أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صادق محمد عبدالكريم الدبش - ناظم حكمت .. 1902 -1963 م .















المزيد.....


ناظم حكمت .. 1902 -1963 م .


صادق محمد عبدالكريم الدبش

الحوار المتمدن-العدد: 5189 - 2016 / 6 / 10 - 01:26
المحور: الادب والفن
    


ناظم حكمت / Nazim Hikmet .
ناظم حكمت ران (1902 - 1963) .
شاعر تركي شهير ولد عام 1902 لعائلة ثرية ومتنفذة ، عارض الإقطاعية التركية وشارك في حركة أتاتورك التجديدية ولكن بعدها عارض النظام الذي أنشأه اتاتورك وسجن في السجون التركية حتى 1950 ،فر إلى الإتحاد السوفييتي وهو شاعر شيوعي أشعاره ممنوعة في تركيا, توفي في عام 1963.
أتخذ مجلس الوزراء التركي قرارا في 17 يونيو عام 1951 بنفيه من البلاد،وعاش ناظم حكمت مع زوجته ( فيرا تولياكوفا ) في موسكو بالإتحاد السوفيتى .
حصل على الجنسية البولندية واختار اسم بورجنسكي ليصبح ناظم بورجنسكي في السجلات الادارية البولندية.
وتزوج من فيرا تولياكوفا اواخر 1960. والتقى بعدها بسنة بزوجته السابقة منور وابنه محمد، وحصل على جواز سفر سوفياتي عام 1962، وتوفي في موسكو في 3 حزيران 1963 ودفن هناك.
وفي السنوات التى قضاها خارج البلاد ، تجول ناظم حكمت في كثير من دول العالم مثل : بلغارياو المجر و فرنسا و مصر إلى جانب أنه شارك في أعمال ضد الحرب والإستعمار فقام بعمل برامج تسجيليه في الراديو بعضا منها كانت تذاع في الراديو التركي والبعض الآخر كان يذاع في راديو ( بوضابيشتا ).
في 5 يناير من عام 2009 .. ! تم تقديم مقترح ينص علي إبطال سريان قرار مجلس الوزراء الذي يدور حول نزع الجنسية التركية من الشاعر ناظم حكمت ، ومن ثم عرضه للتوقيع .
كما أعرب المتحدث الرسمى للحكومه "جميل شيشاك " عن تجهيز القرار المتعلق بإسترداد ناظم حكمت لجنسيته التركية وأيضا تم عرض هذا القرار للتوقيع وقال أنه تمت الموافقة عليه بالإقتراع وذلك بإعادة الجنسية التركية إلى ناظم حكمت والتى انتزعت عنه في عام 1951 . أصدر مجلس الوزراءالقرار بتاريخ 5/1/2009 وتم إصداره في جريده رسميه بتاريخ 10/1/2009 وهكذا أصبح ناظم حكمت مواطنا تركيا بعد إنقضاء حوالي ثمانى وخمسون عام على ذلك .
كان ناظم حكمت ماردا في حبه وعقيدته وكفاحه بل وحياته كلها. كان "سيد من بنى الاساطير وهدم الاساطير.. ومن غنى الحرية والفرح وآمال وحكايات القوم البسطاء". ولقد هتف بالناس، وهو في انياب العذاب واعماق السجن:"الحياة ليست دابة، فلنعشها بجد" ورأى العيش جميلا، جديرا بأن يحب وهو يمارس اقبح العيش وابغضه، وتغنى ببلاده حتى صار "حب الوطن" اقنوما له، فتساءلت مجلة "مغازين" التركية الاسبوعية وهي مدهوشة:"هل سبق وقرأتم شعرا يمنح من اعماقه هذا المقدار من الحب للوطن؟!". ووثق بالانسان ودوره وفرديته وجماعيته وامكانية تكوينه على النفع والخير. وكرس قلمه وحياته لاجله، ممجدا، في كل لحظة، الجانب الحي الملتهب فيه، المشع كالشمس، لاعنا الجانب الميت الخامد كبركان، المنطفئ كالقمر- وقلما ذكر ناظم القمر في قصائده- داعيا اياه الى الصمود في .
