أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مازن كم الماز - الفصام المعاصر للهوية * الإسلامية















المزيد.....


الفصام المعاصر للهوية * الإسلامية


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 5206 - 2016 / 6 / 27 - 18:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الفصام المعاصر للهوية * الإسلامية

مقدمة لمقال العفيف الأخضر "لماذا العودة ( أو الردة ) إلى الإسلام القديم ؟"
هارالد بيير أرنسن - 2002

"النبي الحقيقي لم يكن فقط رجلا ذا قدرات خارقة يقوم بالمعجزات . كان في الأساس رجل دولة و مشرع قوانين" ابن خلدون - ماكيافيلي الإسلام
"أظهرت التجربة كيف تعمل هذه القوى الثقافية الفاعلة لكن المتعاكسة ( المتناقضة ) : يرسل الإعلام المسموع و المرئي رسائل دنيوية تضعف فكرة "الإسلام هو الحل" . جاذبية الثقافة الاستهلاكية , إغراء الأحذية الرياضية و الأفلام "المصنوعة في الولايات المتحدة" يسحر الكثير من الشباب الذين يراهن عليهم القادة الأكبر سنا . لكن الأكثر رعبا هو التقليد المحلي ( المحاكاة المحلية ) مثل موسيقا شمال أفريقيا الهجينة من موسيقا عربية و موسيقا الرول و التي تسمى بالراي . أكثر فأكثر نسمع أصواتا إسلامية تتساءل : ربما كل ما يمكننا أن نقوم به هو شن حرب في مؤخرة العدو . أليس صحيحا أن منجزاتنا اليوم محكوم عليها بالموت في حرب الاستنزاف مع عدونا" . إيمانويل سيفانين , "لماذا لا يتغلب الإسلاميون الراديكاليون على حكوماتهم ؟" .

