أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - ماذا نريد من الله ... الكلمة الأخيرة.ح2















المزيد.....

ماذا نريد من الله ... الكلمة الأخيرة.ح2


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5195 - 2016 / 6 / 16 - 13:11
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مشكلة الإنسان مع الدين لا تتمحور حول كيفية التعامل مع المجهول بل مع المعلول وكيفية التعاط معه، عندما يشير النص الديني إلى هذه الظاهرة الملفتة للنظر يؤكد على جملة من الحقائق، فيقول (وما أختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم)، فهو يشير إلى أن مرد الأختلاف الأساسي ليس فقدان البوصلة وغياب المنهج بقدر ما هو تجاوز لهما بعد أن أمتسب الإنسان المعرفة وحاز على المعلوم، وهنا يظهر الأختلاف ليس في المعلوم ولكن على المعلوم ومحاولة توظيفه وما يطرأ على عمليات التوظيف من تراكمات مردها دوافع نفسية وذاتية أنانية محضة، وإلا كيف يمكن أن نتصور أختلاف على العلم بالشيء والعلم به يعني المعرفة التامة بما ينتج منه وأسس تكوينه.
إن أخطر المشاكل التي أذهبت بالمعرفة عموما والفكر الديني خصوصا إلى الأختلاف والتفرق والتشرذم ليس أصل المعرفة وحقيقتها، إنما تعود في الغالب إلى التفسير التوظيفي والتأويل القصدي وهو ما يحرص عليه تماما صاحب المشروع المضاد للمعرفة أن يمتلك منظومة فكرية قادرة وبأدوات صعبة وشديدة التأثير لأن يسوق المعرفة للوجهة التي يريدها إذا كان خصما حقيقيا للمعرفة، في النص الديني خاصة والفكر الديني الرسالي عموما هناك ما تسمى بالقناعات الثابتة التي يتمسك بها المتدين أو المؤمن بالدين وهذه الزاوية التي لا يمكن أقتحامها من قبل الأخر المضاد، مثلا قضية أن الله واحد وهو فوق التشبيه والتمثيل والمشاكلة لا يتمكن أحد من داخل الإطار الديني أن ينتهك هذه الفكرة ولا حتى التلويح بها.
لكن الأخر المضاد يمكنه أن يشوش الفكرة من خلال التفسير والتأويل مستفيدا من جزئيات النص وإلقاء ضلال من الشك على أصل الفكرة ولكن دون التعرض لها مباشرة، فيختلط الإيمان القطعي مع الشك في منظومة مهزوزة من الأفكار تنجح مستقبلا في هدم الفكرة أو على الأقل أسقاط اليقينية الحازمة والحاسمة بها، من هذه التشكيكات استخدام مصطلحات وجه الله ويد الله وعين الله وروح الله ليعيد بناء فكرة التجسيم التي إن بدأت تترسخ في ذهن المؤمن، أمكن لاحقا أن تؤسس إلى فكرة التعديد وخرق قاعدة عدم المشاكلة والمماثلة، لذا تحرص بعض المناهج الدينية داخل الفكر الديني على إبراز هذه الشكوك ووضعها على الواجهة حتى وصل الأمر إلى قبول التشبيه كأنه واقع حال(الغلام الأمرد) مثال على ذلك.
من يؤمن بنص ديني يقول أن الله لا يمكن أن يكون له مثال حسي ولا شكل محدد وأنتفاء أي صفة وجودية قادرة على التلميح بصورة ما للصورة الإلهية، لا يقيل ولا يمكنه أن يعتقد بصورة الغلام الأمرد أو أن يكون له ولد مثلا، هذا التناقض في صورة الإيمان مرده ليس النص الديني ولا الجعل بقواعد العلم أو مكنونات الفهم الإنساني، بقدر ما هي محاولات ذاتية لفرض قراءات ونمذجة صور شخصية عن ما لا يمكن أن يشخصن ولا يشخص بهيئة، ومع ذلك نجد أن الفكرة تلقى رواجا واسعا وكبيرا في العقل الديني، هذا الناتج الذي تراكم وتحول بفعل الكهنوت والمدارس الدخيلة على الدين حولت العلم بالدين إلى جهل مركب محاط بهالة من التخويف والقدسية تمنع حتى مناقشة مسألة التناقض أو نقد المنهج الذي أوصل لهذا الفكر.
نعود إلى أصل العنوان والذي قدمنا الكثير من المعطيات التي ساهمت في ضياع أمر الله وتشتت الفكرة التي يريدها، قطعا الدين هدفه الأساس العبادة بمعنى الألتزام بعقيدة ما تؤدي في حال تطبيقها سليمة كما نزلت إلى إحداث تغيرات كونية شمولية في طريقة تعامل الإنسان مع وجوده، لذا ليس غريبا أن نجد نصا بهذا المعنى ومركز عليه يقول( وما خلقهم إلا ليرحمهم) إلا ليرحمهم بمعنى أن يجعل وجودهم الدنيوي مجموعة من المعطيات والأفكار والممارسات التي تجمع بين أن يكون الإنسان حرا من جهة ومؤمنا بالوجود الأخر من جهة أخرى بتوافق بين ما يظن أنه تعارض، الرحمة هنا أن يكون الإنسان في أعلى درجات الكمال من حيث تأمين وجوده الدائم بأقل التضحيات والجهود مع سعادة في التمتع بهما معا.