لقد انتصر ناظم حكمت على كل اعدائه ، ليس بشجاعته وحدها ، ولا بقوة اعصابه وحدها ايضا ، بل بثقته في قضيته ، واستعداده للموت في سبيلها .
قال عنه الناقد" جوزين دينو": " ان ناظم اذكى النار في الهشيم الشعري، وحرره من القواعد العروضية".
أما الناقد" تزيستان تزارا " فقد قال بان ناظم سخر شعره للانقضاض على الاستبداد، وناضل لتحقيق العدالة الاجتماعية.
وصفه سعيد عقل بقوله: ناظم حكمت ثالث اثنين، دانتي وشكسبير» .
ولعل أبلغ وصف له جاء من الروائي السوري حنا مينا في كتابه .. السجن والمرأة حين يقول [ بأنه كان خاليا من الازدواجية المقيتة ما بين الفنان وسلوكه والتي هي في جوهرها عجز عن المواجهة حين يكون على المرء ان يعيش ما قاله. ناظم حكمت باختصار عاش ما قاله] .
لم يتوقف عن مراسلة امه " جليلة " طيلة ايام سجنه. تلك السيدة الوقور ، التي كانت تزوره بين الفينة والاخرى، وتجلسه على كرسي في فناء السجن، وتبدا برسم صورة له، كونها فنانة بارعة.
وعشية دخوله الأراضي السوفيتية أنشد يقول :
أنا آت من الشرق
أبشر ,
بثورة الشرق
فهيّا افتح ذراعيك
واحتضني
إيه ! عانقني ,
يامن تغلغل الشوق الى رؤيته
في حشاي
كما يتغلغل الحنين الى الوطن.
ان اضرابه عن الطعام كان اخر وسيلة في يديه للخروج من سجن ( بروصه ) ، وقد اقدم على استخدامها بدقة واحكام ، وعرف ، على هذا النحو ، الام الجوع ، كما عرف قبلا الام التعذيب وألام السجن .
وقرر الأضراب عن الطعام حتى الموت عام ١٩٥٠ ! .. أو يطلاق سراحه وينال حريته ، فهبت عاصفة من الاحتجاج شملت العالم، انتزعته من أيدي جلاديه، ليتخطى من ثم حدود تركيا قاصداً الاتحاد السوفييتي «وطنه الثاني» كما دعاه، ومثواه الأخيرأيضاً، لأن بلاده رفضت أن يدفن فيها كما جاء في وصيته.
وهذه أبيات من قصيدته التي كتبها أثناء اضرابه عن الطعام :
رفاقي !
اذا لم استطع أن أعبر لكم بوضوح
عما أريد أن أقوله ، فلتغفروا لي ، يارفاقي ،
لانني ثمل ، وأشعر بدوار خفيف ،
لا من أثر الخمر ،
ولكن من أثر الجوع ،
------
رفاقي انكم لن تتركوني وحيدا ابدا ،
ولن تنسوني ،
ولن تنسوا وطني وشعبي ،
لأنكم تحبوننا ،
انا أشكركم ، يارفاقي .
-------
رفاقي !
لا اريد الموت ،
ولكنني لو قتلت ،
فأنا أعلم ،
أعلم أنني سابقى حيا بينكم ،
حيا في قصائد أراغون ،
في كل قصائده التي تتغنى بالايام السعيدة الأتية --
حيا في حمامة بيكاسو البيضاء ،
وفي اغاني روبسون .
والابهى من ذلك ،
أنني سابقى حيا في ضحك رفاقي الظافر ،
شغيلة مرفأ مرسيليا .
رفاقي !
الحقيقة انني سعيد الى ابعد حدود السعادة .
المصدر : ص 301 - 302 / السجن . المرأة . الحياة ، هذه القصيدة ترجمة عبد الوهاب البياتي .
ويقول عنه الكاتب المخضرم والكبير حنا مينه ((يكفي ان نقول ناظم حتى نقول الإنسان)) .
التعريف بحنا مينه من مواليد 1924. ساهم في تأسيس رابطة الكتاب السوريين واتحاد الكتاب العرب.يعد حنا مينه أحد كبار كتاب الرواية العربية, وتتميز رواياته بالواقعية.
عاش حنا طفولته في إحدى قرى لواء الاسكندرون علي الساحل السوري، ومازال على قيد الحياة يعيش في دمشق .
