أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن كريم عاتي - ورق النعناع/ قصة قصيرة















المزيد.....

ورق النعناع/ قصة قصيرة


حسن كريم عاتي
روائي

(Hasan Kareem Ati)


الحوار المتمدن-العدد: 5196 - 2016 / 6 / 17 - 02:08
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة
ورق النعناع
حسن كريم عاتي

كمن خطفته قوافل الغجر في صباه ، وارتحل مرغماً معها ،كان فراقه لها حين اختطفته الغربة . مازالت ذاكرته ندية بصورها وحكاياتها الحية . قد يعتريها ضباب يزيل بعض من ملامحها ، لكنه يعود حد الإبصار بوضوح ، أو قد تتشوه الصورة حد لا يتبين ملامح وجوه إخوته ؛ كيوسف في قافلة الرحيل ، ليس بالعزيز حد التبجيل ، وليس بالمنتهك حد إذلال الرق .
ذكراها بعد الفراق الطويل ، تنحت حضورها ، تمثال روماني من حجر الصوان في ذاكرته ، التي أخذت تمحو كثير من الأشياء الهامة ، إلا هي . يزداد بريق صورتها مع كل تأوه يطلقه للذكرى البعيدة . فلا الأماكن التي أدمنوا الحضور فيها تخلت عن حنينها ، ولا هدأت جذوة العشق في فؤاده المرهق . يكرهها حد الأماني بقتلها ، أو التلذذ به ؛ ويعشقها حد أن يربط شريان القلب بأساور معصمها خشية من شر قد يُلحق بها . يتركها تتوسد ذاكرته أياماً ، وحين تستيقظ يغمض عينيه على صورتها خشية الزوال . بكبرياء يناجي النفس (إصبر) ، وبخشوع يناجي القلب (آه...) . يقف أحيانا ذاهلاً من حجم خسارته ، ويقول : ما كان يجب أن اخسرها !. تستيقظ الاحزان في قلبه مجتمعة ، حتى تقسو ملامح وجهه ويصيبه التثاقل والإرهاق في حركة الجسد . وقد تستيقظ أحقاده الدفينة من المٍ عرضته له ، فينتفض بحركة مفاجئة من يده الواهنة ليطرق على اقرب جسم صلب اليه . ويعظ على النواجذ ، ويقول (تستحق...).
يقاوم حنين الأمكنة التي التقيا فيها ، وكررا اللقاء ، حتى اعتادت مناجاتهما ، فأصبحا يؤثثان ذاكرة المكان بهمسٍ أشبه بغيمة صغيرة بحجم راحة الكف ترسم صورتيهما ، ممسكين بالأيدي ، ملتصقة بالسقف ، لا يراها غيرهما . تتبدل أرديتهما ، مرة بأناقة احتفال ، مرة بأردية العمل ، وتبقى الأيدي ممسكة ببعضها حتى وان تغيرت الأزياء .
يقاوم الحنين ، بتفاصيل تبدو مهملة ، تبزغ في أوقات غير محسوبة ، وبطريقة غريبة ، تقوده قدماه لاماكن لم يعتد الحضور فيها إلا معها . تثيره كلمة قد تقولها مستطرقة ، تتوافق مع نبرة صوتها ، أو في معناها . تبدو أحيانا طفلة مشاكسة لا تشكم إلا بالعنف ، ولا يقسو . يقف مذهولاً من سلوك القلب المتناقض ، ويقاوم وجعه بحكمة اليأس حد القنوط من لقياها . ويأمل أن تتغير الأشياء ، كل الأشياء بما فيها هو ، ليعودا إلى ما كانا عليه قبل الفراق . أيهما المخطئ .. أيهما المصيب . لا يعني ذلك له أي شيء في رغبة تغيير ما هو عليه من أسى . أحياناً كمن يقف على طلل ، وأخرى كمن يعيش في صرح مهيب مهجور ، ويتفقد أثاث القلب ليطمئن على خرابه . أو كمن يخشى مبضع الجراح في أحشائه . يتغافل حد إدراكه انه يتحايل على قلبه ، ويرتضي القلب هذا الخداع المفضوح في لعبة النسيان المصطنعة .
