أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سهيلة عبو - الدولة الإسلامية الحديثة و سؤال الأخلاق عند وائل حلاق - دراسة تحليلية نقدية-















المزيد.....

الدولة الإسلامية الحديثة و سؤال الأخلاق عند وائل حلاق - دراسة تحليلية نقدية-


سهيلة عبو

الحوار المتمدن-العدد: 5205 - 2016 / 6 / 26 - 09:54
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إن ماهية الإنسان أخلاقية و بالتالي يجب التصرف بمقتضاها وخروجه عنها هي خروج عن طبيعته"إن الفرد هو أساس و نواة المجتمع ،و أكثر من هذا يمثل القيم الأخلاقية و الإجتماعية التي يجد الفرد لزاما عليه اقتناؤها طبقا من البديهي أن تكون الدولة الإسلامية أخلاقية في جوهرها ،ما دامت تستمد قوانينها وأحكامها من الشريعة الإسلامية ،وهذا ما تروم إلىيه أطروحة "وائل حلاق".
إن ما يحدد الحكم الإسلامي هو القيم الأخلاقية،فهو يعطي مساحة شاسعة لها ،لأن هذه القيم تمليها الشريعة ،وما على الحكم إلا أن يمتثل للشريعة فيما تمليه عليه.
1-الأركان الخمس:
وفي غياب المجتمع الأخلاقي لا توجد شريعة؛وهذا يعني أن "الشريعة"و"الأخلاق", مرتبطان معا ،وتعود هنا الأصول الأخلاقية إلى تطبيق "الأركان الخمسة للدين الإسلامي"،وهذا معناه تطبيق هذه الأعمال في منحاها الأخلاقي ،وأول هذه الأركان نجد :
ركن "الشهادة"وهو أول ركن في الترتيب ؛الذي يعبر عن وجود نظام أعلى ،كلي القدرة والعلم،خالد، لا ينام ،يعرف تفاصيل الحوادث الدنيوية و الأخروية ...ويدل الشق الأول منها "لا إله إلا الله"على الإستسلام لسلطة عليا ،بمعنى السعي إلى التقرب من الله،أي السعي وراء تلك الصفات التي نرجوها مع تجنب كل ما لا نبغيه ،فالخشية والخوف ليس كله ما يدفعنا إلى فعل الخير ،بل هناك ما يدفعنا إلى فعله ،وذلك عن طريق الرغبة في"حبه ورحمته و كرمه " .
أما الشق الثاني منها"أن محمد رسول الله"؛يروم إلى تعزيز و إثبات العلاقة التي تجمع القوة الإلهية بالواقع العملي للمؤمن،"كما تمثل "الرسالة" المدلول الكامن في الدال وهو محمد (ص)" .
في هذا الصدد ،تحدث" وائل حلاق"،عن الممارسات التعبدية منها "الطهارة "باعتبارها شرطا أساسيا في الإنسان المؤمن ،وهي ترتبط بجسده؛وتشمل أعضاءه و لباسه و المكان الذي ينوي فيه الصلاة.
كما تعد "الصلاة"ثاني ركن بعد "الشهادة"،وهي أعظم و أبهى العبادات الدينية ،تقوم على الصلة التي تجمع العبد بربه،في جو من الطمأنينة و الخشوع و النية و الدعاء إلى الله ،وتتمثل حكمة الصلاة في الحياء و الحشمة أثناء أدائها وذلك عن طريق الإهتمام بالذات و السعي وراء ذلك إلى القيم و المبادئ العليا.
تلعب "النية" دورا مهما في شتى العبادات الدينية منها "الصلاة "،وهي تفكير قبلي لكل فعل ومحلها القلب ،وقد يرافق ذلك نطق لفظي و قد لا يرافق ،وهي ذات الأهمية البالغة ،ويعد عدم الإلتزام بالنية هو إبطال للفعل "لا يكون الفعل عبادة إلا بالنية و القصد" .
