أسأل الله تعالى أن يكشف لقلوبنا حقيقة الجمال الربانى، الذى به ننجذب بكليتنا إلى الرضوان الأكبر). (الجهاد، للإمام المجدد أبى العزائم، ص28،29).

وبعد أن يمتلك المسلمون القوة، فإنهم يتميزون عن غيرهم بتوظيف هذه القوة التوظيف الصحيح، واستخدامها الاستخدام الأمثل، فى الدفاع عن حرمات المسلمين وأوطانهم، وعن الدعوة الإسلامية ودعاتها، وفى نصرة المظلوم وإعانة الضعيف.. بخلاف الحضارة المادية الغربية التى سخرت قوتها للتوسع والسيطرة، والاستيلاء على ثروات الشعوب، وقهرها وإذلالها.

6- فى المجال الإعلامى:
إن عصرنا هو عصر الإعلام، الكلمة فيه تتحكم فى تكوين الرأى العام وتعديل الرؤى وتعميم الأفكار والقيم والأيديولوجيات، فبقدر تطور وتقدم وسائله المختلفة يكون انتشار هذه الأيديولوجيات وقوة التأثير والتأثر بها.
كلنا يشاهد الطفرة الكبيرة التى يعيشها الإعلام المعاصر فى ضوء التطور التقنى والتقدم العلمى، وكلنا يلمس دور الإعلام فى حملات التضليل والغواية التى يمارسها الإعلام الصليبى الغربى الأمريكى على العالم الثالث عامة وعالمنا الإسلامى خاصة، لغرس قيمه ومثله، وتسفيه قيم ومثل وعقيدة الآخرين، فى محاولة محدودة الأهداف والمسار، ومحكمة الحلقات لاستلاب هوية الأمم، وفرض الهيمنة والتبعية عليها، وسلبها ثرواتها وأرضها، وكلنا يشعر بخطورة التدفق الإعلامى على العالم الثالث الذى يحتل منه عالمنا العربى والإسلامى موطن القلب من جانب واحد، نتيجة ما يملكه العالم الغربى المتقدم من وسائل إعلام متطورة ومتعددة، مسخراً لها هائل الإمكانات المادية والمعنوية فى إطار خطط وبرامج محكمة ومدروسة ومحددة الهدف، ونتيجة حالة التخبط والتخلف والتفكك والابتعاد عن الهدف الأسمى بالانشغال بالأمور الجانبية، والانبهار بالإعلام المعادى التى يعيشها إعلامنا الإسلامى، الأمر الذى جعل منه عامل تفريق أكثر منه عامل توحيد،ووسيلة تفسخ وانحلال وتغريب أكثر منها وسيلة لبناء الذات وتكوين الهوية والتصدى لمخططات التغريب والمسخ.
ويعد المجال الإعلامى من أشد المجالات خطورة على المجتمع، إذا يتعلق بصياغة الأفكار وتوجيه الرأى العام.. ومن هنا فالمجال الإعلامى فى المجتمع المسلم المنشود يمتاز بالصدق التام والأمانة الكاملة:
أ- فلا تسخر وسائل الإعلام لامتداح الحكومات الفاسدة والمبالغة فى الثناء عليها، فالمسلم يجب أن يحاذر حينما يثنى على غيره، فلا يذكر إلا ما يعلم من خير، ولا يجنح إلى المبالغة فى تضخيم المحامد وطى المثالب.
وهناك فريق من الناس يتخذ المدائح الفارغة بضاعة يتملق بها الأكابر، فيصوغ من الشعر القصائد المطولة، ومن النثر الخطب المرسلة، ويكيل الثناء جزافاً، وقد يصف الحكام الجائرين بالعدالة، والأغبياء الجبناء بالشجاعة، ابتغاء عرض من الدنيا عند هؤلاء وأولئك.. هذا الصنف من الكذبة أوصى النبى ﴿ص وآله﴾ بمطاردتهم حتى يرجعوا عن تزويرهم بوجوه عفرها الخزى والحرمان، فعن المقداد رضى الله عنه قال: (أمرنا رسول الله ﴿ص وآله﴾ أن نحثوا فى وجوه المداحين التراب) (مسلم). والمقصـود بالمداحـين هنا: الذين اتخــذوا المدح عادة، يستأكلون بها الممدوح، فأما مدح على الأمر الحسن والعمل المحمود- ترغيباً فى أمثاله، وتحريضاً للناس على الاقتداء به- فليس بمداح.
ب- كما لا تستخدم وسائل الإعلام فى نشر أخبار كاذبة، وحكايات ملفقة، وإحصائيات مزورة، فلا اجتهاد بغير معرفة، ولا فتوى بغير علم، ولا نميمة، ولا غيبة، ولا عدوان على الآخرين، ولا حجر على حرياتهم، كما تؤكد على الابتعاد عن قذف المحصنات، واتهام الناس بالباطل،وعدم النشر بغير تمحيص وتدقيق، وتحصين الجماهير المسلمة بحقائق الدين الإسلامى، والبعد عن التطرف والأفكار الخاطئة، مع المحافظة على لغة القرآن.
ج- كما لا تستخدم وسائل الإعلام فى إثارة الغرائز، وإيقاذ نيران الشهوة الجنسية العارمة، من خلال الأدب المكشوف، والمقالات الخليعة والصور العارية، أو من خلال ما يعرض فى الوسائل المسموعة والمرئية من أفلام ومسلسلات ومسرحيات تطفو بالدعوة إلى الفوضى والإباحية.. قال تعالى: ﴿إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة فى الذين آمنوا لهم عذاب أليم فى الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون  ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله رءوف رحيم  يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبداً ولكن الله يزكى من يشاء والله سميع عليم﴾ (النور: 19-2.).
د- بالإضافة إلى ما تقدم، لا تستخدم وسائل الإعلام فى ترسيخ التبعية الحضارية بتقديم كل ما هو غربى على أنه الأفضل والأكمل، وكل ما هو إسلامى على أنه القديم المتخلف البالى، ولا تستقى مادتها الإعلامية من الوسائل الغربية التى تمتلكها الصهيونية.

