أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد المنعم عرفة - رسائل إلى الدكتور عدنان إبراهيم [8] ويزكيهم















المزيد.....



رسائل إلى الدكتور عدنان إبراهيم [8] ويزكيهم


محمد عبد المنعم عرفة

الحوار المتمدن-العدد: 5191 - 2016 / 6 / 12 - 10:54
المحور: الادب والفن
    


قال الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم في "الطهور المُدار علة قلوب الأبرار":
(الجهاد بذل ما في الوسع لدفع العدو، أو قهره حتى يخضع، وهو الأساس الذي تقوم به الحجة على قوة الإيمان، والركن الذي تتضح به المحجة للسير إلى الفوز بالرضوان، وبدونه كل أعمال المؤمن دعوى تحتاج إلى دليل.

والمجاهد إما أن يجاهد المملكة الفردية وهي مجاهدة السالك نفسه في ذات الله تعالى، وهذا هو الجهاد الأكبر الذي لا يصبر عليه إلا آل العزائم من كُمّل الصديقين.

مجاهدة النفس
تعلم أيدني الله وإياك بروح منه أن السالك بين جيشين عظيمين: جيش الحق، وجيش الباطل، والجيشان في ميدان المنافسة للظفر بالملك، وجيش الباطل في الإنسان أقوى وأكثر من جيش الحق، فإن ما يجاهد عليه جيشُ الباطل ليناله: محسوس ملائم للنفس، وما يجاهد عليه جيشُ الحق غيب يُنالُ غداً. وما كان محسوسا كان أقوى في الإغراء والرغبة فيه.

لذلك يجب على السالك في طريق آل العزائم ألا يتهاون في أمر جهاد هذا العدو صابرا مصابرا مرابطا، وأن تكون يقظته أتم عند قهر هذا العدو (أي عند الهدنة)، فإن للشيطان وللحظ والهوى دسائس خفية قد تظهر في فضائل ومحاسن، فقد تلتبس عليه بحسب دسائس العدو العادة بالعبادة، والطمع بالمحبة، والرياسة بظن تجديد السنة، فيكون هاويا في مهاوي الضلال، معتقدا أنه من عمال الله.

لذلك لزم أن يهتم في حال المجاهدة بتخليص النوايا و القصود، فقد تكون المجاهدة بابا من أبواب الشيطان لجهل السالك بدسائس النفوس، كما يحصل لمن يحب الخلوة من الغرور، ووسوسة العدو، وما يتولد في قلبه من حب الشهرة والسؤدد بذلك، أو نيل الكشف والمشاهدة وعلم الضمائر، واستخدام الأرواح لجلب الخير ودفع الضرر، أو الزهو بالنفس وكرامتها من التدنس بالاجتماع على العامة، وتلك أمراض خفية. أما العلل الباعثة التي يقصدها أهل الغرور ؛ فصاحبها ليس بسالك في طريقنا هذا.

أنواع المجاهدة: أنواع المجاهدة ثلاثة:
1- مجاهدة الحس والنفس والعقل والجسم في التسليم لرسول الله (ص وآله) تسليما يكون السالك به أشبه الناس برسول الله (ص وآله) في جميع شؤونه.
2- مجاهدة السالك نفسه على نيل الكمالات التي لا تلائمها من مراقبة الله في كل أحوالها، حتى يستحي أن يعصي الله في خلوة، ومن الرضا عن الله بالقليل من الضروريات.
وهذا النوع يجب أن يكون المجاهد فيه محافظا على أدب الأئمة الهادين المرشدين، فلا يستظهر عليهم حفظا للوسط. وكفى المجاهد شرفا أن يكون منهم، أو معهم، لأن هذا النوع مزالق أقدام السالكين، فقد يتجاوز آدابهم فلا يستطيع، فينقلب والعياذ بالله، يقول الله تعالى: (وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ) البقرة: ١٤٣. وهذان النوعان هما الجهاد في الله تعالى.
3 - النوع الثالث: وهو الجهاد في الله حق الجهاد، لا يصح حال أهله إلا بكمال مشاهد التوحيد، حتى تخلص النوايا توحيدا ومعاملة.
والواجب على المجاهد في هذا المقام إذا كان في حضانة المرشد ألا يتجاوز مقدار الشريعة إلا بإذن صريح من المرشد، خشية من أن تلوح لامعة من بوارق قدس الجبروت على قواه الروحانية فتنمحي معالم رسمه، وتنهار دعائم سوره فيقع في التيه، أو في غياهب التشبيه، لأن هذا الجهاد نهاية طريق آل العزائم في حصون أهل الملامة، ومعلوم أن أهل الملامة شيخهم الحقيقى رسول الله (ص وآله)، لأنه أول من تحمل آلام الملامة الفادحة بالرضا عن الله تعالى، والصبر على نجاة الناس من الشرك.

ولآل العزائم في هذا المقام أحوال علية، لا تخرجهم عن الآداب الشرعية، ولكنها تدل على كمال اليقين، فقد يفارقون ما لا بد لهم منه من الطعام أو الشراب والحظوظ والشهوات والمساكن والنساء والأولاد والأموال محتقرين كل ذلك في جانب أنسهم بالله تعالى، ومن أعطى الكل أخذ الكل، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ) الفتح: ١٠ باعوا والله النفوس والنفائس بعزيمة وقبول، فأعطاهم الله الكل، وهذا غذاء الأرواح لا يطيب للأشباح ولا للعقول، فقد تنكره أكمل العقول، ومن قرأ تراجم من عذبوا في الله من الصحابة يعلم مقدار أنسهم بالآلام، وفرحهم بفادح المجاهدات.

وهذا المجاهد هو الذي أعانه الله على القيام بما أمره به في قوله: (وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ) الحج: ٧٨ بدليل قوله سبحانه (هُوَ اجْتَبَاكُمْ) الحج: ٧٨ وبإقامته مقام رسله نص قوله: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) الحج: ٧٨ فهو يجاهد في وجوده ونسبته إليه فيما أمده الله تعالى به ورتبته منه، فاراً من عوالم ملكه وملكوته، ومن أنسه بالمشاهد الروحانية، ومن علمه ومعلومه، و عرفانه ومعروفه كما قال تعالى: (فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ) الذاريات: ٥٠ وتفصيل أحوال هؤلاء لا تفي به العبارة، ولا تبينه الإشارة، قال (ص وآله): (إن الله يكره لكم أن تبينوا كل البيان) وما فوق ذلك من البيان يكون من الفم للأذن للقلب، وقد يكون بالإلهام من الله تعالى.