يليها ركن" الزكاة "؛"وهي دفع بعض من نماء ملكية الفرد بغرض تزكيتها أو تطهيرها " فكما أن الطهارة تنظف الإنسان من الأوساخ و النجاسة ،كذلك الزكاة ؛فهي تحفظ الإنسان من الدخول إلى النار ،وكذا تزيد من ماله و ثروته و تبارك له فيه ،وقد ألزمها الله على عباده مرة في السنة وهي فرض على كل مسلم ومسلمة .
بعدها يأتي "الصيام"،أي صيام شهر رمضان كاملا إضافة إلى الأيام التطوعية لكسب الأجر ،ويسقط الصيام عن المسافر الذي تدوم رحلته أيام عدة ،و كذا المرأة الحائض و المرضع ...مع تعويضه إما عن طريق القضاء أو الكفارة ...،ويمتد من الفجر حتى غروب الشمس عن طريق الإمساك عن شهوتي البطن و الفرج ،وهو يخص كل مسلم عاقل راشد،وقد تلعب "النية"هنا أساس الصيام "و يعد فشل النية هنا ولو لبرهة باطلا للصوم "
أما" الحج"،فهو آخر الأركان ،وهنا أورد الله استثناء؛أي أنه غير ملزم على ذوي المساكين والفقراء الذين لا يستطيعون إليه سبيلا ،و من له الإمكانيات (المال و الصحة البدنية)،فهو مكلف.
إن الفحوى هنا،هو أن هذه الأركان هي أركان أخلاقية ،وهي اللبنة الأولى للقانون الإسلامي (الشريعة)،وكما يرى "وائل حلاق"أن استبعاد هذه الأركان من الفقه يعني نزع الأسس الأخلاقية للقانون،وحرمانه من أشد دوافع الإلتزام الشرعي قوة و إلزاما.
إن كل ما يهمنا هنا من إدراج هذه الأركان الخمس،هو مدى فضلها على الإنسان كونها ممارسات دينية أخلاقية في جوهرها ،يتشرب منها الإنسان المسلم داخل دولته الإسلامية .
إن ما يوحد الأفراد داخل المجتمعات الإسلامية هو الدين و الأخلاق،هذه الأخيرة تجعل الناس ذاك المركب المتعاضد و المتضامن الذي ينتج عنه أفعال و سلوك خيرة ،و نحن ندعوا هنا إلى إلتزام المسلمين بالأخلاق داخل دولتهم .
مقابل هذا،نجد نخبة من الأفراد/الناس يرون في الأخلاق انحلالا ،إلى درجة أنهم نادوا وطالبو بالتخلي عن كل ما يتعلق بالمبادئ و القيم الأخلاقية بحجة أنها لا صلة لها بالسياسة و الدولة ...لأن هؤلاء في اعتقادهم أن الدولة لا تنهض على الأسس الأخلاقية و إنما تقوم على القوة العسكرية و كذا الاقتصادية ...،و يظنون أن إنهيار الدولة و سقوطها يعود إلى ضعف هاتين القوتين ،وهذا ما نجده في غير الدول الإسلامية ،أي الدول الغربية الحديثة، التي تهتم فقط؛ "بالممارسات التجارية و الأنشطة الإقتصادية" .
عكس هذا المنظور المتجرد من القيم الأخلاقية ،نهض *كونفشيوس*،"ليؤكد ضرورة التزام الدولة و قيادتها بقيود الأخلاق المتينة "لا فرق في ذلك بين الدولة أو الأفراد العاديين في المجتمع ،فالغياب المنوط تحقيقها بالدولة يجعل تحقيقها إلا بوسائل أخلاقية شريفة" .
وأكد *كونفشيوس*,على أهمية القيم الخلقية للدولة ،التي تعمل على تنفيذ كل ما تحتويه الدولة من مؤسسات و منظمات،و سياسة،بطريقة تلائم مكانة الحكم الإسلامي.
