أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نهاري عبد القادر - الواقع الثقافي في العالم العربي بين العلم والدين















المزيد.....

الواقع الثقافي في العالم العربي بين العلم والدين


نهاري عبد القادر

الحوار المتمدن-العدد: 5206 - 2016 / 6 / 27 - 05:01
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


منذ ما يزيد عن النصف قرن وإشكالية تخلف مجتمعاتنا لا تزال مطروحة على الساحة الفكرية رغم تعدد مشاريع الحداثة في العالمين العربي و الإسلامي فمنها من أوّل ذلك إلى أزمة في المفاهيم الأساسية للحضارة و هناك من أوّل ذلك بكونه نتيجة حتمية لابتعادنا عن قواعد الدين، والظاهر أن هذه المشاريع التي يمكن القول انها قد خانت وعودها بادرت إلينا بالحلول دون أي رؤية واضحة للواقع السائد داخل المجتمع ما جعل الضبابية تستمر في تغطيتها للخلل الرئيسي الذي نعاني منه.
وبالعودة الى مفهوم المجتمع في نظر ايميل ديركهايم الذي يفيد ان " المجتمع يقوم على القوى التي تربط الأفراد بعضهم ببعض فعندما يضعف التماسك الإجتماعي يمرض المجتمع لذا وجب علينا أن نجد العلاج الصحيح لاستعادة ذلك التماسك الإجتماعي الحيوي" نجد أنفسنا امام تساؤل لماهية العلاقة التي تربط الافراد ببعضهم في مجتمعنا؟ ولما هي ليست علاقة تفاهم و تعايش تقودنا نحو تماسك اجتماعي؟ ولماذا هي علاقة تنافر تحتم عليّنا العيش وسط حالة من توتر دائم يخلق الفوضى و الصراع؟
ان محاولة البحث عن اجابات لهذه التساؤلات تقودنا الى البحث في الثقافة التي تطغى على ذهنية الفرد والتي منها يستمد مشروعية أفعاله وعلاقاته فمما لا شك فيه هو أن الدين هو المكوّن الأساسي لهذه الثقافة فالحقيقة التي لا تخفى على أحد اليوم ان الانتماء الديني و العقائدي يشكل محور العلاقة بين الأفراد اذ أنه و لمجرد اختلافات بسيطة في بعض جوانب المعتقد ترى فتيل الصراع بدأ يوقد و يشتعل مخلفا حالة من الصراع التي تفكك ذلك التناسق الاجتماعي بين الافراد الذي يعتمد عليه المجتمع في بناء ركائزه، وهذا يجبرنا على البحث في قضية التعدد و الاختلاف والقبول بالآخر و التي باتت من الواضح انها من المستحيلات وهذا راجع كما قلنا سابقا الى هذه الذهنية التي تركبت عبر التاريخ بفعل الفكر الديني الذي صوّر لنا ان العلاقة بالأخر هي علاقة صراع دائم تحت غطاء الصراع بين الحق و الباطل وان أتباع هذا الدين هم اصحاب الحق مهما ساءت أفعالهم و غيرهم اصحاب باطل مهما كانت إنجازاتهم بدون اي اعتبار للبعد الانساني في الموضوع وهو ما أثر على القوى التي تربط الأفراد بعضهم ببعض ما خلق نوعا من الهشاشة في بنيان الصرح الاجتماعي عندنا.
وكما رأينا في مقالنا السابق فإن جدلية الثقافة و الدين قديمة قدم الانسان والعلاقة بينهما عرفت سجالات طويلة فلا الدين ترك الثقافة و لاهي تحررت من قيوده فبالعودة الى العصور القديمة نجد ان المعتقد شكل نقطة رئيسة في تشكل الوعي الثقافي للإنسان فما خلت حضارة في الشرق او الغرب الا وكان للجانب العقائدي الدور الأبرز في قيامها فحتى نشأة الدول و أساليب الحكم كانت نتيجة رضوخ الثقافة للدين وهو ما رأيناه في الحضارات المتعاقبة من بابل ومصر القديمة واليونان وبلاد الإغريق و حضارة الفينيق وحضارات الصين فكلها عاشت على وقع ثقافات اسست لحكم باسم سلطة السماء، وهذا ليس بالغريب كما قلنا بالنظر الى الجانب الروحي الفطري للإنسان الذي يجبره على الايمان بوجود عالم غيبي يتحكم بالعالم الحقيقي ذلك ان النفس البشرية في أصلها و فطرتها ميالة الى ربط ذاتها بقدرة خفية تقف عاجزة أمامها الا انها تسعى الى ربط علاقة معرفة بها لتستعين بها.
