أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - سميرة ورزن ووائل وناظم، عامان ونصف من الغياب














المزيد.....

سميرة ورزن ووائل وناظم، عامان ونصف من الغياب


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 5190 - 2016 / 6 / 11 - 18:18
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


في واقعة اختطاف وتغييب سميرة الخليل ورزان زيتونة ووائل حمادة وناظم حمادة منذ عامين ونصف على يد "جيش الإسلام" في دوما بعدٌ درامي نادر، يحيل إلى الوضع العضال لمناضلين ديمقراطيين، علمانيي التكوين، مستقلين ومتوجيهن نحو الداخل. أتكلم على وضع عضال لأن المعنيين معارضون جذريون مجربون للدولة الأسدية، ونالهم منها نصيب شركاهم وأشباههم. سميرة اعتقلت لأربع سنوات في حقبة حافظ الأسد، ورزان كانت ممنوعة من السفر وتعرضت لضغوط أمنية متكررة، ووائل اعتقل مرتين بعد الثورة وناله تعذيب بالغ القسوة، وناظم كان متواريا منذ مطلع الثورة إلى وقت مجيئه إلى دوما قبل نحو 3 شهور من اختطافه. والأربعة علمانيو التكوين والتفكير، لكنهم ليسوا من ذلك الصنف الذي جعل من العلمانية شاهدة زور على ما جرى ويجري لعموم مواطنيهم، وممن لم يفتقروا يوما إلى سند، ومنه المخابرات الأسدية ذاتها. وهم مقيمون في البلد وعيونهم متوجهة نحو المجتمع السوري، ولم يكونوا من أهل الأسفار والمؤتمرات، ولا سند لهم في قوى دولية أو شبكات دولية.
ولتمثيل الوضع الاجتماعي للأربعة يكفي القول إنه لم يكن لسميرة الخمسينية وناظم الأربعيني ورزان وائل الثلاثينيين بيوت شخصية، وأن الزوجين رزان ووائل كانا بالكاد أخذا يسددان أقساط بيت من عمل رزان ككاتبة، وهو عمل لم يكون مضمونا قبل الثورة، وضاع تماما مثلما ضاع البيت نفسه بعد الثورة.
قبل الثورة كان التحديد الأول والأساسي للأربعة أنهم معارضون للدولة الأسدية. لكن وقع اختطاف المرأتين والرجل وتغييبهن على يد "جيش الإسلام" الذي كان أخذ يشغل في دوما موقع الدولة الأسدية، وهو استكمل بفعلته تلك وبلواحق لها إشغال هذا الموقع الأسدي، متسببا على غرار الدولة الأسدية ذاتها في تدهور عام، سياسي وأمني ومعاشي ومعنوي، لأوضاع السكان في المنطقة، بما في ذلك تراجع واسع أمام هذه الدولة المعتدية. فإذا كانت قد جرت فلسطنة واسعة لبيئات الثورة السورية على يد نظام شغل موقعا إسرائيليا حيال محكوميه، فقد لقيت إسرائيلنا الداخلية مساندة مماثلة من "جيش الإسلام" وأشباهه.
كان خطف وتغييب سميرة روزان ووائل وناظم فعل تغييب لشهود موثوقين، كانوا صوتا داعما لعموم أهالي المنطقة، والجهة المستقلة الموثوقة التي شهدت على المذبحة الكيماوية وعلى ما أعقبها من حماية دولية للدولة الأسدية.
تجسد الافتقار إلى السند بصورة تراجيدية بعد جريمة الخطف. فبما أن الأربعة معارضون جذريون للدولة الأسدية، فلن تشملهم صفقات تبادل أسرى من صنف ما جرى بين مجموعات مقاتلة والأسديين. وبما أنه لا سند دوليا لهم، فإنه لم تجر مطالبة جدية بهم ولم تمارس ضغوط من دول على رعاة إقليميين معلومين للجهة الخاطفة. بل لعل المرء لا يبالغ في سوء الظن إن ارتاب بأن في تغييبهم مصلحة لقوى دولية نافذة، لا يناسبها وجود شهود موثوقين على المذبحة الكمياوية، والصفقة الكيماوية المشينة التالية لها. وبما أن الأربعة علمانيون فإنه لم يحظوا بأي تضامن أو محال تدخل لصالحهم من قبل أي إسلاميين، مشايخ أو منظمات، في سورية أو في أي مكان. وفي المرتبة نفسها من السوء أن من يفترض أنهم شركاء في القضية الديمقراطية أظهروا تخاذلا مشينا عن نصرة الثائرتين والثائرين. للأمر صلة مرجحة بتبعيات متنوعة لهؤلاء الشركاء المفترضين، تُقرِّبهم من الجهة الخاطفة ورعاتها النافذين والموسرين، لا من المرأتين والرجلين المخطوفين والمغيبين.
ولأنهم ديمقراطيون علمانيون مستقلون، فإنهم لا ينتمون إلى طائفة ولا تسندهم طوائف، ولا تشملهم الدعوات الوضيعة إلى "حماية الأقليات" و"ضمانة حقوق الأقليات".
وهذا ما يضع سميرة ورزان ووائل وناظم في موقع استثنائي في فرادته، ويجعل منهم أمثولة للوضع التراجيدي للثورة السورية، ولأولئك المثاليات والمثاليين الذين يخوضون كفاحا مهولا بعدة من التكرس والدأب والشجاعة والكرامة والحس الإنساني.
والثقافة.
ناظم شاعر، وكان يبدو دوما متطلعا إلى التفرغ لقصائده، وفي غير مكانه كمحام غير ممارس وناشط سياسي وحقوقي. ورزان كاتبة لامعة، بقدر ما هي مناضلة حقوقية وسياسية استثنائية في شجاعتها وعزيمتها. ولم تكن سميرة من منتجي الأفكار، لكنها خياراتها السياسية وانحيازاتها الإنسانية ارتبطت بأنشطة المثقفين الديمقراطيين السوريين الذين شاركت في بعض أهم مبادراتهم. وهذا مع تحليها بروح شعبية، وضعتها على قرب من عموم الناس في بيئات اجتماعية سورية مختلفة. وكان وائل في الجو نفسه، وشريكا في نقاشات سياسية وفكرية نشطة في منطقة الغوطة الشرقية كلها طوال سنوات ما قبل الثورة.
لكن هذا لا يجعل المرأتين والرجلين مثقفين بالمعنى الأشيع للكلمة. إنهم مناضلون، منخرطون في الكفاح، لا يقولون شيئا ويفعلون غيره، ولا ينعزلون عن بيئات اجتماعية حية كان نشاطهم وتفكيرهم متوجهين نحو العيش فيها والشراكة معها.
وفي هذه الحيثية الثقافية أيضا كان الأربعة بلا سند. لم يحظ هؤلاء المثقفون المقاتلون بدعم أو تضامن من المثقفين المقاولين.
اليوم يكتمل عامان ونصف على اختطف وتغييب سميرة ورزان ووائل وناظم، لا نعلم نحن أحبابهن وأصدقاؤهن، عنهن شيئا، وهن لا يعلمون عنا شيئا.
كان يمكن أن أكون خامس الأربعة. انقذفنا نحن الخمسة خارج دمشق المختنقة خلال نحو خمسة شهر من عام 2013 الفظيع. وبما أني كنت الناجي، وصادف أن كنت كاتبا، فقد وقع علي ضمان استمرار المعركة في المجالين الحقوقي والسياسي، فضلا عن خوضها أيضا في المجالين الفكري والأخلاقي.
وليس لدي أي شك في من سوف يكون المنتصر في معركة فُرضت علينا، وكان بودي تجنبها... إلى حين.