يقول *كونفشيوس*:"إن الناس يحتاجون إلى الماء و النار ،و لقد رأيت أناسا كثيرين يموتون غرقا بالماء أو حرقا بالنار ،ولكن ما رأيت قط إنسان مات بسبب تمسكه بقيود الخلق و الفضيلة" .
ما يريد"كونفشيوس "قوله هو أن الجسم يضر كثيرا عند فقدانه الماء و النار ،باعتبارهما أساسيات الحياة، لكن إن فقد هذا الجسم الأخلاق و القيم و الفضيلة فهذا يؤدي إلى إذاية العقل و الروح والوجدان معا .
إن أطروحة* كونفشيوس *تقوم على فكرة جوهرية مفادها أن؛الخلُق هي الطبيعة الأولى في الإنسان و هي فطرته،لكن إن إضمحلت هذه الأخلاق و فسدت ،وقتها سيكون الإنسان قد إفتقد طبيعته المتأصلة فيه،و تاه عن مجراه المعتاد.
و بما أننا في خضم الحديث عن المسألة الأخلاقية ،فيمكننا هنا أن نربط تقدم المجتمع البشري بالأخلاق،بمعنى أن تكون حكومة كل دولة مرتبطة بحكم أخلاقي .
إن الإسلام من هذا المنطلق دينا مجتمعيا لأنه مرتبط بالأخلاق،و عندما نقول مجتمعيا نعني بذلك أنه كان "يرتبط إرتباطا جوهريا بالقيم الأخلاقية لا ينفصل عنها،و كل ما يدخل في إطار ما هو إجتماعي كالتربية الإجتماعية الأخلاقية،و الأخلاق الإجتماعية ؛هي كلها تجمع بين الأخلاق و التربية و القضية المجتمعية " ،وإضافة إلى ما هو إجتماعي ،تتدخل الأخلاق في كل ماهو إقتصادي كالعمل والبطالة ...و هذا ما يمكن تسميته بالإقتصاد الأخلاقي للحكم الإسلامي .
مما لا شك فيه أنه لما تربط الدولة بين الأخلاق و سياستها ،و عندما ترى الأمة /الشعب، حكومتها ملتزمة و متشبثة بالأخلاق ،فإنها تطير بهجة نحو التفاؤل،و بالتالي تندفع إلى السعي نحو تحقيق طموحات الحياة من دون الخوف من الهيئة الحاكمة ،وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على مكارم ومبادئ اللأخلاق الإسلامية.
إن تشعب هذه الأفكار ،تفرز لنا،فكرة أخرى مفادها أن المبادئ الأخلاقية حريصة على تحقيق "غايات الوفاق الإجتماعي و الرفاه الإقتصادي في أوساط جميع المواطنين " .
2- الإقتصاد الأخلاقي:
كل ما يتعلق بدينهم ،فهم انتقلوا إلى الماكن النائية عن الضوضاء و العبث ،حتى يتسنى لهم ممارسة أنماط التعبد "كالذكر الجماعي و قراءة القرآن الجماعية ،حتى يسمعو الغافل و يجلبو العابر ،و ييسروا الحفظ على الأمي" ،و كان التعبد الحقيقي للمغاربة الأخلاقيين في القرنين السادس والسابع يقوم على تجردان؛ "التجرد عن الحظوظ أو المصالح،والتجرد عن الأسباب والوسائل" ،وقذ كان المغربي الأخلاقي يسموا عن كل المنافع و المصالح ،وذلك من أجل الإنغماس و الإنكباب في الأجواء الروحانية،وكانوا كبار الشيوخ عندهم يحاربون الكسل لا سيما عن تلاميذهم ،الذين كانوا يطالبونهم باتخاذ الحرف كالتدريس والتجارة و الزراعة ،وما كان يؤدي بهؤلا
ء التلاميذ إلى الخمول هو إعتقادهم في أن العمل لا يجلب الرزق ،وإنما الله وحده هو الذي يرزق ،وهذا لأنهم لم يقتنعوا ما يسمى بالمجهود و العناء النفسي و الجسدي ،و نصيب هذا في كسب الرزق. يتأسس الحكم الإسلامي حسب "وائل حلاق"،على الإقتصاد الأخلاقي ،ونجد أن هذا الإقتصاد "تأسس مع القرآن ؛لأنه هو المؤسس للإسلام ،وثقافته و عالمه المادي" ،إضافة إلى إسهامات السنة النبوية و الشريعة في تأسيسه وقيامه.
