أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - أمّة تقرأ | ماذا تقرأ هذه الأيام؟














المزيد.....

أمّة تقرأ | ماذا تقرأ هذه الأيام؟


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5198 - 2016 / 6 / 19 - 11:25
المحور: المجتمع المدني
    


حُلمٌ جميل طالما خاتلني. أن يلتقي فيه مواطنٌ عربيٌّ مواطنًا عربيًّا؛ فيبادرُ كلٌّ منهما صاحبَه سائلا: “ماذا تقرأ هذه الأيام؟" هل سيظلُّ هذا الحلم عصيًّا بعيدًا وعنيدًا؟
في طريقي إلى واشنطن للمشاركة في مؤتمر فكري وعمل بعض الأمسيات الشعرية، مررتُ في مطار أبو ظبي بقاعة كُتب عليها: "هذه القاعة مخصصة للقراءة فقط." (فقط) للقراءة. وعلى الأرفف وفي بطون الطاولات عشراتُ العناوين المهمة والإصدارات الجديدة وفرائد الكتب بعدة لغات مطروحة للنهل من سطورها في متناول المسافر لتحصيل المعارف، ولو في الدقائق القليلة في انتظار الرحلات. وعلى أعمدة القاعة زُخرفٌ خطي يقول: (نقرأ لنرتقي). وعلى جدران القاعة الممتدة لأكثر من مائة متر طولا، منثورةٌ كلماتٌ طيباتٌ للشيخ زايد رحمه الله، أعلى فيها من شأن الاستثمار في الإنسان وعقله، بوصفه ثروةَ المجتمعات وكنزه. “إن الاستثمار الحقيقي في البشر وليس في النفط.”، " تقدم الشعوب والأمم إنما يقاس بمستوى التعليم وانتشاره.” وغيرها من العبارات التي حرص الشيخ زايد على تطبيقها في حياته، ويحملها أبناؤه في قلوبهم وصيةً واجبة النفاذ بعد رحيله. فلا شكّ أن أبناءه وآله من حكّام هذا الاتحاد المدهش، يحملون الحُلم نفسه، ويطبقون النموذج ذاته، ويحملون المشعل الذي يأبى أن ينطفئ، لأن حامليه قرروا أن ينيروا بلادهم، حتى لا تعشش فيها بؤر الظلام التي تتوغل في بلدان أخرى، فتضرب خاصرتَها بخنجر الإرهاب المجرم.
حينما يشجّع الحاكمُ شعبَه على القراءة، ويجعلُ من الثقافة والمعرفة مشروعًا قوميًّا تُجنّد من أجله كلُّ طاقات الدولة، اعلموا أنه حاكمٌ عادل. لأن الطغاة الظالمين يكرهون قيادة شعوب مثقفة، فيعملون على تجهيلها، لأن (قيادة شعب جاهل أسلس )، وهي المقولة التي أطلقها أحدُ أبناء "عزيز مصر" محمد علي باشا الكبير، حاكم مصر الألباني ومؤسس نهضتها الحديثة. قالها الخديو الابن وهو يغلق المدارس التي افتتحها والدُه المستنيرُ الذي أراد لمصر التنوير. وفي هذا يحكي لنا التاريخُ أن لا شيء يُرهبُ الديكتاتورَ أكثر من الكتاب. حكوماتُ الطُّغاة لا تنتعشُ إلا مع شعوب لا تقرأ. فكلما ودّ طاغيةٌ قمعَ شعبه، عمد إلى إتلاف الكتب، وإتلاف مؤلفيها وتصفيتهم إن أمكن. وإن لم يقدر، عمد إلى إلهاء شعِبه عن القراءة، عن طريق إنعاش كلِّ مُفرِّغات العقل. ذاك أن الطاغوتَ، في كلِّ عصر، يعلم جيدًّا أن شعبًا مثقفًا واعيًا بحقوقه، من المستحيل ظُلمه أو قمعُه أو استلابُ حقوقه.
هذا عام القراءة في دولة الإمارات بأمر مباشر من حُكام الإمارات، وهذه أمة أدركت أن النهضة المجتمعية تبدأ من نهضة العقول. أمّة أدركت أنها لم تكن مصادفةً أن يبدأ القرآن الكريم بفعلِ أمرٍ حاسم: “اقرأ". بل كانت رسالة واضحة لأمّة حملت الأمانة. لكن الرسالة التي كلّف القرآنُ بها قُرّاءه وحامليه لم تُؤَدَ كما يليقُ بها أن تُؤدى، فجاء رجلٌ من بني صهيون اسمه "موشي ديّان"، ليتندّر علينا في ستينيات القرن الماضي قائلا: “أمّة اقرأ لا تقرأ. العرب يكرهون القراءة". وقد صدق.
