أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد الحروب - الإنقسام الفلسطيني: هل تكرس سيناريو -قبرص الغزاوية-؟















المزيد.....

الإنقسام الفلسطيني: هل تكرس سيناريو -قبرص الغزاوية-؟


خالد الحروب

الحوار المتمدن-العدد: 5198 - 2016 / 6 / 19 - 11:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



خلال تسع سنوات من الإنقسام الفلسطيني الذي قادته ورسخته ببارعه وإبداع مُدهش حركتا فتح وحماس في الضفة الغربية وقطاع غزة، تسابقت الحركتان في تقديم خدمتين لإسرائيل: الاولى تقويض أي كيانية فلسطينية موحدة وتعزيز الإنقسام السياسي والجغرافي والديموغرافي ومأسسته، والثانية حماية أمن إسرائيل. إسرائيل لم تفعل الكثير من أجل الظفر بهاتين الخدمتين، كل ما قامت وتقوم به هو رفع عصاتها الغليظة فوق رأس سلطة رام الله وسلطة غزة وتبقي رسالة التهديد واضحة: إما ابداء حسن السلوك عن طريق حفظ أمن اسرائيل من طرفكم، وإما ان تهوي العصاة على رؤوسكم ( عن التضييق المالي والاداري والإذلالي في الضفة الغربية، او عن طريق الضربات العسكرية في قطاع غزة). الإستجابة من الطرفين، الفتحاوي والحمساوي، مُدهشة ولسان حالها يقول مُقابل الإبقاء على سلطتين هشتين وتنعم قادتها بالكراسي ونعيمها وميزاتها فإننا على استعداد للقيام بكل شيء. بعض من الخلاصات جاء هذه الايام على لسان نبيل شعث احد قيادات فتح ليقول بأن السلطة في رام الله تنفق على أمن اسرائيل اكثر مما تنفق على تعليم الفلسطينيين. في كل المجالات ذات العلاقة بالشعب الفلسطيني هناك فشل متراكم من قبل “السلطة الوطنية”، والنجاح الوحيد الذي لا يختلف على تقييمه إثنان يحدث ويتواصل في مجال التنسيق الامني مع اسرائيل، وهو الاسم المخفف لوظيفة خدمة امن اسرائيل. أخرج الشعب وقواه المدنية والنضالية من اي احتاك مباشر او غير مباشر مع “العدو”، واحيلت مناقصة التعامل مع اسرائيل، بالمفاوضات فقط، إلى السلطة المكبلة والتي تتحرك تحت ظل العصا الغليظة لإسرائيل. عند جانب حماس لا تخرج بعض الخلاصات في غزة عن ذات الدائرة، اي الحفاظ على امن اسرائيل، مقابل بقاء حماس في السلطة. لكن خطاب حماس اكثر تعقيدا لأنه يدفع بلغة المقاومة إلى الأمام فتصبح المحافظة على الإنقسام، وعلى امن اسرائيل، من مكونات الامن القومي الفلسطيني المقاوم. خلال السنوات الماضية الماضية، وتحت شعار المقاومة، اجهضت المقاومة عملياً وأخرج الشعب من ساحتها، واحيلت المُناقصة إلى كتائب القسام فقط. بحسبة رياضية مباشرة وخلال السنوات التسع من سيطرة حماس على قطاع غزة تمت رعاية امن اسرائيل على اكمل وجه، رغم الحروب الثلاثة ورغم “الصواريخ” الاف الصواريخ التي بالكاد جرحت احدا في اسرائيل، لم يتعد كل مجموع ايام واسابيع المقاومة 11 اسبوعاً. اي ما لا يزيد عن 3 في المائة من الاعوام التسعة. مقابل ذلك تنعمت اسرائيل بأمن وأمان على طول الحدود مع قطاع غزة في الزمن الاطول اي 97 في المائة. في المقابل، ماذا استفادت فلسطين والفلسطينين من هذه المعادلة المُختلة؟ عملياً، لا شيء سوى تعزيز الانقسام، وتأمين رأسمال سياسي مقاومي ظاهر لحماس كي تواصل سيطرتها على قطاع غزة.
الخلاصة المشتركة هي ان سلطة الضفة وسلطة غزة فشلتا في تقديم اي مُنجز للشعب الفلسطيني، سواء عن طريق المفاوضات هنا، او المقاومة هناك. بيد ان الإثنتين نجحتا في انجاز ثلاث مهمات رئيسة مهمتين وكل منهما ابدع فيها بطريقته الخاصة: إعفاء الاحتلال من مسؤولياته الإحتلالية، المحافظة على الإنقسام وتكريسه، والمحافظة على امن اسرائيل. لهذا يحق للقادة الإسرائيليين الإسترخاء على المقاعد ورفع احذيتهم في وجوه الجميع، من دون حتى الإهتمام بشكر هؤلاء المتنافسين في تقديم الخدمات لهم، متمسكين دوما بما تفرضه وقاحة الظافر وتبجحه من سلوكيات.
