أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - متوالية لصق اسم (الله) بالحاكم















المزيد.....

متوالية لصق اسم (الله) بالحاكم


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 5186 - 2016 / 6 / 7 - 16:22
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


متوالية لصق اسم (الله) بالحاكم
طلعت رضوان
من مساخر (وليس من سخرية) الخلافة الإسلامية أنّ كثيرين من الخلفاء ماتوا مقتولين ، سواء من داخل الأسرة أو من خارجها ، وهو ما حدث بعد وفاة (منصوربن نزاربن المعز) مقتولا، وتولى الحكم بعده ابنه الظاهرلدين (الله) وكان عمره ست عشر سنة. وكانت عمته (ست النصر) هى القائمة بأمور الدولة. وعندما ماتت وجدوا فى قصرها الكثير من المال والجواهر، والتحف والقماش ما لا يحصى لكثرته. وكانت تملك أربعة آلاف جارية، ما بين بيض وسود ومولدات ، ووجدوا عندها ثلاثين (زيرًا) من اللازورد الصينى . وأما بقية الموجود فلم ينحصر لكثرته (ابن إياس- بدائع الزهور فى وقائع الدهور- هيئة الكتاب المصرية- عام1982- ج1- ص211، 212)
ومن الحوادث فى أيام خلافة الظاهرلدين (الله) أنّ جماعة (لم يـُـحـدّد ابن إياس جنسيتهم واكتفى بأنْ كتب أنهم (من الأعاجم) أى من البهائم وفق ما جاء فى قواميس اللغة العربية عن الشعوب غير العربية) المهم أنّ هؤلاء ذهبوا إلى مكة (فى غير أوان الحج) وغافلوا الناس ودخلوا الحرم ، وجاءوا بالحجر الأسود وكسروه.. فأدركهم الناس ومسكوهم وقطعوا أيديهم وصلبوهم على أبواب الحرم (المصدر السابق – ص212)
وذكر ابن إياس ظاهرة غاية فى الأهمية عن فترة حكم الظاهرلدين (الله) فكتب عن (عيد الغطاس) فى ليلة الحادى عشر من طوبة (كما ورد فى النص بالحرف) وفى تلك الليلة يجتمع المسلمون والنصارى (أى المسيحيون) عند شاطىء النيل ، قبالة المقياس ، فتــُـنصب هناك الخيام من جانبىْ النيل ، وكان البحر يمتلىء بالمراكب من سائر المسلمين والمسيحيين.. وتــُـزيـّـن المراكب بالقناديل وتــُـشعل فيها المشاعل على الشطوط .. وكان الناس يتجاهرون بشرب الخمور، ويجتمع أرباب المغانى (أى الأغانى) وأرباب الملاعب من كل فن.. فلما علم الخليفة الظاهرلدين (الله) بذلك أمر بأنْ لا يختلط المسلمون مع المسيحيين.. وكان جده (المعز) قد أبطل ذلك (المصدر السابق - ص212، 213) والمغزى أنّ شعبنا كان يـُـقاوم أوامر المنع، كما أنّ موقف الخليفة المعز ينفى عنه الكلام الذى يقوله البعض عن (تسامحه) وتسامح الخلفاء الفاطميين مع الموروث الثقافى لشعبنا.
وذكر ابن إياس واقعة شديدة الأهمية (كمثال من أمثلة جرائم الظاهرلدين " الله ") حيث أمر كل من لديه جارية بإحضارها.. فلما تكامل جمعهنّ.. وضعهنّ فى مكان وسدّ عليهنّ الأبواب.. ثم أمر بإشعال النار عليهنّ.. وكان عددهنّ ألفين وستمائة وستين جارية (ابن إياس – مصدر سابق- ص214) أى أنّ الظاهرلدين (الله) تفوّق على الحاكم بأمر(الله) فى جرائمه.
