أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تامر سلامة - القصة القصيرة - لقاءٌ مصيري غير متوقع -














المزيد.....

القصة القصيرة - لقاءٌ مصيري غير متوقع -


تامر سلامة

الحوار المتمدن-العدد: 5197 - 2016 / 6 / 18 - 16:39
المحور: الادب والفن
    



قصة قصيرة بعنوان " لقاءٌ مصيريٌ غير متوقع "

مرت سنوات ، ثائر أصبح مترجماً ، و ميرا أصبحت طبيبة أسنانٍ كما حلمت طوال حياتها ، بعض أحلامهما تحققت ، بعد أن قُتِل حلمها القديم ، سافرا بعيداً ، عادا إلى وطنهما الأم ، إلى أرض المعجزات و الجليد ، أرض تشيكوفسكي و أمجاد الإنتصارات ، لأرض بوشكين و جاجارين و رامانوف و تشيخوف ، عادا لأرض الثورة الحمراء ، ليكملا حياتهما دون حُبٍ ، رافضين الإرتباط بالغير ، فهو إعتبر أن مجرد الزواج من غيرها لهو تمثيلٌ صارخْ للخيانة ، و هي كانت وفية جداً لحبها الأول ، قررت أن تستنفذ حياتها و تبذلها في مساعدة الناس و علاجهم ، لكنهما لم ينسيا بعضهما للحظة يتيمةٍ حتى ، فكانا يلتقيان في الأحلام ، فكان إرتباطهما الروحي أصدق و أقوى من أن تحطمه أغلال الرجعية و معتقدات و عادات مجتمعهما العفِنة ...

في أحد أيام الشتاء الباردة ، في مدينة موسكو الروسية ، خرج ثائر مغادراً مكتبه لمنزله ، أشعل سيجارته و قرر أن يعود للمنزل سيراً على الأقدام ، فقد راق له الجو ذاك المساء ، و هنا كان للصدفة و القدر ، تدخلاً عجيباً لم يكن يتوقعه بتاتاً ، كان يسير واضعاً السماعات في أذنيه يستمع الموسيقى كعادته التي إكتسبها منذ الصغر ، سارحاً في ذكرياته و أفكاره التعيسة ..
فجأة و دون قصدٍ منه ، إرتطم كتفه بكتف فتاة ٍ كانت تسير في الظلمة ، تحت مصباح شارعٍ وحيد يتقطع نوره دون ثبات ، ينظر للفتاة ، يعتذر لها بحرجٍ شديد ، فيتلعثم لسانه فيتحدث بالعربية دون قصدٍ منه بسبب ما أصابه من إحراج ، يساعدها على رفع ما وقع منها من أوراق ، تلتفت له الفتاة منتبهةً لكلماته العربية التي تسللت مكرهة من بين شفتي ثائر ، و دار حديث بينهما ..

ثائر : أعتذر ، حقاً أعتذر ، لم أتعمد فعل ذلك ، يا لحماقتي و عدم تركيزي ..
الفتاة : هل أنت عربي ؟ سمعتك تتلفظ ببعض الكلمات العربية و بطلاقة واضحةٍ جداً !
ثائر : نعم ، في الحقيقة أنا نصف فلسطيني و نصف روسي ، و عشت في فلسطين قرابة ال٢٠ عاماً ، لكن ، كيف علمتي أنني تحدثت بالعربية ، هل أنتِ مترجمة ، أم أنكِ عربيةٌ أيضاً ؟
الفتاة : انا مثلك ، نصف فلسطينية و نصف روسية ، جئت من فلسطين قبل شهرين فقط بعد أن إنتهيت من دراستي الجامعية ، أنا طبيبة أسنان في الحقيقة و لست مترجمة ..

يتجمد ثائر في مكانه للحظات ، يستمع إليها تتحدث ، يا إلهي ! إن الصوت مألوفٌ جداً ، و هاتين العينين الزرقاوين ،إنه يعرفهما جيداً ، لطالما كتب فيهما الشعر و هام عشقاً بإبتساماتها تلك ، هل هي ميرا ! هل هي حبيبته المسلوبة !! ملايين الأفكار تفجرت في رأسه ك بركانٍ قديمٍ مكبوت ..

الفتاة : لماذا تحدق فيَّ هكذا ! فيما أنت سارح يا هذا ؟ هل تسمعني ؟!
ثائر : أناا .. فقط سرحت قليلاً ، هل أبدو مألوفاً لكِ ؟ سأخلع قبعتي لربما تعرفتي عليّ ..
الفتاة : يا إلهي ! غير ممكن !!