مادامت أبنية الحكم الإسلامي متينة و صلبة، فإنها تستمد جذورها من القيم الأخلاقية ،وهناك حقيقة تؤكد على قوة هذه الأبنية ،وهي أن الإستعمار الأوروبي بكل قوته لم يتجرأ على نزع هذه الأبنية الإقتصادية و تفكيكها ،وهذا لأنها في الأصل مبنية على "قواعد و قوانين و قيم شرعية" التي تلم بها الشريعة ،و بالتالي أصبح هاجس هذا الإستعمار هو إستئصال الشريعة من هذا الحكم ،حتى يتمكن من التغلب عليها الدولة الإسلامية،لكنه لم يستطع التغلب عليها،و ظل الحكم الإسلامي شوكة في طريقه،وهذا راجع إلى "عدم توافق الشريعة كنظام أخلاقي مع طرائق الرأسمالية الحديثة و قيمها " ،و هذا لأنه,داخل الحكم الإسلامي "تتشبع كل المعاملات التعاقدية في الشريعة بصبغة القيم الأخلاقية " .
3-الكسب في الإسلام:
إن الإنسان من طبعه أن يسعى إلى قوتِه و تحقيق مصالحه و كذا كسبه الرزق من أجل النهوض بأسرته و إعالتها ،و في ديننا الإسلامي يعد كسب الرزق "إلتزاما دينيا،و فرضا واجبا" ،لكن ما يشترط لهذا الكسب هو أن يكون ذو جذور أخلاقية ،و ذلك في ثلاثة شروط جوهرية ؛أولها:أن يكون ذاك الدخل أو ذاك المكسب من مصدر واحد وهو فضل الله و كرمه ،ثانيها:ليس من الصواب أن يتخطى الإنسان جهده من أجل حصوله على المال أو الرزق كيفما كان،لقوله تعالى:"لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا ٱكْتَسَبَتْ ۗ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَآ إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَآ إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُۥ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِۦ ۖ وَٱعْفُ عَنَّا وَٱغْفِرْ لَنَا وَٱرْحَمْنَآ ۚ أَنتَ مَوْلَىٰنَا فَٱنصُرْنَا عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَـٰفِرِينَ ﴿٢٨٦﴾ "(البقرة،الآية 286).
ثالثها:يجب"أن تتم عملية كسب الرزق أو إكتساب المال وفقا لقاعدة لا ضرر و لا ضرار " ،هكذا يتم السعي وراء الرزق داخل الإسلام و ذلك مراعاة للمبادئ و القيم الأخلاقية .
ومن أجل إغناء الحديث عن عملية الكسب و الرزق ،يمكننا الإشارة عن نوع ـأخر من الكسب ،وهو ما يسمى بالمنفعة الأخلاقية ،(مخالفة للمنفعة الغربية)،وهنا قد يتيه بنا الذهن إلى تلك البرغماتية النرجسية المتجردة من القيم الأخلاقية ،لكن ما يهمنا هو ذاك الشق الإيجابي منها ؛أي المنفعة في سياقها الأخلاقي بمعنى أن أجلب لذاتي ماهو نافع في إطار ماهو أخلاقي.
قد يكون الإنسان ذاته منفعة ؛ونعني به لما يكون الإنسان متخلقا ووفيا لما يمليه عليه دينه،وقتها يكون الإنسان نافع لذاته ولمحيطه المجتمعي ؛وذلك من خلال أفعاله و سلوكاته الأخلاقية"إن مجرد كون الإنسان جديرا بالسعادة يمكن أن يكون شيئا نافعا في ذاته ،حتى لو لم يكن هناك دافع إلى المشاركة في هذه السعادة و لكن هذا الحكم ليس في الحقيقة إلا النتيجة المترتبة على افتراضنا في القوانين الأخلاقية" .