الكهنوتي المتضايق مع عقله ركز على مصطلح يعبدون وحصرها بمجموعة محدودة من أدوات التعبد ووسائله وليس جوهر العبادة الذي يؤدي للرحمة التي من أجلها خلق الإنسان، الصوم والصلاة والزكاة كلها أوجه من صور العبادة الحسية التي لو تكاملت بالشكل الذي يريد الله لجعلت من الإنسان قمة في التكامل بين الوظيفة الأساسية وهي التعارف والأستعمار وبين غايات البشر الذاتية بنيل السعادة، مثلا يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر, ونريد أن نمن على الذين أستضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين، إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها، إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس، إن الله يأمر بالعدل والإحسان وغيرها من عشرات النصوص الأمرة المعبرة عما يريد الله منا تحولت نتيجة البغي بعد العلم بها إلى كماليات، في الوقت الذي تحولت فيه قضايا الصوم والصلاة والزكاة والحج والجهاد مثلا إلى ركائز هامة وأحتلت موقع الصدارة والتشديد بدل أن تكون وسائل لفهم وتطبيق إرادة الله.
هنا نجح الأخر المضاد ومن داخل دائرة الدين أن يحول المراد الحقيقي إلى هوامش وقضايا يمكن تأجيلها أو حتى تجاوزها، أما القضايا التي هي بعض ما في المجموعة الأولى ومن جزئياتها إلى أن تكون الواجهة تحت عنوان (كتبت)، ولا شك أن الكتابة هي أمر وجوبي لكن ليس بدرجة الأمر الواضح والصريح، (كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم أياما معدودة) هذا النص لا يساوي بأي حال قوله تعالى مخاطبا الناس عموم الناس وليس فئة المؤمنين (إنا جعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا) هذا الجعل مع الهدف مع صيغة العموم تنفي أن تتحول قضية التعارف وإرادة الله بالجعل في مرحلة من الأهتمام أقل بكثير بل لا تذكر أمام قضية الصيام للمؤمن وهي قضية فردية ما لم تؤدي إلى تعزيز قضية التعارف والتقوى التي جاءت في النص الأول.
لا ننكر أن الصوم والصلاة وغيرها من الفروض هي جزء من العبادة ولكن لا ننسى أيضا أن أركان العبادة ثلاثة واحدة منها العمل بالفرائض أو ما تسمى فرائض حيث لم يثبت بنص محكم ولا قطعي أن الله تعالى فرضها على الإنسان من باب الإلجاء التام، الفروض المعروفة في القرآن الكريم هي ما جاء مثلا بسورة النساء (فريضة من الله) أي تحكيم مطلق لا يمكن تجاوزه، وبذات الطريقة أيضا حاول الكهنوتي سلب القيمة الحكمية الباتة من هذا الفرض وتحويله إلى باب أخر وخاصة فيما يتعلق بأنصبة البنت إلى شكل تصالحي لصالح الابن والاخ دون أن ينتبه أو يتحقق من معنى الفرض أو هكذا ما وصل إلينا, الصلاة التي جعلها فرض لا يوجد نص يؤكد أنها فريضة غير أنها مكتوبة وموقته وناهية وعلامة من علامات المؤمن تفريقا له عن المسلم.
يردد الكهنوتي كثيرا أن الإيمان ثلاث شعب تنوع في مداراتها ولكن تكاملها يشكل نموذج حقيقي لشكل وصفة وماهية المؤمن، وهي إقرار باللسان وعمل بالأركان ويقين بالجنان، وبعيدا عن الدخول في تفاصيل هذه التشكيلة ركز المفكر الديني والكهنوتي على العنصرين الأولين النطق والعمل وأهمل كثيرا الجانب الأهم وهو جانب اليقين، هذا الجاني الذي بغيابه لا تصبح أي قيمة مهمة لباقي شعب الإيمان, ويتحول الإيمان من شكله الروحي المثالي المتكامل الفاضل إلى مجرد مجموعة حركات حسية خالية من الجوهر، اليقين هو عمود الإيمان وبلا يقين لا يمكن أن يكون العمل حقيقي ومطابق لجوهر الإيمان بما يريد الله منا وبالتاي ما لم يراع جانب اليقين العقلي والقلبي لا نكون مع كثرة النطق وتعدد الحركات أمام شكل ما من أشكال الأستجابة لأمر الله، بل يتحول هذا العمل إلى نفاق محض وغرور ومنافاة لقضية التقيد بالدين.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لو أصبحت رئيسا للوزراء هذه خطواتي الأولى...ج1
- ماذا نريد من الله ... الكلمة الأخيرة.ح1
- ترانيم الصباح ...أمنيات لا ترفع للسماء
- من سلسلة _ جدلية الزمن والمكان في النص الديني ح4
- من سلسلة _ جدلية الزمن والمكان في النص الديني ح5
- من سلسلة _ جدلية الزمن والمكان في النص الديني ح3
- من سلسلة _ جدلية الزمن والمكان في النص الديني ح2
- من سلسلة _ جدلية الزمن والمكان في النص الديني ح1
- لست ملحدا ... ولكنني رجل به جنون _ تمهيد لكتابي لست ملحدا 20 ...
- الدين وقضية المرأة والفهم المؤجل ح2
- الدين وقضية المرأة والفهم المؤجل
- الواجب والحكم الديني الأمر وقضية الإنسان أولا. ح2
- الواجب والحكم الديني الأمر وقضية الإنسان أولا.
- صورة الإنسان المزدوجة.... في الفهم الديني
- وأعبد ربك حتى يأتيك اليقين ح2
- وأعبد ربك حتى يأتيك اليقين ح1
- قضية رأي في التفكر والجنون ح2
- قضية رأي في التفكر والجنون
- فكرة الدين والوجود تناقض أو صورة ناقصة؟.
- تنبؤات مجنونة من طفولة عاقلة


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - ماذا نريد من الله ... الكلمة الأخيرة.ح2