الطريق والحاجة إليه
ما احتياج المسلم إلى الطريق ؟
كل مسلم على يقين أنه مسافر إلى الدار الآخرة، وأهل الإيمان منهم مسافرون إلى مقر رحمة الله ودار النعيم الأبدي، وأهل الإحسان مسافرون إلى مقعد صدق عند مليك مقتدر، وأهل الإيقان مسافرون فرارا من الكونين إلى المكون جل جلاله.

ولما كان المسافر إلى مكان ناء لا يخلو حاله: إما أن يكون عالما بالطريق متمرنا عليه أولا، فإن كان عالما به احتاج إلى رفيق يعينه على مهام شئونه، حتى يكون على يقين من أنه إذا نسى ذكره وإذا ذكر أعانه، وفى الحكمة: (الرفيق قبل الطريق) وإن كان جاهلا بالطريق احتاج إلى دليل موثوق به مشهور بين الناس بتوصيل السفر.


هذا ولما كان المسافر لا بد أن يترك وراءه كل الآثار والمعالم التي تحول بينه وبين نيل المقصد من وطنه، وأهله، وأولاده، وأقاربه، حتى يتسنى له نيل هذا المقصد العظيم، فكذلك المسافر إلى مقصد من المقاصد المتقدمة لا بد أن يفارق معالم وأثارا كثيرة تحجبه وتبعده عن مقصده، والحُجُب في السفر المعنوي أكثف وأشد من الحُجُب في السفر الحسي.

فقد وصل العقل إلى مقدمات أنتجت له التكلم مع المحبوب النائي عنه بواسطة الموصل السلكي (المسرة)، وأمكن العقل أن يضبط صدى صوت حبيبه محفوظا لديه، يسمعه متى شاء بآلة تعقيب الصدى الحاكي (الفنغراف) ولكن هذا المقصد ليس للعقل اقتدار أن يقربه بآلة أو بأداة، بل لا بد من فادح المجاهدات، وعظيم المكافحات، حتى يفارق كل تلك القواطع والحجب مرة واحدة، وبدون مفارقتها لا يصل كما وصل الحس بمجهودات العقل، فسمع صوت حبيبه محفوظا أو ملفوظا، وقد يرى حبيبه بالتصوير وهو متكيء على فراشه ينظر إليه في الصورة ويسمع صوته في الآلة، وذلك لأن الذي يفارقه المسافر إلى الحق حقائق في ذات الشخص لا تفارقه إلا بفادح المجهود، وما دامت تغشى جوهر النفس، فالنفس في اللبس.

ولو حصل المسلم علوم الأولين والآخرين ولم يظفر بدليل في مقام جهالته بالطريق أو برفيق في مقام علمه به لا يصل إلى قصده، ولو أن الله جل جلاله قدر ذلك في أزله لأظهر ذلك في ملائكته المجردين عن المادة ولوازمها، أو منح ذلك رسله الكرام، فإن الله تعالى ألزم الملائكة أن يتلقوا من آدم، وأمر الرسل أن يتلقوا من جبريل، وقد صحب جبريل رسول الله (ص وآله) في إسرائه وفى سيره وهو من تعلم جلالة وقدرا حفظا للناموس الإلهي، حتى ينفرد جل جلاله بالعلم بذاته لذاته.

هذا من حيث ما يتعلق بهذا الموضوع عقلا، أما من حيث الذوق فيه، فإن العلم كالمال والعافية والجاه يكسب النفس غرورا وعلوا، وهما العقبتان القاطعتان عن الله تعالى، ولو أن العلم ينفع في السير إلى الله تعالى لكان أول منتفع به إبليس، وهو من تعلم علما ومعرفة بقدر نفسه وعلمه، ولما لم يكن له مرشد يرشده ضل وهوى.

إن الله أرسل الرسل وهو الحكيم العليم لأنه خلق الخلق خطائين بأنفسهم، جهلاء بحسب حقائقهم، وإنما المرشد للسالك منزل منزلة القوت للروح والعقل علما، والغذاء للجسم عملا، ومنزل للواصل منزلة الشمس المبينة للحقائق، ومنزل لأهل التمكين بمنزلة الاتحاد، حتى يكون المتمكن مع المرشد هو هو، حالا وعقيدة وعملا وشهودا، وأنت تعلم ياولدى أن الجسم الحي يفقد حياته بفقد الغذاء، وأن العين المبصرة تخفى عليها الحقائق باحتجاب الشمس، وأن المتمكن قربا من الله تعالى يفقد كرامة الله له بفقد ما به وصل إلى الله تعالى.

وإنما سميت مجاهدة النفس وتهذيبها، وتجملها بمحاب الله ومراضيه طريقا ؛ لأن الإنسان في هذا المقام يفارق عوائده المهملة، وأخلاقه الوحشية، وهمته الإبليسية، وصفاته البهيمية الشهوانية، حتى يكون أشبه برسول الله (ص وآله). وما أعظم هذا الذي يفارقه وما أشد احتياجه إلى معين قوي مؤثر معتقد فيه.

وهناك فوق الذوق إشارة فسلم: إن الله تعالى ظهر لملائكته في مظهره، وظهر جل جلاله للسالك المخلص آمرا ناهيا مبينا في مظهره الأكمل خاتم الأنبياء صلوات الله عليه وآله، وظهر (ص وآله) في المرشد فيصل لصاحبه حتى تبلغ العقيدة به مبلغ أنه يرى مخالفته مخالفة لرسول الله (ص وآله).

لذلك كان لا بد من الرفيق في الطريق.

يقول (ص وآله): (اللهم ارحم خلفائي) وخلفاؤه (ص وآله) هم العلماء الربانيون الذين يحيون سنته بعد مواتها. ويقول الله تعالى: (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) النساء: ٨٣ وأولوا الأمر منهم هم الذين منحهم الله الفقه في دينه لأنهم أهل أمر الله تعالى، ومن لم يعتقد أن له مرشدا يصحح عليه حاله فهو مغرور بعيد عن الحق.