يقول هذا المبدع اللامع حنا مينه .. كل ما فعلته في حياتي معروف، وهو أداء واجبي تجاه وطني وشعبي، وقد كرست كل كلماتي لأجل هدف واحد: نصرة الفقراء والبؤساء والمعذبين في الأرض، وبعد أن ناضلت بجسدي في سبيل هذا الهدف
التصوف عند ناظم حكمت :
عام 1902 ولد في سولينيكي المدينة التي كانت عثمانية وتقع في شمال اليونان اليوم شاعر مهم بل ومهم جدا، أثّر في الأدب العربي وفي الأدباء العرب كما لم يؤثر شاعر غير عربي آخر لقرون، شهد ناظم حكمت الولادة الحقيقية لذلك القرن العجيب، القرون لا تبتدئ بالسنين ذات الصفرين أو أكثر، فذاك حساب الفلك والترقيم، حساب الإنسان والحدث وتقلبات الحياة والوجدان والمزاج بدأ القرن الجديد بدايته الحقيقية بين 1917 و1918، كانت هناك حرب كونية تنتمي إلى القرن التاسع عشر قد اندلعت عام 1914 لينتج عن محرقتها قرن جديد، الشاعر التركي ناظم حكمت مولود عائلة أرستقراطية، يقول في إحدى قصائده إنه عندما كان في الثالثة كانت وظيفته في الحياة هي أن يكون حفيد ناظم باشا عمدة حلب، أمه أرستقراطية أيضا والدها أنور باشا شخصية عثمانية لامعة، أبوه دبلوماسي، أمه رسامة وعازفة بيانو، هذه صور لناظم رسمتها أمه، في صباه تشبّع ناظم حكمت بحب الأناشيد الصوفية، عرف الإيقاع والشعر من أفواه الطرق المولوية، انداحت أناشيد التكايا والأوراد وحلقات الذكر في وجدانه وشكلّت وعيا شعريا ذا نكهة لم تفارقه وأن اغترب وتغرب وصار شيوعيا، هل يمكن تلمّس ما صدحت به أناشيد الدراويش في شعره؟ ثم كيف يظل طعم التصوف في شعر شيوعي.
عبد الوهاب المسيري – كاتب وناقد: أنا لي نظرية في التصوف أن التصوف يمكن أن يؤدي إلى الاستسلام والإذعان ويمكن أن يؤدي أيضا إلى الثورة، بمعنى أن الثورات اللي بيسموها بالإنجليزية (كلمة بلغة أجنبية) والتي يمكن أن نسميها بالعربية المهداوية التي تطرح فكرة أن إحنا وصلنا إلى نهاية التاريخ وأنه امتلأ العالم ظلما ولابد أن يأتي المخلص ليحرر العالم من الظلم، هذه النزعة موجودة في الحركات الصوفية وأخذت شكل ثورة الشيخ بدر الدين الذي تحدى الخلافة وجمع الناس بقى سواء كانوا من المسلمين أو المسيحيين أم من الأرمن كل الجوعى والفقراء التفوا وراءه وهزم الخلافة العثمانية في بعض المعارك لكن نتيجة لخيانة بعض الأتباع تم القضاء عليه، هذه الملحمة يعني هي نتاج هذه الرؤية الصوفية في نزوعها الثوري.
أحمد عبد المعطي حجازي- شاعر وكاتب: التصوف في حقيقته رؤية للعالم توحّد عناصر العالم وتوحّد أشيائه ومظاهره وكائناته وبالتالي يجد الشاعر نفسه متحدا به في هذا العالم وذلك نستطيع أن نتذكر وأن نستعيد الأبيات الجميلة التي قرأناها لأبن عربي، لقد صار قلبي قابلا كل صورة فمرعى لغزلان وبيت لأوثان وألواح توراة إلى آخره، ناظم حكمت متصوف بهذا المعنى لأنه ناظم حكمت كان يقدّس العالم وأظن أني يعني ما زلت أذكر أبيات يقول فيها أنه يقدّس الأرض، أن الأرض يعني يتحدث عن الأرض ليس باعتبارها كوكبا وإنما باعتبارها سكنا شخصيا، كأن الأرض هي منزله الشخصي، كأنها غرفة نومه وكأن أشياءها هي أشياؤه يعني التي ألفها والتي يحن إليها إلى آخره، هذا الشعور تجاه الأرض تجاه الكون وتجاه الإنسان تجاه البشر هو الذي نقول أن تعبير عن موقف صوفي من ناظم حكمت بالرغم من أننا نعلم علم اليقين أن ناظم حكمت شاعر شيوعي.