صحيحٌ أن محبة القراءة والشغفَ بتحصيل المعرفة، مَلَكةٌ فرديّة يُربّي فيها الإنسانُ نفسَه بنفسِه، لكنها كذلك تنتعش وتُصبح ظاهرةً مجتمعية مشرقة حين تُدعَم كمشروع قوميّ يُطلقه الحاكمُ ويشجعه، وتدعمه مؤسسات الدولة وحكومتها، وتباركه عقول الدولة ورموزها الفكرية والإعلامية، حتى تتحول القراءة إلى حال تنافسية جميلة بين أفراد المجتمع. على أن الإمارات لم تكتف بترويج الكتاب بين أيدي أبناء الدولة، وحسب، إنما مدّت أياديها البيضاء إلى أولئك الذين حُرموا دفء الوطن وحُرموا معه من نعمة القراءة. أطلق الشيخ محمد بن راشد، حاكم دبي، حملة "أمّة تقرأ"، لتوفير خمسة ملايين كتاب، من أجل خمسة ملايين مواطن عربي مشرّد في مخيمات اللاجئين، من أولئك المُستضعفين الهاربين من جلافة وحوش البشر الذين احتلوا أوطانهم. وجليٌّ أن عنوان الحملة "أمة تقرأ" هو الرد العملي على مقولة وزير دفاع إسرائيل، موشي ديان: “أمة لا تقرأ.”
قال الشيخ زايد في أحد حواراته: "رصيدُ أي أمة متقدمة هو أبناءها المتعلمون. تقدم الشعوب والأمم إنما يقاس بمستوى التعليم وانتشاره.” هذه المقولة تفسّر لغز دولة الإمارات الذي يُدهش العالم حين نجحت هذه الدولة الاتحادية في صنع معجزة خلال بضع وأربعين سنة، أخفقت دول في صنعها خلال مئات السنين وألوفها. حينما سألوا امبراطور اليابان، كيف حققوا هذا التقدم المذهل خلال وقت قصير، أجاب: “جعلنا من الكتاب صديقًا بدلا من السلاح.”
هذه دولة قررت أن تجعل من الثقافة مشروعًا قوميًّا، فطوبى للإمارات العربية المتحدة، والعُقبى لنا ولسائر دول العالم العربي.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا يهاجمني نشاط من أقباط المهجر؟ بيان فاطمة ناعوت
- لماذا يحمل الشباب المسيحي التمرَ على النواصي؟
- فين شيوخ القبيلة يا بلد؟
- كلمة الكاتبة فاطمة ناعوت في مؤتمر (دعم الأقباط) بواشنطن
- رصاصةُ فرج فودة؟
- الأبكم
- يقتلون براءتَهنّ!
- فين شيوخ القبيلة يا بلد؟!
- هل الأقباطُ أقلية في مصر؟
- كونشرتو اسمه: رمضان
- سمكة وحصان ... وسجني
- بيت شاهندة مقلد
- ومات معها كل شيء!
- فتّشوا عن الصندوق الأسود داخلكم
- الضعيف والمُستضعَف
- جلباب سعاد وأُذُن أيمن
- حوار حول تيارات الإسلام السياسي وقضيتها
- في الغُربة... الجول باثنين
- كيف وأدت الإماراتُ أخطبوط الطائفية؟
- صباح الخير يا مايسترو


المزيد.....




- -الأونروا- تعلن عن استشهاد 13750 طفلا في العدوان الصهيوني عل ...
- اليابان تعلن اعتزامها استئناف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئي ...
- الأمم المتحدة: أكثر من 1.1 مليون شخص في غزة يواجهون انعدام ا ...
- -الأونروا-: الحرب الإسرائيلية على غزة تسببت بمقتل 13750 طفلا ...
- آلاف الأردنيين يتظاهرون بمحيط السفارة الإسرائيلية تنديدا بال ...
- مشاهد لإعدام الاحتلال مدنيين فلسطينيين أثناء محاولتهم العودة ...
- محكمة العدل الدولية تصدر-إجراءات إضافية- ضد إسرائيل جراء الم ...
- انتقاد أممي لتقييد إسرائيل عمل الأونروا ودول تدفع مساهماتها ...
- محكمة العدل تأمر إسرائيل بإدخال المساعدات لغزة دون معوقات
- نتنياهو يتعهد بإعادة كافة الجنود الأسرى في غزة


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - أمّة تقرأ | ماذا تقرأ هذه الأيام؟