أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - الحزب الشيوعي السوري - الرفيق الأمين الأول المركزية رياض الترك يتحدث إلى - الرأي















المزيد.....


الرفيق الأمين الأول المركزية رياض الترك يتحدث إلى - الرأي


الحزب الشيوعي السوري

الحوار المتمدن-العدد: 412 - 2003 / 3 / 1 - 15:59
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


الرفيق الأمين الأول المركزية رياض الترك
يتحدث إلى «الرأي»

س1- لماذا أعادت السلطة النظر باعتقالك وأفرجت عنك دون الباقين؟ هل كانت هنالك تسوية معينة؟ أم أن السلطة راجعت حساباتها؟
 رسمياً، تقول السلطة إنها أفرجت عني «لأسبابٍ إنسانية» كما ورد في بلاغ سانا. وأنا أقول: منذ أفرج عني، إن اعتقالي كان لأسبابٍ سياسية، والإفراج عني كذلك. كنت أتمنى أن تكون السلطة أكثر وضوحاً في ذلك، أو شفافية كما يقولون.
لم يكن هنالك أية تسوية، من النوع الذي تقصدون، بل خرجت فوراً كما قلت، ودون أن أقابل أي مسؤول أمني أو سياسي. ما طرحته قبل السجن خصوصاً في محاضرتي في منتدى الأتاسي، وما طرحته أثناء محاكمتي، وما أطرحه منذ خروجي، كله واضح ومنسجم ومستمر حتى نجد مخرجاً من حالتنا الوطنية المأزومة وما يرتبط بها من ظاهرات سلبية.
لا أعرف لماذا لم تشمل عملية الإفراج عني الآخرين. أتمنى بالطبع أن تكون بدايةً لمراجعة الحسابات، ومواجهة المأزق القائم، الذي تعيشه البلاد على الطرفين: السلطة والشعب. كما أتمنى أيضاً أن تكون بداية من أجل مواجهة الاستحقاقات الوطنية التي تهدّد بها الولايات المتحدة وإسرائيل مستقبلنا جميعاً، ضمن السياق الذي يجري به الهجوم الدموي على شعبنا في فلسطين، وتجري له الاستعدادات في العراق، الأمر الذي ينذر بالعواصف منطقتنا كلّها.
الإفراج عني لا يكون مراجعةً فعلية للحسابات، إلاّ إذا تبعها الإفراج عن السجناء السياسيين جميعاً، وبقية زملائي التسعة الآخرين في مقدّمتهم. كذلك فإن المراجعة الفعلية للحسابات تقتضي الرؤوس الحامية والأجهزة الأمنية عن التدخل في الحياة السياسية للمواطنين والقوى المختلفة، كيلا يتهدّد المسار، وتتعطّل العجلات كلّما لاح بريق في الأفق، أو مارس الناس حقهم الطبيعي والبسيط في التعبير، وفي أن يكونوا قلقين ومهتمين بالشأن العام.
ما حدث ويحدث حتى الآن، يثبت ما نكرّره دائماً، من ضرورة أن تمنع الأجهزة الأمنية من التدخّل بحياة الناس العامة، وبخاصة في شأنهم السياسي. الشأن السياسي يرتبط بالسلطة السياسية فقط، وعلى ضوء احترام الدستور والقوانين النافذة. الأجهزة الأمنية لا علاقة لها بذلك، وينبغي خضوعها للقانون قبل غيرها. بذلك تستطيع أن تكون أداةً لتنفيذ القانون، كما هي وظيفتها الأساسية، التي خرجت عنها. وأضحت دولاً داخل الدولة السورية.