في كتاب ألبرت حوراني "تاريخ الشعوب المسلمة" نقرأ الكلام التالي عن الحياة في المدن الإسلامية في القرون ال11 حتى ال 15 : "النساء اللواتي كن يقمن بأي نشاط كن أساسا نساء الأسر الفقيرة . أما إذا كانت العائلة غنية , محترمة و قوية بما يكفي , فكانت تعزل نساءها في قسم خاص من المنزل يسمى قسم الحريم ( الحرملك ) , أو خلف الحجاب عند خروجهن إلى الشوارع و الأماكن العامة . المفتي المالكي المصري ابن الحاج ( ولد عام 1336 ) قال أن النساء يجب ألا يخرجن لشراء الأشياء من السوق , لأن ذلك قد يؤدي إلى وقوع أفعال غير حميدة إذا اختلطن بالباعة : "بعض سلفنا الصالح ( اللهم ارض عنهم ) قال أن المرأة يجب ألا تخرج من بيتها إلا في ثلاث حالات فقط : لتذهب إلى بيت عريسها , و إذا مات أحد أبويها , و إلى قبرها" . لكن لم يوجد أحد "صالح" إلى هذا الحد . لذلك أمكن لفيليب حتي أن يكتب عن فترة أبكر في كتابه تاريخ العرب "غالبا ما جرى التساهل مع شرب الكحول سواء في المجالس الخاصة أو مع الأصدقاء .. منع تناول الكحول , و هو أحد الأشياء الخاصة بدين الإسلام , لم يطبق بالفعل أكثر مما طبق تعديل الدستور الأمريكي في القرن الثامن عشر ( الذي منع أيضا تناول الكحول - المترجم ) : حتى الخلفاء , الوزراء , الأمراء , و القضاة , لم يكترثوا كثيرا لذلك الحظر الديني" . اليوم أيضا , كثير من الحجاج في طريق عودتهم من مكة بعد إنهاء طقوسهم الدينية المنهكة هناك كرمي الحجارة على تمثال يرمز للشيطان في منى , يمرون على دبي ليرضوا رغباتهم الدنيوية للويسكي و بقية الرموز المعاصرة لحكم تعرفون من . لكن ألم يكن نبي الله هو أيضا تاجرا و مؤسسا لامبراطورية تجارية ؟
و لكن ... "مثلا , في مايو أيار 1942 قاد شيوخ جمعية الغرة و جمعية الهداية الإسلامية مظاهرات حاشدة في دمشق ضد النساء اللواتي يكشفن عن وجوههن أمام الناس و يسرن في الشوارع و هن يتأبطن أزواجهن و يذهبن إلى السينما" ( فيليب خوري , سوريا و الانتداب الفرنسي : سياسة القومية العربية 1920 - 1945 , لندن , 1987 ) . و هناك حادثة أخرى أيضا , و لو أنها أقل شأنا . في 1967 في سوريا البعثية ظهر مقال في مجلة جيش الشعب بعنوان "وسائل خلق الإنسان العربي الجديد" جاء فيه "الله , الدين , الإقطاع , الرأسمالية , الاستعمار , و كل القيم التي سادت في المجتمع القديم ليست إلا مومياءات في متحف التاريخ , و الإيمان المطلق بقدرة الإنسان يجب أن يكون هو القيمة الوحيدة" . اندلعت بعد ذلك أيضا مظاهرات قمعت بكل وحشية , لكن كاتب المقالة المستفزة حكم عليه أيضا بالسجن مدى الحياة . و في السنوات الثلاث التالية بنت الحكومة مساجد أكبر مما فعلت في الثلاثين سنة الماضية . و بعد ثلاث سنوات كانت الكلمة السرية لبدء حرب تشرين أكتوبر 1973 ضد دولة إسرائيل الصهيونية هي كلمة "بدر" , في إشارة إلى المعركة التي نجح فيها محمد في تأسيس سلطته على الكفار ( غير المؤمنين به ) . وصف الأسد تلك الحرب بأنها جهاد ضد "أعداء الإسلام" و وصف القوات السورية بأنهم "جنود الله" . و في 1975 كتبت سيلفيا حليم في مقدمة طبعة جديدة من كتابها أنطولوجيا القومية العربية "لقد أصبحت الصلاة جزءا من دعاية القادة الاشتراكيين في ليبيا , و مصر و سوريا .. الذين يقولون أن الإسلام هو وحده الجدير بالثناء من بين كل النظريات ( العقائد )" . نقرأ في مجموعة خطب كتبها معمر القذافي و أقرب رفاقه ابراهيم البيشاري في عام 1973 أن "لفكرة الجهاد صفة مادية و أخلاقية , هو الجهاد بالكلمة . أما الجهاد بالسيف , في سبيل الله , و بكل الوسائل , فيجب أن يحكم علاقتنا بالعالم الخارجي لكي ننشر رسالتنا . يقول الإسلام أنه يجب أن نوقف القتال فقط في حالة الهدنة ( وقف إطلاق النار ) أو المعاهدة ( الاتفاق المشترك ) و أنه يجب أن يتوقف فقط لفترة قصيرة تحدد سلفا , و عندما يصبح المسلمون أكثر قوة يجب استئنافه فورا" . هذا ليس إلا الإسلام التقليدي نفسه . لفهم إيديولوجيا الإسلام من الضروري أن نفهم أن النبي التاجر محمد كان أيضا الأب المؤسس للامبراطوريات العالمية .