بعد أنْ مات الظاهرلدين (الله) تولى (الخلافة) ابنه المستنصر (بالله) وكان عمره سبع سنين وعشرين يومًـا. ولما كبر وتمكــّـن من الحكم قبض على الوزير (إبى نصر العلاجى) واعتقله ثم قطع رأسه. ولأنّ ابن الأنبارى كان يدافع عن أبى نصر العلاجى ، لذلك فإنّ المستنصر (بالله) اعتقله وأمر بقطع رأسه (ابن إياس- مصدر سابق- ص215)
ورغم أنّ مصر غنية بمواردها وخصوصـًـا محاصيلها الزراعية، فقد شهدتْ فترة حكم المُـستنصر (بالله) الغلاء فى أسعار الطعام ، لدرجة أنّ سيدة ثرية أخذتْ عقدًا من الجوهر قيمته ألف دينار، وعرضته على جماعة من الناس ، مقابل أنْ يعطوها بدلا منه دقيقــًـا ، فلم تجد من يعطيها الدقيق ، فمشتْ فى الشوارع وهى تقول ساخرة ((يا أهل القاهرة ومصر.. ادعوا للخليفة المستنصر بالله.. الذى أكلنا الرغيف فى أيامه بألف دينار)) وكتب ابن إياس ((أعقب هذا الغلاء فناء عظيم ، حتى فــُـنى من أهل مصر نحو الثلث)) (مصدر سابق- ص217، 218)
والظلم الاجتماعى تواكبتْ معه الميتافيزيقا ، وكأنما تـمّ ضربهما فى خلاط واحد ، حيث ذكر ابن إياس أنّ شخصًـا اسمه (الكورانى) ادّعى أنه المهدى (المنتظر) وكانت زوجته حاملا منه وادّعت أنّ الجنين يتكلم فى بطنها (مصدر سابق – ص 219)
كانت مدة (خلافة) المُـستنصر (بالله) بمصر ستين سنة وأربعة أشهر. وتولى (الخلافة) من بعده ابنه المُـستعلى (بالله) وبعده تولى (الخلافة) الآمر بأحام (الله) ابن المُستعلى (بالله) وكان – كما ذكر ابن إياس – ((صغير السن ، طائش العقل ، تجاهر بالمنكرات وشـُـرب الخمور. وبنى له قصرًا بالروضة على شاطىء النيل.. وفى خلافته قــُـتل الوزير (الأفضل أبوالقاسم شاهنشاه) وبعد وفاته وجدوا – كما ذكر ابن خلكان – أنّ من بين ثروته ستمائة ألف ألف دينار(= 600 مليون) ذهب عين ، ومن الفضة مائتيْن وخمسين أردبـًـا ، ومن القماش سبعين ألف ثوب حرير ملوّن ، ودواة مُـرصّـعة بفصوص ، قــُـوّمتْ باثنى عشر ألف دينار، ووُجد عنده خمسمائة صندوق ما يعلم ما فيها.... وأنّ الخليفة الآمر بأحكام (الله) بنى جامعه الذى فى الحسينية ويـُعرف بالجامع الأنور (مصدر سابق – ص 222، 223) وهكذا كان الاستبداد ونهب موارد شعبنا يتواكب مع بناء المساجد ، كما فعل كل الطغاة الذين حكموا مصر باسم (الله)
وكان الخليفة الفاطمى التاسع هو الظافر (بالله) بن الحافظ بن المستنصر (بالله) وكان لديه داء اللواط ، فأحبّ ابن وزيره (عباس) وأنه أهداه عشرة آلاف دينار، وباللورة فيها ألف حبة من اللؤلؤ الكبار.. إلخ (مصدر سابق – ص227) وهكذا كان مصير شعبنا البائس الذى حكمه (خلفاء مسلمون) سرقوا اسم (الله) وألصقوه باسمهم.