حسين صالح: انخرط ناظم حكمت الصغير في البحرية التركية وحاول الانضمام إلى معركة تحرير تركيا، ما كان هناك تركي لم يحاول الانخراط في قوات التحرير التي يحمل لواءها مصطفى كمال أتاتورك الذي نهض بعبء تحرير الاناضول واسطنبول ودحر اليونانيين وحلفاءهم من القوى الغربية، كانت تركيا (كلمة غير مفهومة) تحت نيل قوى الاحتلال الكبرى وهناك اليونانيون طلاب ثأر قديم يحاولون تهشيم تركيا، هنا برز أتاتورك قائدا ملهما وشجاعا ظل ايقونة في قلب الأتراك لم يكن أتاتورك مجرد منقض على الخلافة هادم للثقافة الإسلامية بل هو أكبر من ذلك .
النضال ضد المحتل .. والأتجاه للشيوعية :
حسين صالح: تشكل شاعرنا في ذاك الزمن الحرج، هنا لابد من وقفة لإيضاح كيف أمتزج النضال ضد المحتل بالحركة الشيوعية، تركيا اليوم هي تركيا أتاتورك، يسوقها منذ عقود فكر مقتنع بأن الحلول كل الحلول يجب أن تطلب من الغرب، أتاتورك استورد مشروعا غربيا لكن الفكر الغربي لا يحمل الرأسمالية وحسب بل فيه شيوعية، في مصر هناك حلو كذبة ابريل، شيكولاتة فيها فصوص ثوم لم يكن الفكر المستورد حلوا خالصا ما جاء لأتاتاورك من الغرب كان طردا ملغوما، نما في تركيا العشرينات تيار شيوعي التحق به حكمت ومكث فيه حتى مات.
حسين صالح: ثمة كتاب مهم صدر حديثا عن حكمت، يشخّص الشاعر ببساطة رومانسيا شيوعيا، في المقدمة التي كتبها الشاعر الروسي الكبير فيكتور يوتشينكو وهو من أهم المتأثرين بناظم حكمت يقول يوتشينكو أن الشيوعية ليست جذابة بمقدار ما أن الرأسمالية بشعة، الفقر المضجع الذي شاهده سليل الباشوات عزز حماسه للاشتراكية ثم الشيوعية، في قصر الباشا كانت الحكايات والرسوم تظهر القرويين على أنهم بسطاء، سعداء، خدودهم حمراء تتفجر عافية، جبهاتهم تلفحها شمس الصحة، لم ير ناظم أيا منها، أحب الفقراء وانتمى إليهم ورأى في الشيوعية وسيلة لإسعادهم.
تعرضه للسجن.. إلغاء الحرف العربي وآثاره :
يقول في احدى قصائده :
منذ دخولي السجن
راحت الايام تفعل فعلها
أخذ الناس ، خلل الظلمات
يضعون ايديهم على بلاط الشوارع لينهضوا .
. . .
أن ما اكتبه هو من أجل الناس
من اجل الذين بكثرة نمل الارض
وسمك البحار
وطير السماء
من اجل الجبناء والشجعان
من اجل الجهال والحكماء
من اجل الذين مازالوا اطفالا
من اجل هؤلاء القاهرين ،
المبدعين
الذين وجدت الاغاني لتمجيد اعمالهم
ولولا ذلك ،
لما بقيت عشرة اعوام في السجن
ولكان كلامي جزافا . من قصيدة .. منذ صرت داخل السجن . ناظم حكمت / السجن . المرأة . الحياة / ص 44 حنا مينه .
ونفس المصدر ص42 يقول شاعر بولونيا أدم ميسكييفتش :
الشعوب هياكل مصفدة بالحديد
فيا ايها الشباب ! اعرني جناحيك
كي اشرف على هذا الكون الفاني
من على القباب الخالدة
. . .
وأنتي ايتها الحماسة الطاهرة
انتِ وحدكِ تعالي لقيادتنا
. . .
ليت بوسعي ان اصبُفي قلوب سامعي
النيران التي تلهب فؤادي !