نشر مقال "لماذا الردة إلى الإسلام القديم ؟" , لأول مرة قبل عقدين في أحد أعداد مجلة خماسين , مجلة الاشتراكيين الثوريين في الشرق الأوسط الذي كرس لمسألة "السياسة و الدين في الشرق الأوسط" . كان ( كاتبه ) العفيف الأخضر قد نشر في لبنان قبل ذلك نقدا سياسيا للدين , و شارك في كتابة 24 موضوعة عن أيلول الأسود ( سحق حركة المقاومة الفلسطينية في الأردن على يد قوات الملك حسين عام 1970 ) مع مصطفى خياطي , الكاتب التونسي لبعض المؤلفات المواقفية ** مثل الصراع الطبقي في الجزائر و كراس "عن فقر حياة الطالب" الذي أصبح مشهورا اثناء مايو أيار 1968 في فرنسا . نص العفيف الأخضر الذي كتب عام 1981 ليس معاصرا بما يكفي , لكنه يساعد في فهم الواقع اليوم , ليس فقط في العالم "الإسلامي" الذي لم يكن عالما واحدا أبدا , بل أيضا للكثيرين ممن يعيشون في مجتمعات تطورت فيها العلاقات الاجتماعية الرأسمالية إلى أبعد حد . إن سؤال لماذا العودة إلى الإسلام القديم قد أصبح موجودا في خلفية الكثير من الظواهر المختلفة لكن المرتبطة ببعضها البعض . سمها "العولمة" , الهجرة , أو 11 سبتمبر , "الليبرالية الجديدة" ( النيوليبرالية ) , الحرب , الفقر , الاستغباء أو الاستلاب , العنصرية , "قواعد الأخلاق" , العلمنة , التسليع , تحرر المرأة . الأكيد أن عالما قديما يتهاوى و أن عالما جديدا لا يعرف إلى أين يسير أو أنه لم يولد حتى . ينهي العفيف الأخضر عرضه التاريخي عندما كانت إيران ما تزال بعد في المرحلة الأولى من الخمينية , التي تربطنا زمانيا ببداية الحرب الأفغانية , و الحرب العراقية الإيرانية 1980 - 1988 . حرب بين أسوأ منتجين للقومية القديمة لحزب البعث العربي و القومية الدينية العائدة إلى الحياة ( التي , حسب كلمات العفيف الأخضر نفسه , "عليها أن تهنئ نفسها لأنها لحقت أخيرا بأوروبا محاكم التفتيش بعد تأخير خمسة قرون" ) , كلاهما يقدسان نفس الشيء : الماضي المجيد . ماذا ننتظر من "حركات تحرر" تشير دائما إلى الكبرياء المجروح لماض امبريالي ؟ لا علاقة للامبراطوريات بالتحرر من الاضطهاد و الاستغلال . التاريخ الماضي هو تراجيديا الحاضر . ليس فيه أي تاريخ أو مستقبل قد يريد أي إنسان أن يعيشه اللهم إلا رجال الدولة "العظام" . السلام الأمريكي و السلام الإسلامي لا يختلفان عن بعضهما البعض . فالسلام الإسلامي ليس إلا تاريخ قديم من الاستغلال و الاضطهاد و العبودية . و قد أدى التركيب الطبقي المحدد لمعظم المراحل التاريخية الرئيسية لهيمنة الإسلام , الناتج جزئيا عن تطور التاريخ المحلي , و جزئيا عن تأثير الكولونيالية ( الاستعمار ) و الرأسمالية المعولمة , أدى لجعل الطبقات الاجتماعية التي تتبنى الإيديولوجيات الفاشية قوية و الطبقة العاملة ضعيفة . إن جاذبية أشخاص مثل موسى النيلي و حيدر ( الشجاع ) , المعروفين بشكل أفضل باسمي هتلر و موسوليني , لم تكن فقط نتيجة لإقامة دولة استعمارية استيطانية هي إسرائيل . لقد سبقهم صف طويل من الجزارين ( الجلادين ) - المخلصين ( المنقذين ) , حيث ما يزال تأثير قيم الشرف و العار و غيرها من القيم "الذكورية" و ما يزال الاحتفاء بالخضوع , قويا جدا . لكن لا يوجد شيء حتمي إلى الأبد بهذا الخصوص . كل ذلك هو نتاج للقمع , سواء بالكلمة أو بالسيف . و يجب أن نضيف أننا نتحدث هنا طوال الوقت عن أقلية , قوية و صاخبة ( مرتفعة الصوت ) تسيطر على "غالبية صامتة" تحاول أن تعيش حياتها بأفضل ما تستطيع . الإسلام يستعبد , أولا و قبل أي شيء آخر , المسلمين أنفسهم . و إنها تلك الأنظمة السلطوية نصف "العلمانية" ( أو العلمانية المزيفة ) هي التي جعلت هذا الأمر ممكنا اليوم . ***