كان الخليفة الفاطمى العاشر اسمه الفائز بنصر (الله) أبى القاسم عيسى ، تولى الخلافة بعد قتل أبيه الظافر (بالله) وحكى ابن إياس أنّ الوزير عباس لما قتل الظافر (بالله) طلع إلى القصر وأحضر القاضى والشهود وقال ((إنّ الظافر (بالله) قد غرق البارحة)) ثم هجم على دور الحريم وأخذ الأمير عيسى عند أمه ، وحمله على كتفه. ففزع منه واضطرب ، وكان له من العمر نحو ست سنين ، فأحضره بين يدى القاضى وولاه الخلافة)) (مصدر سابق – ص228، 229) وهكذا كانت تــُـدار الخلافة (الإسلامية) وكل خليفة يلصق اسمه باسم (الله)
وتستمر متوالية لصق اسم (الله) باسم (الخليفة) فكان الخليفة الفاطمى الحادى عشر اسمه العاضد (بالله) ابن الحافظ بن المستنصر (بالله) وتولى الخلافة بعد موت ابن عمه الفائز بنصر (الله) وفى خلافة العاضد (بالله) وصل (الفرنج) إلى ثغر دمياط فى سبعين مركبـًا ، وقتلوا من وجدوه فعند ذلك أشار الوزير (شاور) على الخليفة بحرق مدينة الفسطاط (حى مصر القديمة حاليـًـا) خوفــًـا من (الفرنج) أنْ يملكوها ، فأذن لهم فى حرقها... وبعد حرق المدينة ، فإنّ الخليفة العاضد (بالله) أرسل رسالة إلى نورالدين الشهيد (صاحب دمشق) يستجير به لينقذه وقال فى رسالته ((أدركنى واستنفذ نسائى من أيدى الفرنج)) وتعهـّـد له بثلث خراج مصر. وأنْ يكون أسد الدين شيركوه مقيمًـا عنده فى مصر. فلما دخل أسد الدين مصر، شنق الوزير (شاور) (ابن إياس- مصدر سابق – من ص230- 232) والدرس المُـستفاد من تلك الواقعة 1- أنّ الوزير الذى حرق مدينة الفسطاط كان مصيره الشنق على يد أحد حكام دمشق 2- أنّ الخليفة العاضد (بالله) كان كل همه هو الحرص على (حريمه) وليس على مصر وشعبها أو من أطلقوا عليهم (الرعايا) 3- أنه مقابل حماية (حريمه) التزم بأنْ يكون ثلث خراج مصر لصاحب دمشق (نورالدين الشهيد)
فلما مات أسد الدين عيـّـن الخليفة العاضد (بالله) صلاح الدين يوسف بن أيوب واستقر به فى الوزارة. فقال أحد (الشعراء) : ((أقول والأتراك قد أزمعتْ/ مصر إلى حرب الأعاريب/ ربٌ كما ملــّـكتها يوسف الصديق/ من أولاد يعقوب/ يملكها فى عصرنا يوسف/ الصادق من أولاد أيوب)) (ابن إياس- مصدر سابق – ص232، 233) أى أنّ هذا (الشاعر) ومع ملاحظة أنّ ما كتبه لا علاقة له بالشعر، يعتبر أنّ مصر (عزبة) ليس لها (صاحب) وليس فيها شعب اسمه الشعب المصرى ، وإنما هى (غنيمة) منحها (الرب العبرى) ليوسف الصديق ، ومن بعده صلاح الدين بن يوسف بن أيوب.
