أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - طارق العزب - العقل الجمعي هو المسئول














المزيد.....

العقل الجمعي هو المسئول


طارق العزب

الحوار المتمدن-العدد: 5196 - 2016 / 6 / 17 - 00:42
المحور: المجتمع المدني
    


تأثرت كثيراً وانتفضت مشاعري عندما قرأت ما حدث لتلك المرأة القبطية المسنة التي تمت تعريتها وزفها من أهل القرية وسط تهليل وتكبير وصيحات النصر ومنذ تلك اللحظة وأنا أتسائل من المسئول عن تلك التصرفات الهمجية ؟ وما الذي يجعل البعض ينجرف نحو التخلف والجهل واللا إنسانية ؟ هل ذلك سلوك فردي أم سلوك جماعي ؟ حتى وجدت موضوعاً مماثلاً في علم الاجتماع يفسر ما الذي يحدث للأفراد عندما يتم فرض الوعي الجمعي عليهم وكيف يتجرد البعض من أفكاره وسلوكياته الشخصية وينصاع للفكر الجمعي. سأبدأ بالحديث عن مفهوم العقل الجمعي الذي صاغه لنا عالم الاجتماع الفرنسي اميل دور كايم وهو يشير إلى المعتقدات والمواقف الأخلاقية المشتركة التي تعمل كقوة للتوحيد داخل المجتمع.
وبالنسبة لمجتمعاتنا فإن العقل الجمعي لها - إذا ما أردنا تقييمه - مليئ بالخرافات والجهل والأفكار اللاإنسانية التي تتعارض مع مبادئ الدولة المدنية الحديثة. علينا أن نعي أن العقل الجمعي مرن حيث يتغير من فترة إلى أخرى وعلى سبيل المثال إذا ما نظرنا للعقل الجمعي للشعوب الأوربية في العصور الوسطى سنجده مختلفاً عن العقل الجمعي لهم في العصر الحديث حيث كان ملئياً بالخرافات والجهل والأفكار اللاإنسانية وخير دليل على ذلك حادث إعدام عالم الفيزياء جاليليو جاليلي بسبب آراءه التي تعارضت مع الكنيسة وقتها. ولكن العقل الجمعي للأوربيين تغير بفضل الحركات الثقافية الاجتماعية التي ظهرت في أوربا وأهمها عصر النهضة الذب ظهر في القرن الرابع عشر الميلادي واستمر حتى القرن السابع عشر ويمثل هذا العصر الانتقال من العصور الوسطي إلى العصر الحديث. وخلف عصر النهضة في أوربا عصر التنوير والذي بدأ في انجلترا في القرن الثامن عشر الميلادي وتطور بشكل حقيقي في فرنسا في القرن الثامن عشر وتحول مفهوم التنوير ليشمل أي فكر يحاول تنوير العقول من الظلام والجهل والخرافة مستفيداً من نقد العقل ومساهمة العلوم. وعندما طُرح السؤال على كانط " ما هو التنوير؟ " أجاب " إنه خروج الانسان من مرحلة القصور العقلي وبلوغه سن النضج أو سن الرشد " كما عرف القصور العقلي على أنه التبعية للآخرين وعدم القدرة على التفكير الشخصي أو السلوك في الحياة أو اتخاذ أي قرار بدون استشارة الشخص الوصي علينا ".
وإذا ما نظرنا إلى حال العقل الجمعي لشعوبنا فسنجد أن تلك الشعوب لا تزال تعيش في العصور الوسطى بما فيها من خرافة وجهل وتخلف والغريب أنني بحثت عن حركات ثقافية أو تنويرية حقيقية قامت بها شعوبنا فلم أجد حركة ثقافية اجتماعية بحجم الحركات الغربية المذكورة بالأعلى مع الأخذ في الاعتبار أن أي محاولة لتنوير العقول والتخلص من الجهل والخرافة غالباً ما تواجه مقاومة عنيفة من التيارات الدينية المتشددة التي لا تزال تمجد الماضي وتريد العودة بنا للعصور الوسطي.
وهناك أمثلة على جهل وتخلف ولا إنسانية العقل الجمعي لشعوبنا ومنها أن الفكرة الشائعة بأن غير المسلمين كفار ولا يستحقون التعامل معهم بود وقد رأيت تعليق أحد الشباب على موقع الفيس بوك يقول فيه أن الدكتور مجدي يعقوب لن يدخل الجنة لأنه غير مسلم وطبعاً هذا حكم قاسي لا ينبع إلا من شخص مريض ينصب نفسه حكماً على الأفراد وعلى أعمالهم لكن ما قاله الشاب لا يمثل فكرة فردية وانما فكرة موجودة في أغلب أفراد مجتمعنا. وهناك مثال آخر وهو أن العقل الجمعي يعتبر الاجهار بالافطار تعدياً واستفزازاً لمشاعر أفراد المجتمع وفي نفس الوقت لا يلقي بالاً لتشغيل ميكروفونات المساجد بصوت عالي أثناء الصلاة وكذلك الدعاء على غير المسلمين بالهلاك وكأن ذلك لا يؤذي مشاعر الأقلية من الأقباط. وإذا ما نظرنا إلى وضع المرأة في مجتمعنا فسنجد ظلماً ولا إنسانية تفوق الحدود ومنها موضوع الشرف الذي لا يرونه في الا في جسد المرأة واعتبارهم لأي علاقة جنسية خارج إطار الزواج على أنها علاقة ملعونة حتى لو كانت برضا الطرفين وعن حب في الوقت الذي لا يرون أي غضاضة في زواج القاصرات والزواج من أربعة نساء. ولو استفضت في الحديث عن وضع المرأة لن ينتهي المقال لذلك أفضل الحديث عنه تفصيلاً في مقال آخر.
وحيث أننا وضعنا يدنا على العلة وسبب تخلف شعوبنا يبقى أن نسرع ونبادر في إيجاد حل للعقول المظلمة التي تشكل العقل الجمعي لشعوبنا وحبذا لو استفدنا من الحركات الثقافية التي ظهرت في الغرب آملين أن يتبدد ظلام العقول والقلوب في مجتمعاننا.



#طارق_العزب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- السعودية وقطر تُعلقان على تقرير اللجنة المستقلة بالأمم المتح ...
- إعلام عبري: مجلس الأمن الإسرائيلي بحث سرا سيناريوهات اعتقال ...
- ذياب: يطالب بالافراج عن المعتقلين والنشطاء فورًا، ويقول سياد ...
- الخارجية الإسرائيلية: قرار ألمانيا تجديد التعاون مع -الأونرو ...
- بعد أنباء عن خروج السنوار من الأنفاق.. عائلات الأسرى تتظاهر ...
- تغطية حرب غزة.. قيود غربية على حرية التعبير؟
- الرئيسان التركي والألماني يبحثان بأنقرة وقف الحرب على غزة وت ...
- الأمم المتحدة تطالب بتحقيق مستقل حول المقابر الجماعية في مس ...
- مخيمات واحتجاجات واعتقالات.. ماذا يحدث بالجامعات الأميركية؟ ...
- ألمانيا تعتزم استئناف التعاون مع الأونروا


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - طارق العزب - العقل الجمعي هو المسئول