وهنا أنبه السالك أن يحفظ الموازين مع أكمل المرشدين، وألا يقبل من المرشد في كل مرتبة من مراتب السلوك إلا ما يعلمه من كتاب الله وسنة رسوله (ص وآله) صريحا أو تأويلا، حتى يبلغ مقام الإلهام، ولديها يجب أن يؤول للمرشد، فإن لم يبلغ بتأويله فهم الحكم سلم له، ووقف عن العمل، حتى يمنحه الله نورا تستبين له به الحقيقة، فإن المرشد إنما يزكي نفوس المريدين، فهو طبيب روحاني يجب على السالك أن يتعاطى عقاقيره التي لا تخرجه عن آداب الشريعة، مهما كانت ؛ كما إذا أمره بالأسباب وهو في التجريد، أو بالتجريد وهو في الأسباب، وأمثال ذلك.

ما يناله السالك بانتسابه للطريق:
الطريق والصراط والمنهج ألفاظ مترادفة يراد بها ما يسهل به الوصول إلى المقصد، آمنا سالكه على نفسه وماله من وعثاء السفر، أو سوء المنقلب. وقد قررنا فيما سبق أن السالك إلى الله تعالى يفارق حقائق كثيرة، لا يتسنى له الوصول ما دام واقفا عندها، وكل حقيقة من تلك الحقائق كجبل سَدّ مَسلَكَ المسافر إلى الله تعالى.

ولما كانت أسس الدين أربعة: العقيدة، والعبادة، والمعاملة، والأخلاق. وكانت النجاة متوقفة على الأساس الأول الذي هو العقيدة، وعلى قدر قوتها يكون الوصول، فإن أصحاب رسول الله (ص وآله) سبقونا بقوة الإيمان وسبقنا التابعون بوسعة العلم ونحن جئنا بكثرة العمل. ولا تسو بقوة الإيمان شيئا، فنحن في حاجة إلى قوة الإيمان ولو جهلنا كل شيء إلا ما لا بد منه لنا، وتركنا كل عمل إلا ما فرضه الله علينا، إذ وسعة العلم وكثرة العمل مع ضعف الإيمان لا تجدي شيئا، ولكن العقيدة الحقة تنتج العبادة الحقة والأخلاق الجميلة والمعاملة الحسنة، والرعاية التي تجعل المسلم حاضرا مع الله أو موقنا بحضور الله معه، يقول (ص وآله): "....... فإن لم تكن تراه فإنه يراك ".

هذا والقائمون بالدعوة إلى الله أنواع، فخيرهم وأنفعهم من جمله الله تعالى بقوة الإيمان، وبمعرفته سبحانه، وبعلم حكمته وأيامه وأحكامه، وهذا هو وارث رسول الله (ص وآله)، وهو السعادة العظمى لمن سلم له، وحصن الأمن لمن اقتدى به، وهو المعنى بقوله (ص وآله) في الحديث القدسي عن الله: (من آذى لي وليا آذنته بالحرب)، لأنه الصورة الكاملة لرسول الله (ص وآله)، والخليفة القائم لله بالله، مجدد المنهاج، ومقيم الحجة، ومبين المحجة، وهو المراد بقول الله تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) فاطر: ٢٨.

ثم يلي هذا الفرد رجل منحه الله الورع في دينه والخشوع في عبادته، وهو الزاهد العابد.
ثم يلي هذا رجل منحه الله الرحمة في قلبه والشفقة على عباد الله وهو من أهل المعاملة.
ثم يلى هذا رجل زكى الله نفسه، وطهر أخلاقه حتى ذلت نفسه في عينه، وهو المتخلق بالأخلاق الجميلة.

وكل واحد من هؤلاء يُجَمّل السالكَ على يده بما جمله الله به، وكلنا نعلم أن الله يهب على الأخلاق ما لا يهبه على غيرها، فكل مسلم لا يتربى على يد مرشد لا يذوق لذة الإيمان، ولا لذة التقوى، وربما اغتر بأعماله فأفسد إبليس عليه حاله، وكم سالك زلت به قدمه، وواصل ارتد على وجهه، ولا أمان لمكر الله، فالسالك على يد المرشد في حصون الأمن من وسوسة الشيطان وخدع النفس، وبه ينال الرقي إلى مقامات اليقين من التوبة، والخوف، والرجاء، والمحبة، والتوكل، والمشاهدة، والرضا، والصبر، وغيرها، حتى يبلغ مقام المقربين، ويكون مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.

إذا يتعين على كل مسلم أن يتلقى تلك الأسرار، وأن يقتدي بالمرشد في الأعمال ليكون أشبه الناس برسول الله (ص وآله)، وكل مسلم لم يتلق العلم من العالم الرباني ولم يقتد بالمرشد الكامل يخشى عليه من الشرك الخفي، أو الأخفى، من الغرور بالنفس والعمل والنسب والجاه، نسأل الله السلامة من الآفات في الهجرة إلى الله تعالى، إنه مجيب الدعاء.

أنواع الإنسان أربعة:
إنسان كلي: وهو رسول الله (ص وآله).
وإنسان كامل: وهم الرسل القائمون مقامه (ص وآله)، قبل إشراق شمسه المحمدية في عالم الإمكان، وأبداله صلوات الله عليه المجددون لسنته بعد رفعه عليه الصلاة والسلام إلى الرفيق الأعلى.
وإنسان روحاني: وهم السالكون المقتدون.
وأما الرابع: فحيواني عاص من المسلمين، أو شيطاني غاو كافر أو منافق.

وقد اقتضت الحكمة الإلهية أن يخلق الإنسان وسطا بين العالمين، وأن يخفى عنه ما به سعادته الروحانية، وأن يلهمه ما به سعادته الدنيوية، قال سبحانه: (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) النحل: ٧٨. ومعلوم أن السمع والأبصار والأفئدة آلات لتحصيل العلم بالله وبأيام الله وبأحكام الله، فالأذن تصغى للحكمة، والعين تشهد أنواع الآيات في الكائنات والقلب يفقه تلك العلوم. أما ما يتعلق بالضروري والكمالي من الدنيا، فلا يتوقف تحصيله على مرشد، لأن كل أنواع الحيوان ألهمت بالفطرة طريق تحصيل ما لا بد لها منه، والولد يولد من بطن أمه عالما بما به حفظ حياته من الرضاع إلهاما من الله تعالى.