فشل القومية العربية في تحقيق وعودها , التي لم تكن وعودا كبرى في الأساس , سواء كانت الناصرية أو البعثية , هي عامل مهم في تحليل العفيف الأخضر التاريخي . قد يفاجئ الكثيرين كلام العفيف الأخضر عن أن الكثيرون رأوا في العربية السعودية و بترودولارها , أنها تمثل تحدي "للغرب" , إن لم يكن للرأسمالية . كان ذلك الوقت الذي بدأ فيه السعوديون و الإماراتيون بناء المدارس و المساجد و بقية المؤسسات الدينية حول العالم لمواجهة النفوذ المتزايد لإيران الخمينية . نرى هنا بداية ما يمكن أن نسميه العولمة الحقيقية للهوية الإسلامية , حيث جرت إلى هذه الدائرة أجزاء من العالم لم تعرف من قبل مثل هذا التكاثر للدوغمائية المتعصبة , رغم أنها مناطق مسلمة بالاسم . يجب أن نذكر أن هذا أيضا كان يعني مواجهة التأثيرات الوثنية القوية تقليديا داخل الإسلام الشعبي , خاصة في الريف . أصبحت إيديولوجيا الدولة : إسلام الشريعة الدوغمائي "النقي" , و الفقه السني العالمي , اصبحت هي الإيديولوجيا المركزية . الإسلام هو بشكل متناقض , أكثر الأديان علمانية ( و يشترك في الكثير من هذه الخصائص خاصة مع اليهودية و مع إنجيل العهد القديم في هذا ) , و عناصره الشعبية و النخبوية هي تحديدا ما يريد دعاة الهوية الإسلامية أن يتخلصوا منها , بحيث لا يبقى منه إلا التشريع . و هذا لا يمكن أن يخلق أي نظام , بل فوضى دموية , في العقول كما في الواقع , و هذا تناقض آخر مهم . بتأكيدها على العودة إلى الأصول و زرع الدوغما ( الإيمان الأعمى ) منذ عمر مبكر , لا يمكن التقليل من شأن "المدراس" في بناء بنية تحتية إسلامية معولمة . من المدهش أن ثلثي أطروحات الدكتوراة في السعودية مع بدء الألفية الجديدة في مجال "الدراسات الإسلامية" . ماذا سيفعل هؤلاء الطلاب بعد أن ينهوا "دراستهم" , عدا عن إخوتهم الأكثر فقرا في كل مكان ؟ كما كانت المدن الجامعية التقليدية ( المحافظة ) ساحات قتال رئيسية للإسلاميين منذ وقت طويل . كتب ديليب هيلو أن "دراسة حالات 1384 أصولي سوري سجنوا بين عامي 1976 و 1981 كشفت أن 27,7 % منهم كانوا طلاب جامعة أو مدارس عليا و 13,3 % منهم كانوا أصحاب مهن عليا , تتشابه هذه الأرقام مع الوضع في مصر حيث كانت هذه النسب هي 40 % و 6 % على التوالي" ( الأصولية الإسلامية , 1988 ) . كثيرون منهم كانوا أعضاء في بيروقراطية الدولة , أساتذة أو عاطلين عن العمل . حماس , المنتج الفلسطيني الإخواني كانت لوقت طويل فصيل غير مقاتل داخل حركة المقاومة الفلسطينية , و استخدمت ذلك الوقت لتسيطر على مؤسسات التعليم . أو بحسب بسام الطيبي : "بالتوازي مع إرثهم التاريخي الموصوف سابقا وضع إسلاميو عصرنا هدف السيطرة على مؤسسات التعليم على رأس أجندتهم . في الجزائر مثلا , سبقت سياسات "التعريب" التعليمية صعود الإسلام السياسي . و بنفس الطريقة , اتبع الأصوليون الأتراك سياسة أسلمة الثقافة على رأس أولوياتهم" . شرائط الكاسيت أو بشكل أقل شرائط الفيديو كانت لوقت طويل وسيلة شائعة لنشر "الرسالة" . من "الكلاشنيكوف إلى آلة التسجيل" كما يقول القول الدارج . و كما دائما , كان وضع المرأة هو ساحة القتال الرئيسية مع قوى العلمنة القوية , و هو جانب مهم يجب ألا يهمل , و ملجأ قوى الردة الرجعية . "بالحياة وفق قواعد القانون الإلهي , يتعلم الإنسان كيف يصير حرا" , حسب تعبير بروهي وزير العدل و الشؤون الدينية الباكستاني السابق , الذي يذكرنا بما قاله تروتسكي يوما عن أن العبودية و "الاشتراكية" لا يتعارضان بالضرورة , و أيضا بليفيثيان **** فيلسوف القرن 17 الانكليزي توماس هوبز . لكي نذهب أعمق في هذا المجال نحتاج إلى دراسة المجتمعات و التاريخ الذي تعمل في إطاره هذه الهوية الإسلامية و القوى العالمية الاقتصادية الاجتماعية . بما في ذلك الدراسات الثقافية . ستكشف هذه أيضا القوى التي تصارع ضد العودة إلى إيديولوجيات قديمة و جديدة غير قابلة للحياة , سواء من "الشرق" أو "الغرب" . وتبقى قضية تحرر المرأة مركزية هنا و يبدو أنها هي ما سيهز هذا الصرح من أعمق جذوره . هناك شيء من الحقيقة في قول المغربية فاطمة مرنيسي : "لا يعارض النظام الإسلامي المرأة بقدر ما يعارض الجنسين معا . ما يخشاه هو نمو العلاقة بين الرجل و المرأة إلى حب جارف , يشبع الحاجات الجنسية و الشعورية و الفكرية للشريكين . إن مثل هذه العلاقة تشكل تهديدا لعلاقة الإنسان بالله ( ارتباطه به ) , الذي يجب أن يعني خضوع كل طاقات الإنسان و فكره و مشاعره لله" .