7- فى المجال الرياضى:
يخطىء كثير من الناس فهم النظرة الإسلامية للرياضة، فيحسبون أن الإسلام لا يهتم بالرياضة ولا يشجع عليها، بل يصل التطرف بالبعض من الناس إلى تصور معارضة الإسلام ومحاربته للرياضة، بدعوى أنها تلهى عن ذكر الله وأداء العبادات.
والحق أن هذا الفهم يخالف روح الإسلام وجوهره الشمولى، فالمسلم فى كل لحظات حياته فى عبادة لله رب العالمين، بشرط أن يخلص النية فى كل عمل يقوم به.. وهو حينما يمارس الرياضة بنية بناء جسمه وتقويته، ليكون جاهزاً لتنفيذ متطلبات دينه، من أداء الشعائر التعبدية على وجهها الصحيح، أو الجهاد فى سبيل رفع راية الإسلام، أو غير ذلك من المهام.. فهــو فى عبادة لله، يثاب عليها ثواباً جزيلاً، بمقتضى النظرة الشمولية التى يشير إليها قول الحق: ﴿قل إن صـلاتى ونسكى ومحياى ومماتى لله رب العالمين  لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين﴾ (الأنعام: 162،163).

والمجتمع الإسلامى المنشود سيشجع أفراده على الانتقال من حالة الاكتفاء بمشاهدة الرياضة إلى حالة ممارستها، إذ أن الخطأ يكمن فى الاكتفاء بالمشاهدة والتشجيع المتعصب، دون الممارسة الفعلية، التى يدعو الإسلام إليها بهدف تحقيق معنى القوة التى تحدث عنها المصطفى ﴿ص وآله﴾ فى حديثه الشريف: (المؤمن القوى خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفى كل خير...) (مسلم). وإطلاق لفظ القوة يصح حمله على معنييها: المادى والمعنوى.