بعبارات شوق تتحرك على شفتيه ، وإن بصمت ، مع تغضن جبهته. تنبجس من الشفة ابتسامة مفاجأة تختلط بعبوس لم يتمكن بعد من مغادرة وجهه . ترتسم صورتهما في ذهنه ، وهما يقهقهان عن مزاحمة سيارة أجرة لسيارتها حتى كادت تصطدم بها ، لولا انعطافتها السريعة عنها ، حين صرخت : (يمه فلان ) ، ونادت بإسمه ، ضحكا معاُ . فلم يسمع احدهم يناديه بإسمه منذ بدا أحفاده يفهمون حياء مناداة الجد باسمه الصريح . قال لها :
- حاذري أن تعتادي ذلك في البيت .
قالت بتحد نزق :
- ليحدث ما يحدث ...
وبابتسامه دلال أكملت :
- أحياناً أنادي أحدهم في البيت بإسمك . أنت معي في المطبخ ، في غرفة الاستقبال , في غرفة النوم ، على سطح الدار .
فتكون (يمه فلان ) مزحة ذلك اليوم ، وقد تستمر لأيام . أو تطفو على سطح الحديث في أيام لاحقة . تغازله بشغف . وحين تقفر ساحة الذهن من إيجاد جملة تفي بما في داخلها . تتأوه بحسرة ، وتقول :
- لا أشبع منك !!
تفلت من لسانه كلمات مغايرة لما أراد قوله :
- هو أنا لم اشبع من نفسي .
يضحكان معاً حد القهقهة على خيانة الكلمات . أو يتذكر جملته الأولى في اللقاء الأول ، حين بادرها ، بجرأة ، قوله : ( يا فلقة القمر ) . إبتسمت على إستحياء . فَسَرَ إبتسامتها تلك بعد مرور السنين ، وبعد أن استحكمت القطيعة حبالها ، بأنها مصطنعة .
لم يحدث أن أخذها يوماً إلى مكان من اختياره في أيام الطواف المسائي بمدينتهما ؛ إلا في حالات النشوة ، عند اللهفة للقاء الحميم ، أو السفر معاً إلى مدن الأقاصي . كانت تفسر ذلك حذراً منه عليها ، خشية أن يلجا مكاناً يستدل عليها فيه احد أبنائها الذين توزعوا بين أحياء المدينة ؛ بعد أن تمكنوا من بناء عوالمهم الخاصة ، فبقيت خياراته للطواف في المدينة خفية لا تعلمها . عرف الأماكن التي ترغب ارتيادها ، أو اعتادت المرور بها . وكأنه يحسب لحظة فراق آتية لا ريب فيها . ولتكون خياراته مفتوحة على مجهول لها ، لم تتبين لها حتى بعد الفراق . على أمل التحايل لاصطياد لحظة لقاء معها ، عند الجفوة ، في مكان سبق أن أثثا ذاكرته بصورتهما المعلقة بغيمة صورتهما على سقفه .
- سأحاصرك بالذكريات.
قالها ، وهو يمسح بيده على رأس البطريق الأم التي تنحني لصغيرها الفاغر الفم بانتظار سمكة صغيرة تلقمه بها، والذي جلبه لها من مكان بعيد في إحدى سفراته :
- تذكري الصغير ، أنه يستحق عنايتك ، إياك والقسوة عليه . أنه لا يحتمل هزة عاطفية .
تضج بضحكة صاخبة ، وتترك يدها اليمنى البارزة العروق ، مقود السيارة ، لتمتد إلى يده الرابضة بحنو فوق كتلة البطريق الملون بالأسود والأبيض ، لتستقر فوق كفه ، والتي تشعره بنعومة المساحيق التي استخدمتها لتبدو طرية ، وترجع رأسها بإرتخاء :
- أنا التي تقول ذلك ! ألا تراني ارفع عيني إلى فمك بانتظار سمكة صغيرة تلقمني بها ؟
لم يتفق أيٍ منهما عن من تمثله الأم أو يمثله صغيرها ، كليهما يدعي انه الأولى بعطف الأخر، ضحكا برغبة البهجة ، قالت :
- أنا لا أحيا إلا بحب .
يدرك ما تعنيه من تهديد مبطن ، بادرها :
- أرغب أن تكون إيقونتنا ، أتمنى تثبيتها أمام ناظريك في مساحة البوح في السيارة .