لنتوقف عند “المهمة الجليلة” الثانية التي انجزتها سلطتا رام الله وغزة: اي تكريس الأنقسام و”نحتفل” بعيد ميلاده التاسع هذه الايام. بعد ما يُقارب من شهرين من ذلك الصيف البائس والدموي سنة 2007 كتبت مقالة اتخوف فيها من تأبد ذلك الإنقسام، لأنه اولا اخيراً سوف يحظى برعاية اسرائيل اولا واخيرا وتخليق المناخات التي تمد في عمره. وبأمل دق نواقيس الخطر المبكر ضمنت المقالة تنبؤاً بشعا يقول بأن السماح للإنقسام بالتكرس سوف يُفضي إلى تخليق كيان مشوه في غزة على غرار “قبرص التركية”، لا يحظى بالسيادة ولا بالإعتراف الدولي، لكنه مخول من قبل دولة جاره للقيام بوظائف خدمية للسكان. سيناريو “قبرص التركية” هو الاكثر خدمة لإسرائيل لأنه يحقق لها كل الاهداف التي تريدها دفعة واحدة واكثر: يخلصها من عبء الإحتلال والقيام بمسؤوليتها الإحتلالية، ويخفف من صورتها كمحتل عسكري كولونيالي بشع امام العالم، ويحيل مهمة الحفاظ على امنها إلى “قيادة” الشعب الواقع تحت الاحتلال ومن دون اية اكلاف حقيقية، ويقسم الشعب ذاته إلى نصفين بما يحطم وحدته العضوية والوطنية واحتمالات بروز اي كيانية وشرعية موحدة تهدد الاحتلال سواء سياسيا او مقاومياً، وفي نفس الوقت فإن “قبرص الغزاوية” لن تتمتع بأي شكل سيادي ولن تحلم بأن تكون لا دولة ولا دويلة، وسوف تبقى مجرد “حكم ذاتي” خدماتي يتقاتل عليه الفلسطينيون بمنظماتهم وفصائلهم إلى ابد الآبدين.
خلال السنوات التسع الماضية تكرس سيناريو “قبرص الغزاوية” واعدت الكتابة حول هذا السيناريو عدة مرات، متأملاً ان تُسمع الدقات على جدران الخزان، وهذه الايام و”إحتفاءً” بالذكرى السيئة نعاود الكتابة حول الموضوع. استميح القارىء في اقتباس بعض ما تضمنته مقالات السنوات السابقة إزاء سيناريو قبرص التركية الذي بدا خطره كبيراً منذ الاشهر الاولى للإنقسام، ثم ها هو يتحول إلى حقيقة مؤلمة وبشعة على ارض الواقع الفلسطيني:
“قطاع غزة ينفصل عن الجسم الفلسطيني يوما بعد يوم وعلى مرأى ومتابعة القيادات الفلسطينية الأنانية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وعلى مرأى الدول العربية المجاورة التي ستدفع هي الأخرى ثمنا باهظاً بسبب تكرس الإنفصال الجغرافي والديموغرافي الفلسطيني. الوضع الراهن يسير حثيثا بإتجاه تنفيذ رؤية أفيغدور ليبرلمان العنصري الكبير في حكومة نتنياهو ووزير خارجيته. ليبرلمان طرح فكرة التخلص من غزة نهائيا وتدريجيا ورفع يد إسرائيل عنها، والسماح للمجتمع الدولي بتوفير مقومات الحياة للقطاع وأهله من دون المرور بإسرائيل. عمليا تدلل المؤشرات على أن السياسة الإسرائيلية تتحالف مع التعنت الفلسطيني الضفاوي الغزاوي في تحويل رؤية ليبرلمان إلى واقع سياسي وجغرافي. وبكل الأحوال فإن فكرة التخلص من غزة وسكانها ليس جديدة بل نعرف أنها دغدغت أحلام وتخطيطات قادة إسرائيليين عديدين تمنوا أن يستيقظوا ويروها غارقة في البحر، كما تمنى اسحق رابين عام 1992. وقد مثل الإنسحاب احادي الجانب من القطاع والذي نفذه شارون عام 2005 التجسيد الأهم لتلك الأحلام وإن لم ينجح وفق ما تم التخطيط له: أي أن ترمي إسرائيل القطاع فتتلقفه مصر. فالذي حدث أن إسرائيل رمت لكن مصر رفضت أن تتلقف.