ومع مرور الزمن وتقدم المعارف الانسانية زاد ادراك الانسان بقواعد الوجود و انه مبني على مبدأ السببية وان كل الظواهر انما هي نتائج لأسباب معينة كلما تكررت ادت الى الظواهر نفسها ما دفع بالوعي الانساني المشكل لثقافته بالابتعاد تدريجيا عن التفسيرات الغيبية و الميتافيزيقية، فمع مطلع عصر التنوير الذي بدأ من أوروبا بدأت المجتمعات الغربية في التوجه نحو القطيعة التامة مع الدين وظهرت تيارات تدعوا الى نزع غطاء القداسة على الفكر الموروث و اعادة النظر فيه وفي المنظومة الثقافية السائدة والتي طغى عليها الفكر المسيحي الذي سيطر و لعهود كثيرة على مقاليد الحكم و الفكر فيها ما نتج عنه الكثير من المآسي و الكوارث الانسانية، وبفضل هذه المراجعات نرى الحضارة الغربية اليوم تبني دعائمها على الحريات الفردية بما فيها الحرية العقائدية للأفراد بما يكفل تحقيق المنافع للإنسانية جمعاء في ظل التعايش و التقارب بين الافراد على اختلاف اعراقهم و معتقداتهم.
وللأسف فان اخضاع الأفكار الموروثة المشكلة للثقافة في مجتمعنا للنقد و التجديد لم تجد طريقها الى النور اليوم اذ لازالت مجتمعاتنا تنظر بعين القداسة الى كل ما جاء به الأولون من أفكار واسبغت عليها نوعا من القداسة وان كل من خالفها هو مرتد حاد عن هذا المجتمع الامر الذي أذى الى تشكل ثقافة التعصب وعدم القبول بالأخر ما زعزع وحدة المجتمع وعلاقات الانسجام بين الافراد.
نحن نمر اليوم بمرحلة مهمة في سيرورة حياتنا إذ أصبحنا نرى العالم يسير نحو التقدم في كل الميادين في حين نحن لازلنا لم نرقى بعد حتى الى بناء نسق متماسك فيما بيننا ولازلنا نربط مدى تفاهمنا مع بعضنا او مع ذاتنا بمدى توافقنا على هذا الغيب الموروث عن العهود الغابرة، صحيح ان فكرة الغيب والميتافيزيقا كانت في مراحل سابقة ذات اثر مهم في تشكل الوعي الانساني ولها دور هام في بناء حياته، ففي الازمان الماضية كان العقل الانساني عاجز عن ايجاد تفسير لتلك الخوارق الطبيعية لدا لجأ وبصورة حتمية الى عالم الغيب وما وراء الطبيعة لدا يمكن القول ان الانسان البدائي عاش نوعا من الاتزان الطبيعي بين معتقداته البدائية وواقعه البدائي وهو ما سمح له بأن يعيش حالة طبيعية وهي نفس حالة المجتمعات الغربية التي تعيش الاتزان بين فكرها المتقدم الذي يتوافق ويتماشى مع واقعها المتقدم ايضا ما سمح لها بالعيش حياة طبيعية لكن هذا لا يحدث عندنا اليوم بفعل الاختلال في ميزان الاتفاق بين فكرنا وواقعنا ففي الزمن الذي نرى فيه العالم يتقدم ونعيش أثار العلم وما ينتجه العقل العلمي الباحث والمجدد لنفسه وفق معطيات الوجود متجاوزا الميتافيزيقا وقاضيا على تفسيراتها لازلنا نعيش نحن في ظل الفكر البدائي الذي يتنافى مع هذا الواقع المتقدم ما سبب خللا في حياتنا و عجزا في فهم واقعنا.
إننا اليوم مجبرين على اعادة النظر في ثقافتنا المشكلة لواقعنا، كما انه علينا التخلي عن كثير من الافكار التي نملأ بها عقولنا رغم قداستها وهذه حقيقة واجب علينا اليوم ان نخوض فيها لا ان نهرب من التعاطي معها وان نعلن القطيعة التامة مع كل ما له علاقة بالعقل البدائي لأنه لا يتماشى مع الواقع الحديث للحضارة الانسانية.



#نهاري_عبد_القادر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن أي دعوة إلهية تتحدثون؟
- غزة وأمل السلام المتبخر
- استبداد باسم الإله


المزيد.....




- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...
- الأرجنتين تطلب توقيف وزير الداخلية الإيراني بتهمة ضلوعه بتفج ...
- هل أصبحت أميركا أكثر علمانية؟
- اتفرج الآن على حزورة مع الأمورة…استقبل تردد قناة طيور الجنة ...
- خلال اتصال مع نائبة بايدن.. الرئيس الإسرائيلي يشدد على معارض ...
- تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل ...
- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نهاري عبد القادر - الواقع الثقافي في العالم العربي بين العلم والدين