أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عباس علي العلي - الحجاب والخداع الفقهي باستغلال النص. ح2















المزيد.....

الحجاب والخداع الفقهي باستغلال النص. ح2


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5198 - 2016 / 6 / 19 - 01:13
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


إذن لا عجب أن نرى كيف تعامل الفقيه والمجتهد مع مشهد النصوص التي ورد فيها الحجاب وتعميم النتيجة الأعتباطية على موضوع لا يرتبط أصلا بالحكم لا من بعيد ولا من قريب، نأخذ مثلا مجموعة النصوص التي ورد فيها لفظ حجاب وهي:
• {وَإذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} الأحزاب 53.
• {جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا}٤٥ الإسراء.
• {فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا }١٧ مريم.
• {وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ }٤٦ الأعراف.
• {فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّىٰ تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ }٣٢ ص.
• {وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ }٥ فصلت.
• {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ }٥١ الشورى.
• {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ}15 المطففين.
من مجمل هذه الآيات هناك صورة مشتركة تتلخص في النقاط التالية:
1. الخطاب في الحجاب ليس موجها للمرأة مطلقا بل هو خطاب للإنسان وحتى يصل موضوعه إلى ما هو أدنى منه كما في قضية حب الخير.
2. الحجاب هنا لها معنى واحد مشترك وهو قطع الرؤية بين طرفين دون أن يكون ذلك من طرف واحد وهو قطعا بواسطة مانع أما مادي كالستارة أو طبيعي كعدم القدرة على الرؤية.
3. الحجاب هنا وصف حال مشهدي لا يتعلق ببناء حكم تكليفي ولا يؤسس لها، بل هي بالعموم إخباريات عن قصص تفيد العبرة عدا النص الأول وهو نص أخلاقي مرتبط بطريقة التعامل بين الناس مؤمنهم وكافرهم مع نساء النبي، والمخصص بالعين لا يجوز تعميمه إلا على سبيل النصح والإرشاد وهو حكم إلزامي فقط مع نساء النبي وأنتهي بأنتهاء وجودهن.
4. الحجاب المذكور في النص الأول والنص الخاص بمريم لا يتعلق باللباس الشخصي مطلقا ولا علاقة له بما يعرف اليوم بالحجاب الشرعي، كلا النصين مخصصين بالعين كألة أو وسيلة لحمايتهن داخل البيئة المفترضة لهن وليس خارجها مطلقا.
5. الحجاب الموسوم في الآيات خال من دلالة الإلزام العمومية وحتى في النص الخاص بزوجات النبي جاء بطريقة أخلافية وليس طرح من باب قوننة الوضع، والفرق كبير بين الحكم الملزم وبين الإرشاد النصحي في ترتيب الجزاء أولا وفي تحصيل الطاعة ثانيا.
نعود للخدعة الفقهية عندما ربط العقل الديني بين فكرة لم تكن موجودة أصلا في زمن النص ولا قريبا منه، وبين قراءة متأخرة له مربوطة بواقع حال تطور زمنيا واجتماعيا وعرفيا وثقافيا عن زمن النص، ليقول أنه أي النص الديني أراد هذا المعنى من خلال ربط منظومة نصية أخرى تتبع فكرة أخرى على أنها هي المعني بها في مفهوم الحجاب، النص المعني هو {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ}٥٩ الأحزاب، هذا النص ليس له علاقة في الحجاب التي وردت في النصوص السابقة أولا لا من حيث الماهية ولا من حيث الموضوع، إضافة إلى أنه يتعلق بالجلباب وهو ثوب المرأة الطويل والذي عادة ما يلبس للهيبة والإحتشام دون أن يعني حجاب الرأس المعروف حاليا ولا حتى ما يسمى بالحجاب الشرعي.
إذاً هذه الآية ليست أمراً لجميع النساء في جميع العصور بأن يلبسن الجلابيب كأمر حتمي حتى مع أعتبار التأسي بنساء النبي، لذلك فإن الآية تتوجه بوضوح لنهي المرأة عن تسخير ثيابها في أغراض التبرّج والإثارة التي تتنافى مع أحترام المرأة لنفسها أولا، وهي فكرة لا علاقة لها بالحجاب والتحجب المزعوم اليوم شكلا وروحا على أنها من شروط العفاف ومستلزمات الإيمان، ولا تلزم المرأة بزيٍّ معيّن بقدر ما تلزمها بأن تتحرّر من عقدة (الجارية) التي تعتبر بالعقل الديني مجرد بضاعة لا تنتمي للإنسان والإنسانية، ولهذا السبب جاء في تكملة النص {ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ}؛ لأن تسخير الثياب لخدمة العريّ والتبرّج علامة واضحة وصريحة على تعمّد الإثارة ولفت النظر الذي يؤدي لاستصغار شأن المرأة وتضيع حقوقها الوجودية.
