أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ملده العجلاني - الفن المحظور ... فن الشارع















المزيد.....

الفن المحظور ... فن الشارع


ملده العجلاني

الحوار المتمدن-العدد: 5197 - 2016 / 6 / 18 - 15:50
المحور: الادب والفن
    


بدأت قصة فن الشارع في نيويورك ، فعندما كتب الشباب أسمائهم، أو "علامات"، بالقلم على الجدران في جميع أنحاء المدينة في عام 1970 كان رحلة بداية فن الشارع و مدرسة الغرافيت ... كانت رحلة طويلة لنضال الفنانين المراهقين لترك بصمة ورسالة للعالم القاسي من حولهم .... ضرب سجن هرب مصادرة الوانهم و حقهم في التعبير بطريقتهم ..الغاء وحذف اعمالهم اعتباره نوع من الفن الرديء ... رحلة طويلة من الالام للوصول الى الاعتراف الدولي بفن الشارع .


العالم العربي شهد أيضاً ظاهرة مشابهة , فالمراهقين والشباب سلطوا الضوء على الظلم و المعاناة في ظل حكومات فاسدة و طالبوا بالتغيير بالكتابة على الجدران عبارات مثل يسقط النظام في مصر مثلا و اضافوا اليها رسومات للتعبير عن السخط الشعبي من الحالة التي وصلت لها البلاد من الفقر وسوء الادارة لكن لم تتبلور التجربة الى نوع فريد من فن الشارع ولم يصل الى مرحلة الدعم الشعبي و تقبل رأي الآخر من قبل الحكومات و تشجيع هذا النوع من الفن كحراك سلمي لتغيير المجتمع ..


و ربما كان حائط الفاصل بين اسرائيل و فلسطين ايضا حالة تعبيرية فريدة من فن الشارع ولكن كان ربما ممول و يهدف لخدمة قضايا الحرب مع اسرائيل فالرسوم إما تعبر عن قضية الحصار لأهالي غزة او عن الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية او التشجيع على استخدام الحل العسكري بدل الحلول السلمية بالتركيز على عبارات تثير الكراهية و استحضار معاني الشهادة للدفع بهذا الاتجاه .
ربما نواجه صعوبة في تقبل مايمكن ان يسمى اختفاء القضايا الاجتماعية الانسانية الدينية او السياسية ... فهذه القضايا محورية في كل المجتمعات و لها الاثر الاكبر في حياة الفلسطينيين كقضايا المعاناة من الفقر او المساواة وحقوق المراة او الفساد او العنف او ربما اي توجه شبابي للتغيير السياسي في البلاد !!! في حالة كهذه على الاغلب سيتحول الدعم الاعلامي او المادي لهذا الفن الذي سيعتبر عمل غير مشروع و يمكن ان يواجه من خلاله الفنان بالضرب والسجن لمجرد تغيير رسالته للمجتمع المفتوح العالمي .


فن الشوارع يسمى ايضا الفن الغير قانوني , و هو دائما كان وما يزال موضوعا ساخنا وسببا في كثير من جدال ، هل هو فن على الجدران في المناطق العمرانية أو أنها مجرد اعمال من التخريب ؟
لكن هذا العمل الغير قانوني يمكن أن يكون متعة جميلة و أعتقد أن هذه هي المشكلة المستمرة التي ادت الى الحصول على فترة قصيرة من الوقت للاستمتاع به قبل ان يقوم شخص ما بمسحه .. فقد ساعد كثير من الفنانين في خلق إضافات جميلة لبيئاتهم وخصوصا في الاحياء الفقيرة المعدمة ..


ربما ظهر فن الشوارع كظاهرة صحية للتمرد والتعبير عن مشاكل اجتماعية للمراهقين ( مثل التحرش , التمييز العنصري , الاستغلال ) في نيويوك ثم اصبح ظاهرة عالمية و التعبير عنها بواسطة الفن ولكن هنالك حركة فنية كبيرة في عصرنا. هذه الظاهرة تسمى " فن الشارع " هو الانتقال من الشوارع إلى صالات العرض ، وبسبب تحقيق أرباح هائلة و ازدياد شعبية هذا النوع من الفن مما مكن هذه الظاهرة أن تُتَخذ بالفعل كجزء هام من صناعة الفن , فاصبح مدرسة فنية يمكن ان يطلق عليها فن الغرافيت و نوع مرغوب من الفن التعبيري وليس فن الشوارع او فنان شارع ..

