|
الشرق الأوسط وصراع الحضارات
عبدالجواد سيد
كاتب مصرى
(Abdelgawad Sayed)
الحوار المتمدن-العدد: 5185 - 2016 / 6 / 6 - 22:18
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الشرق الأوسط وصراع الحضارات إنه من البساطة أن نتصور، أن السلاح هو الذى سيحسم الصراع فى الشرق الأوسط ، لإن مايحدث فى الشرق الأوسط ، ليس فى الأساس صراع مصالح ، بقدر ماهو صراع هوية ، صراع حضارات ، بتعبير صموئيل هنجنتون ، وصراع الحضارات لايحسمه السلاح ، بل يحسمه المكون الحضارى الأكبر ، الذى يمكنه فى النهاية ، إبتلاع المكونات الحضارية الأصغر. إنها حقيقة يحتاج تجميع جزئياتها المتناثرة، إلى بعض التفصيل والمناقشة، ولذا فلابد من الإشارة سريعاً ، إلى نظريات فوكوياما وهنجنتون. بعد سنوات قليلة من سقوط الإنحاد السوفيتى ، وبالتحديد سنة 1922، وضع فرانسيس فوكوياما ، أستاذ العلوم السياسية الأمريكى ، ذو الأصل اليابانى ، كتابه الشهير، نهاية التاريخ والإنسان الأخير ، وفى هذا الكتاب قرر فوكوياما ، أن التاريخ قد وصل إلى نهايته، بإنتصار العالم الغربى وقيم الحضارة الغربية العلمانية على العالم الشيوعى الذى قاده الإتحاد السوفيتى ، وأن العالم كله على وشك التحول تدريجياً ، إلى الديموقراطية الغربية ، ومنظومة القيم والمثل التى مثلتها الحضارة الغربية المنتصرة ، أعلى نموذج ممكن للتطور الإنسانى ، فى نظره . وقد أحدث ذلك الكتاب ضجيجاً وقت صدوره ، وترجم إلى معظم لغات العالم ،وأصبح ماخلص إليه من المسلمات بين معظم مثقفى العالم تقريباً ، وذلك حتى ظهر صموئيل هنجنتون ، بنظريته البديلة ، فى صراع الحضارات ، فى كتابه الشهير صدام الحضارات ، سنة 1996 والذى إشتهر فى الثقافة العربية بإسم صراع الحضارات ، وفى هذا الكتاب ، عارض هنجنتون، وهو أيضاً ، أستاذ علوم سياسية أمريكى، ماخلص إليه تلميذه فوكوياما، وقال بأن الدول القومية، وبعد إنتهاء الصراع الأيدولوجى الكبير، بين الغرب الرأسمالى والشرق الشيوعى ، بسقوط الإتحاد السوفيتى ، سوف ترتد إلى حالتها الثقافية الدينية الأولى ، وسوف تنقسم إلى ثمان حضارات متصارعة ، ضد الحضارة الغربية المسيطرة بشكل خاص ، وأن نهاية التاريخ مازالت بعيدة. وقد حدد هنجنتون هذه الحضارات المتصارعة بثمان حضارات رئيسية هى، الحضارة الغربية العلمانية ، والصينية، واليابانية، والروسية الأرثوذكسية ، والإسلامية ، والهندية ، واللاتينية ، والإفريقية ، والبوذية. أحدث كتاب هنجنتون تأثير لايقل عن تاثير كتاب فوكوياما ، لكنه أحدث جدلاً أكبر ، بين مؤيد ومعارض ، بين من يرى العالم فى تقدم وتوحد ، وبين من يراه فى إنتكاسة وتصارع ، وذلك حتى فرضت الصراعات الدولية الأخيرة ، خاصة فى آسيا والشرق الأوسط ، نفسها على الواقع ، لتجعل من كتاب ونظرية هنجنتون ، أكثر واقعية ، من كتاب فوكوياما ، ومع ذلك ، يجب أن نلاحظ أن فوكوياما لم يخطئ تماماً ، كما أن هنجنتون لم يصيب تماماً ، فقد تحققت نظرية فوكوياما فى المناطق الأكثر قرباً من مراكز الحضارة الغربية الأساسية ، دول شرق أوربا القريبة من الغرب الأوربى مثلاً ، دول أمريكا اللاتينية ، القريبة من أمريكا الشمالية مثلا ، بينما تحققت نظرية هنجنتون فى الأماكن البعيدة عن هذه المراكز ، فى الصين وروسيا وآسيا الوسطى مثلاً ، وفى النموذج الكبير ، لشرق أوسطنا المتصارع. وهكذا يقودنا هذا التحليل - تلقائياً- إلى السؤال عن تلك الحضارات المتصارعة على أرض الشرق الأوسط ، وعن حظوظها فى النصر والهزيمة. الحضارات المتصارعة هى أربع ، السنية ، الشيعية ، الأرثوذكسية وتيارالحضارة الغربية العلمانية ، أما عن حظوظها فى النصروالهزيمة، فبصرف النظرعن عناصرالضعف والقوة فى كل حضارة منها، فإن الحضارات الدينية لاتنتصر أبداً ، أنها فقط تخسر جولة وتكسب جولة أخرى ، وذلك فى سياق دموى أبدى ، ولاتنتهى حروبها الدينية الوحشية ، إلا بتغلب تيار حضارى من خارجها ، وهو فى شرق أوسطنا ، كما فى سائر التجربة الإنسانية ، تيار الحضارة الغربية العلمانية ، فتاريخ شرق أوسطنا لن يشذ فى النهاية عن تاريخ العالم ، مهما حشد من طائرات ومدافع.
#عبدالجواد_سيد (هاشتاغ)
Abdelgawad_Sayed#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مابعد الدين والقومية
-
تاريخ الشرق الأوسط-تأليف بيتر مانسفيلد-ترجمة عبدالجواد سيد
-
ملحمة جلجاميش وجذور الفكر الدينى
-
مختصر تاريخ مصر فى العصور القديمة
-
الحلف السعودى الإسرائيلى المصرى والشرق الأوسط الجديد
-
ثورة المعرفة والصراع الطبقى
-
المسيحية من الإستبداد ، إلى الإصلاح ، الى الثورة العلمانية
-
أساطير العهد القديم وأصل الإسلام
-
محمد والقبائل والرسالة المزعومة
-
صلاح الدين بين السنة والشيعة
-
أنور السادات وسيد قطب ودستور الإرهاب المصرى
-
هيكل بين سيد قطب وطه حسين
-
الميراث الإبراهيمى وأغلال المرأة
المزيد.....
-
فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ
...
-
تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق
...
-
السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا
...
-
الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو
...
-
بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو
...
-
شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك
...
-
دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
-
مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر
...
-
قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
-
مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة
...
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|