لماهيته" .
ما نصبوا إليه هو تخليص الإنسان من الوضعية التي تغيب فيها القيم الخلقية ؛وذلك لأن طبيعة الإنسان تقوم على الأخلاق،و هذه الأخيرة هي التي توجه سلوكه نحو محيطه الإجتماعي ،وإن كان كل فرد يتماشى حسب المنظومة الإسلامية المؤسسة على القيم الخلقية ،وإن لم يفرط فيها حتى و إن ظهرت له مصلحة في غيابها ،فهذا بلا شك سينتج لنا مجتمعا أخلاقيا سليما،و هذا ما نبحث عنه داخل الحكم الإسلامي.
عموما إن الأخلاق جبلة و صفة الإنسان الأولى ،فهي لا تجعل الإنسان"...خيرا بالفطرة و إنما تعد بمثابة البذرة التي لابد من إستنباتها و رعايتها حتى تثمر ،فهي البداية التي تتيح أمام الجنس البشري إمكانية التطور للوصول إلى الكمال"،بمعنى أن الأخلاق لا تعني أن الإنسان خير بطبعه ،و حتى وإن كان شريرا ،فالأخلاق تعمل على تليينه و تهدئته و إدخال الرحمة في قلبه ،و كذا السمو به حتى يصل إلى درجة الكمال ،و هذا الذي يوضح لنا دور الأخلاق التي تبنتها كل من الشريعة و الدين.
لا يوجد إنسان من دون الأخلاق،إنه ذو طبيعة تقتضي ذلك ،فحتى و إن كان هذا الإنسان فاقدا للأخلاق ،فقد تطبعه إمكانية التغير ،أي يمكن له أن يصبح كذلك(متخلقا)،لأن طبيعته يطبعها التغير،وما نقصده بخلق الإنسان هي تلك الصفات الحسنة التي لها معان شريفة ،و القيم والمبادئ العليا "بحيث يكون له من وصف الإنسانية على قدر ما يتحقق به منها" ؛بمعنى كلما زاد تطبيق الإنسان لهذه القيم ،كلما زاد وصف الإنسانية له بقدر تطبيقها ،وكلما نقصت نقص.
إضافة إلى هذا ،لا توجد أخلاق من دون دين ،وهذا ما لا تطيقه معظم الفئات المذهبية كالعلمانية التي لا تؤمن إلا بالعقل ،و لا تؤمن بالدين أو الوحي ،كذلك الطبيعانية التي لا تعترف ""إلا بالتعليل الطبيعي للأشياء،فلا يؤمن بالغيب ,و كذلك المادي الذي ينظر إلى الأشياء على أنها مادية في الأساس" ... .
إن الإنسان في الأصل كائن له دين ،أي متدين و هويته هي هوية دينية أخلاقية ،و أصل الدين هنا هو الإيمان بالمطلق داخل الحكم الإسلامي؛وهذا المطلق هو الله الذي لا إله إلا هو .
إن المجتمعات الغربية التي تدعي التقدم و الحداثة ،تقوم على ما يسمى "باللوغوس"أي العقل،وهذا ما يؤدي بها إلى "النقص، الظلم، التأزم ،التسلط، و التي تؤذي الإنسان في صميم وجوده الأخلاقي" ؛فمهما كانت الدولة قوية و لم تخضع لمبادئ أخلاقية،وقتها ستدفع ثمن ذلك ،لأنها تركت جانبا لا يمكن لأي دولة أن تدير شؤونها من دونه؛وتكون بذلك قذ كرست المزيد من الأنانية و الآزمات ،و النتيجة هي الفشل الذي لا يمكن إصلاحه, أما المجتمعات ذي الأنظمة المتينة و الصلبة تقوم على "الإيتوس "،التي يتم فيها تحديد حقيقة الإنسان " لا بعقله أو بقوله ؛و إنما بخلقه أو فعله "؛بمعنى أن الحكم الإسلامي لا يعطي أولوية للعقل بقدر ما يعطيها للأخلاق ،وأنها لا تنظر إلى الأشياء من منظور عقلي و إنما من منظور إيتيقي محض،وهذا ما كانت تقوم عليه الحضارة الإسلامية الحقة؛لأنها السلاح القوي الذي من خلاله يمكن للمسلمين"تثبيت و جودهم و قول كلمتهم في الحضارة العالمية المنتظرة " .
