أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - هنا يكمن الفراغ. . . ترجمة سلسة لا تخلو من بعض الهَنَوات















المزيد.....

هنا يكمن الفراغ. . . ترجمة سلسة لا تخلو من بعض الهَنَوات


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 5183 - 2016 / 6 / 4 - 11:36
المحور: الادب والفن
    


صدرت عن "دار التكوين" بدمشق مجموعة شعرية مُترجمة للشاعر ديريك والكوت تحمل عنوان "هنا يكمن الفراغ" قام بترجمتها إلى العربية الشاعر والمترجم العراقي غريب اسكندر المقيم بلندن حاليا. تتضمن المجموعة 56 قصيدة إضافة المقدمة التي ركّز فيها المترجم على التعريف بالشاعر والكاتب المسرحي الكاريبي ديريك والكوت، كما سلّط الضوء على تقنياته في كتابة النص الشعري من خلال تحليل بضعة مقاطع شعرية من ثلاث قصائد مهمة في تجربة والكوت الشعرية وهي "مُحاربو التريكوتا"، "قطتاك" و "غيمة بحافات ممزقة". تُرى، هل يفي تحليل هذه المقتطفات بالغرض المطلوب؟ وهل يُشبع هذا التأويل الخاطف نهم القارئ لمعرفة أسلوب والكوت، وطبيعة الثيمات التي يعالجها في نصوصه الشعرية المركبّة التي لا تخلو من إشكالٍ في رؤيتها الشعرية وبنائها المعماري الذي يعتمد كثيرًا على التعالق والتلاقح النصيّين؟
تنتمي غالبية هذه النصوص الشعرية المترجمة إلى ديوان "البَلَشون الأبيض" الذي فاز بجائزة ت.س. إليوت عام 2010، وهي جائزة مُعتبَرة تُمنح لأفضل مجموعة شعرية صادرة أولاً في المملكة المتحدة أو في جمهورية آيرلندا. ولعل من المفيد هنا أن نستأنس برأي الشاعرة آن ستيفنسون، رئيسة لجنة التحكيم،التي أثنت على براعة والكوت الشعرية، وأشادت بتقنياته التي استعملها في هذه المجموعة الشعرية التي وصفتها بـ "العمل المتكامل" و "المثير للمشاعر"، كما أغدقت عليه لقب " أحد أفضل شعراء الإنكليزية". فيما ركّزت الكاتبة سارة كراون على تأمل والكوت في ثلاث ثيمات أساسية وهي "الموت والحزن وانقضاء العمر".
لا شك في أن تقنيات والكوت وثيماته هي أعمق بكثير من هذه الإشارات المُقتضَبة على أهميتها فهو معنيّ بالهُوية الوطنية، والصراع بين الميراث الأوروبي والثقافة الكاريبية التي تمتد جذورها إلى القارة السمراء، كما أنه منهمك بفكرة التمييز العنصري التي تؤرقه ولم تغب عن باله لحظة واحدة ولعل مسرحية المتميزة "حُلم على جبل مونكي" هي خير مثال لما نذهب إليه حيث جمعت هذه المسرحية بين دفتيها اللغة الشعرية المتوهجة والنص المسرحي المُحكم فلا غرابة أن ينال عنها جائزة "أوبي" Obie التي تمنحها صحيفة The Village Voice في مدينة نيويورك. وقد وصفتها الناقدة الأميركية إيديث أوليفر بأنها "تُحفة" مسرحية و "قصيدة في شكل درامي".
لابد من الإشارة إلى النَفَس الملحمي عند والكوت ولعل ديوانه المتفرد "أوميروس" الذي استوحى فيه بعض الشخصيات الرئيسة من "إلياذة" هوميروس ليخلق في خاتمة المطاف نصًا مُهجنًا قادرًا على الصمود أمام تقادم الأعوام. وجدير ذكره أن والكوت قد حاز على نوبل للآداب عام 1992 عن مجمل أعماله الأدبية لكن يظل ديوان "أميروس" هو السبب الرئيس في إسناد هذه الجائزة الكبيره إليه.
إنّ ما يهمّ القارئ العربي في هذا الديوان المُترجم هو طبيعة الترجمة، وأمانتها العلمية، ودرجة اقترابها من النصوص الأصلية لشاعر بقامة والكوت وبوزنه النوعي المعروف في الثقافة العالمية. فهل كان المترجم غريب اسكندر متمكنًا من نقل هذه النصوص الشعرية إلى اللغة العربية؟ وما هي درجة أمانته العلمية؟
لا شك في أن أي مترجم يحاول أن يكون أمينًا في ترجمته لكن هذه المحاولة تنحصر في إطار التمنيات التي قد لا تجد طريقها إلى التحقق، هذا إضافة إلى أن فهم المترجم قد لا يُنجده في بعض الأحيان، ويزداد الأمر سوءًا حينما تخذله ثقافته اللغوية في التقاط المعاني الصحيحة لبعض الكلمات المركبة والمصطلحات والأمثال الشائعة في اللغة الإنكليزية.