تتفانى للعناية بالبطريق في حالات الصفو ، وتتعمد انتزاعه من مكانه ، في حالات الكدر، لتخبأه في مكان بعيد عن نظره حين تصطحبه لمكان الطواف المسائي ، لتقول له ، وبطريقتها المبطنة بالتهديد والتي يدرك تفاصيلها : (إنك في خطر من جفائي ) . تحرق الإشارة ، بسرعة فائقة ، صدغيه ، ويرغب أن يلقي بنفسه وبها إلى أقرب هاوية تبتلعهما معاً . فيضرب بقبضته الواهنة على زجاجة النافذة الجانبة القريبة منه ، حتى يخيل لها أنه سيكسر أحدى أصابعه. فتنهره بصوت أقرب للإستهزاء وهي تزم شفتيها :
- ما بكَ!!!
- ماذا فعلتِ بالبطريق ؟
تزيد في احتراق اعصابه وهي تجيب :
- البطريق ! ابن عمك ؟ ابن خالك ؟
ينتفض من استفزازها المتواصل . يعرف أنها لا تحتمل تأخير البوح بما يخالجها . – يهمك البطريق ولا يهمك أن ترسل لي رسالة واحدة قبل النوم ؟ كيف غمضت عينيك بالامس ولم تتصل بي ، أو حتى ترسل كلمتين تسأل بهما عني!!
تجحظ عينيها ، شزرا تلقي نظرة من طرف عينها عليه ، وهي مسمرة يديها الاثنتين على مقود السيارة ، كأنها مبتدئ يتعلم القيادة ، تقول :
- جاحد !!!!!
يبتهج من استرسالها بالبوح ، فَفضلُ الحبِ أن تعذر المحبوب ، وان طَرَقَ بمقصلة العذاب الناعم رقبتك . بحسرة الراغب بالكتمان مع اضطراره للبوح ، قال بتردد :
- لم أرغب ازعاجك بخبر نقلي إلى الطبيب .
- ما بك !!!
- ثنائية الضغط والسكر كما تعلمين .
وبتودد أقرب الى الاعتذار ، قالت :
- إهتم بصحتك ، لا نحتمل أنا وأنت انتكاسة جديدة ... تذكر لم يتبق لنا سواها، بعد أن غادرنا الأبناء إلى حياتهم الخاصة .
يزيدها الصفو اناقة ، كأنها برق غيمة منذرة بمطر مدرار من جمال ، يتجدد قبل الهطول مرات ومرات ، يخافه حتى يوقن من رعبه فيه ، فيحتمي منه بالواذ اليه ، يرتمي في لجته ، يشهق الانفاس حتى منتصف الرئة ، ويعشق ان يركس ويموت فيه اختناقاً . تدرك أنه يسبح في بحيرة من عسل مصفى ، وبحس الانثى تزيد توهجه ، بكلمات او اشارات تضرم ما تبقى من عيدان عمره اليابسة ، بل يذهب بها المزاج الصافي الى أن تقلد (بدراً وأنيساً ) في لعبة الرسوم المتحركة ، وتمثل بصوتها الناعم دوريهما معاً ، في اشارة الى المغالطة في عد (البسكوت ) . يفرحه حد النشوة ، ابتهاجها . فيضحكان معاً ، ويعاودان توصيف كل منها لنفسه بأنه الطيب المخدوع في لعبة العد تلك . يطلب منها تكرار المقطع مرات ومرات وهي لا تمانع وتؤدي الدورين بمهارة متمرس . يزيده التكرار بهجة وهو يرى ابتسامتها تزيدها توقداً ، وتعود بها صبية نزقة تلعب كالاطفال . يتعهد بإهدائها أفضل انموذجين للشخصيتين الكارتونيتين متوفرتين في اسواق المدينة ، وإن لم يجد سيبذل الجهد للحصول عليهما عند سفره الى المدن الاخرى ، وبحجم يناسب ان تلصقا على طرفي الزجاجة الخلفية للسيارة . تعترض على ما نوى عليه :
- وما يقول الناس عني ؟ عجوز تتصرف كمراهقة !
- وأيُ مراهقة في الدنيا تدانيك جمالاً . قولي: لحفيدك ، يحبهما وارغمك على تثبيتهما .
لم تفارقة تلك الرغبة ، حتى حصل عليهما ، بعد الاستعانة بالاصدقاء الاصغر منه سناً . رفضت تثبيتهما في السيارة رغم الحاحه الشديد ، خشية ان تثيرا الانتباه الى سلوك لا يتوافق مع هيبة عمرها ومكانتها . ووعدته انها تحتفظ بهما قرب سريرها.