(التعبيرية ، التكعيبية ، فن البوب الخ) فعلت هذا من قبل , و الآن تباع اعمالها بمئات ملايين الدولارات .. وتعتبر اعمال تلك المدارس في قمة القائمة لمشتريّ الفن من المجتمع الراقي و الجامعين في جميع أنحاء العالم . كذلك الان يمكننا الحديث عن أن فن الشارع أصبح رائجا حاليا وهذا ما جعل فن الشارع , أداة جذابة لكل من الفنانين و الناشطين غير الفنانين .


إن فن الشارع يخوض معركته الشرسة للحفاظ على اصالته على مستوى العالم . حيث سوق الفن اختار ان يتم تحويل مهمة فنان الشارع السامية الى مجرد أعمال جديدة في صالات الفن وهنا نلحظ بان 25٪ من فن الشوارع اليوم هي نتيجة للجولات الفنية و ورش العمل و ليس نشاطات فردية لفنانين يعبرون عن قضايا معاصرة تمس حياتهم مباشرة , ففي معظم البلدان مازال لحد اليوم فن الشارع عمل غير مشروع - من الولايات المتحدة إلى أوروبا ، و قلة من الحكومات تدعم نشاط الكتابة والرسم على الجدران في الشوارع ، ما لم يكن، بالطبع، قد كلفتهم بصناعة هذا الفن بنفسها !!.


لقد كان هناك نقاش مستمر حول مدى تاثير نقل فن الشارع الى صالات العرض بدلا من المواقع الأصلية , كما المعتاد تختلف الرؤى و المصالح ... بعض الفنانون الذين شاركوا في المشهد الحالي لفن الشارع يرفضون بشدة فكرة ان يصبح فن الشارع جزءا من معرض في صالة اعمال فنية . ويعتقد هؤلاء الأصوليون , أن الشارع هو المكان الوحيد و الأفضل لهذا النوع من الأعمال الفنية وأنه يفقد معناه عندما يتم نقلها. بينما يرى الآخرون فن الشارع على أنه مجرد حركة فنية أخرى ، والذي يستحق يتم عرضه في المؤسسات.


كما أنه ازادت عمليات القمع الحكومية ضد هذه الحركة الفنية العامة في السنوات الأخيرة (في الغالب من خلال فرض غرامات باهظة)، والفنانين يقدمون ببطء أعمالهم للعالم لتزايد الخطر من الكتابة على الجدران في الشوارع و سهولة عرض أعمالهم الفنية في صالات خاصة. وبهذه الطريقة ، فإن التحول الناجم عن سلبية الحكومات في هذا الشكل الفني , قد حولت الكتابة على الجدران , من جزء لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي إلى سلعة تجارية للبيع لمن يدفع أكثر .


لكن الخبر الجيد انه لا يزال بعض الفنانين ملتزمين بجذور فن الشارع ، و الاستمرار في عرض أعمالهم الفنية في الأماكن العامة والكتابة على الجدران في الشوارع في أماكن مختلفة في جميع أنحاء العالم وعلى الرغم من كمية متزايدة من الاحترام في السنوات العشر الأخيرة ، فالعديد من الفنانين الشارع يستخدمون الانترنت للبحث والنشر, لصورمن فن الشارع من جميع أنحاء العالم . و يتواصلون مع فنانين آخرين عبر الإنترنت ويتبادلون الأفكار. اضافة الى ان بعض فنانين الشوارع اليوم اصبحوا من اشهر فناني العالم ويمكننا ان نرى صورهم في صالات العرض .


ومع ذلك فان احترام العالم المتزايد لهذا الفن و انتشاره على مستوى العالم و الفترت القصيرة التي يتسنى لنا فيها رؤيته قبل ازالته و ربما استخدام فناني الغرافيت لاسماء مستعارة خوفا من المشاكل القانونية ادى الى رغبة كبيرة من متابعي الفن لرؤية الاعمال الجديدة لفن الشارع بكل انحاء العالم , مما دفع شركة غوغل الى انشاء مشروع الفن جوجل ستريت ، والذي يضم أكثر من 10،000 صورة من فن الشارع من جميع أنحاء العالم في محاولة لتوثيق وتبادل للعدد الهائل من أعمال الفنانين الذين يفضلون أخذ فنهم خارج المعارض ، وهذا المشروع يحافظ على أعمال فن الشارع ويحميها من براثن من السكان المحليين الذين قد يسعون إلى تغطيتها باعتبارها اعمال تخريبية .