----------
ورثت عنفي عن العصور
فكل بيت في شعري ،
يشبه البركان . ص 36 .
---------
ضمد جراحك بيديك الرهيبتين
وعضٌ على شفتيك ،
مقاوما الاوجاع .
فنحن ، كما نعرف أن نضحك بفم واحد ،
نعرف أن نحيا ونموت كواحد ،
كلنا من اجل واحدنا .
واحدنا من اجل كلنا . ص20 نفس المصدر .
----------
وما دامت السفينة السابحة في البحر الازرق ،
من بنات افكارك الذاتية ،
وما دام البحر الأزرق هو الاخر ،
من تفكيرك الذاتي ،
فلم يعد هناك زمان ،
ولا مكان ،
ولا وجود لموجود خارج ذاتك . فكرة فلسفية !.. طوعها الشاعر لأن تكون فكرة شعرية . ص 16 نفس المصدر .
--------
أن ننام الان ،
لنستيقظ بعد مئة عام ، ياحبيبي
لا ،
عصري لا يخيفني ، ولست هاربا
انا لم اندم يوما لكوني أتيت هذا العالم باكرا ،
انني من القرن العشرين ،
وانا فخور بذلك
حسبي ،
ان اكون من القرن العشرين ، ومع الرجال الذين انا معهم ،
وان اقاتل في سبيل عالم جديد ة. ص 9 نفس المصدر .
حسين صالح: عاد حكمت إلى تركيا ليجد بطله أتاتورك قد تحوّل من مناضل إلى حاكم قوي، أعطى لنفسه حق التحكم في الذاكرة والموروث، منح الضابط الفذ نفسه حق تقرير ما تكون عليه أحوال الفلسفة والاجتماع والاقتصاد والتشريع واللغة وحتى ألف باء الكتابة، عاد إلى تركيا صيف 1928 وأعتقل لحظة دخوله البلاد .
حسين صالح: أتاح له السجن أن يحيا ويصحو ويأكل وينام ضمن مساحة ضيقة مع المدقعين جياع والمجرمين الذين طالما دافع عنهم، الغريب أنه ازداد حبا لهم كانت نوبة الاعتقال الأولى مقدمة لفترات سجن لازمته منذ عودته إلى تركيا حتى في فراره منها عام 1952، ازداد شعره توجها وبساطة، الكتابة من وراء القضبان جعلته أقرب إلى الحياة خارج بوابات السجن، اتضح في شعره فهم يبدو بسيطا لكنه في الواقع أكثر نقاء، شعر صاف لا شعر بسيط إذا توخينا الدقة.
حسين صالح: في السنوات العشر الواقعة بين 1928 و1938 سُجن حكمت لمرات ومرات حتى أن مؤرخي سيرته يقولون أنه كان يدخل السجن ويخرج منه مرات لا نتعب نفسنا بإحصائها لكن عام 1938 شهد تحولا جديدا في إيقاع السجن والحرية، ادخل حكمت سجون تركيا في أنقرة ثم اسطنبول ثم بورصا، ثم أعيد إلى سجن اسطنبول، ظل سجينا حتى عام 1950، في سجن بورصا ظل ناظم حكمت سجينا رفاقه سفلة الأناضول وأوغادها، هناك تفرغ لصغار الأشرار والمجرمين وراح يعلم ويؤسس مؤمنا أن في كل إنسان ينبوع خير، ما زال أحد الأوغاد الذين غيرهم حكمت يعيش اليوم في قرية قرب بورصا اسمها مشكلة، يروي الشيخ المُنصلح كيف أنه غرس شجرة في قريته وأسماها ناظم حكمت، ثم كيف أن السلطات اقتلعت الشجرة لكن الفلاحين انتصروا بأن غرزوا عشرات الأشجار وأسموها حكمت ولم يبوحوا لأحد بمكانها، السلطة لا تستطيع قطع كل الأشجار وهكذا هناك اليوم في الأناضول أشجار وأشجار اسمها ناظم حكمت، ما علينا في عام 1950 أي بعد سجن امتد لأكثر من 12 عاما وصل إلى السلطة عدنان (كلمة غير مفهومة) ما كان (كلمة غير مفهومة) أقل عداء للشيوعية لكنه أكثر تملقا لليبرالية الغربية وفي حُمى تملق الغرب وافق على إفراغ المعتقلات من الشيوعيين.