س2- ما هي حقيقة توجيه تهم للمعتقلين استناداً إلى التنصت على أحاديثهم؟
 كان التنصّت على أحاديثنا وتسجيلها مفاجأة مزعجة ومخيبة. ما هو مخيب أكثر، الاعتماد عليها في تجديد التحقيقات. في أيّ نظام قضائي مستقل، وفي قوانيننا العادية ذاتها، هذا غير قانوني من ناحية، ويشكّل اعتداءاً صارخاً على خلوة الإنسان بنفسه، فكيف إذا كان هذا الإنسان سجيناً، ومظلوماً اعتدت السلطة على حريته.
 أُدرجت المعلومات المأخوذة عن طريق التسجيلات هذه، في قرار اتهام بعضنا بالفعل (الدكتور عارف دليلة وربما غيره لا أدري)، وتمّ تشديد العقوبة بناءاً عليها. ينبغي النظر في هذا، ومنع آثاره من خلال الإفراجات التي نطلبها، وضمان ألا يتكرر في الإجراءات القانونية مستقبلاً.

س3- كيف تقرأ الوضع الحالي على الصعيد المحلي والعربي والدولي، فلسطين- العراق- أمريكا؟
- نمرّ نحن ومنطقتنا والعالم في أوضاع متأزمة وخطيرة. أسبابها ربما في سعي الولايات المتحدة للاستفراد، وشراسة الإسرائيليين، وضعفنا في ظلّ الاستبداد والتمزق والتأخر.
 تعمل الولايات المتحدة على تكريس وضعها السائد عالمياً، وتعزيزه عن طريق استعمال تفوقها العسكري وهيمنتها على النفط، لتأمين مركزها في السباق الاقتصادي العالمي مع المراكز الأخرى في المستقبل. الجنوب، ثمّ المسلمون والعرب، هم الميدان الأسهل لهذه العملية من جميع جوانبها. الإدارة الأمريكية الحالية هي الأسوأ والأكثر تهوّراً وحماقة منذ سقوط المعسكر الاشتراكي، وقد اختارت الحلول الأمنية وإثارة التوتر وحافة الحرب والحرب طريقاً للوصول إلى مآربها (أحداث أيلول حجة لتبرير حروبها وممارسة ضغوطها على الأقطاب الدولية الأخرى). ما يجري يشكل خطراً متزايداً مع مرور الزمن، وربما تصل نتائجه المدمرة إلى الولايات المتحدة نفسها.
إن التعاون بين القوى الوطنية والديمقراطية والحركات المناهضة للحرب ضد التفرد الأمريكي الساعي للسيطرة على مقدرات العالم وضد العنصرية الإسرائيلية أضحى أمراً ملحاً سواء في الإطار الوطني أو القومي أو الدولي.
علينا أن نعزز التضامن العربي في وجه المجازر الإسرائيلية في فلسطين والغزو الأمريكي على العراق، وتحديد موقف مقاوم ومسؤول وواضح يرفض أن يكون أداة في عملية سوف يمتد حريقها إلى المنطقة كلّها بحكامها وشعوبها. لا يظنن أحد أن «ذقنه» بمنأى عن الأخطار عن طريق المناورة وازدواجية المواقف والعمل الجانبي الذي لابد أن يقود إلى الاستسلام للمخططات الأمريكية.
إن أساس الضعف العربي يكمن في رعاية وحماية الاستبداد لعشرات السنين في بلادنا العربية كمدخل لتأمين الاستقرار والمصالح المرتبطة بالنفط وإسرائيل. ذلك يبقي العرب ضعفاء أمام الضغوط، لأن سلاح الاستبداد هذا الذي جعلته أمريكا شرعياً، لا يتمتع بالشرعية الحقيقية، وسوف تستعمله أمريكا نفسها عند الحاجة ضدّ الحكام الذين ظنوا أنهم محصنون ضدّ غوائل الزمن ما دامت حلولهم الأمنية تحوز على رضا الأمريكيين.
لذلك، فإن طريق الإصلاح والديموقراطية والانفتاح على الشعوب هو المدخل الوحيد لتأمين بلادنا وتحصينها في وجه هذا الهجوم الشرس من الإسرائيليين والأمريكيين. هذا مصلحة عامة، أكثر من أي وقت مضى، والظروف الحالية تقتضي الإسراع بالانفراج قبل أن يمضي الوقت القصير المتاح لردّ الهجمة. هذا المنطق ينطبق على جميع الميادين التي وردت في سؤالكم.
 عملياً، ومن الناحية السياسية، ينبغي النظر بإيجابية إلى كل ما يؤخّر العدوان الأمريكي ويؤجّله، وإلى كلّ ما يُلزم الولايات المتّحدة بالأمم المتحّدة وقراراتها، منعاً لانفرادها وسعياً لتجنب الآثار الوخيمة على الوضع الدولي وفي المنطقة مستقبلاً. ينبغي النظر بإيجابية مماثلة إلى الجهود العربية الموّحدة، وإلى الجهود التي تبذلها تركيا والسعودية لعقد مؤتمر إقليمي وزاري مصغر، قد يساعد على تخفيف التوتر وإيجاد مخرج لتجنب شبح الحرب.
 حتى الآن، استطاعت أمريكا أن تحقق نتائج مهمة في سياستها بالمنطقة. الضغوط والقلق على مصائر الأنظمة يدفعها للتوتر والانفراد والتسابق على الرضا الأمريكي. ما حدث مؤخراً لمجلس التعاون الخليجي مثال على ذلك.
 يلفت النظر أيضاً، ما نقل عن مبادرة للأمير عبد الله ولي عهد السعودية، التي سوف تّقدّم لمؤتمر القمة العربي القادم، وتتعلّق بتحقيق شيء من الإصلاح في الأنظمة العربية، أو توسيع المشاركة السياسية. إذا كان هذا صحيحاً، فينبغي النظر إليه بتفهّم، وضرورة التأكيد على تحصين الأوضاع العربية بالإصلاح، الإصلاح السياسي الحقيقي.
 