وفى حديث آخر يستعيذ النبى ﴿ص وآله﴾ من العجز والكسل فيقول: (اللهم إنى أعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال) (البخارى).
وقد مارس النبى ﴿ص وآله﴾ الرياضة بنفسه، ضارباً المثل الأعلى والأسوة الحسنة، فقد ثبت أنه ﴿ص وآله﴾ سابق السيدة عائشة رضى الله عنها فسبقته، ثم سابقها مرة أخرى فسبقها، وقال لها: (هذه بتلك) (أبو داود وابن ماجة).
وقد كان يهتم بالرياضات المتعلقة بالجهاد بصفة خاصة، وفى ذلك يقول: (عليكم بالرمى فإنه من خير لهوكم) (السيوطى فى الصغير، والطبرانى فى الأوسط).
ومن عجيب ما يروى عن رسول الله ﴿ص وآله﴾ فى هذا، أنه كان يجعل لهو الأطفال ولعبهم رياضة مفيدة تنفعهم فى مستقبل أيامهم، يقول عبد الله بن الحارث رضى الله عنه : كان رسول الله ﴿ص وآله﴾ يصٌفّ عبد الله وعبيد الله وكثير بن العباس، ثم يقول: (من سبق إلىّ فله كذا وكذا) قال: فيستبقون إليه فيقعون على ظهره وصدره فيقبلهم ويلتزمهم. (أحمد والهيثمى).

لكل هذا، لا عجب أن يهتم المجتمع الإسلامى بالرياضة النافعة، ولكن مع مراعاة الضوابط التى وضعها الإسلام لكل نشاط إنسانى.

* والحقيقة أن اليهود استفادوا جداً من مقولات الإسلام فى هذا المنحى وراحوا يُسَيّسون أساليب التعامل مع كل فنونها باتجاهات تخدم مصالحهم ومخططاتهم، وعندما يبلغ الاهتمام بالرياضة حداً مبالغاً فيه لابد أن يتساءل الإنسان عن ذلك.

ومن الملاحظات التى تثير التساؤل:
1- كثرة المسابقات الرياضية وتنوع مواسمها وشد الناس إليها.
2- بعض الرياضات التى تفسح المجال لعٌرى الفتيات كألعاب الجمباز، وكرة السلة، وكرة الطائرة، والسباحة.
3- خلق إعلام مركز بكافة الوسائل الإعلامية على الرياضة.

ولنتساءل لماذا تشكل الرياضة بهذا الشكل خطراً على جيل الشباب المسلم؟
جاء فى البروتوكول الثالث عشر من بروتوكولات خبثاء صهيون: "إن الحاجة يومياً إلى الخبز ستكره الأمميين- غير اليهود- إكراهاً أن يقيضوا ألسنتهم ويظلوا خدمنا الأذلاء، ولكى نبعدها عن أن تكشف بأنفسها أى خط عمل جديد، سنلهيها أيضاً بأنواع شتى من الملاهى والألعاب ومزجيات للفراغ والمجامع العامة وهلم جرا، وسرعان ما سنبدأ الإعلان فى الصحف داعين الناس إلى الدخول فى مباريات شتى من كل أنواع المشروعات كالفن والرياضة وما إليهما، هذه المتع الجديدة ستلهى ذهن الشعب حتماً عن المسائل التى سنختلف فيها معه، وحالما يفقد الشعب تدريجياً نعمة التفكير المستقل بنفسه سيهتف جميعاً معنا لسبب واحد هو أننا سنكون أعضاء المجتمع الوحيدين الذين يكونون أهلاً لتقديم خطوط تفكير جديدة".

8- فى المجال الفنى:
كما كان الحال فى المجال الرياضى، يخطىء الكثير من الناس فهم النظرة الإسلامية للفن، والنظرة إلى الواقع السىء هى التى تحكم رؤيتهم للفن ورسالته فى الحياة، وهذا- بلا ريب- خطأ جسيم، إذ لا يصح أن يتوارى الحكم الشرعى فى ظلمات الواقع الكئيب، بل الواجب تغيير هذا الواقع إلى حال تتناسب وأصل النظرة الإسلامية الصحيحة.

