|
وقفة مع خطاب رئيس جامعة البحرين الأستاذ الدكتور رياض يوسف حمزة
موسى راكان موسى
الحوار المتمدن-العدد: 5175 - 2016 / 5 / 27 - 08:30
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
ألقى رئيس جامعة البحرين الأستاذ الدكتور رياض يوسف حمزة خطابا في حضور أكثر من 600 عضو هيئة تدريس بجامعة البحرين ، و قد وقع وصف الخطاب من قِبَل البعض في أروقة الجامعة بأنه (( إعلان رسمي عن البدء برزمة من التغييرات الجذرية في جامعة البحرين )) ؛ و لما يمثّله رئيس الجامعة من موقع فقد بدا الأمر و كأنه إعلان عن (ثورة من أعلى إلى أسفل) في جامعة البحرين [ و كما هو معروف ، فالبيت لا يبنى من أعلى إلى أسفل ، بل من أسفل إلى أعلى ؛ فهل الرهان على (ثورة من أعلى إلى أسفل) هو رهان معقول ممكن الوقوع ؟! ] ــ في هذا الطرح أحاول تقديم تحليل و فهم [ نوعا ما إجتماعي ] لبعض النقاط المهمة في خطاب رئيس الجامعة ، لما تحتويه من أمور تستوجب شيء من الوقوف و التدبر ؛ و في ذلك أعود لما طرحته جريدة الوسط عن هذا الخطاب [ في نقلها دون تحليل ] ،و إلى موقع جامعة البحرين الرسمي في عرضه للخطاب نفسه .
* (( إن دور جامعة البحرين في المرحلة المقبلة يتمثل في قيامها بدور ريادي في الإرتقاء بالإقتصاد الوطني )) .
إن الجامعة ليست مستقلة عن الكل البنائي الإجتماعي [ الذي هي تقع منه فيه ] ، إلا أن كونها مؤسسة يعطيها شيئا من مظاهر الإستقلال [ نسبيا ] ، كما أن جعلها في مظهر المستقلة عن الكل البنائي الإجتماعي هو تحييد للجامعة فيه عنه ؛ خدمة لمصالح بعض الأطراف المُنخرطة في التوتر الكائن و الكامن في الوضع الإجتماعي ــ و الإقتصاد كذلك ليس مستقلا عن الكل البنائي الإجتماعي كما يُراد له أن يبدو من خلال تعاطيه كتجريد ؛ فحضور إرتباط الجامعة بالكل البنائي الإجتماعي حضورا واضحا هو أزمة للمطالبين بتحييد الجامعة ، لذا يقع رفع الإقتصاد مستقلا عن الكل البنائي الإجتماعي بالتجريد ، من ثم يتم ربط الجامعة به بالتجريد أيضا [ فيكونان كتوأم سيامي بالتجريد و في التجريد ] .
# فالجامعة و الإقتصاد لا يقعان ككيانين مستقلين عن الكل البنائي الإجتماعي ، لكنهما حاضران في الكل البنائي الإجتماعي ؛ و إن كان هناك تشويش و تضليل يتم بالتجريد و التلبيس على هذا الحضور .
إن الجامعة دائما تؤدي دورا في الكل البنائي الإجتماعي ، فـ(( قد أدت جامعة البحرين على مر العقود أدوارا على أعلى درجات الأهمية )) ؛ فليس دورها حاضرا بحضور ما تم تسميته بـ(( المرحلة المُقبلة )) ، كما لو أنها كانت معدومة الدور دون حضور هذه المرحلة ــ إلا أن الدور المطلوب من جامعة البحرين في (( المرحلة المُقبلة )) يختلف عن الدور الذي أدته أو تؤديه .
و هذا الدور ليس للجامعة ذاتها كي (( تكون (...) من ضمن الجامعات الـ 500 المصنفة في العالم )) فقط ، لكنه بذلك يخدم أطرافا في الوضع الإجتماعي ؛ فالذي يستفيد من تقدم الجامعة هي الأطراف المستفيدة بشكل حاسم و حتمي من هذا التقدم المسعي له ، و هي تضيق لا تتسع [ و إن كان إظهار هذه الفائدة يأخذ هيئة الشمولية و الإتساع ، إلا أنها لا تتجاوز الدعاية إلى تحقيق الفائدة ذاتها ، إلا نادرا ــ لأسباب تختلف عن الأسباب المذكورة في الدعاية نفسها ] .