إذا استمر القصور الإستراتيجي الفلسطيني والعربي إزاء مسألة الإنقسام كما هو فإن قطاع غزة سوف ينتهي إلى حالة شبيهة ب "قبرص التركية"، وهي حالة مثالية بالنسبة لإسرائيل. والخلاصة هنا هي أن القطاع سيأخذ شكلا كيانيا لا تعريف له في القانون الدولي، لكن سيتم توفير شريان الحياة له، تماما كما في حالة قبرص التركية، المُعلنة منذ عام 1985. ففي تلك الحالة هناك كيان أو دويلة لها حكومة وميزانية ووزارات وتدير السكان كما يحدث في أي دولة. لكن ليس هناك سيادة أو إعتراف دولي أو تمثيل خارجي. شؤون السكان وإحتياجاتهم متحققة من خلال الحكومة المحلية. وفي حالة قطاع غزة تتوفر حكومة ووزارات الآن ونظام امني ورعاية لشؤون السكان، وليس هناك حاجة لمنح الوضع القائم أي تمثيل قانوني أو سيادي ويمكن التعايش معه إلى أجل غير مسمى.
عندما أعلن القبارصة الأتراك عن "إستقلال" دولتهم سنة 1985، بعد سنوات من إجتياح الجيش التركي لشمال الجزيرة سنة 1975 لم يتصور أحد أن يستمر الكيان الجديد الذي رفضت أن تعترف به أي دولة من دول العالم غير تركيا. لكن منطق السياسة المُدهش وجنونها احيانا لا يخضعان لأي تقدير أو توقع عقلاني. فالأحداث وتسارع وتيرتها وما تخلقه من وقائع على الارض تصبح هي من يقود السياسيين، وليس العكس. في حالة قطاع غزة وحماس لم يخطر ببال احد ان الإنقسام الذي أتم اكثر من ثلاث سنوات من عمره (المديد) سوف يتواصل حتى الآن. الشيء الأكثر مرارة هو أن هذا الإنقسام سوف يستمر لسنوات أكثر قادمة طالما استمرت العقلية الفصائلية الفلسطينية هي التي تتحكم بالسياسة الفلسطينية ومصائر الشعب الفلسطيني، على حساب المصلحة الوطنية العليا، وطالما استمرت السياسة العربية متحالفة عضويا مع قصر النظر واللامبالاة وتراقب تدهور الوضع من دون تدخل أو مبادرات.”



#خالد_الحروب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سنغافورة ... لماذا نجحت وفشل العرب؟
- «النهضة التونسية» وتحولاتها: دمقرطة إسلامية جديدة؟
- صادق خان: تجديد التعددية الثقافية وتصحيحها
- طرابيشي.. مثقف المروءة
- «الإخوان المسلمون»: مقاربات القطبيّة والتطرّف
- بروفايل «الفلسطيني العادي» ... خليط الأزمنة والهويات
- هل يستقيل عباس ويقلب أوسلو على صانعيه؟
- رحيل فاطمة المرنيسي سندبادة فاس المعولمة (٢ من ٢ ...
- رحيل فاطمة المرنيسي سندبادة فاس المعولمة (١ من ٢ ...
- إصلاح التعليم الديني... من هنا نبدأ!
- رحل المرنيسي ويبقى سندبادها
- الإرهاب يدمّرنا قبل تدمير الآخرين
- الإنتفاضات الفلسطينية تكسر الجدار الحديدي
- عناد شبان فلسطين يقلب الاجندة
- اللاجئون السوريون: ماذا عن روسيا وايران؟
- المسلمون والقدس.. الزيارة والاستثمار
- تأملات في -محور الممانعة-
- خير جليس ... محاصرا باللغة!
- الخصوصية الثقافية والخطاب الاعتذاري
- سيرورة التطرف والداعشية .. ودورنا جميعا


المزيد.....




- نقل الغنائم العسكرية الغربية إلى موسكو لإظهارها أثناء المعرض ...
- أمنستي: إسرائيل تنتهك القانون الدولي
- الضفة الغربية.. مزيد من القتل والاقتحام
- غالانت يتحدث عن نجاحات -مثيرة- للجيش الإسرائيلي في مواجهة حز ...
- -حزب الله- يعلن تنفيذ 5 عمليات نوعية ضد الجيش الإسرائيلي
- قطاع غزة.. مئات الجثث تحت الأنقاض
- ألاسكا.. طيار يبلغ عن حريق على متن طائرة كانت تحمل وقودا قب ...
- حزب الله: قصفنا مواقع بالمنطقة الحدودية
- إعلام كرواتي: يجب على أوكرانيا أن تستعد للأسوأ
- سوريا.. مرسوم بإحداث وزارة إعلام جديدة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد الحروب - الإنقسام الفلسطيني: هل تكرس سيناريو -قبرص الغزاوية-؟