|
في حارتنا شيخ مؤمن
حنين العسكري
الحوار المتمدن-العدد: 5177 - 2016 / 5 / 29 - 18:42
المحور:
الادب والفن
في حارتـِنا المنسية ِ شيخ ٌ مؤمن ْ بعمامتـِه البيضاء َ ومـِسبَحَة ٍ طويلة وبضع ِ خواتم َ بيديه ِ وله ذقن ٌ أطول ُ من خطبتـِه ِ المملؤة ٍ بالنصح ِ إذ ْ يخطب ُ يوم َ الجمعة ِ من منبرِه ِ الخشبي بمَسجد ِ حارتـِنا .. حارتـُنا تسمع ُ صوت َ الوعظ ِ ويدخل ُ هذا الصوت ُ المترع ُ بالإيمان ِ إلى كل ِ بيوتات ِ الحارة ِ ما أعذبَ صوت َ الشيخ ِ وهو يـُحاكي جـَمـْع َ رجال ٍ جـَلسوا قدام َ المنبر ِ ينصحـُهم ويبالغ ُ بالوعظ ِ ! يا إخوة َ الإيمان دينـُنا يـُوجبُ ان نحترمَ المرأة َ دوما ً نحن ُ لولاها لما كنا هنا يا إخوة َ الإيمان دينـُنا يـَطلب ُ منا غـَض َ أبصار ٍ وكـَتم َ الشهوات يا إخوة َ الإيمان دينـُنا أوصى بتبجيل ِ النساء دينـُنا علمـَنا أن أيدينا لا تـُمد ُ سوى لمال ٍ قد جنيناهُ نحن ُ بعرق ِ الجبين دينـُنا اوضح َ أن الله َ يدري ويَرَى كلَ أفعال ِ الخليقة دينـُنا يمنع ُ أن نقتل َ الآخر َ مهما كانَّ .. دمـُه ينبغي الا نـُريقـَه دينُنا يسمح ُ بالحب دينـُنا منبع ٌ لسلام ٍ يغمر ُ الدنيا ... يا أخوتي دينـُنا يحظر ُ الأفعال َ الشنيعة دينـُنا قـَدَس َ العـِرْض َ وقال َّ لنا ألا نبيعـَه ويظلُ الشيخ ُ يحكي ويطولُ النصح ُ والإرشاد وبشوق ٍ يمتلي المسجد ُ من شتى العباد تتوالى الجـُمـُعات ْ ويـُطل ُ الشيخ ُ دوما ً بوقار ٍ وثياب ٍ زاهيات ْ وبفخر ٍ يخطب ُ الشيخ ُ ويـَدعو ويَإم ُ الناس َ ويرى صبية ً " بدشاديش َ " بيضاء َ يمسح ُ فوق َ الرأس ِ حان ٍ ويـُحييهم ويمسك ُ شيخ ُ الحارة ِ كالعادة ِ مسبحة ً طويلة ليـَستخار َ لبعض ِ الناس ! وفي أحَد ِ الأيام ِ سـَمـِعـَت ْ حارتـُنا أصوات َصراخ ٍ هـَرَع َ الكل ُ وكل ٌ صارَ يسأل ْ وإذ بها تأتي من بيت ِ الشيخ ِ أصوات ٌ تطلب ُ نـَجدة تصرخ ُ يا للعجب ! إنه صوت ُ إمرأة .. وبلا اي إشارات ٍ تـُعلـِن ُ بـَدءَ المشهدِ وبلا مـُخـْرِج أيضا ً شيخـُنا كانَّ بلا عـِمتـِه شيخـُنا كانَّ حاف ٍ شيخـُنا يلهث ُ يـَجري خلف َ بنت ٍ ربما إجتازت ْ العقدين َ ونصف ِ العقد ِ توا ً وبـَدا وجه ٌ بريء ٌ وحـِجاب ٌ جـُر َ غـَصبا ً وبـَدا ثوب ٌ ممزق ْ ! صَمَت َ الكل ُ هنا وبـَدَت ْ دَهشة ٌ تـُشبـِه ُ صَمت َ المقبرة كل ُ من في الحارة ِ يعرف ُ هذي الأرملة .. ! يعرف ُطفلـَيها الصغيرين ِ ماالذي يفعلـُه الشيخ ُ ؟ ياترى من يسألـَه ؟ ولأنَّ الشيخ َ يحكي إنها تحتاج ُ مالا ً كي تعيش َ يتبرع ُالناس ُ بمال ٍ ويـُعطوه له ليسلمـَها خـِفية ً خـَشية َ أن تـُحرج َ من أهل ِ الحارة ولذا أدى الشيخ ُ دورَه كـفاعل ِ خير ٍ راح َ يـُساوم ُ الأم َ على خبزة ِ طفليها ويريد ُ إنتزاع َ الشرف ... ! عرف َ الكل ُ الحقيقة وإنتهى صمت ُ الدقيقة وَلـْوَلـَت ْ أم ُ طفليها وقالت ْ شيخـُكم يرغب ُ أن يبتاعـَني وأنا أكثر ُ من يعقوب حزنا ً على زوجي الذي راح َ للحرب ِ بنـُصح ِ الشيخ ِ طـَأطـَأ الناس ُ الرؤوس ومـَضىَّ الكل ُ كأنَّ شيئا ً لم ْ يكن ْ أمسك َ الشيخ ُ بلحيتـِه وبـَدت ْ منه ابتسامة راح َ يـُومئ أنه ُ شيخ ٌ ولكن تذكر َ .. أنه دون َ العمامة وبمكر ٍ عاد َ للبيت ِ وأقفل ْ ومـَضـَت ْ هي ايضا ً دون وعي إلى أين ؟ لم تكن تدري من سـَيـُطعم ُ طفلـَيها ؟ يـَد ُ الله ؟ أم ْ شيخ ُ التـَمَتع ِ السري ؟ جاءت ْ الجمعة ُ وبـَدا الشيخ ُ كما كان َّ راح َ يخطب ُ في الناس ِ وينصح ْ إخوتي ... جنة ُ الله ِ التي تبغونـَها قد وُضـِعـَت ْ تحت َ أقدام ِ الإمهات ْ فلذا نساؤُنا هيبتـُنا ياإخوتي ... أوصيكم بأيتامـِنا فهم أحباب ُ ربي وهكذا ظل َّ شيخ ُ الحارة ِ المؤمن يخطب ُ في المسجد ِ لكنَّ أحدا ً لم يرَّ طفليين ِ يـَتيمين ِ بمسجد ِ حارتـِنا لأرملة ٍ فقـَدَت ْ زوجـَها بحَرب ٍ أطلقَّ الشيخ ُ لها العنان ْ .
#حنين_العسكري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز
...
-
موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
-
فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
-
بنتُ السراب
-
مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا
...
-
-الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم -
...
-
أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج
...
-
الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
-
وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على
...
-
البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|