مازن كم الماز
الحوار المتمدن-العدد: 5177 - 2016 / 5 / 29 - 22:20
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
من تاريخ الشمولية المعاصر : قانون التمكين 1933
لمحة تاريخية : بعد تعيينه مستشارا للحكومة الألمانية في بداية عام 1933 , طلب هتلر من الرئيس الألماني فون هيدنبرغ حل البرلمان و الدعوة لانتخابات مبكرة في الخامس من مارس آذار 1933 .. عقد اجتماع سري بين هتلر و حوالي 25 رأسمالي ألماني لتمويل حملة الحزب النازي الانتخابية ... و أطلقت حملة قمع و ترهيب على طول البلاد قادتها وحدات الإس إس شبه العسكرية التابعة للحزب النازي , و استغل هتلر محاولة إحراق مبنى الرايخستاغ قبل الانتخابات بستة ايام لحل الحزب الشيوعي و اعتقال قادته و ليشدد قمعه و دعايته ضد خصومه خاصة في الحزبين الشيوعي و الاشتراكي الديمقراطي , لكنه مع ذلك حقق أقل من نصف الأصوات , اقل مما يحتاج ليشكل حكومة أكثرية بمفرده و اضطر لمواصلة ائتلافه مع حزب الشعب القومي الألماني ليؤمن أغلبية برلمانية متواضعة ( 52 % ) لحكومته .. كي يتخلص من رقابة الرايخستاغ بدأ عندها العمل على إصدار قانون التمكين .. كان تمرير قانون التمكين يعني منح هتلر صلاحيات ديكتاتورية مطلقة , كإصدار القوانين و تحديد السياسيتين الداخلية و الخارجية دون العودة إلى الرايخستاغ , دون أن يكون لأحد سلطة أو حق الاعتراض أو مراجعة قراراته .. كان هتلر يحتاج لأغلبية الثلثين لتمرير القانون , و كان لأصوات حزب الوسط الكاثوليكي أهمية كبرى لتحقيق نسبة الثلثين المطلوبة .. وافق رئيس حزب الوسط القس لودفيغ كاس على التصويت لصالح القانون مقابل السماح لحزبه بالبقاء و حماية الحقوق الدينية و المدنية لأتباع المذهب الكاتوليكي و الإبقاء على المدارس الدينية التابعة للحزب ... قيل أيضا أن حكومة هتلر وعدت بالتفاوض مع الفاتيكان لإصدار تشريع يحدد العلاقة بين الدولة و الكنيسة الكاثوليكية .. استمرت النقاشات داخل حزب الوسط حتى 23 مارس , كان رئيسه كاس يدعم التصويت لصالح القانون , متحدثا عن ضمانات مكتوبة سيحصل عليها الحزب من هتلر , لم تصل هذه الرسالة الموعودة أبدا .. في بداية جلسة الرايخستاغ قام رئيس الرايخستاغ غورنغ بتغيير الإجراءات المعتمدة في حالة تغيير الدستور أو تعطيله , باعتبار أن موافقة ثلثي النواب الحاضرين بدلا من ثلثي العدد المطلق للنواب تكفي لتمرير القانون .. عقدت الجلسة بينما كان رجال الإس إس يحاصرون مبنى البرلمان و ينتشرون داخله , ناشرين الرعب بين النواب .. حصل القانون على موافقة 444 نائب , عارضه 94 نائب اشتراكي ديمقراطي .. مدد العمل بالقانون مرتين عامي 1937 و 1941 , و في عام 1942 أقر الرايخستاغ قانونا منح هتلر سلطة مطلقة على كل مواطن ألماني , على حياة و موت كل ألماني .. لم تمر عدة شهور على إقرار القانون حتى كانت كل الأحزاب السياسية قد منعت في ألمانيا , و قمعت أية معارضة .. كانت انتخابات 1933 آخر انتخابات في ألمانيا النازية , حتى سقوط الرايخ الثالث .. مع قانون التمكين تبدأ رحلة طويلة ستحصد ارواح خمسين مليون إنسان , منهم ثمانية ملايين ألماني , و ملايين السلاف و البولونيين و اليهود الذين اراد هتلر إبادتهم بالكامل , كان من بينهم أيضا ادولف هتلر
نص قانون التخفيف من معاناة الشعب و الرايخ ( المشهور بقانون التمكين )
قرر الرايخستاغ القانون التالي , الذي يعلن هنا بعد موافقة الرايخسرات عليه , بعد التأكد من أن إجراءات إقراره جرت وفق المتطلبات الدستورية
المادة الأولى - بالإضافة إلى الإجراءات التي يحددها الدستور , يمكن أيضا إصدار قوانين الرايخ من قبل حكومة الرايخ . بما في ذلك القوانين المتضمنة في المواد 85 في القسم الثاني و المادة 87 من الدستور .