تضع الفتاة يديها على فمها ، و قد إنسدلت دمعة من عينها على خدها الأيسر ، فقدت القدرة على النطق ، إنه ثائر ! نعم إنه ثائر ! ذاك العاشق الذي ضحى بكل شيء في سبيل عشقها و فرقهما والدها و عائلتها التافة ، و التي عانت لأجله الويلات من أهلها الحاقدين عليهما .

حدقا في بعضهما البعض لثواني ، لم يتخيلا إمكانية المصادفة ، هي تبكي بصمتٍ و حرقة قلبٍ أصابه الألم و تعب البعد و الإشتياق ، و هو يكاد يلتقط أنفاسه، التي أصبحت لا تكفي قلبه الذي بات يدق أسرع من جناحي طائرٍ خائف ، و جسده يرتجف من هول المفاجأة ..

ثائر : "مارتيشكا " ! حبيبتي .. هذه أنتي بلا شك ! كنتُ واثقاً ، أجل كنت واثقاً بصدقك و حبك و إخلاصك ، يدري الله كم كنت واثقاً فيكي ي ميرا ..
ميرا : ثائر ! يا عشقي الأول و الأخير ، يا مجنوني ، كم تغيرت ! كنتُ عند وعدي فلن أتزوج و لن أرضى برجلٍ سواك ..
ثائر : كم إشتقت لكِ ، آهٍ لو تعلمين وحشة الحياة و ظلمها و ظلامها بدونك ، سلبتني الروح و الحب و السعادة بغيابك حبيبتي ..
ميرا : أنا أيضاً ثائر ، كم كانت أيامنا قاسية ..

لم ينتظرا أكثر ، فلهيب الشوق قد إشتعل منذ النظرة الأولى ، منذ تيقنا أنهما هُما بحق ، تعانقا عناقاً ، يحطم عظام قفصيهما الصدري ، دون خجل أو خوف أو حتى شعورٍ بسيطٍ بالقلق ، كم حلُما سوياً بهذه اللحظة ، و كم حُرِما من بعضهما البعض .
٤ سنوات ، كم كانت مظلمة لكليهما ، كم كانت قاسية عليهما ، لكن الحب الحقيقي ، لهو إرتباطٌ روحيٌ خالد ، باقٍ ما دام نبض قلبيهما باقي ، فحين فرقتهما عادات متخلفة في غربتهما ، جمعتهما أرض الوطن دون سابق تخطيطٍ أو إنذار ..
ضحكا عالياً ، صرخا بكلمات الحُب بأعلى أصواتهما دون مبالاة ، و رقصا تحت ضوء مصباح الشارع القديم فوق الثلج ، و ضحكات سعادتهما الجنونية تخرق آذانهما كموسيقى يرقصان عليها دون تعب ، تتساقط عليهما حبات الثلج الناعمة القطنية ، مضفيةً مزيداً من الرومنسية الروسية على المشهد ، يعودان للعناق الجنوني ، ثم يعيدان ذكريات قبلتهما الأولى التي كانت منذ ٥ سنوات و لكن بإحساس أقوى و دون خوف من أحد ..

صدفة صغيرة ، غير متوقعةٍ أو محسوبة ، حولت حياة شخصين كرها الحُبَّ بعد تجربتهما المريرة ، لعاشقين مجدداً ، أعادت لهما النبض و الحياة و الذاكرة ، وحيدين في وطنهما ، تاركين خلفهما العادات البالية و الرجعية في بلاد الشرق القديمة ، نسيا والديهما ، فكل ما يهم الآن هو أنهما معاً ، و لن يفرقهما سوى الموت .
تزوج ثائر و ميرا ، قاما بتغيير أسميهما كي لا ُيعثر عليهما أحد من أقربائهما ، قررا الإختفاء عن الجميع ، و الإكتفاء ببعضهما البعض ، قررا دفن كل ما تعلق بالماضي خلف ظهرهما ، و البدء بحياةٍ جديدة ، مليئة بالعشق و الحرية بعيدة كل البعد عن التخلف و الحقد و الرجعية ...

بقلم : تامر سلامة
أبو جيفارا



#تامر_سلامة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فجوة و إشراقة الفن في قطاع غزة
- تشابه الدور بين رأس النعامة واليسار الفلسطيني


المزيد.....




- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تامر سلامة - القصة القصيرة - لقاءٌ مصيري غير متوقع -