دعني أعترف بأنني قرأت بعض القصائد المُترجمة غير مرة واستمتعت بانسيابيتها وسلاسة لغتها لكنني لم أقع على القصائد الأصلية كلها كي أقارن النصوص المترجمة بالأصول. أي أن تقييمي النقدي يظل قاصرًا وربما لا تشفع سلاسة النصوص المترجمة لوحدها من دون الوقوف على أصولها.
القصائد الثلاث التي توقف عندها المترجم غريب اسكندر في مقدمته وحللّها تحليلاً جيدًا لا تنطوي إلاّ على إشكالين لا غير، الأول يتعلق بلفظ كلمة "التراكّوتا" وصحيحها "التريكوتا" بحسب المعجم الصوتي، واسم الإمبراطور الصيني الذي كتبه المترجم "كوين شي هوانغدي" والصحيح هو "كين شي واندي". أما الإشكال الثاني الذي ورد في التقديم فيتعلق بعدد جيش التريكوتا الذي حدّده المترجم "بالآلاف" بينما تفيد المعلومات المنشورة بأن العدد هو أكثر من ثمانية آلاف مقاتل إضافة إلى العربات والجياد وما إلى ذلك. إن دقة المترجم في ذكر المعلومات مهما كانت جانبية أو صغيرة تساعد القارئ في الاطمئنان إليه والوثوق بما يترجمه إلى درجة كبيرة.
لفت انتباهنا استعمال المترجم غريب اسكندر للحرف الناسح المشبّه بالفعل "لعل" الذي يفيد التوقع هنا إحدى عشرة مرة في الهوامش الأمر الذي يكشف بأن المترجم لم يتأكد من هذه الإحالات كلها وهي تتعلق بأسماء أمكنة وشعراء وفنانين مثل "سافانا" (ص31) التي قال عنها: "لعلها المدينة الكاريبية لا الأميركية"، و"بافيزي"(ص33) "لعله الشاعر الإيطالي المنتحر 1908-1950"، و Eakins (ص88) الذي ظنّ أنه الرسّام الواقعي الأميركي توماس إيكنز 1844-1916"، و Hudson (ص91) الذي قد "يقصد به الشاعر نهر هدسون الشهير بنيويورك". هذا الظنّ، والتوقع، وعدم قطع الشك باليقين يُربك القارئ ويجعله يشكّك في صحة الترجمة ومصداقيتها إذا كان المُترجم لم يبذل جهدًا كبيرًا في فهم الحواشي والتيقّن من صحتها خصوصًا وأن غالبية الدواوين والروايات والمسرحيات الأوروبية فيها حواشٍ مسهبة توضّح كل صغيرة وكبيرة في الأعمال الأدبية، ولا تترك شاردة أو واردة إلاّ وتسلّط عليها الضوء الذي يفكّ رموزها ويحلّ ألغازها ومعمياتها إن وُجِدت.
من الصعوبات التي يواجهها المترجم من اللغة الإنكليزية إلى اللغة العربية هي الكلمات المركبّة أو المنحوتة من كلمتين كما هو الحال في Sun-stoned التي وردت في البيت الأول من قصيدة "منتصف الصيف" التي كتبها الشاعر في "توبيغو" وقال فيها: Broad sun-stoned beaches فترجمها غريب اسكندر بـ " الشواطئ المليئة بالشمس والحصى" فاشتطّ عن المعنى الذي قصده الشاعر كثيرًا وذلك بسبب العبارة المركبّة من كلمتي Sun و Stoned التي أوهمته بأنها "شمس" و "حصى" وهي ليست كذلك، وإنما هي ضرب من "المرو أو الكوارتز المُرقش بنُكت لامعة" فيصبح المعنى: "شواطئ واسعة مرصّعة بالمَرْو". المُترجمة فاطمة ناعوت حوّلت الجملة الشعرية ذاتها إلى اثنتين فقالت: " شواطئٌ واسعةْ،/ صخورٌ تلفحها الشمسُ" ولأنها لم تلتقط المعنى الصحيح أيضًا فإنها اجترحت صورة مغايرة لا وجود لها على الشواطئ الفسيحة التي كان يراها راوي القصيدة.
على الرغم من بعض الملحوظات التي أبدياناها سلفًا إلا أن كتاب "هنا يكمن الفراغ" الذي ترجمه الشاعر غريب اسكندر إلى العربية هو كتاب يستحق الإشادة لجهة اللغة الشعرية المنسابة التي يستطيع القارئ الإحساس بها، وتلمّسها، والاستمتاع بها. ونتمنى عليه أن يواصل هذا المشروع ويرفدنا بالعديد من الأعمال الشعرية أو النثرية مستقبلا خصوصًا وأن هذا العمل ينصبّ في اختصاصه الدقيق ضمن دراسته العليا لنيل درجة الدكتوراه.