وتتواصل تراجيديا (مصرالمنكوبة) بالخلافة الإسلامية. فلما تولى صلاح الدين الأيوبى حكم الديار المصرية، أرسل إليه نورالدين الشهيد رسالة قال له فيها ((اقطع الخطبة عن العاضد فى مصر، واخطب باسم المستضىء (بالله) العباسى (خليفة بغداد) فأرسل صلاح الدين يقول لنورالدين ((إنّ عساكر القاهرة لا تــُـطاوعنى)) ولما استتبّ الأمر لصلاح الدين فرح أهل بغداد وأعيدتْ الخطبة لبنى العباس ، وعزل صلاح الدين قضاة الشيعة، وأبطل ما كان يـُـقال فى الأذان ((حى على خير العمل)) وألــّـف ابن الجوزى كتابـًـا سماه (النصر على مصر) وقال بعض (الشعراء) : ((ألستم مُـزيلى دولة الكفر من بنى/ عبيد بمصر إنّ هذا هو الفضل/ زنادقة.. شيعة.. باطنية/ مجوس وما فى الصالحين لهم أصل/ يسرّون كفرًا.. يـُـظهرون تشيعـًـا/ ليستتروا شيئــًـا وعمّـهم الجهل)) وقال آخر (يدّعى الشعر) : ((ولا غرو أنْ ذلــّـتْ ليوسف مصره/ وكانت إلى عليائه تتشوّف/ تملــّـكها من قبضة الكفر يوسف/ وخلــّـصها من عصبة الرفض يوسف/ كشف بها عن آل هاشم كربة/ وما مثلها إلاّ بسيفك يكشف)) (ابن إياس- مصدر سابق – من ص234- 236) وبغض النظر عن هذا الهراء المنسوب إلى الشعر، فإنّ الملاحظ هو1- بداية استخدام لغة التكفير، وتأجيج فصول الحرب الشيعية/ السنية 2- البيت الذى جاء به ((ذلــّـتْ ليوسف مصره)) أى أنّ كاتب هذا (البيت الشعرى) نسب حرف الهاء فى اسم (مصر) إلى يوسف (أى صلاح الدين) وهو ما أكــّـده فى الشطر الثانى ((وكانت إلى عليائه تتشوّف)) وينتهى إلى ضرورة الاحتكام إلى السيف ، وهو ما سيفعله صلاح الدين الأيوبى ، عندما أتعرّض لسيرته البشعة ، حيث أمر بحرق قرى مصرية بالكامل.
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما جذر العداء لغير المسلمين ؟
- مغزى لصق اسم (الله) كصفة للحاكم
- هل النظام الحالى اختلف عن الأنظمة السابقة ؟
- أليستْ المعاهد الأزهرية معامل لتخريج الإرهابيين ؟
- قتل الحرية الفردية فى مسرحية الزومبى
- مصر دائما مغلقة لاستقبال (الغزاة) الفاتحين
- شكسبير والغوص فى النفس البشرية
- 2- مصر المنكوبة بخيراتها
- مصر المنكوبة بخيراتها
- الأديبة هدى يونس والغموض الفنى
- لماذا كرّستْ الأحاديث لعبودية ؟
- فؤاد حسنين على: مثقف من طراز نادر
- فكرة (رب الكون) وعلاقتها بالبشر
- العرب وعلم الآثار
- لماذا هاجم السلمون ترامب ؟
- علماء أوروبا وكشفهم للترتث العربى
- لماذا الدولة المصرية (موش دولة) ؟
- هل الشخصية الاعتبارية لها ديانة ؟
- اليسار العربى والمصرى والموقف من الاستشراق
- غسان كنفانى : هموم فلسطينية إبداعيًا


المزيد.....




- تُلّقب بـ-السلالم إلى الجنة-.. إزالة معلم جذب شهير في هاواي ...
- المقاومة الإسلامية تستهدف تحركات الاحتلال في موقعي المالكية ...
- مكتب التحقيقات الفيدرالي: جرائم الكراهية ضد اليهود تضاعفت ثل ...
- قناة أمريكية: إسرائيل لن توجه ضربتها الانتقامية لإيران قبل ع ...
- وفاة السوري مُطعم زوار المسجد النبوي بالمجان لـ40 عاما
- نزلها على جهازك.. استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة الجديد 20 ...
- سلي أولادك وعلمهم دينهم.. تردد قناة طيور الجنة على نايل سات ...
- قصة السوري إسماعيل الزعيم -أبو السباع-.. مطعم زوار المسجد ال ...
- نزلها الآن بنقرة واحدة من الريموت “تردد قناة طيور الجنة 2024 ...
- قصة السوري إسماعيل الزعيم -أبو السباع-.. مطعم زوار المسجد ال ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - متوالية لصق اسم (الله) بالحاكم