الخروج من السجن والسفر لموسكو :
حسين صالح: قلنا أن (كلمة غير مفهومة) أطلق من في الحبوس، خارج السجن صارت شوارع اسطنبول وأزقتها الضيقة فخاخا لاصطياد حكمت ودهسه، لم يعد الوضع آمنا في تركيا، فقرر حكمت الهرب إلى روسيا أبحر ناظم إلى روسيا عبر رومانيا ونظر إلى اسطنبول المختفية في الأفق للمرة الأخيرة، كان يعلم أنه لن يرى مدينته مرة أخرى، وصل إلى موسكو واستقبل كما الأبطال لكنه لمس للتو تحولا فادحا في عاصمة الشيوعية موسكو التي ترك في مطلع العشرينات نابضة بالفن والحياة والجرأة صارت موسكو ستالين قاتمة رمادية تعلّم كتابها وفنانوها قمع أفكارهم قبل أن يقمعها ستالين بالنيابة عنهم، كظم المبدعون الشيوعيون غربتهم لأنهم تصوروا أن العالم يحتاج إلى شيوعية ناجحة، سكت مغني الحرية بابلو نيرودا عن تجاوزات ستالين.
وبدأ حكمت يتململ ويتنقل بين عواصم حلف وارسو، كتب مسرحية تسخر من عهد ستالين، صار كثير الترحال والتنقل في العالم ناشطا مرموقا في حركة أنصار السلام لكنه كان قلقا متململا يحن إلى الوطن وإلى الشباب الفائت، يقول في إحدى قصائده في إشارة إلى سنوات الشباب والسجن أنه في عنفوان شبابه كان يمضي الشهور الطويلة قاطعا مسافة أربعة أمتار لا أكثر، لكنه في كهولة صار يقطع المسافة بين أوروبا وكوبا في غضون ساعات، خفتت شيوعيته وتوهجت تركيته وانتبه إلى أن تركيا صارت أبعد فأبعد في الذكريات، انتبه إلى أن آخر مقتنياته من اسطنبول قد اهترأ، كتب من براغ يقول
يا وطني يا وطني
اهترأت قبعتي التي اشتريتها من دكاكينك
تقطع حذائي الذي حمل تراب شوارعك
آخر قميص اشتريته في تركيا
صار مقطع الأوصال منذ زمن
يا وطني لم يبق لدي منك سوى الشيب في شعري
ما عندي منك غير خطوط من الهموم تعلو جبهتي .
حسين صالح: مات حكمت عام 1963، ظل اليسار التركي حتى يومنا هذا يطالب بإعادة جنسيته التي سحبت منه، حكمت اليوم غير تركي رغم أننا لا نكاد نجد من يضاهيه تركية، هناك مطالبات وتظاهرات واحتجاجات تتسع حلقاتها تضغط باتجاه إعادة رفاته من موسكو إلى اسطنبول، فمحله في اسطنبول، ما علينا، عاش ناظم حكمت وقضى حالما بغد افضل، كان متفائلا ينتظر مستقبلا واعدا رغم عتمة حياته، التفاؤل بالإنسان هو ما يميز ناظم حكمت قبل كل شيء وبعده. المصدر : الجزيرة نت/ ناظم حكمت .
تميز شعره ببساطة ساحرة ومواقف واضحة. جرب ناظم في شعره كل الأشكال الممكنة الحديث منها والموروث وغذى تجربته بكل الثقافات من حوله خاصة أنه له علاقات شخصية مع أبرز الشخصيات الأدبية الروسية والأروبية والأمريكية وحتى العربية.
ولناظم حكمت بصمته في الشعر العربي اذ نجد أصداء من طريقته الشعرية في أثر العديد من الشعراء كعبد الوهاب البياتي صديقه وبلند الحيدري ونزار قباني والعديد من شعراء العامية حيث تقتحم الأشياء البسيطة فخامة العالم الشعري وتعطيه أبعادا أخرى لم تكن بارزة من قبل.
أجملُ البحار
أجملُ البحار
هو البحرُ الذي لم نذهبْ إليه بعد
وأجملُ الأطفال
هم الذينَ لم يكبروا بعد
وأجملُ الأيام
هي تلكَ التي في انتظارنا
وأجملُ القصائد
هي تلك التي لم أكتبها لك بعد
..يا صغيري
..يا صغيرتي
ترجمة: د. محمد قصيبات .