ولما كانت العلوم والأعمال التي بها نيل مراضي الله ومحابه ليس للعقل أن يحصلها إلا بمرشد، اقتضت الإرادة الإلهية أن يبعث الرسل مبشرين ومنذرين. ولما كان ما جاء به الرسل صلوات الله وسلامه عليهم، قد يخفى فهمه على أكثر الناس بعد رفعهم إلى الرفيق الأعلى تفضل الله تعالى فأناب عنهم أبدالا لهم، يقيمون حججه ويوضحون محاجه، ويبينون للناس سبله سبحانه، لنحكم على عجز العقل عن نيل ما به السعادة، بل وعن هجومه على الغيب المصون، قال تعالى: (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ) القيامة: ١٩ فهو المبين سبحانه، ولكن يتفضل تنزلا فيبين لكل مرتبة من المراتب على قدر ما تطيقه القلوب، قال تعالى: (وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا) الأنعام: ٩ وقال عليه الصلاة والسلام: (رحم الله خلفائي) وقال صلوات الله عليه وسلامه: (يبعث الله على رأس كل مائة عام من يجدد لهذه الأمة أمر دينها).

ومعلوم أن السالك في طريق الله تعالى إذا لم يؤسس سيره على محبة الله، ومحبة رسوله (ص وآله)، وحب الخير لخاصة المسلمين وعامتهم لم ينل خيرا، والسالك الذي لا يقوم بإخلاص عاملا لله على هدى رسول الله (ص وآله) قل أن يصل إلى مقصوده. ولما كانت محبة الله تعالى لا يظفر بها السالك إلا بسماع ما له علينا سبحانه من النعم، وفهم أنوار جماله وأسرار بهائه، وعظمة جلاله، وسواطع أنواره، وإدراك مراتب الوجود، ونسبته في مرتبته، وما تفضل الله به عليه من خلقه بيديه، ومن نفخته فيه من روحه، وسر سجود الملائكة لآدم، وحكمة جعله خليفة عنه في الأرض، وعنايته سبحانه بالإنسان حتى أعد له مالا عين رأت ولا أذن سمعت في جوار قدسه، ومنازل الأطهار من خيرة خلقه, وبذلك يحصل له الحب الجذاب إلى حضرة القرب من الله تعالى.. وكان كل ذلك لا بناله السالك إلا بصحبة لمرشد القائم مقام رسول الله (ص وآله) كان لا بد لكل سالك من مرشد، فالمرشد في الحقيقة هو صورة رسول الله صلوات الله عليه المجملة بجماله المحمدي إلا أنه لا يوحى إليه، انطوت النبوة بين جنبيه، حفظ الله قلبه ولسانه، لأنه ممد من روح العصمة، فهو النجم المضيء لأهل عصره، وقد جعل (ص وآله) المرشدين في مقام التمكين إخوانا له في الحديث الطويل: " وددت لو رأيت إخوانى الذين لما يأتوا بعد " بسند مالك بن أنس في موطئه، فأنزلهم منه صلوات الله عليه منزلة الإخوان لأن الله تعالى أكرمهم بأن جعلهم ورثة أنبيائه.

وللمرشد اقتباس من مشكاة رسول الله (ص وآله) تنكشف به غياهب البدع، وظلمات الفتن في كل زمان، فهو حجة الله تعالى القائم للحي القيوم، وهو الإنسان المجمل بجمال الصديقين قولا وعملا وعلما وخلقا وعبادة ومعاملة وعقيدة، كما قال (ص وآله): " الولى من إذا رؤي ذكر الله لرؤيته " وقال أيضا: " الولى إذا دخل بلدا كمل إيمان أهلها ".

المرشد ينوع الأفكار ويقوي اليقين الحق، وتزكو به النفوس، وتنشط الأبدان للعبادة، ومن أكمل صفاته: أن الله يلقي عليه محبة منه فلا يراه مؤمن إلا أحبه، ولا منافق إلا هابه، ولا كافر إلا خاف منه، فهو صورة رسول الله (ص وآله) والمرآة التي أشرقت فيها معانيه المحمدية.

من هو السالك ؟:
هو إنسان مسلم منحه الله النور الذي يقبل به الخير, والنور في اصطلاحنا هو القابل وحفظه سبحانه وتعالى من فعل ما يخالف ما أنزل الله على نبيه (ص وآله) وإن قبله في بدايته من غير المرشد الكامل ألهمه الله الفرار إليه سبحانه ودله على المرشد، فكان من خيرة أصحابه، لأن ما يجعله الله من النور في قلب السالك إليه جل جلاله يستبين به الحق والباطل، فيجذبه الله إلى الحق بدليل قوله تعالى: اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ البقرة: ٢٥٧ وقوله ﴿ص وآله): (يد المؤمن في يمين الله كلما وقع أقامه).

والسالك يشتاق إلى الحق، والمشتاق إلى الحق قوي المسارعة إلى الحكمة، ولشوقه إلى الحق إذا سمع كلمة حكمة تلقاها ولو من عدو الله، قال رسول الله (ص وآله): " الحكمة ضالة المؤمن يلتقطها أنى وجدها ".

وسماع الحكمة يجعل النفوس تعظم حاملها، ولكن قد يكون حامل الحكمة غير الحكيم يحفظها ولا يفقهها، قال تعالى: مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا الجمعة: ٥، فإذا نطق الناطق بالحكمة قبلها السالك منه، ثم وزن أحواله بهذا النور المجعول له من الله، قال الله تعالى: وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ النور: ٤٠. فإذا اطمأن لها قلبه، وشهد من الحكمة العمل بها أحبه واقتدى بعلمه، وعمله، وحاله. وإذا لم يطمئن قلبه ولم يشهد عمله بالحكمة أخذ منه الحكمة وفارقه. فليس كل محصل للعلم عالما، ولا كل مبين للأحكام بدلا من أبدال الرسل، قال الله تعالى وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا الأعراف: ١٧٥ وقال (ص وآله): " قراء آمتى فساقها ".