و من السذاجة التسليم بالدور المزعوم المتمثل (( في الإرتقاء بالإقتصاد الوطني )) ؛ فليست العملية أبدا إدارية ميكانيكية [ بيروقراطية ميتافيزقية ] ، لكنها عملية سياسية إجتماعية ــ (( نحن على أعتاب مُتغيرات كبرى في العلوم و المعارف )) على الرغم من أننا نفتقد مقررات في الإقتصاد السياسي في جامعة البحرين ، و التي يمكن من خلالها أن تمدنا بآليات في محاولة لفهم حقيقية هذا (( الإرتقاء بالإقتصاد الوطني )) ، و التي منها التصفية في التوتر الكائن و الكامن بالوضع الإجتماعي ، و التي تقع فائدتها الكلية لأطراف دون غيرهم ضمن حدود جغرافيا البحرين و المجتمع البحريني ؛ كما أن لصفة (( الوطني )) تأثير كتأثير السحر [ فصفات من مثل (الوطني) و (الديني) و (الإنساني) و ما إلى ذلك ، تستعمل لغاية التعمية و التمرير لمشاريع هي ليست من الموصوف نفسه ] .
و لمقررات الإقتصاد السياسي أن تساعدنا فعلا على فهم العلاقة بين (مخرجات الجامعة الطلابية) و (القطاعات) التي يُفترض بها أن تستقبل تلك المخرجات ؛ طبعا هذا بعد أن نكون على معرفة بـ(ماهية المخرجات الطلابية) من حيث الكفاءة و التمكّن ، و (ماهية القطاعات) من حيث توفرها بالنسبة للمخرجات الطلابية و توسعها الدائم ــ و هنا نقطة دائما ما تتكرر فتستوجب الإنتباه ، ألا و هي تحديد (المخرجات) بـ(القطاعات) ، و هو يدل على أزمة في الكل البنائي الإجتماعي ؛ و هنا قد يُفهم أن التحديد الصحيح هو في تحديد (القطاعات) بـ(المخرجات) ، إلا أنه لا يكون صحيح إلا بعد توضيح لـ(ماهية المخرجات) و (ماهية القطاعات) و (العلاقة بينهما) [ أي تحليل للكل البنائي الإجتماعي ــ فنعود إلى تأكيد حضور الجامعة في الكل البنائي الإجتماعي ] .
# فهل فعلا (( خريج جامعة البحرين هو الخيار الأول في سوق العمل )) ؟! ، أم أن (( الوفاء بمتطلبات الصناعات المختلفة )) و (( ثقافة ريادة الأعمال )) حالت دون أن يكون الأول ، أو أن لا يكون خيارا ؟! . يجيب الواقع الإجتماعي هو كما هو ، لا كما يظنه البعض أو كما يزوّره البعض .
و بعيدا بعض الشيء عن الإقتصاد السياسي ، يدعو رئيس الجامعة (( إلى مضاعفة الإنتاج البحثي )) مؤكدا على (( أهمية زيادة الإنتاج البحثي لأكثر من ثلاث أضعاف خلال الأربع سنوات القادمة )) ! ــ لربما لو لم أكن طالبا في جامعة البحرين لظننت أن الموضوع مرتبط بـ(الكيف) البحثي أكثر من إرتباطه بـ(الكم) البحثي [ أو كما يسمى من قِبَل البعض : (العبثي) لا (البحثي) ] ؛ لكن كما يُقال فإن (لو) تفتح عمل الشيطان ! . فهل في الدعوة إلى مضاعفة الإنتاج البحثي ما يضمن حرية البحث العلمي [ و هو ما يرتبط بالكيف لا الكم ] ؟! ، أرجو ذلك .
