أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شاهين - أديب في الجنة (82) * الملك لقمان طريح الفراش !














المزيد.....

أديب في الجنة (82) * الملك لقمان طريح الفراش !


محمود شاهين
روائي

(Mahmoud Shahin)


الحوار المتمدن-العدد: 5188 - 2016 / 6 / 9 - 09:41
المحور: الادب والفن
    


أديب في الجنة (82)
* الملك لقمان طريح الفراش !
ظلت الكوابيس والأحلام تلاحق الملك لقمان لبضعة أسابيع إلى أن وقع طريح الفراش . في الأيام الأخيرة صار يهذي في اليقظة ببضع مفردات غير مترابطة وغير مفهومة ، غير أن إرادة داخلية كانت تدفعه لأن يعي ما يحدث معه ويواجهه دون نصيحة أطباء نفسانيين ، وحتى دون استشارتهم ، فقرر أن يعطي نفسه راحة لبضعة أيام يتخلى فيها عن طرح الاسئلة الوجودية والإجابة عليها . الملكة نور السماء التي كانت في غاية الحزن لما ألم به لم تترك وسيلة إلا واتبعتها لإراحة نفسه ، فملأت غرفته والشرفة التي يجلس عليها في القصر، بأجمل الورود التي يعشقها كالبنفسج والجوري والنرجس والنسرين والفل والأقحوان وشقائق النعمان . وأحضرت له كل ما يحبه من أغان وموسيقى ، وخصصت ما لا يقل عن ساعتين كل ليلة للمسامرة خلال العشاء مع محبيه ومرافقيه ،والإستماع إلى موسيقى حية وأغان لمغنين ومغنيات ،ومشاهدة عروض رقص لفاتنات ،وسط أجواء من البهجة والفرح وتبادل الأنخاب وتناول أطيب المأكولات ، مانعة الجميع من طرح أية أسئلة عليه مهما كانت ،وخاصة من قبل سحب السماوات الذي بدا حزينا للغاية لمرض أبيه .
ذاع خبر مرض الملك لقمان في كافة أنحاء الإمبراطورية ودول الكوكب ، إضافة إلى كوكب النهار ، فعم الحزن الكوكبين،وأقيمت الصلوات في المعابد والحدائق والساحات والبيوت داعية آلهتها أن تحف برعايتها الملك وتعيد إليه صحته .
نجح الملك بإرادته الذاتية وبمساعدة الملكة ومحبيه من الناس، في التوقف عن الهذيان في حالات اليقظة ، والتقليل من الكوابيس والأحلام خلال الليل ، بأن عمدت الملكة إلى إجراء مساج له قبل النوم مستحثة الطاقة الإيجابية في جسده ، وإسماعه موسيقى حالمة هادئة ، وقيامه بالإسترخاء التام وممارسة الشهيق والزفيرفي اللحظات الأخيرة قبل النوم.
استعاد الملك كامل عافيته خلال ثلاثة أسابيع ، وبدا مشرقا ومنشرح الأسارير وهو يتبادل القبل بالسلامة مع نسمة وربة الجمال وأستير. وسمح بزيارته لمن يشاء .
كان الإمبراطورالشنوتي والإمبراطورة من أول زواره . استقبلهما الملك بالاحضان وهو يهتف
" اشتقت لكما ،كيف أحوال الإمبراطورية والناس ؟"
" نحن الآن بخير جلالتك بعد أن عرفنا أنك تماثلت للشفاء ،كنا قلقين عليك ، ومتخوفين من أن لا تستجيب الآلهة لصلواتنا بإراحة نفسك"!! أجاب الإمبراطور .
ابتسم الملك لتعبير الآلهة وعمد إلى عدم تجاهلها في شكره :
" أشكر جلالتكم . محبتكم ومحبة الناس والآلهة ساعدتني على تجاوز الأزمة ، وآمل أن نستعيد حواراتنا في وقت قريب"
" حتى لو لم نعدها ، أشعر أنني اقتبست من معرفتكم ما يكفي لحياة أجمل تعم البشر "
شعر الملك بثقة في نفسه تدفعه لأن يعيد طرح الأسئلة الوجودية دون ريبة من استعادة الكوابيس والأحلام . هتف متسائلا :
" هل تسمح لي جلالتكم بطرح سؤال عليكم على ضوء الحوارات التي جرت بيننا ،أو حتى بتجاهلها "
" تفضل جلالتك "
" هل فكرتم يوما ما في أن الوجود وهم "
تخوفت الملكة نور السماء من أن تعود الحالة للملك ، فهتفت متوجسة وهي تضع يدها على كتفه " حبيبي "
هتف الملك " لا عليك يا حبيبتي لا تخافي " فيما أجاب الإمبراطور :
" أبدا ! لم يخطر هذا الأمر في بالنا لأننا أناس واقعيون ونرى أن وجودنا واقعي وأن الحياة واقعية ،والخلق واقعي، وينبغي أن نحيا الحياة دون أوهام ودون طرح اسئلة معقدة لا يمكن الإجابة عليها بمنطق إطلاقي قطعي "
ظل الملك مطرقا للحظات وكأنه يراود نفسه فيما إذا كان عليه التعمق في الحوار أو التوقف عنه . ويبدو أن النازع الأول قد تفوق على الثاني .
" ثمة مفكر إسلامي ، اعتبر أن الوجود وهم، أو تصور أو تخيل افتراضي للخالق ، وأن لا وجود إلا للخالق نفسه ، فهو الوجود الوحيد الواقعي والحقيقي، وكل ما عداه وهم ، وحين يتوقف الخالق عن خياله الإفتراضي سينتفي الوجود كله .
فكر الإمبراطور لبرهة مستحثا عقله الواقعي، مدركا مدى تعقيد الطرح :
" أنت تدخلنا جلالتكم في مسألة معقدة للغاية ، أهمها هل الخالق موجود خارج الخلق ويتوهمه أم أنه موجود في الخلق نفسه ؟! "
" حسب اعتقادي أنه موجود في الخلق نفسه ، فلا يمكنني تصور وجود خالق خارج الخلق لأنه لن يكون هناك إلا العدم "
" السؤال هنا هل هو موجود في كل كائن في الخلق ، أم أن له وجودا مستقلا عن الكائنات"؟
" حسب اعتقادي أيضا أنه موجود في كل كائن كطاقة ومادة "
" الطاقة والمادة جلالتكم يمكن أن يكون لهما وجود مستقل في كينونة إلهية مستقلة عن كينونة الكائنات الأخرى . ولنفترض أن الشمس هي الخالق ألا يمكن أن تكون مستقلة بذاتها عن الكائنات الأخرى لو أرادت ؟! "
أدرك الملك أن الإمبراطور يقود الحوار إلى معتقده فهو من سلالة إلهية تنتمي إلى الشمس . هتف :
" وما حاجة الشمس إلى ذاتها وحدها إن انتفى وجود الخلق الذي تتخيله أو تتوهمه "
" مسألة الوهم والتخيل ليست مطروحة عندي ، هذا طرح المفكر الإسلامي الذي حدثني جلالتكم عنه ، المسألة عندي مسألة خلق فعلي غير متوهم ولا يمكن الإستغناء عنه ، لأنه جزء من تكامل وجود كلي للخالق الشمس "
لم يصل الملك إلى نتيجة حاسمة كان يأمل أن يصل إليها . تساءل :
" في هذه الحال هل يمكننا أن نقول أن الشمس موجودة في كل كائن ومستقلة بذاتها ايضا " ؟!
" الافضل أن نقول أن كل كائن يستمد طاقته منها ، وأنها تستمد وجودها الكلي من ذاتها ومن خلقها في الوقت نفسه "
ذاهنت الملكة الملك طالبة إليه أن لا يرهق نفسه ، وأن لا يثقل على الإمبراطور ، فأذعن لها .
****
يتبع