إذا فهمت ياولدي هذا ؛ فلا يعتبر السالك سالكا في طريقنا إلا إذا جمله الله بكل تلك المعاني، وأنت تعلم يابني أن أصحاب رسول الله (ص وآله) كان بينهم المنافق، والشاك، والمتردد في دينه، والمظهر الإيمان لغرض من الأغراض، وكلهم يرون من رسول الله الميل والتأليف، مع إعلام الله إياه بحقيقة ما انطوت عليه قلوبهم، قال (ص وآله): " أمرت بمدارة الناس " وقد أمرنا (ص وآله) أن نحكم بالظاهر والله يتولى السرائر.

فالسالك حقا من منحه الله التسليم وقدر له صحبة المرشد الكامل، فأفرده بالقصد دون غيره من الخلق، حبا في أن يفوز بمعية رسول الله (ص وآله) بنيل صحبة أشبه الناس به شوقا إليه عليه الصلاة والسلام، ويكون في الحقيقة في معية النبي عليه الصلاة والسلام، بمعنى أنه لا يعتبر للمرشد وجودا فيعظم أمره ونهيه، وإنما يكون وجوده في معية الحبيب المصطفى، فيقبل من المرشد ما يعلم أنه من السنة، ويرد ما لا يفقهه قلبه من القول والعمل، معتقدا أن السلوك هو العمل بصريح السنة والكتاب، حتى يمنحه الله تعالى المراقبة أو المشاهدة، فهو لا ينكر على المرشد الكامل ما لا يفقهه قلبه مما يعتقد أنه حق في مرتبة المرشد ما دام المرشد لا يفعل محرما ولا يقول بضلال.

مثال ذلك: أن المرشد إذا ترك الأسباب أو عمل عملا يقتضي مهانة من تغيير هيئة، أو فرار إلى الغابات، أو فارق النساء والمشتهيات، أو مالت نفسه إلى السماع، أو زار الملوك والأمراء، مما حصل للأفراد المرشدين، فلا يقلده السالك في ذلك ولا ينكر عليه. أما إذا فعل محرما، أو أمر به، أو ترك فريضة وجب على السالك مفارقته بسرعة ولو كان المرشد يريد امتحان السالك في طاعته أو يريد امتحانه في يقينه برسول الله (ص وآله) وعلى السالك في مثل هذه الحال أن يستبين الأمر منه جليا مع التمنع عن الوقوع فيما يأمره به.

أما السالك الذي لا بصيرة له إذا قلد المرشد في عمله المتقدم، أو سلم له فيما يعلم حرمته فلا يعتبر عندنا فقيرا من فقراء الطريق، فإن المراد بالسلوك تجاوز عقبة الإلحاد والانتشال من وحلة التوحيد والتخلي عن نظر النفس ونزوعها، حتى يكون السالك إنسانا مسلما مقبلا على الله بكليته.

وأهم صفات السالك إلى الله تعالى:
1- إيثاره إخوانه على نفسه.
2 - الزهد فيما في أيدي الناس إلا لضرورة مقتضية.
3 - المسارعة إلى أن يكون نافعا لإخوانه بقدر استطاعته.
4 - السمع والطاعة لله ولرسوله (ص وآله) وللمرشد ما دام آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر.

ومن أخص علاماته:
قبول ما لا يلائم نفسه بانشراح صدر وفرح، والوقوف عند أدبه مع المرشد مهما أثنى عليه ورفعه، وعدم الغرور بنفسه ولو أقبل عليه العالم أجمع، ما دامت شمس المرشد مشرقة في أفقه حتى يبلغ اليقين الحق.

السالك المصاحب للمرشد: لم يبلغ درجة المرشد من العرفان. والمعرفة بها كمال التحقق في العبودية، وقد ترى بعض السالكين يعمل ما يخالف الشريعة مظهرا أنها من المعرفة، ولو أن المعرفة تبيح مخالفة الشريعة لكان أولى بذلك الخلفاء الراشدون، والمرشدون الكاملون، ومعرفة تبيح مخالفة الشريعة معرفة ولكنها معرفة الشيطان وإلهام ولكنه من إبليس ومخالفة المرشد دليل على الخيبة.

ما هي المعرفة ؟
المعرفة أن تعرف نفسك، فتعرف بمعرفتها ربك، وهل المعرفة التي تفقد العبد حقيقته حتى يكون إلها أو مخالفا لأحكام الإله معرفة ؟ هي ظلومية وجهولية، إنما المعرفة حفظ الأدب في الطلب، وكشف الحقيقة للحفظ من العطب، ومتى كان العبد المقهور يصير ربا قادرا ؟

والسالك يقف موقف الأدب مع المرشد فيعادي شهوده إن خالف عبارة المرشد، ويكره إلهامه إن أخرجه عن الأدب مع المرشد، وإنما السالك في طريقنا هذا ميت أحياه الله وجعل له نورا يمشي به في الناس من غير شك ولا إلباس، وإشارات المرشد كأشعة أنوار الشمس تظهر ما حسن، وما قبح، فتستبين النفوس الإبليسية من النفوس الملكوتية مع المرشد، وقد قال الله تعالى: يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ البقرة: ٢٦.