الى محمدي ...
ولكن ما أجمل المصير ..
و أنت هناك في الوطن، ستكون
من بناة ذلك المصير الجميل
من بناة الإشتراكية، السعادة
ستراها بعينيك،ستلمسها بيديك
محمد!
سأموت بعيداً عن لغتي،و أغنياتي
عن ملحي و خبزي،في لهفتي إليك
في لهفتي إلى أمك، إلى رفاقي، إلى شعبي
ولكن..لن أموت في المنفى،لن أموت في الغربة
سأموت في بلد أحلامي
في المدينة البيضاء: مدينة أجمل أيام عشتها في عمري
محمد.. ! يا صغيري!
أنت وديعتي عند حزبي
لذلك سأرحل بإطمئنان
والحياة التي تنطفئ بي
ستبقى جذوتها فيك أنت سنين معدودة من عمرك
ولكنها ستبقى الى الأبد.. في شعبي .
مراسم الجنازة
جنازتي
هل ستخرج من باحة الدار ؟
و كيف ستنزلوني من الطابق الثالث
فالمصعد لا يسع التابوت
و الدرج ضيق ؟
.
ربما كانت الشمس تغمر الباحة
و الحمام , فيها , كثير
و ربما كان الثلج يتساقط
و الأطفال يهللون
و قد يكون المطر مدراراً
على الأسفلت المبلل
و في باحة الدار
صناديق القمامة
كما كل يوم
و إذا ما حمل جثماني , حسب العادة
مكشوف الوجه فوق شاحنة
فقد يسقط على شيء من الحمام الطائر
فيكون ذلك بشارة خير
و سواء جاءت الموسيقى أم لا
فالأطفال سيأتون
إنهم مولعون بالجنازات
و حين يمضون بي
سترنو إلى نافذة المطبخ من وراء
و من الشرفات
حيث الغسيل
ستودعني النساء
لقد عشت سعيداً في هذه الباحة
إلى درجة لا تتصورونها
فيا جيراني
أتمنى لكم , من بعدي
طول البقاء 1963 .
ترجمة : جـمـانـة سلّوم حـداد .
سينتهي الظلم مهما طال أمده , والظلام سينقشع وترحل غيومه السوداء، وتشرق على أوطاننا وعلى الكون بأكمله شمس الحرية والحياة .
صادق محمد عبد الكريم الدبش
5/6/2016 مناظم حكمت



#صادق_محمد_عبدالكريم_الدبش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بغداد تعانق الموت !.. وهي واقفة ؟
- أمرأة من بلادي ...
- هل أطفالنا سيحتفلون في عيد الطفل العالمي في الأول من يونيو ح ...
- الى الحكام الفاسدين المتربعين على السلطة في عراق اليوم .
- هل على الشعب أن يطيع الحاكمين الفاسدين ؟
- يمكن للجميع التعايش !... والعيش المشترك !
- رسالة مفتوحة لقوى شعبنا الديمقراطية العراقية !
- الدولة الديمقراطية العلمانية هي الحل لمعانات العراق !
- الى وطني الجريح !... البعيد القريب .
- الظلامييون يرتكبون حماقاتهم بحق معهد الفنون الموسيقية في بغد ...
- هل سيتحول عراقنا والنهرين الخالدين .. الى أثر بعد عين ؟
- خبر وتعليق !
- لماذا الهرولة لشرذمة العراق ؟
- مختارات من جميل الشعر ..
- يوم حزين في حياة الشعوب !
- مقتبسات فكرية ....
- هل مِنْ مُجير ؟
- بيان الى الرأي العام العراقي والعربي والدولي !
- الى متى يستمر العبث وأزهاق الأرواح البريئة ؟
- الى متى الأستمرار بالتعامي والتغافل ؟ .. عن كل الذي يحدث!


المزيد.....




- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟
- بينهم فنانة وابنة مليونير شهير.. تعرف على ضحايا هجوم سيدني ا ...
- تركيز أقل على أوروبا وانفتاح على أفريقيا.. رهان متحف -متروبو ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صادق محمد عبدالكريم الدبش - ناظم حكمت .. 1902 -1963 م .