محمد عبد المنعم عرفة
الحوار المتمدن-العدد: 5187 - 2016 / 6 / 8 - 09:58
المحور:
الادب والفن
الأخذ عليهم بكثرة الإشارات في كلامهم:
مأخذ ذلك كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم:
1- أما كتاب الله تعالى : فما ورد من الآيات المتشابهات كأوائل السور التي هي كلمات مركبة من حروف (حمعسق) (كهيعص) وغيرها. وفي كل كلمة من تلك الكلمات الكريمة علوم يشير إليها كل حرف من حروف الآية الكريمة يسجد العقل على أعتاب فنائها.
2- أما مأخذه من السنة: فما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوما لأبي بكر: أتدري يوم يوم؟ فقال أبو بكر : نعم يا رسول الله، لقد سألتني عن يوم المقادير. وقال لـه يوما: يا أبا بكر أتدري ما أريد؟ فقال أبو بكر : نعم يا رسول الله هو ذاك ذاك.
ولذلك حكمتان : لفظية ومعنوية:
1- أما الحكمة اللفظية: فلأن الألفاظ وضعت على محسوسات أو معقولات، وسر الربوبية غيب عن الأرواح فضلا عن العقول والحس، ولم توضع ألفاظ تدل عليه، فضاقت الألفاظ عنه، ولابد من ضبط تلك العلوم الإلهية لأهلها، فاصطلح كل واجدد على إشارات خاصة يكشف غامضها لتلاميذه المخلصين.
2- أما الحكمة المعنوية: فلأن الحكمة العلية المشيرة إلى سر الربوبية أعز من أن تكون شريعة لكل وارد، وإنما يتلقاها الفرد عن الفرد، فإذا كتب أهل المقامات العلية والمواجيد الصادقة عن عين اليقين لنظرائهم وخواص تلاميذهم حجبوا الحكمة بالرمز كما تحجب النفائس المدفونة في الأرض بالرموز فلا يعلم محلها إلا من فك رمزها.
وإفشاء سر الربوبية كفر، جاء في الأثر (إن الله يكره أن تبينوا كل البيان). ومن قرأ كلام أمير المؤمنين على بن أبي طالب عليه السلام لكميل عندما وصف الرجال وذكر قلتهم واشتاق إليهم يعلم أن أهل هذه الأسرار قليلون، و أن من بلغ مقامات المشاهدة لمعاني الربوبية وبينها كل البيان يخشى عليه من غيرة الله على سره فإن الله غيور. وللقوم في إخاء أسرارهم بالرمز رحمة بمن لم يفقه أسرارهم، فإن سر الحكمة على عن مدرك العقل لأنه من عالم الأمر لا من عالم الخلق، وليس للعقل وإن كمل أن يدرك نفسه التي هي بين جنبيه، فكيف يكون لـه الإشراف على عوالم الملكوت الأعلى وحظائر القدس الأعلى؟ فلو بينوا تلك الأسرار بالعبارة الجليلة وأنكرها أهل العقول، يكونون أنكروا على الحق.
#محمد_عبد_المنعم_عرفة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