وللسالك أخلاق روحانية وآداب إحسانية، فهو في الحقيقة عين المرشد وإن كان مريدا , ومرادا لله تعالى وإن كان بعيدا , فإن السالك ليست له إرادة ولكنه مراد من الأزل، حفظني الله وإخوتي المؤمنين جميعا من صحبة المضلين، ومن الإصغاء إلى الجاهلين، وبين لنا كتابه وسنة نبيه بلسان وعمل أفراده المحصنين بحصون أمنه، إنه مجيب الدعاء) اهـ

تحية طيبة لفضيلة الدكتور زاده الله من فضله وتجلى عليه بجماله وكماله وجعله من كُمّل الأولياء.. والطريق إلى هذا أن يسلك طريق القوم من أهل الله وخاصته على يد شيخ صوفي متصل السلسلة (وهو اللفلظ المرادف للإسناد في المصطلح الصوفي) برسول الله صلى اله عليه وآله وسلم وسيكون في هذا فتح كبير له، ببركة صحبة الصالحين، فالسير إلى الله على السنة يكون بالصحبة وببركة الجماعة يصل إلى المؤمن من الفتوحات والمدد والتيسير والبركة والرزق ما لا يصل إليه منفرداً،(عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد، من أراد بحبوحة الجنة فليزم الجماعة)(فعليكم بالجماعة فإنما يأكل الذئب القاصية) وإذا كان الله تعالى يحب هذا في الصلاة(صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاة الرجل مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل وما كانوا أكثر فهو أحب إلى الله عز وجل) وفي قراءة القرآن(ما اجتمع قوم في ببت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده) وفي حِلَق الذكر(إن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر فإذا وجدوا قوماً يذكرون الله تنادوا هلموا إلى حاجتكم، قال: فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا، فيقول الله: فأشهدكم أني قد غفرت لهم، فيقولون يعني الملائكة: فيهم فلان، العبد الخطاء، ليس منهم إنما جاء لحاجة، قال: وله غفرت، هم القوم لا يشقى بهم جليسهم) فكذلك يحبه في السير إلى الله(واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه) وإذا كان الله يحب الإجتماع على طعام الأبدان ويبارك فيه ويرزق به الشبع: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إنا نأكل وما نشبع، قال:(فلعلكم تأكلون متفرقين؟ اجتمعوا على طعامكم، واذكروا اسم الله تعالى عليه، يبارك لكم فيه) وقال صلى الله عليه وآله وسلم:(كلوا جميعاً ولا تفرقوا) فكذلك نفس الشئ يحبه في قوت الأرواح(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين)، قدم رجل من سفر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(من صحبت؟) قال: ما صحبت أحداً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(الراكب شيطان، والراكبان شيطانان، والثلاثة ركب) وكان الناس إذا نزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منزلاً تفرقوا في الشعاب والأودية فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:(إن تفرقكم في هذه الشعاب والأودية إنما ذلكم من الشيطان) قال: فلم ينزل بعد ذلك منزلاً إلا انضم بعضهم إلى بعض، حتى يقال: لو بسط عليهم ثوب لعمهم. والسر في هذا أن النفس تميل إلى ادعاء الربوبية والإستغناء بذاتها عن غيرها الخ من رعوناتها وشركياتها التي تدفعها إلى البغي والعدوان والظلم بعد نسيان حقيقتها ونسيان ربها سبحانه وتعالى.. وهنا موضع الإختبار والمحك الحقيقي: هل سينصاع العبد ويخفي نفسه في الجماعة، أم سيبرز نفسه ويتفرد ويتماشى مع رغبة ورعونة نفسه وتفردها الذي أهلك إبليس ؟ قيل له اسجد لهذه الصورة المقدسة التي جمعت أنوار الأسماء والصفات، فأبى واستكبر لأنه لا يرى الله ولا يرى إلا نفسه، ثم قام بالتمويه والتدجيل فقال أن هذا حق الله وحده! (لم أكن لأسجد لبشر خلقته) وهو هو نفس شعار الخوارج والأزارقة والأعراب في كل زمان ومكان، فهم صورة إبليس، وأي أحد يتكلم بهذا المعنى فهو صورة إبليس في تلك اللحظة ينطق بها إبليس على لسانه.

فالواسطة أو الوسيلة هي عنوان العبودية ورأس مال العبد، ولذلك لم يخرج عنها حتى رسول الله ص حيث كان واسطته جبريل عليه السلام مع أنه مخلوق من نوره، إلا أنه يحب أن يثبت أنه عبد، هذا هو الجد أو الجدية أو الصدق مع الله ومع النفس، وعكسه اللعب! نعم ألم يقل ربنا في كتابه أن الحياة الدنيا لعب ولهو ؟ لأن القلب إذا غفل عن الله لم يتحقق الذكر ونسي العبد ربه وشهد نفسه فكانت موضع نظره وأعظم من الله في قلبه، وهذا لعب ولهو وهباء منثور لا يأتي بمصلحة: (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ. سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ. مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ. لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آَتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) وجعل اللعب هو حال أهل الكفر والجهالة فقال: (قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ).
لذلك شرع الله تعالى التوسل إليه بالصالحين من عباده ليعين على الخروج من النفس ومن حولها وقوتها عن طريق هذه الأسباب: التوسل ولزوم الجماعة والتربية على يد شيخ التربية بعد شيخ التعليم.. الخ من الإفتقار إلى الله عن طريق مظاهره وخلقه سلوكاً عملياً يؤثر في القلب.. فليس المراد بلزوم الجماعة عند القوم اجتماع الأبدان وإنما اجتماع القلوب والأسرار، وإلا فقد يكون الشيخ في بلد في أقصى المشرق والسالك في أقصى المغرب ويصله عن طريق شيخه من العلوم والفهوم والفتوحات والفيوضات اللدنية ما لا يحصله بالقراءة في مئات السنين. وإذا كان ذو القرنين الذي هو مظهر الذات الأحدية يقول:(فأعينوني بقوة) لكي يبين أنه عبد لله، فما بالك بغيره ؟!