#محمود_شاهين (هاشتاغ)       Mahmoud_Shahin#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صلاة الأطفال والمستقبل المرعب! شاهينيات ( 1256)
- أديب في الجنة (81) * هذيانات وكوابيس لقمانية !
- أديب في الجنة (80) حرب طاحنة وسحب سماوية !
- الدين والعقل البشري! خواطر . تأملات . مقولات ومقالات. (5)
- في الجميل والأجمل ! شاهينيات ( 1241)
- تعريف المصطلحات في مذهب - وحدة الوجود الحديث- شاهينيات ( 124 ...
- واحسرتاه على الطفولة القتيلة !
- *في الألوهة وتعريفها وفعلها ! شاهينيات ( 1229 )
- * وعي الألوهة بين المادة والطاقة ! شاهينيات 1228
- أديب في الجنة (79) * عجائب الزمان في عرس الأميرة والأمير .
- أديب في الجنة (78) * حب عابر للكواكب!!
- * في الخالق والخلق والغباء الثقافي والدكتاتورية!
- أديب في الجنة (77) * - حوار الحضارات - وأميرة تقع في حب سحب ...
- أديب في الجنة 76 * اسطورة الأساطير في جمال سحب السماوات !
- أديب في الجنة (75) * الملك والظبية واللبؤة وخرق قوانين الطبي ...
- شاهينيات صادمة تقدس الأنثى ! !
- كعب الحذاء غير النبيل !! * الأبوة بين الرضا والغضب !
- شاهينيات صادمة جدا جدا !!
- أديب في الجنة (74) * لا حضارة دون عقل حر!
- أديب في الجنة (73) * الخالق بين التنزيه والتشبيه وقوانين الخ ...


المزيد.....




- أوركسترا قطر الفلهارمونية تحتفي بالذكرى الـ15 عاما على انطلا ...
- باتيلي يستقيل من منصب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحد ...
- تونس.. افتتاح المنتدى العالمي لمدرسي اللغة الروسية ويجمع مخت ...
- مقدمات استعمارية.. الحفريات الأثرية في القدس خلال العهد العث ...
- تونس خامس دولة في العالم معرضة لمخاطر التغير المناخي
- تحويل مسلسل -الحشاشين- إلى فيلم سينمائي عالمي
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شاهين - أديب في الجنة (82) * الملك لقمان طريح الفراش !