|
اليسار العربي حالة هلامية وتشبيك إنتهازي
أسعد العزوني
الحوار المتمدن-العدد: 5195 - 2016 / 6 / 16 - 17:14
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قرأنا ونحن في بدايات حياتنا السياسية أن الفكر اليساري ، هو حالة ثورية بامتياز ، وأنه الحل الأنجع لمشاكلنا في الوطن العربي ، ولكن هذه الترهات سرعان ما إنكشف زيفها بعد الممارسة والإختلاط ورصد الحالات للدراسة والتوثيق ، وتأكد لنا أن اليسار العربي على وجه الخصوص ، عبارة عن حالة هلامية بشعة وتشبيك إنتهازي قذر بامتياز ، وخاصة بعد انهيار الإتحاد السوفييتي السابق الذي كان معقل الشيوعة واليسار بشكل عام . وحتى لا تفهم الأمور على غير حقيقتها ، فقد كان المسؤولون الشيوعيون السوفييت ، يضيقون ذرعا بمسلكيات أتباعهم في العالم الثالث على وجه الخصوص وخاصة الشيوعيون العرب ، الذين كانوا يحملون "الشمسيات " في بلدانهم المتصحرة عندما يسمعون أن الأمطار تهطل في موسكو ، دليل على التبعية العمياء لموسكو الشيوعية التي تخلت لاحقا عن شيوعيتها ، لكن اليسار العربي ما يزال يدعي أنه شيوعي ماركسي لينيني ، وتحضرني هنا مقولة حمقاء لشيوعي عربي قال للمحقق بعد ان صفعه على وجهه ، أن رنة تلك الصفعة دوّت في موسكو!!! بعد انهيار الإتحاد السوفييتي ، وتخلي الشيوعيين الحقيقيين عن شيوعيتهم ، ما يزال هناك من اليسار العربي من يؤمن بالشيوعية ، لكنه لا يطبقها على أرض الواقع ، واستبدلوا "الشمسية" بالقبعة الأمريكية و"البيرجر" الأمريكي ، ورتبوا أوتارهم على عزف العم سام ، وأصبحوا يعزفون على الوتر الأمريكي ، ويلهثون وراء "اليو إس إيد" للحصول على بعض الدعم الأمريكي ، وشهدنا انشقاقات وشروخا عميقة في الأحزاب العربية اليسارية ، بفعل هذا الدعم . تحضرني في هذه اللحظة حالة أردنية بامتياز ، برهانا على ما نقول وهي أن مؤسس الشيوعية في الأردن النواسي الطبيب الراحل د. يعقوب زيادين ، الذي مارس الشيوعية فكرا إنسانيا بامتياز وقضى غالبية عمره في السجون ، ما أهله للفوز في إنتخابات البرلمان الأردني في القدس عام 1956 ، وأصبح نائبا عن القدس ، علما أنه من أبناء قرية السماكية من أعمال الكرك ، لكنه وبعد التحول الكبير بعد إنهيار الشيوعية ، وجد نفسه الشيوعي الوحيد في حزبه ، بعد أن تشظى الحزب وقاده طلاب الدعم الأمريكي ، والتشبيك مع السلطة للحصول على مكاسب ، ناسين أو متناسين طبيعة فكرهم اليساري وعدائهم للإمبريالية ومن سار في فلكها . اليسار العربي عموما في هذه المرحلة أصبح برسم السلطة وتحت إمرة المال القذر بغض النظر عن مصدره ومنبعه ، وقد إتسموا بالإنتهازية المكشوفة ، وإستغلوا غضب السلطات العربية على جماعة الإخوان المسلمين ، كما أن السلطات العربية هي الأخرى مارست إنتهازية مكشوفة ووظفت كل أعداء الإخوان المسلمين معها ، حتى أن هناك من يتغاضى عن حزب التحرير الإسلامي الذي كان محظورا أصلا ، وذلك نكاية بالإخوان المسلمين ، وبطبيعة الحال فإن اليساريين العرب الإنتهازيين وجدوا ذلك فرصة ذهبية للإنتقام من الإخوان المسلمين ، الذين كانوا في غالبية الساحات متحالفين مع الأنظمة ، ويشاركون في قمع اليساريين والقوميين المعارضين ، وجاء ذلك من منطلق عدو عدوي صديقي ، ولا بد من التذكير بالقمع الرسمي للشيوعيين واليساريين العرب ، وكلنا يذكر قانون المكارثية الأمريكي الذي جرى تعميمه على السلطات العربية ، ويعمل على مقاومة الشيوعية واليسار. ليس تجنيا على أحد ، لكن هذا هو واقع الحال الذي نعيش ، والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة : كيف ليساري ملتزم بفكره اليساري أن يقبل دعوة السلطة على الإرتماء في حضنها ، وتوفر له كل المكتسبات من خلال المال القذر والتزوير في الإنتخابات لضمان النجاح ، وكيف ليساري ملتزم أن يتحالف مع يميني يمتلك مالا جاءه من مصادر مشبوهة ؟ وأكثر ما يغيظني أن يتم تعيين يساري في منصب وزاري ، وما يغيظ أكثر أن هذا اليساري الذي كان متزمتا في نظرته للسلطات يتحول إلى ملكي أكثر من الملك ، ويصبح كنسيا أكثر من الكنيسة. لست معنيا بكيل الإتهامات لأحد ، بل بعرض حالة للنقاش ليس إلا .
#أسعد_العزوني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أورلاندو ليس داعشيا
-
متطلبات نجاح حكومة الملقي
-
عملية عين الباشا .. كلام لم يقله أحد
-
عملية -تل الربيع- نفذها الموساد
-
توطين السوريين
-
العصفور الذي تحول إلى نسر
-
مؤتمر باريس الدولي للسلام..مستدمرة إسرائيل تؤكد ذاتها
-
-السفراء العرب- : اهتمام -السعودية- بدعم جهود المنظمة العربي
...
-
المنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر تكشف عن أحدث مش
...
-
-المنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر- عضواً تأسيسيا
...
-
في رحاب الإستقلال
-
الكونفدرالية الأردنية –الفلسطينية .. كلام يجب أن يقال
-
التوقيع الفلسطيني
-
ذكرى النكبة .. ليلة فرح فلسطينية في -الأرثوذكسية-
-
الطاقة المتجددة في الأردن
-
-المحرر - ..سيمون بوليفار
-
الشراكة السياسية في الوطن العربي
-
دول الشرق الأدنى تؤكد على ضرورة إحلال السلام لمحاربة الجوع
-
المدير العام للفاو: حيثما يوجد جوع لا يمكن أن يتحقق السلام ا
...
-
المؤتمرات الإسلامية – المسيحية ..العودة إلى جذور المحبة
المزيد.....
-
اختيار أعضاء هيئة المحلفين في محاكمة ترامب في نيويورك
-
الاتحاد الأوروبي يعاقب برشلونة بسبب تصرفات -عنصرية- من جماهي
...
-
الهند وانتخابات المليار: مودي يعزز مكانه بدعمه المطلق للقومي
...
-
حداد وطني في كينيا إثر مقتل قائد جيش البلاد في حادث تحطم مرو
...
-
جهود لا تنضب من أجل مساعدة أوكرانيا داخل حلف الأطلسي
-
تأهل ليفركوزن وأتالانتا وروما ومارسيليا لنصف نهائي يوروبا لي
...
-
الولايات المتحدة تفرض قيودا على تنقل وزير الخارجية الإيراني
...
-
محتال يشتري بيتزا للجنود الإسرائيليين ويجمع تبرعات مالية بنص
...
-
نيبينزيا: باستخدامها للفيتو واشنطن أظهرت موقفها الحقيقي تجاه
...
-
نتنياهو لكبار مسؤولي الموساد والشاباك: الخلاف الداخلي يجب يخ
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|