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العثور على أبي في بلاد ما بين النهرين
- في مرآة الحرف . . . نصوص عضوية في أحسن تقويم
- كالكنج أو الليلة الثانية بعد الألف وما يتبعها لسالمة صالح
- سبي النساء الإيزيديات بصيغة وثائقية
- وجوه بصرية مألوفة رسخت في ذاكرة الناس (3-3)
- وجوه بصرية: سيرة مدينة بين التقريض والنقد اللاذع (2-3)
- وجوه بصرية: الذات والموضوع في رباعيات الشاعر حسن البياتي (1- ...
- رسائل ثقافية متبادلة بين الشاعر حسن البياني وبين أدباء آخرين
- العيون السود ومتلازمة الخوف والانكسار
- قراءة في رواية التيه والزيتون
- التيه الفلسطيني ومأزق البحث عن الهوية
- قراءات نقدية في شعر حسن البياتي ومؤلفاته وتراجمه على مدى ستة ...
- 50 كاتبًا عراقيًا وعربيًا يشيدون بأشعار حسن البياتي وتراجمه
- تحطيم الحدود الفاصلة بين الروائي والوثائقي في فيلم (صدمة)
- نظرة أدبية ونهج جديد في فهم النص القرآني
- دور المنظورية في تفسير سورتي (عمّ والتكوير) لصلاح نيازي
- من تقنيات التأليف والترجمة لصلاح نيازي
- شتاءٌ مُلتهب: معركة أوكرانيا من أجل الحرية
- عُطارد وحكاية الخلود في الجحيم الأبدي
- تقنية الشخصية المُنشطرة في رواية -عِشق- لمريم مشتاوي


المزيد.....




- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - هنا يكمن الفراغ. . . ترجمة سلسة لا تخلو من بعض الهَنَوات