أم أنه علينا أن نقول , خضوعه للحكام الأرضيين الدنيويين . هذا ليس كل ما يمكن أن يقال عن هذا الموضوع . لكنه يدلنا عن أن هذه الإيديولوجيا تقمع الذكور أيضا و قد يدلنا أيضا كيف ستنجح قوى العلمنة , ربما في تحالف غريب مع التيارات الأكثر روحانية , الخارجة عن السائد و حتى الوثنية داخل الثقافة الإسلامية , مع التفسيرات المجازية الخاصة و النفعية "لكلمات الله" , التي أصبحت هي أيضا كل ما تبقى اليوم مما كان يسمى بالمسيحية ذات يوم . سيحتاج الأمر لمئات السنين لإضعاف هذه القوة القمعية القوية اليوم . آخر شيء ستحتاجه هو ذلك الشيء الذي سيحل محلها .
رصد جيرمي سيبروك ظاهرة مثيرة للاهتمام في مقاله في الغارديان ( 20 ديسمبر 2002 ) بعنوان "صنع المتطرفين : الشباب ذوي الأحلام المحطمة في الحصول على عمل يتحولون إلى الأصولية" . قال فيها "إنك تراهم في كل مكان في شوارع دكا و جاكرتا و كراتشي , شباب يحملون شهادات عليا : ماجستير في إدارة الأفراد , أو دبلوم في الإدارة , أو شهادة عليا في التسويق . تقابلهم في الباصات حيث يتعارك الركاب , و الحدائق المغبرة , و البيوت التي يأكلها الذباب , و هم يحملون نسخا عن بياناتهم الشخصية في ملفات بلاستيكية . في طريقهم من منزل لآخر , ليعلموا أطفال الطبقة الوسطى . هؤلاء هم ممثلو الفئة العاطلة عن العمل لجيل شب على وعد أنه بمجرد أن ينهي دراسته لأي شيء يخص سوق العمل سيجد عملا إداريا على الفور براتب كبير و أمان أكثر حتى مما توفره الوظيفة الحكومية . لقد استولت ثقافة البزنيس على مخيلة الشباب في كل العالم . أعطت آمالا جديدة لجيل تغير ما كان يتوقعه من الدراسة بسبب وعود الحصول على الثروة . إنهم يحملون كتبا طبعت في الولايات المتحدة , يحفظون ما فيها عن ظهر قلب . كثيرون منهم جاؤوا من عوائل فقيرة , من مدن صغيرة أو قرى نائية , باع أغلبها أرضهم الثمينة أو استدانوا ليؤمنوا حياة أفضل لأولادهم . تعني الدراسة في العاصمة بالنسبة لهم طريقا إلى المزيد من الهيبة - بعدهم عن مسقط رؤوسهم يزيد من قيمتهم كما يبدو , مهما كان مشروع دراستهم الأكاديمية تافها , أو مؤسستهم الأكاديمية" .
على عكس الحكايات الخرافية , نادرا ما تنتهي هذه الشيميرا ***** الجديدة نهاية سعيدة . إن الناس الذين نتحدث عنهم و الذين علقوا في هذه الشبكة الإسلامية بينما كانوا يبحثون عن مستقبل ما في جنون الفساد المعاصر جدا , يخبرنا هذا الكثير عن مستقبل هذه الهوية الإسلامية . فليس هناك اي شيء يمكن أن تقدمه إلا ما يذكر في المقطع الأخير من شعار الإخوان المسلمين , أي "الموت في سبيل الله هو أقصى أمانينا" . عكس ما يريد الإعلام الغربي منا أن نعتقد تحت تأثير خداعه و استغبائه من قبل الدعاية الإسلامية , من أنهم كائنات بشرية من لحم و دم نشأوا على الإيمان بالإسلام , فهؤلاء يخشون الموت و يحبون الحياة مثلنا جميعا . ستزول الهوية الإسلامية و تفسح الطريق أمام أولئك الذين يريدون حياة و عالما لا تسيطر عليها قوى اجتماعية استغلالية و قمعية . يبدو المستقبل أقرب لموسيقى الراي و شباب القبائل المتمردين منه إلى كهوف أفغانستان .
المدافعون عن الهوية الإسلامية يخوضون حربا لا يمكن أن يكسبوها على المدى البعيد . آخر المعارك اليائسة قبل أن تداهمهم حقائق العالم المعاصر , للأسوأ أو للأفضل . قبل أن تداهمهم قوى الانعتاق من جهة و قوى التسليع من جهة أخرى . كان العفيف الأخضر على حق عندما قال "على العكس مما تزعمه الدعاية الإسلامية , و ما يؤمن به الكثير من اليساريين الغربيين , لا تمثل إيران اليوم إحياءا للإسلام , بل أغنيته الأخيرة ( ما قبل الموت ) , ما عدا أنها تخلو من اي جمال" . يبقى أن نسأل كم من الوقت ستستغرق رقصة الموت هذه , و كم من الألام ستخلف , و كم من الوقت ستتمكن من تعطيل ظهور الظروف الضرورية لبدء صراع طبقي تحرري حقيقي . أما مسألة لماذا ظهرت من الأساس فإنه قد يحتاج إلى مجلدات للإجابة عليه .