4-حسن خلق المغاربة القدماء:
و إن تحدثنا عن الإنسان الأخلاقي المغربي في القرن السادس و السابع ،سنجد أنه كان آخدا في كل تنقلاته و حركاته قيما و مبادئ أخلاقية و روحية ،التي لا تسمح له بأن تعبث به الأهواء ،و الأمور الدنياوية الفانية ،و إنما تثبته على ما ينفعه بما هو أخلاقي ،كالتشرب من حسن الأدب و التربية الإسلامية .إذ كانت الممارسة الأخلاقية لديه تقوم على مجموعة من الأمور ،من بينها :
-إن المغاربة الأخلاقيين، اتخذوا جوهر الفقه،أي الفقه في منحاه الأصلي ،الذي يعني التوافق و الإلتزام بأحكام الشريعة ما ظهر منها و ما بطن ،
-أن معظم المغاربة "كانوا فقهاء أو محدثين أو حملة للقرآن الكريم أو حفظة للمتون العلمية يشتغلون بالتدريس أو التحفيظ" ،
فهؤلاء الفقهاء المغاربة هم الذين عملو ا على نشر العقيدة الإسلامية و على ترسيخها و تثبيتها في نفوس الناس ،و إقناعهم بآداء فرائضهم و سننهم و
ما يمكننا إستخلاصه في هذا الصدد،هو أن الإنسان القديم هو إنسان أخلاقي ،بما تحويه الكلمة من معنى ،لأنه كان ممارس للفقه الأصلي في منأى عن كل بدع و تقليد و خَلقٍ ،و هذا لأن متانة الأخلاق تتضح في متانة الدين ،فأعلم أيها الإنسان أن مكارم الأخلاق هي فحوى الدين و الأمة الإسلامية أجمعها،لأن الأمم أخلاق ،إن ذهبت ،ذهبت معها الأمم قوله(ص):"إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" .



#سهيلة_عبو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدولة الإسلامية الحديثة و سؤال الأخلاق عند وائل حلاق - دراس ...


المزيد.....




- رصدته كاميرات المراقبة.. شاهد رجلًا يحطم عدة مضخات وقود في م ...
- هل تعلم أنّ شواطئ ترينيداد تضاهي بسحرها شواطئ منطقة البحر ال ...
- سلطنة عُمان.. الإعلان عن حصيلة جديدة للوفيات جراء المنخفض ال ...
- في اتصال مع أمير قطر.. رئيس إيران: أقل إجراء ضد مصالحنا سيقا ...
- مشاهد متداولة لازدحام كبير لـ-إسرائيليين- في طابا لدخول مصر ...
- كيف تحولت الإكوادور -جزيرة السلام- من ملاذ سياحي إلى دولة في ...
- محاكمة ترامب -التاريخية-.. انتهاء اليوم الأول دون تعيين مُحل ...
- حزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني في عمان يتقبل التهاني ...
- كاتس يدعو 32 دولة إلى فرض عقوبات على برنامج إيران الصاروخي
- -بوليتيكو-: الاتحاد الأوروبي بصدد فرض عقوبات جديدة على إيران ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سهيلة عبو - الدولة الإسلامية الحديثة و سؤال الأخلاق عند وائل حلاق - دراسة تحليلية نقدية-