#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معنى جنيف: حرمان السوريين من حداد
- جوهر الأسدية ومصيرها
- الجسد المختوم أو عبء المرأة المسلمة
- فِدراليتنا بلا فدراليين، وبلا فدرالية أيضاً
- العصبية والسياسة: ملاحظات على كتاب -دائرة الخوف- لليون غولدس ...
- الحرية: البيت، السجن، المنفى... العالم
- سميرة وسورية
- في مغزى انبعاث الاحتجاجات السورية
- ملاحظات على كتاب -الوهابية- لخالد الدخيل
- روسيا في سورية: قوة كولونيالية عنصرية
- الموسيقا والكتابة/ حوار
- امتلاك السياسة: من الثأر إلى بناء القضية السورية
- السلفية الجهادية والماركسية اللينينية وعالم اليوم
- الحرب ضد الإرهاب كنظام عالمي
- طبقات داعش التاريخية
- ليست سورية هي المسألة، المسألة هي العالم!
- انهيار -الإسلام السياسي- وصعود السلفيين الجهاديين
- الكتابة المسكونة: حول بعض خصائص الكتابة السورية الجديدة
- الثورة، السلفية، الإمبريالية: ثلاثة أطوار في خمس سنوات
- داعش والعالم: علاقة مرآوية


المزيد.....




- مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق ...
- فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم ...
- مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره ...
- السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية ...
- جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
- الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين ...
- الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر ...
- كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
- الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
- الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - سميرة ورزن ووائل وناظم، عامان ونصف من الغياب