لذلك أعتقد أن هذا سيكون مراد الدكتور عدنان إن علم وتيقن أنه خير له وأنه من الحق ومن طريق الآخرة، وقد سبقه إلى هذا كثير من كبار علماء زمانهم كالعز بن عبد السلام سلطان العلماء وبائع الملوك، فقد سلك طريق التصوف في سن متقدم من عمره هو وأبو حامد الغزالي، وكانوا مع هذا من أذكياء وعقلاء زمانهم وفطاحل العلم وفحول العلماء المحققين الأصوليين في عصرهم، ولم يمنعهم هذا من سلوك الطريق على يد الشيخ الصادق المسند المأذون.
والتصوف ليس مجرد فلسفة أو علوم عقلية أو نظرية، ولكنه سلوك طريق عملي مبني على قواعد وأصول يعلمها أهلها، ويكون بالذكر ومجاهدة النفس وترك مألوفاتها واتباع أوامر المرشد الخبير البصير حتى تزكو وتصل إلى ربها وتفرح به وتطمئن، ونعم تكون الفيوضات والعلوم اللدنية التي لا توجد في كتاب تكون ثمرة تلك المجاهدة(جاهد تشاهد) وقطرة العلم اللدني خير وأنفع للنفس من بحار علوم أهل الكسب.
فكلما تقدم الرجل في العلم(الحقيقي) كلما اتضحت أمامه الرؤية وعلم أن العلم ما وقر في القلب وأثمر الخشوع والصدق ومحى العجب ووشهود النفس وأفنى العبد في صفات وأخلاق سيده سبحانه وتعالى، وبهذا ساد(أويس القرني) أهل زمانه حتى أن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه كان يبحث عنه كل عام في أمداد الجيش ويقول لوفد اليمن:(أفيكم أويس) ؟ لأن النبي ص أوصاه أن يطلب منه الدعاء.
من هنا كان لابد من سلوك طريق التصوف،(وللعلامة عبد الله بن الصديق الغماري رحمة الله عليه رسالة لطيفة - ترجمت إلى الألمانية - بعنوان: "حسن التلطف بوجوب سلوك التصوف")، لأنه سلوك وتطبيق عملي لمرتبة(الإحسان) ثم الترقي في علوم اليقين بقلبه، بعدما تعلم علم الكلام والعقائد(مرتبة الإيمان) بعقله، وطبق الفقه(مرتبة الإسلام) بجوارحه، فتاقت نفسه إلى صحبة أرواح المقربين والتخلص من أسر وقبضة النفس الأمارة التي وضعت بينه وبين ربه سبعين ألف حجاب، فهرع إلى ربه وأخذ بالأسباب التي يملك بها نفسه، ليتهيأ له أن يعرف ربه حق المعرفة(من عرف نفسه عرف ربه).
والصوفية يقولون: "التخلية والتحلية" أو "التحلي والتخلي ثم التجلي"، أي التخلي عن الصفات الذميمة، والتحلي بصفات الحق تعالى، من خلال سيدنا رسول الله ص واستمداد الإمام الوارث منه، وطلب السالك عن طريق شيخه، سواء كان الإمام الوارث فرد زمانه أو من يستمد منه على قدر وُسعته الروحية من مشايخ التربية والتزكية، ولكن ليس من يرتشف من صنبور ماء كمن يغترف من محيط الإمام.

ونصيحتي للدكتور الكريم المكرم ألا يطيل البحث، ولكني أختصر له الطريق: مباشرة يتصل بالسيد محمد علاء الدين أبو العزائم(*) رئيس الإتحاد العالمي للطرق الصوفية – لأنه هو الإمام الوارث في هذا الزمان- ويخبره بأنه يريد سلوك طريق القوم على يديه، وسوف يجد من مكارم الأخلاق النبوية ومن شمائل الوراثة المحمدية ما يثلج صدره ويكشف همه.
ولا يمكن للنفس أن تتزكى بتلقي العلم الظاهر فقط، ولا حتى العلم الباطن وعلوم الحقائق وتزكية النفوس وتنوير القلوب دون ركوب سفينة أهل البيت المعنوية، من خلال سلوك الطريق إلى الله على يد الرجل الفرد في وقته، ولذلك يقول الإمام أبو العزائم في حِكَمِه:(لا يلزم أن تقرأ كلام الرجال، ولكن ابحث عن الرجال) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:(أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق) وفي رواية زيادة:)ومن قاتلنا في آخر الزمان فكأنما قاتل مع الدجال) ومن عرف رسول الله وأهل بيته "بالنور" لا بالأسماء والأشباح وإنما بالأرواح، سهُل عليه فهم كيف أنهم يكونون في آخر الزمان.. وركوب سفينة أهل البيت لا يتم إلا باتباع إمام العصر، وهو الذي يسأل عنه المرء في القبر بعد سؤاله عن ربه وعن دينه وعن نبيه ثم عن إمامه المعاصر:(وما تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم) ؟ مصداقاً لقوله عليه وآله الصلاة والسلام:(يبعث الله لهذه الأمة على رأس كل قرن من يجدد لها أمر دينها) والتجديد إن لم يكن بإعادة الأمر إلى ما كان عليه في بدئه: فلا معنى له، أو هو تجديد من باب التشريف والمجاز لا الحقيقة، ولذلك فالتجديد لا يكون إلا من خلال الأئمة الورثة الكمل من أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

وهؤلاء المجددين هم صور سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حضرة الرسالة(وما محمد إلا رسول)، لأن سيدنا رسول الله له ثلاث حضرات:
1- الحضرة المحمدية: وهي الرسالة المحمدية، والورثة المحمدين الوارثين لها أولهم سيدنا الإمام علي وأخرهم السيد محمد ماضي أبي العزائم، اذن الحضرة المحمدية:
* كرسالة وختم النبوة
* ثم كوراثة، وهم الورثة المحمدين، بدايتهم سيدنا علي(عليه السلام) ونهايتهم السيد محمد ماضي أبي العزائم.
2- الحضرة المحمودية:(عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا)
3- الحضرة الأحمدية: وهي حضره الولاية الكبرى الأحمدية، وهي قبضه الأنوار الإلهية الذاتية، التي واجهت الذات العلية وهي حضره الأنوار. فسيدنا أحمد هو قبضة الانوار الإلهية الذاتية(قبضت قبضة من نوري) أي كل النور لأن نور الله ﻻ تجزأ وﻻ يعتريه النقصان أو الزيادة،(فقلت لها كوني حقيقة محمدية فكانت) وهي الوﻻية الأحمدية. ولذا لما أصر سيدنا جابر بن عبد الله الأنصاري وهو صحابي جليل بسؤاله لسيدنا النبي صلي الله عليه وآله وسلم:(ما أول ما خلق الله يا رسول الله) فبعد تكرار السؤال قال له(نور نبيك من نوره يا جابر) أي نور النبي(الحضرة الأحمدية) من نور الحق أو من نور الله. فالحضرة الأحمدية هي قبضه الأنوار الذاتية الإلهية، وهي البداية التي واجهت الذات العلية وانبثقت منها جميع الحضرات: الحضرة المحمدية والحضرة المحمودية.