والحق أن الإسلام لا يعارض الفن، إن كان راقياً منضبضاً، يدعو إلى الفضيلة، ويحض على القيم النبيلة، ويروح عن النفس ترويحاً بريئاً، يقول ﴿ص وآله﴾: (إن من أفضل الأعمال عند الله تعالى إدخال السرور على قلب امرىء مسلم).
وقال الإمام علىّ كرَّم الله وجهه: (إن القلوب تمل كما تمل الأبدان، فابتغوا لها طرائف الحكمة).. وقال أيضاً (روحوا القلوب ساعة بعد ساعة، فإن القلب إذ أكره عمى) (كشف الخفا للعجلونى، وإتحاف السادة المتقين، وتذكرة الموضوعات للفتنى).

على أن الفن فى حقيقته ليس مجرد ترويح وترفيه بل هو من أخطر وسائل صياغة الأفكار والتوجهات فى المجتمع، إذ يمكن للوحة فنية واحدة أن تعبر عن قضية ما وتسلط الأضواء عليها، ويمكن لنشيد واحد أن يلهب حماسة الجماهير ويدفعها إلى نصرة الحق دفعاً... وهكذا فى كافة المجالات الفنية الأخرى.

من هنا نرى أن الإسلام ليس ضد الرياضة والفن بل يحث عليهما ولكن ضمن خطة الوعى الإسلامى التى تنظم أمور الحياة العقلية الروحية، ومن ثم الجسدية لدى المسلم والمسلمة.. إن الإسلام ضد العٌرى والإباحية، وضد إشغال المسلم بأشياء ليست بأهمية الجهاد ضد المستعمرين من صهاينة وصليبيين، وليست كأهمية تغذية الروح بالقيم الإنسانية الراقية التى من شأنها تنظيم تقدم الأمة الإسلامية نحو الأفضل، ونحو الوحدة الفكرية والجغرافية والاقتصادية الشاملة والقوية والتى وحدها القادرة على التصدى لكل بدع اليهود والغرب، ولكل مشاريعهم الخبيثة، ولكل مخططاتهم التدميرية للمسلم وللأمة الإسلامية.

من هنا، سيحرص المجـتمع الإسلامى المنشـود على الاهتمام بهذا المجال، وتقديم فن إسلامى راقٍ ملتزم، بعيداً عن الابتذال والإباحية.

هذه مواصفات المجتمع الإسلامى المنشود، ستصبح حقيقة واقعة حينما يتوفر لها الأساس المتين من الفرد المسلم صاحب العقيدة الصافية، ومن الأسرة المسلمة الصالحة القوية المتماسكة... وبهذا تنهض أمة الإسلام من جديد، وتستعيد مجدها التليد، وتسترد مكانتها الأصيلة، فى طليعة المسيرة الحضارية الإنسانية.
___________________
(1) (وسائل نيل المجد الإسلامى، ص 232).
(2) (الجهاد، للإمام المجدد أبى العزائم، ص12).
(3) (مسند عمر بن الخطاب للسهروردى 1/122).
(4) (النجاة فى سيرة رسول الله، للإمام أبى العزائم، ص788).
(5) (مجلة الإسلام وطن عدد 147، مقال الصوفية والتصوف للإمام أبى العزائم، ص5).
(6) لذلك أفرد السيد أحمد محمد علاء الدين أبو العزائم كتاباً حول هذا الموضوع، تحت عنوان (وسائل بناء البيت المسلم) من أفضل ما كُتب في بابه، طبعة دار الكتاب الصوفي بالقاهرة، وأصله كان سلسلة مقالات في مجلة الإسلام وطن.
(7) (الحقوق الإسلامية، طه عبد الله عفيفى، ص 263،264).
(8) (الإسلام دين الله، للإمام المجدد أبى العزائم، ص 152،153).
(9) (جريدة عقيدتى، العدد 333، ص16).
(10) في البلد الذي نشأت فيه الدعوة الوهابية حيث أشار رسول الله ص وهو في المدينة إلى الشرق وقال: (من هنا يطلع قرن الشيطان): لا تزال هذه الحقوق البديهية منتهكة تحت عنوان (الكفالة) فلا يجوز للمسلم الأجنبي غير المواطن أن يسافر أو يستخرج رخصة قيادة أو يبرم أي عقد إلا بإذن الكفيل، وهذا انتهاك للشريعة الإسلامية التي يدعون تطبيقها (محمد عرفة).
(11) (وسائل نيل المجد الإسلامى، للإمام المجدد أبى العزائم، ص157،158).
(12) نلحظ أن أبا ذر أثر فيه هذا الدرس النبوي أيما تأثير، فقد أصبح أكثر الصحابة شغلاً بمسألة العدل والمساواة، لاسيما في دولة بني أمية، وكم وقف أمام معاوية وصدع بالحق أمام قصره ليسمع الناس كلمة الحق ويخففوا من خوفهم وجبنهم الذي زرعه فيهم معاوية (خال المؤمنين)!
وسواء كان شغف أبي ذر بالحرية والمساواة مكتسباً أو جبلياً: إلا أن هؤلاء هم أصحاب رسول الله بحق، وليس بنو مروان والطلقاء ومدمني الخمر والزناة ورموز الإستبداد.
(13) (قضايا عصرية: ص215).
(14) (وسائل نيل المجد الإسلامى، ص18.-183).