كان خياره ، حين عاد من غربته ، التي قضمت حياد مشاعره والجأته الى الحنين ؛ الطواف في اماكن التلاقي المزدانة سقوفها بغيمة رسما صورتيهما فيها . غيمة صغيرة بحجم الكف ؛ على أمل ميت من لقائها ، يحييه الاحساس بامكان تحقق المستحيل في اواخر العمر . فرصة لعودة جزء مما كان ، أو فرصة للاعتذار ، أو فرصة للبكاء على اطلال مشاعره المذبوحة . يغافل الابناء والاصدقاء والاحبة لينفرد بوقت يخصصه للطواف في المدينة ، بحثا عن لقاء موهوم يظنه الاخير قبل مغادرتة المدينة ، لتحتضنه الغربة من جديد : ( لقاء غرباء... مؤلم أن لا يكون البطريق في مكانه ، لابأس حز سكين في الفؤاد سيكون ، ينزف وأرتضيه ، قد يهدأ برؤيتها ، وقد يندمل بابتسامة منها .. ) .
في خصام القطيعة ، الذي غادر فيه رياض الاحبة وأسكن قلبه صومعة الاحزان ، قال لها ، بصوت أتعبه الأرق :
- لو امتلكتي الاخلاص ، لكنت امرأة لا تضاهيها أنثى مما خلق الله !!.
بتجهم مكسور ، كمن أمُسك بكذبة مفضوحة ، قالت ، من دون أن تؤكد الاخلاص او تنفيه ، لتترك مساحة الهرب واسعة من اجابة ترده الى رشده ، الذي فقده طيلة الشهور الاخيرة ، الذي يدفع سلوكها معه الى القطيعة والجنون من دون سبب يفهمه:
- أنتَ من دمر كل شيء ، هذا بفضلك وبمجهودك الرائع!!.
في محاولة منه ايقاف الانهيار الوشيك ، حاول ان يدفعها الى التوضيح او الاعتذار ، على امل ان يصطنع الرضا ، ويقبل بأي شكل من التواصل مع الحفاظ على قليل من كبريائه ، التي تتعمد اراقتها علانية ؛ قال:
- تَصبر انها الحرب يا قلب ، فلست محل عطف ممن تذبحك او تذبحها ، تَصبر فما هي الا حياة واحدة ، وليس لك الا سواها ، فأذبح نفسك وأجعل دمك قربانا لكبرياؤك ، فلا عطف ولا حب ولا تراجع ، فما يتربص بك يا قلب سوى احدى ميتتين : أن يذبحك من تحب أو تذبح نفسك في هواه .. اصبر ولا تجزع ، فالجبن شيمة العاشق الفاشل.
كمن وجد عذرا انتظره بجزع ، قالت :
- أنتَ ذبحتَ من تحب.. انتهى موضوعنا ، إنك زاهد بي ولا تقدر الامور بمقدارها. أحسنت.. لا عطف ، لا حب ، لا تراجع . سر للامام ولا تلتفت خلفك .
تحتفظ ذاكرته بطعم خاص لكل مكان ارتاداه معا ، ارتبط ببهجة حدث او حوار ، أو بكدر موقف أو إساءة فهم ، فرسمت تلك الاماكن ، على خارطة طوافهما في المدينة أو في مدن الاقاصي ، علامات يوشحها القلب حينا بالاخضر وحينا بالاسود. الا مكان واحد اختلطا فيه ، ولم يجد من بد ، وهو يدفع بقامته المنحنية الواهنة في دخول مطعم (ورق النعناع) ، سوى تذكير نفسه : (ما تركته من أثر جميل فينا عصفت به رمال الفراق ، شئنا أن يكون محل اٌنسنا وتلاقينا ، محل وحشتنا وفراقنا).
ادرك ان المكان لم يكتئب لفراقهما ، ولم يوحشه فراق هديل العاشقين . ما زالت مساحة الجمال فيه ، كما كانت ، تتسع لقلوب لا تتهيب التحليق في اعالي الاماني ، ولا تخشى الانتحار على صخرة الفراق : إعتاد النادل ، المغترب عن وطنه بملامحه التي تحمل هوية انتمائه الشرق اسيوية ، ممازحتنا .