أخذ العهد أو البيعة:
قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ)(المؤمنون:8) وقال تعالى (وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا)(البقرة: من الآية177) وقال تعالى(إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً)(الاسراء: من الآية34) وقال تعالى(إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً)(الفتح:10)، وقال صلى الله عليه وسلم(بايعوني على ألا تشركوا بالله شيئا... الحديث) وقال تعالى(لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ)(الفتح: من الآية18).
فالعهد أولا أخذه الله تعالى على رسله الكرام بأن يكونوا أمة لحبيبه ومصطفاه إن أدرك زمانه أحدهم، وأخذت الرسل صلوات الله وسلامه عليهم العهد لله على أممهم، وقام العلماء الربانيون ورثة الأنبياء بأخذ العهد لله تعالى بالنيابة عن رسوله صلى الله عليه وسلم على أهل عصرهم في كل زمان بأن يبينوا لهم ما أوجبه الله تعالى عليهم وما رغبهم فيه وما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأئمة الهدى، ثم يأخذون عليهم العهد أن يأتمروا بما أمرهم الله ورسوله وينتهوا عما نهي الله ورسوله عنه، قال الله تعالى(إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ)(التوبة: من الآية111). وكما أن الله أخذ عليهم العهد أن يقوموا بالعمل بوصاياه سبحانه، فقد ضمن لهم فضلا منه وكرما أن يدخلهم الجنة ويبشرهم بأن يفي لهم بعهده سبحانه، قال تعالى(وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ)(البقرة: من الآية40).
وفي تلك الآية الشريفة سر غامض تلوح أنواره لمن انتشل من أوحال التوحيد إلى فضاء التنزيه والتفريد بعد التزكية والتجريد، وأشرقت أنوار حضرة الرب العلي الكبير على حضرة العبد الذي واجه الرب جل جلاله فأشهده معاني ربوبيته فتحقق بالتمكين بالقيام بحقوق العبودية، فكان الرب جل جلاله مع العبد والعبد المضطر مع الرب معية جعلت العبد متحدا مع ربه جل جلاله فيما يريد بمحو مراد العبد في مراد الرب وهم العبد في استجلاب رضاء الرب جل جلاله، وبذلك تقوى الرهبة والرغبة من عظمة العظيم وفي الفضل العظيم من الله تعالى. ويشتد الخوف من مقام الرب جل جلاله والطمع في عفوه ومغفرته، فتكون معاني الربوبية معالم بين يعني العبد فلا يرى شيئا إلا ويرى أنوار الربوبية قبله وفيه وبعده، وبذلك يكون ربانيا يفقه عن اله ويتلقى بسره عن رسول الله، ويكون لـه وجود عيني بالله تعالى ثابت بإثبات الله لـه ظاهر بإظهار الله لـه عامل في محاب الله ومراضيه بتوفيق الله وهدايته، فيكون لـه من الله الفضل العظيم وعليه الواجب المقدس الذي هو حكمة إيجاده لـه سبحانه وتعالى وسر إمداده منه سبحانه وتعالى، ولذلك فإنه سبحانه بعد أن قال (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ) قال: (وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ)(البقرة: من الآية40)، لأن هذا الخطاب المقدس ربما أشهد السالك في مقام فرقة بعد الجمع مشهدا يجعل رغبته ورجاءه وطمعه وأنسه وشهوده سوابغ النعماء وجميل الآلاء وتسخير كل شيء هو في الملك والملكوت يقوي فيستر عنه مشاهد المنة وبوارق العظمة والعزة والكبرياء، فربما يأنس بمشهد دون مشهد، فاشار سبحانه بقوله (وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) إلا أن مقام العبودة أرقى من مقامات العبادة والعبودية. وإنما الأحوال نتائج الشهود، والشهود نتائج المقامات.. فمن غلب عليه مقامه قهر حاله، ومقام الرهبة أعلى المقامات لأنه من علم آيات عظيم كبير متعال علي قادر منان. وكم من سالك وقف عند مشاهد الرغبة والرجاء والطمع ولم يتجاوزها إلى مقامات التمكين وحق اليقين، فتاه شاطحا، فيتداركه الرب جل جلاله بنعمة منه والله أرحم بالسالكين من أنفسهم ورسوله صلى الله عليه وسلم أولى بالمؤمنين من أنفسهم. ولتلك الآية الشريفة من غوامض الأسرار مما تكاشف به النفوس الطاهرة قبس من مشكاة الأنوار توجه به السرائر من أنوار الكوكب الدري، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم. اهـ السيد محمد علاء الدين أبو العزائم (خاتم الوراث المحمديين).

____________________________________________
(*) للتواصل مع سماحة السيد محمد علاء الدين أبو العزائم 00201117668005



#محمد_عبد_المنعم_عرفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسائل إلى الدكتور عدنان إبراهيم [7] ذو القرنين
- الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [25]
- الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [24]
- رسائل إلى الدكتور عدنان إبراهيم [6] المسيح الدجال
- رسائل إلى الدكتور عدنان إبراهيم [5] الدابة
- الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [23]
- الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [22]
- الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [21]
- رسائل إلى الدكتور عدنان إبراهيم [4] كما بدأنا أول خلق نعيده
- الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [20]
- رسائل إلى الدكتور عدنان إبراهيم [3] سر إظهار المجددين
- رسائل إلى الدكتور عدنان إبراهيم [2] شجرة آدم وحواء
- رسائل إلى الدكتور عدنان إبراهيم [1] حكمة خلق الإنسان وإيجاد ...
- أُحِسُ حيال عينيكِ.. بشئ داخلي يبكي
- قانون الكارما.. محكمة العدل الإلهي
- فن الإستمتاع بالحياة [3]
- رحمة الصوفية (إهداء للعزيزة الكاتبة فاطمة ناعوت)
- الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [19]
- الحج والجهاد في الإسلام.. رؤية الإمام المجدد السيد محمد ماضي ...
- الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [18]


المزيد.....




- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد المنعم عرفة - رسائل إلى الدكتور عدنان إبراهيم [8] ويزكيهم