#محمد_عبد_المنعم_عرفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأمة الإسلامية.. عوامل الضعف وأسباب النهوض [2] السيد محمد ع ...
- الأمة الإسلامية.. عوامل الضعف وأسباب النهوض
- الإسلام دين الله وفطرته التي فطر الناس عليها [8]
- عبادة الملائكة الروحانيين.. [2] الصوم كما يراه الإمام أبو ال ...
- يهود أم حنابلة ؟!! [5] السيد محمد علاء الدين أبو العزائم
- يهود أم حنابلة ؟!! [4] السيد محمد علاء الدين أبو العزائم
- يهود أم حنابلة ؟!! [3] السيد محمد علاء الدين أبو العزائم
- يهود أم حنابلة ؟!! [2] السيد محمد علاء الدين أبو العزائم
- يهود أم حنابلة ؟!! [1] السيد محمد علاء الدين أبو العزائم
- أدعية الغفران في شهر القرآن للإمام أبي العزائم - الجزء الثان ...
- الإسلام دين الله وفطرته التي فطر الناس عليها [7]
- الإسلام دين الله وفطرته التي فطر الناس عليها [6]
- الإسلام دين الله وفطرته التي فطر الناس عليها [5]
- الإسلام دين الله وفطرته التي فطر الناس عليها [4]
- الإسلام دين الله وفطرته التي فطر الناس عليها [3]
- الإسلام دين الله وفطرته التي فطر الناس عليها [2]
- الإسلام دين الله وفطرته التي فطر الناس عليها [1]
- رسائل إلى السيد كمال الحيدري [5] التصوف سبيل وحدة الأمة
- عبادة الملائكة الروحانيين.. [1] الصوم كما يراه الإمام أبو ال ...
- أدعية الغفران في شهر القرآن للإمام أبي العزائم - الجزء الأول


المزيد.....




- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...
- أسئلة عن الدين اليهودي ودعم إسرائيل في اختبار الجنسية الألما ...
- الأحزاب الدينية تهدد بالانسحاب من ائتلاف نتنياهو بسبب قانون ...
- 45 ألف فلسطيني يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى ...
- استعدادا لذبحها أمام الأقصى.. ما هي قصة ظهور البقرة الحمراء ...
- -ارجعوا إلى المسيحية-! بعد تراكم الغرامات.. ترامب يدعو أنصار ...
- 45 ألفا يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى
- الأتراك يشدون الرحال إلى المسجد الأقصى في رمضان


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد عبد المنعم عرفة - الأمة الإسلامية.. عوامل الضعف وأسباب النهوض [3] السيد محمد علاء الدين أبو العزائم