رغم ذلك , في بعض البلدان، الكتابة أو الرسم على الجدران مازال جريمة. في بعض الأحيان ، نرى أن فنانين الغرافيك لديهم مشاكل دائمة مع الشرطة. في بلدان أخرى، يمكن للفنانين رسم والطلاء في أماكن معينة فقط . على سبيل المثال ، في تايوان ، هناك "مناطق الكتابة على الجدران" حيث يمكن للفنانين الطلاء على الجدران . في ساو باولو في البرازيل يمكن لفنانين الشوارع رسم الصور على الجدران والمنازل . صورهم الملونة والجميلة. حيث يقوم بعض السياح بزيارة ساو باولو لمجرد التمتع بفن الشارع !.


كما يوجد في بريستول في المملكة المتحدة ، مهرجان فن الشارع في أغسطس من كل عام . يرسم الفنانون على جميع المباني . والكثير من الناس يأتون لمشاهدة الفنانين والتقاط الصور. كما يمكنك ان ترى معارض لفن الشارع في بعض صالات العرض أيضا. فهنالك معارض لفن الشارع في صالات العرض في باريس ولندن ولوس انجلوس.


فعندما يتعلق الأمر بفن الشارع فإن هذه الظاهرة ستكون موجودة لا محالة بغض النظر عن البيئة السياسية "طبيعة الحكومة " ، كما حصل في مصر قبل ثورة يناير 2011 ، وكما هو الحال الآن في إيران ، ومع ذلك ، فتأثيرات حقيقية يمكن ان تحصل على فن الشارع في حال تغير نهج الحكومات و اصبح أكثر تساهلا ، يبدو أن الفنانين هم أكثر استعدادا لتحمل مخاطر التعبير عن أنفسهم بطرق يحتمل أن تعرضهم للاعتقال أو الغرامات .


ربما ايضا نرى توجّهاً في عالمنا العربي , لتحويل فن الغرافيت الى احدى الطرق للفت الانظار الى قضايا من مثل ندرة استخدام الالوان في البيئة العمرانية كحلول ديكورية او حتى الى قضايا شائكة كالنفايات والنظافة العامة او الى مشاكل العشوائيات في البلدان العربية الفقيرة , كما حصل عندما استطاع فريق ( إل سيد أو " eL Seed " هو فنان تونسي- فرنسي ) والذي يضم عدد من رسامي «الجرافيتي» ، بأن يحول مجموعة من البيوت المتهالكة في احد الاحياء في مصر، إلى لوحة فنية كبيرة و توجيه الانظار نحو مشكلات الانسان المصري الذي يعيش ضمن هذه البيئة ومعاناته ...


في النهاية , إذا رأيت فن الكتابة على الجدران قبيح , سيكون ذلك , بسبب أنه يسلط الضوء على الشيء القبيح في المجتمع والبيئة . وعندما ننظر اليه كمحاولة لتغيير العالم بدلا من النظر إليه على أنه قوة تدميرية ، هنا يمكننا رؤية الإمكانيات الإبداعية , فبغض النظر عن كيفية تصنيف الناس لفن الشارع من حولنا , فهو محاولات شجاعة لتغيير العالم عبر الكتابة والرسم على الجدران ..








#ملده_العجلاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طاقة الحياة / روح خلاقة فقط .
- التلوين ، أحدث طريقة للاسترخاء .
- ي لا تتحول صالات العرض الى متحف للفن الرديء
- كي لا تتحول صالات العرض الى متحف للفن الرديء
- الثقافة الرومانية القديمة وأثرها على الفن عبر التاريخ - 2
- الثقافة الرومانية القديمة وأثرها على الفن عبر التاريخ - 1
- الثقافة الاغريقية القديمة واْثرها على الفن عبر التاريخ
- الثقافات التي أثرت بالفن عبر التاريخ في المنطقة الهندية والش ...
- الفن في احتمالات لا حصر لها
- التقييم الموضوعي للفن اللاموضوعي .
- الفن المعاصر في ظل قيود المجتمع
- الفن الاستثمار الافضل في القرن 21 .
- عولمة الفن والجمال .
- هوية الأنثى اليوم في الفن المعاصر.
- الفن التشكيلي أكثر واقعية من الواقع نفسه.


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ملده العجلاني - الفن المحظور ... فن الشارع