س4- نعود إلى الأوضاع الداخلية. ما رأيكم في موضوع المشاركة في الانتخابات رغم أن السلطات لم تصدر قانوناً للأحزاب ولا تعديلاً للدستور وكذلك استمرار دور الأجهزة الأمنية في الإشراف على الانتخابات القادمة؟
- أنا كنت في السجن عند صدور المواقف التي تلمّحون إليها، والتي لاحظت بعد إطلاقي أنها أحدثت بعض البلبلة عند الكثيرين. أصدر التجمع بعد ذلك موقفه بشكل مكتوب يقول إنه سوف يتعامل مع المسألة كعملية سياسية، يصل في نتيجتها إلى المقاطعة أو المشاركة، حسب تطوّر الحال، ودرجة تأمين حرية هذه الانتخابات وضمان اختلافها عن الطريقة المعروفة والمألوفة، التي لا تحمل شيئاً من خصائص الانتخابات، إلاّ مصاريفها التي يتحمّلها الشعب.. في كل الأحوال، هذه القضية ينبغي أن تُناقش على أوسع نطاق. أيضاً، لا يجوز أن تعالج هذه المسألة من منطلق حزبي أو جبهوي ضيق، لأنها مصلحة متعلقة بجميع القوى وبكلّ الشعب. المجالس السابقة كانت من دون سلطة تشريعية مستقلة وممارسة حقيقية للرقابة. وينبغي قبل أي شيء آخر، إبعاد الأجهزة النافذة المعروفة عن تصنيع الانتخابات والتدخل بها.
على كلٍّ، ما جرى حتى الآن يثبت أن السلطة لا تفكّر حالياً بالخروج عما اعتادت عليه. نحن لم نسمع أو نقرأ عن أية خطوة مختلفة في جوهرها عن ذلك. فلماذا هذه الضجة إذن؟!
س5- ما هو رأيكم بالإصلاح في سورية؟
 - الخطوط الأساسية للتغيير الديمقراطي معروفة، وهي تهدف إلى نفي الاستبداد والوصول إلى دولة ديمقراطية حديثة قوية متماسكة، يكون فيها المجتمع حراً وفاعلاً، وتقوم على دستور ديموقراطي وعقد اجتماعي جديد. السلطات الثلاث فيها منفصلة، في ظل سيادة القانون، واستقلال القضاء، من شأنها أن تحمي حقوق الإنسان والمواطن وحرية الرأي والتعبير والاجتماع والتنظيم.
نعرف أن هذا ليس سهلاً، ويحتاج إلى جهد وربما إلى التدرج والمراحل الانتقالية؛ ولكن زمننا هذا يبدو أكثر سرعةً وأقل رحمة بالمتوانين.
لذلك رأينا المدخل ممكناً عن طريق استعادة السياسة إلى المجتمع، حتى يساهم الشعب ويشارك ويحمي الإصلاح. ورأينا ضرورة البدء بردّ المظالم إلى أهلها وتصفية السجن السياسي وإنهاء تدخّل الأجهزة الأمنية في حياة الناس ورفع حالة الطوارئ حتى لا تّستخدم إلا عند الخطر على الوطن أو الكوارث، ولمدة معلومة ومحدودة.
هذا هو الذي يعيد الاطمئنان والثقة ويفتح الباب إلى المصالحة والحوار والمشاركة في عملية التغيير والإصلاح. عند ذلك يمكن الدخول في أسس الحالة التي نريد الوصول إليها، للخروج من الأزمات شبه المستعصية ثم سلوك طريق التقدّم والتنمية والديموقراطية.
على كل حال، احتوى القسم الأخير من محاضرتي في 5/8/2..1 في منتدى جمال الأتاسي على الخطوط العريضة من أجل الوصول لمثل هذا البرنامج الذي ينبغي أن يكون نتيجة للحوار الوطني والعلني. البرنامج الوطني الديموقراطي الحقيقي لا ينتج من طرف واحد ولا جهة واحدة.
حالياً، لم يستمر اعتقال زملائي التسعة مع العدد الكبير من السجناء السياسيين في سورية وحسب، بل إن التوجّه للحلول الأمنية ولزيادة التوتر الداخلي ما زال سائداّ وهو يتعاظم على الرغم من أن أوضاع المنطقة تفترض خلاف ذلك. هذه الأوضاع الخارجية تفترض الإسراع بوقف أعمال القمع في مواجهة التحرّك الديموقراطي، وتجاوز المراوحة في المكان. اعتقال السيد إبراهيم حميدي مدير مكتب جريدة الحياة والسيدين حسن صالح ومروان عثمان القياديين في حزب يكيتي (الوحدوي) الكردي السوري والآنسة عزيزة السبتي وشقيقتها وغيرهم وكذلك الإكثار من استدعاء المواطنين المتعاطين بالشأن السياسي، هذه أمثلة توضّح هذا النهج الضار والخطر.