و الخطاب مع كل ما سبق إلا أنه خلوٌ تماما من أي تحديد لأدوار طلابية جديدة في الجامعة في (( المرحلة المُقبلة )) ؛ كمثل تفعيل دور الرقابة الطلابية ، و إعادة تحديد صلاحيات عميد شؤون الطلبة بما يضمن حرية التنظيم و التعبير و العمل الطلابي ــ لربما السبب في ذلك يعود لكون الخطاب محصور بفئة هيئة التدريس و الإدارة في الجامعة ؛ و ربما يكون في الخطاب التالي ما لم يذكره في هذا الخطاب ، متناولا الأدوار الطلابية ، و رئيس الجامعة هو الحريص على (( أن يكون الحرم الجامعي متنوعا ثقافيا من ناحية الطلاب و الأساتذة ، لما في ذلك من غنى و تفاعل و إنفتاح على الكثير من الثقافات و الأفكار و المعارف )) .
في الختام ــ بتناول خطاب رئيس الجامعة ، نكون قد خضنا محاولة فهم و تحليل تتجاوز حدود جامعة البحرين ، في إطار مُستجدات تتمظهر ضمن الوضع الإجتماعي المُنذر بتوترات متصاعدة قريبة في الكل البنائي الإجتماعي ؛ و جامعة البحرين الحاضرة في المجتمع البحريني يمكن أن تكون منطلق لتناول المجتمع البحريني نفسه ، و هو ما سيكون تناوله مُستقبلا .
#موسى_راكان_موسى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شيء عن التجنيس في البحرين - فسيفساء أم جيتوات ؛ ما بين المُت
...
-
شيء عن التجنيس في البحرين - فسيفساء أم جيتوات ؛ ما بين المُت
...
-
شيء من مهدي عامل
-
شيء عن التجنيس في البحرين - مقدمة
-
شيء عن عيد العمال
-
تهافت المانفيستو النمري
-
حين تبكي الهوامير .. خالد الرويحي كنموذج
-
شيء عن اللغة العربية سيسيولوجيا
-
شيء عن اللغة العربية سيكولوجيا
-
شيء عن اللغة العربية أبستمولوجيا
-
شيء عن اللغة العربية مقدمة
-
الدجل الطبقي - الصراع الطبقي
-
الدجل الطبقي - مجتمع لا طبقي
-
الدجل الطبقي - الطبقة بين الواقع و التجريد
-
الدجل الطبقي - مقدمة
-
شيء عن الفرق و التناقض و الإعتراض
-
شيء عن التعددية
-
شيء عن التفريط و الإعتدال و التطرّف
-
ورقتي المشاركة في الملتقى الفكري السنوي (( خصائص تطوّر الرأس
...
-
شعوذة التاريخ - حتمية التاريخ
المزيد.....
-
السعودية.. الديوان الملكي: دخول الملك سلمان إلى المستشفى لإج
...
-
الأعنف منذ أسابيع.. إسرائيل تزيد من عمليات القصف بعد توقف ال
...
-
الكرملين: الأسلحة الأمريكية لن تغير الوضع على أرض المعركة لص
...
-
شمال فرنسا: هل تعتبر الحواجز المائية العائمة فعّالة في منع ق
...
-
قائد قوات -أحمد-: وحدات القوات الروسية تحرر مناطق واسعة كل ي
...
-
-وول ستريت جورنال-: القوات المسلحة الأوكرانية تعاني من نقص ف
...
-
-لا يمكن الثقة بنا-.. هفوة جديدة لبايدن (فيديو)
-
الديوان الملكي: دخول العاهل السعودي إلى المستشفى لإجراء فحوص
...
-
الدفاع الروسية تنشر مشاهد لنقل دبابة ليوبارد المغتنمة لإصلاح
...
-
وزير الخارجية الإيرلندي: نعمل مع دول أوروبية للاعتراف بدولة
...
المزيد.....
-
اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با
...
/ علي أسعد وطفة
-
خطوات البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا
...
/ سوسن شاكر مجيد
-
بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل
/ مالك ابوعليا
-
التوثيق فى البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو
...
/ مالك ابوعليا
-
وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب
/ مالك ابوعليا
-
مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس
/ مالك ابوعليا
-
خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد
/ مالك ابوعليا
-
مدخل إلى الديدكتيك
/ محمد الفهري
المزيد.....
|