هارالد بيير أرنسن - ولد في أوسلو - النروج , أناركي نقابي و أناركي شيوعي

* Integralism
هكذا وردت في عنوان المقال , ترجمتها الحرفية التكاملية , و هي إيديولوجيا أو دوغما تعتبر الشعب "بنية عضوية" واحدة , و ترفض فكرة التناقض "الطبقي" أو غيره داخل الشعب , و ترى أن أفضل حكم لهذا الشعب هو حكم مؤسساته التقليدية التي تستمد شرعيتها من "ثقافته" و تاريخه" المشترك , من ماضيه , و ترى الدولة الوطنية أو دولة الأمة على أنها غاية وجود الأمة و ليست وسيلة لتحقيق الرفاه للشعب أو للأمة : على الشعب أن يخدم دولته و يضحي في سبيلها و لمجدها .. ظهرت حركة إحياء كاثوليكية في القرن التاسع عشر رفضت الفصل بين الكنيسة و الدولة و طالبت بإخضاع الدولة لسلطة البابا و الكنيسة و هاجمت النزعات العلمانية و الإنسانية , برزت في نهاية القرن التاسع عشر و أول القرن العشرين , عندما أدان البابا يومها أفكار النهضة و الحداثة قبل أن يتخلى عنها الفاتيكان في وقت لاحق ... كما ظهرت أشكال "وطنية" منها , فرنسية و برتغالية و برازيلية الخ , كانت أقرب إلى الفاشية ..

** المواقفية أو أممية صناع المواقف : أممية سياسية فكرية راديكالية ظهرت في خمسينيات و ستينيات القرن الماضي , طورت الماركسية باتجاه تحرري معادي للبيروقراطية الستالينية و للديمقراطية البرجوازية , لعبت أفكارها و شعاراتها دورا مهما في ثورة 1968 في فرنسا و غيرها , ككل السلطة للخيال , امنع المنع , متعة بلا قيود , كن واقعيا و اطلب المستحيل , الخ