النص الأخر الذي وقع فيه الخرق والخداع وإن كان يبدو للقارئ العام تطبيقا لما يفهم اليوم بالحجاب النسوي، لكن النظر النقدي في دلالات وقصديات النص تعري هذا الفهم من مثاليته المغال فيها وتعيد النص إلى المراد الحقيقي له، وهي المعروفة بآية الخمار{وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ…} النور31، الخداع هنا هو تعميم الأستثناء وتقصير العموم العام، العام عدم إظهار الزينة عند المرأة وهي مفردات تأخذ هويتها من تقاليد وأعراف المجتمع لأن الموضوع فيها نسبي، هذا النسبي مستثنى منه أصلا ما ظهر منها وهي الكفين والقدمين والوجه وما يتناسب مع مستلزمات الحياة اليومية للمرأة.
حتى صيغة النص لا تحتم معنى الأمر والإلزام بقدر ما تشير إلى الحالة التربوية حين يبدأ النص (وقل) الواو للإضافة، بمعنى متابعة لقول أو لنصح سابق أو لوضع متقدم جرى فيه الحديث، وهو هنا نص الآية السابقة لها {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ..... ذلك أزكى لهم} النور30، وما جرى التأكيد عليه في النصين المتعاقبين ودلالة حرف الإضافة والعطف الواو في النص الثاني جزما تؤكد حقيقة غيبها العقل الديني لأهداف تشددية لا أكثر من ذلك، والحقيقة أن البناء اللفظي والمنطق اللغوي العقلي يفيد النصيحة والإرشاد دون الأمر المولوي الخاص كحكم بدليل أختيار كلمة أزكى وهي من باب الحث لا من باب اللزوم.
من كل ذلك يتضح لنا وبشكل قاطع وجازم أن العبث بالمعاني من خلال ربط الكلمات والمصطلحات المستخدمة في النصوص برابط وهمي وجعلها كتلة ذات فهم واحد وصرفها بأتجاه هدف محدد، هي عملية خداع للناس وتضليل وتحريف للمعاني وهذا النهج ليس محصورا في قضية الحجاب لوحدها، بل من الممكن القول أن الأختلاف والتعاط العام مع الكثير من القضايا الحكمية والأحكام العملية التي شهدت بسببها العقلية الدينية المزيد من التناقض والتشظي يعود لهذه المنهجية الأعتباطية، قد يكون للبعض براءة من سوء القصد وأحتمال تبني مثل هذه المواقف هوة لقلة الإدراك العميق بقصديات النصوص، أو لضعف المقدمات التقويمية التي تمنطق الفهم العقلي للنصوص، لكن من المؤكد الغالب أن الإصرار والتمادي فيه على هذا النهج يمثل عدوانا على الدين وعلى من يؤمن به ويتقلده.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا نريد من الله ... الكلمة الأخيرة.ح3
- لو أصبحت رئيسا للوزراء هذه خطواتي الأولى...ج2
- ماذا نريد من الله ... الكلمة الأخيرة.ح2
- لو أصبحت رئيسا للوزراء هذه خطواتي الأولى...ج1
- ماذا نريد من الله ... الكلمة الأخيرة.ح1
- ترانيم الصباح ...أمنيات لا ترفع للسماء
- من سلسلة _ جدلية الزمن والمكان في النص الديني ح4
- من سلسلة _ جدلية الزمن والمكان في النص الديني ح5
- من سلسلة _ جدلية الزمن والمكان في النص الديني ح3
- من سلسلة _ جدلية الزمن والمكان في النص الديني ح2
- من سلسلة _ جدلية الزمن والمكان في النص الديني ح1
- لست ملحدا ... ولكنني رجل به جنون _ تمهيد لكتابي لست ملحدا 20 ...
- الدين وقضية المرأة والفهم المؤجل ح2
- الدين وقضية المرأة والفهم المؤجل
- الواجب والحكم الديني الأمر وقضية الإنسان أولا. ح2
- الواجب والحكم الديني الأمر وقضية الإنسان أولا.
- صورة الإنسان المزدوجة.... في الفهم الديني
- وأعبد ربك حتى يأتيك اليقين ح2
- وأعبد ربك حتى يأتيك اليقين ح1
- قضية رأي في التفكر والجنون ح2


المزيد.....




- ” قدمي حالًا “.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة في الب ...
- دراسة: الوحدة قد تسبب زيادة الوزن عند النساء!
- تدريب 2 “سياسات الحماية من أجل بيئة عمل آمنة للنساء في المجت ...
- الطفلة جانيت.. اغتصاب وقتل رضيعة سودانية يهز الشارع المصري
- -اغتصاب الرجال والنساء-.. ناشطون يكشفون ما يحدث بسجون إيران ...
- ?حركة طالبان تمنع التعليم للفتيات فوق الصف السادس
- -حرب شاملة- على النساء.. ماذا يحدث في إيران؟
- الشرطة الإيرانية متورطة في تعذيب واغتصاب محتجزات/ين من الأقل ...
- “بدون تشويش أو انقطاع” تردد قنوات الاطفال الجديدة 2024 القمر ...
- ناشطة إيرانية تدعو النساء إلى استخدام -سلاح الإنستغرام-


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عباس علي العلي - الحجاب والخداع الفقهي باستغلال النص. ح2