قد نداعب بوجودنا احساسه بدفئ عائلي يفتقده بغربته . وقد لا يتحرج معنا بوصفنا اثنين غادرا منطقة الغيرة ، أو اننا نمثل له مثالا لزوجين لم يهلك دوران الايام ما بينهما من عشق . يؤخر الطلبات متعمداً ، نستعجله بتصنع ، يعتذر مبتسماً ليؤخر طلباتنا . يظننا نتعبد الهة الحب في صومعته ، كطاووس يتبختر أمامنا ، بزي يشبه لون القهوة ، ورق نعناع أنفاسه كإسم مطعمه ، لم يسبق له أن ضبط احدنا يلج مطعمه لوحده ، مؤكد...حين يرى احدنا لوحده سيبكي ، وحين يُسأل يجيب : اُريد ان أموت . ولا يفصح . قد يدرك صحبه متأخراً هروبه ، ولن يترك سوى قصاصة ورق تقول : دخل كل منهما لوحده ، فتيقنت حان الرحيل .
وضع يده الأخرى أسفل كوب القهوة المرة التي تمسكه يده المرتجفة ، قبل وصوله إلى شفتيه ، فزادت محاولته من اهتزاز الكوب حتى ُسكبت منه قطرات حارة على فخذيه ، أعاده بصعوبة إلى الصحن ، فاتسعت مساحة القهوة المسكوبة فيه . وهو يراها تدخل مرتدية ثوبا أهداه لها في ذكرى اللقاء الأول . جلست قبالته على طاولة أخرى بانحناءة بسيطة إلى يمينه ، وضع النادل الأسيوي كوب قهوة مرة مماثل لكوبه أمامها :
- ألم تجد ضالتك ! أم تعيش على الذكرى ! أم تنتظرني ! نحن إن أحببنا نحب بجنون ولا يضاهينا بذلك احد . أي إخلاص ذاك الذي يدفعك إلى حماقات لا تليق بنا ؟ الروح ترخص للحبيب .
- أتأسف عليك .. تمنيت أن تكوني لي من دون منازع ، وان كان ملك الموت ، كي تتكاملي كأنثى وحبيبة وزوجة.. هيهات .
- ألم أقل لك من قبل : انتهى موضوعنا ، أنت زهدت بي ولا تقدر الأمور بمقدارها... سر للأمام ولا تلتفت خلفك .
- (ورق النعناع) قصة نكتبها الآن معاً .
- بالتوفيق .. صرنا قصص تتونس بينه الناس؟ مدري يبجون لو يضحكون؟ طبعاً... لك أن تستهزئ ، فأنت لا يعجبك العجب .علراحتك!؟
نادا ، في وقت واحد ، على النادل الأسيوي المتربص لإشارة منهما على غير عادته في تأخير طلباتهما ، طلبا قائمة الحساب ، وضع القائمة أمام طاولتها بأناقة وهو يستغرب بعد المسافة بينهما ، وحين ناوله قائمة حسابه ، كانت قد نهضت من على كرسيها ورفعت حقيبتها من على سطح الطاولة . دس النقود في القائمة ونهض . مضى كل منهما في اتجاه ، وصدى (سر للأمام ولا تلتفت خلفك ) يتردد في المكان .



#حسن_كريم_عاتي (هاشتاغ)       Hasan_Kareem_Ati#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تبادل الادوار تبدل الدلالات في مسرحية (الخاتم) لمحيي الدين ز ...
- قصة قصيرة قماشة الجنفاص
- سارسم موتي على ثوبها
- النزاهة مؤسسة وقضية
- قصة قصيرة/ (م...)
- وثيقة مشروع شرف دفاعية عن حق المثقف العراقي
- حماية حق المؤلف في القانون العراقي...الجزء الاول
- قانون حماية حق المؤلف العراقي...الجزء الثاني
- حماية حق المؤلف العراقي ....الجزء الثالث
- الموروث المعماري العراقي في خطر
- المواطنة بين الدولة والحكومة
- هناك من يستذكر للملك
- أثر مناهج التعليم في المدارس العراقية على ثقافة المتعلم
- كرة صوف في خوذة
- اثر الزمن في خلق البنية الدلالية في رواية سابع ايام الخلق
- وجوه حجر النرد
- الملكية الخاصة في الدساتير العراقية
- ميليشيات متعددة الجنسيات
- المحتل في عون المستبد
- اثر القص


المزيد.....




- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن كريم عاتي - ورق النعناع/ قصة قصيرة