المادة الثانية - القوانين التي تصدرها حكومة الرايخ يمكن أن تخالف الدستور طالما أنها لا تؤثر على مؤسسات الرايخستاغ أو الرايخسرات . و لن تمس صلاحيات الرئيس
المادة الثالثة - القوانين التي تصدرها حكومة الرايخ يقوم المستشار بتصديقها و تنشر في جريدة الرايخ ( الرسمية ) . و تصبح نافذة في اليوم التالي لإصدارها ما لم يحدد توقيت نفاذها ضمنا . المواد من 68 حتى 77 لا تسري على القوانين التي تقررها حكومة الرايخ
المادة الرابعة - لن تحتاج معاهدات الرايخ مع الدول الأجنبية في فترة سريان هذا القانون للتصديق من الرايخستاغ . ستقوم حكومة الرايخ بإصدار القوانين الضرورية لتطبيق هذه المعاهدات
المادة الخامسة - يصبح القانون نافذا يوم إعلانه , و يتوقف سريانه في الأول من أبريل نيسان 1937 , أو إذا استبدلته حكومة الرايخ الحالية بقانون آخر .
خطاب أدولف هتلر أمام الرايخستاغ قبل تمرير القانون مباشرة : بقرارها القيام بتطهير سياسي و أخلاقي لحياتنا العامة , تخلق الحكومة و تضمن الظروف لحياة دينية عميقة و داخلية بالفعل . الفوائد التي قد يحصل عليها الأفراد من التعامل مع المنظمات الملحدة لا يمكن أن تقارن بأي حال مع النتائج الصريحة لتدمير قيمنا الدينية و الأخلاقية العامة . ستتعامل الحكومة مع كل الفئات الأخرى بعدالة موضوعية و غير متحيزة . لكنها لن تقبل أبدا بالسماح لأعضاء أية فئة أو لعرق معين أن يبقوا خارج الإلزامات القانونية العامة , أو أن يحصلوا على شيك على بياض لممارسة سلوك يستوجب العقاب , أو لارتكاب الجرائم . ستسمح الحكومة الوطنية و تضمن للفئات المسيحية أن تتمتع بنفوذها المستحق في المدارس و في التعليم . و ستعمل على تحقيق التعاون المخلص بين الكنيسة و الدولة . إن الحرب على الإيديولوجيا المادية و لإقامة مجتمع حقيقي للشعب ( ) يخدم مصالح الشعب الألماني كما يخدم مصالح ديننا المسيحي ... ترى الحكومة الوطنية في المسيحية الأساس الثابت للحياة الأخلاقية و المعنوية لشعبنا , و تعطي أهمية قصوى لتكريس و استمرار أقوى صداقة ممكنة مع الكرسي المقدس .. لن تمس حقوق الكنائس , و لن تتغير علاقتها بالدولة ....
من خطاب الزعيم الاشتراكي الديمقراطي الألماني أوتو ويلز أمام جلسة الرايخستاغ لإقرار القانون , كان ويلز المتحدث الوحيد الذي عارض القانون : "في هذه اللحظة التاريخية , سنبقى , نحن الاشتراكيون الديمقراطيون الألمان , ملتزمين بمبادئ الإنسانية و العدالة , مبادئ الحرية و الاشتراكية . لن يمنحكم هذا القانون القوة لتدمروا أفكارا خالدة لا يمكن القضاء عليها ... من هذا الاضطهاد الجديد ستستمد الاشتراكية الديمقراطية الألمانية قوة جديدة . إننا نرسل تحياتنا للمسجونين و للمضطهدين . نحيي أصدقائنا في الرايخ . إن ثباتهم و إخلاصهم يستحقان الإعجاب . الشجاعة التي يدافعون بها عما يقتنعون به و ثقتهم التي لا تتزعزع هي ما يبشر بمستقبل أكثر إشراقا: .. ثم خاطب هتلر مباشرة , قائلا "يمكنك أن تأخذ أرواحنا و حريتنا , لكن لا يمكنك أن تأخذ شرفنا . لا نملك أن ندافع عن أنفسنا لكننا ما نزال نملك شرفنا" ...
نقلا عن الوكيبيديا
#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