*** هناك فكرة خاطئة جدا عن أن ما تسمي نفسها بالأنظمة العلمانية قد حاربت إحياء الإسلام أو الصحوة أو صعود الإسلام السياسي ( كلها أسماء مختلفة لوصف نفس الظاهرة ) ... من مصر عبد الناصر , و أكثر طبعا في مصر السادات , و أيضا سوريا الأسدين ( الأب و الابن ) و عراق قادسية صدام , إلى ليبيا الأخ العقيد , استخدمت الديكتاتوريات الأمنية العسكرية ( التي تركزت فيما بعد حول عائلة الرئيس أو الزعيم ) الإسلام و رجال الدين لصالحها , أما ما قمعته فكان تلك الأقسام من المؤسسة الدينية التي لم تخضع لها دون قيد أو شرط .. علاقة سعيد رمضان البوطي بنظام الأسد في سوريا لا تختلف بشيء عن علاقة ابن باز في السعودية بنظام آل سعود .. و حاولت هذه الأنظمة أن تسترضي دائما رجال الدين بتجريم أي نقد مباشر أو غير مباشر أو أي نقاش جدي حول تفسير رجال الدين المغلق للنص الإسلامي .. مثلا يقول عمر عبد الحكيم في كتابه الثورة الإسلامية الجهادية في سوريا عن الفترة الأولى من حكم الأسد الأب , و التي تصح إلى حد كبير أيضا عن السنوات القليلة السابقة على اندلاع الثورة السورية من حكم الأسد الابن :
"استمرت هذه الكتل الإخوانية ولاسيما جناح التنظيم الدولي بعملها الدعوي المسجدي كما استمرت الكتل والأحزاب والجماعات والهيئات الخيرية الإسلامية بنشاطها الدعوي ، وشهدت السبعينات ومطلع الثمانينات حركة دعوية مسجدية ذاخرة كونت كادرا شابا لا يستهان به للحركة الإسلامية ، فعمرت المساجد وقامت الحلقات والخطب والرحلات الدعوية وامتدت ظاهرة الحجاب واتخاذ اللحى في أوساط الشباب ولاسيما الطلاب وأصبحت الحركة وقد فرضت نفسها على المجتمع"

**** الليفيثيان : وحش بحري خرافي ذكر في العهد القديم .. جعله هوبز ( 1588 - 1679 ) عنوانا لكتابه في الفلسفة السياسية , الذي كتبه أثناء الحرب الأهلية الانكليزية بين البرلمان و الملك , و الذي دعا فيه إلى "عقد اجتماعي جديد" لإقامة حكم مطلق , معتبرا أن الحرب الأهلية هي الحالة الوحشية الطبيعية للمجتمعات ( حرب الجميع ضد الجميع ) و يمكن فقط تجنبها بإقامة حكم مطلق

***** الشيميرا : وحش أسطوري إغريقي , يطلق النار من فمه , يتألف جسده من أعضاء مختلفة من الأسد و الأفعى و الماعز , يعتبر رمزا للقوة السحرية الهائلة الوحشية المنفلتة

نقلا عن
http://www.anarkismo.net/article/948



#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا دولة ديكتاتورية علمانية أو دينية ! بل مجتمع حر دون دولة ! ...
- الخميني و -أولوية الروح- لمكسيم رودنسون
- الكذب
- تسقط مكونات الشعب السوري , تسقط طوائف الشعب السوري , يسقط ال ...
- أسطورة الفاتح أو المنتصر - ماكسيم رودونسون
- رسالة مفتوحة إلى الرفاق الاشتراكيين الأممين * - 27 سبتمبر 19 ...
- قبر لينين - بوريس غرويس ( 1986 )
- فانيا كابلان , التي حاولت اغتيال لينين
- مرض اليسارية الطفولي للينين ... و الأممية الثالثة , للشيوعي ...
- من تاريخ الشمولية المعاصر : قانون التمكين 1933
- عندما تقودنا الهمجية
- نقد الأرض و السماء بين الرفيق سلامة كيلة و الراحل العفيف الأ ...
- قف ! اقرأ ! و فكر ! الثوار الماخنوفيون
- نهاية هنري يوغودا - لفيكتور سيرج - 1938
- الصراع السني الشيعي مرة أخرى
- الأناركيون و الحرب الفرنسية الجزائرية - واين برايس
- نداء مجموعة برافدا العمال ( حقيقة العمال ) 1922
- حوار أخير مع صديقي الإسلامي السوري ع
- هيا لننتقد أوباما
- يوم سوري عادي


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مازن كم الماز - الفصام المعاصر للهوية * الإسلامية