س6- برأيك، ما هي المعيقات التي تواجه ما يجري الحديث عنه من توّجه نحو التطوير والتحديث؟
 - شخصياً أتوقع أن هذه المعيقات، هي التردد من جهة، ومن جهة أخرى تخشّب البنى القديمة المعتادة على الفساد والاستبداد والمستفيدة منهما، وخوفها على مصالحها في المستقبل الذي يدفعها لتأخير الإصلاح ما أمكن، مراوحة في مكانها على طريقة «عش ليومك»؟.
يجب عدم إضاعة الوقت. من الضروري طرح برنامج ديمقراطي وطني للطيف السياسي الواسع. إذا جرى حوار مفتوح وحقيقي بين الجميع، يمكن التفصيل أكثر في هذا الموضوع.

س7- هناك من يقول بضرورة تطوير الجبهة الوطنية، فهل يمكن برأيك تطوير عمل الجبهة وصيغتها؟
 - لا، برأيي لا يُمكن تطوير عمل الجبهة، لأن أساس قيامها أصبح نافلاً ومتخلفاً، ووظيفتها منتهية حتى لأغراض تأمين الشكل والمظاهر. أحزاب الجبهة ليست حرة ما دامت الأحزاب خارج الجبهة ليست حرة. حريتها من حريتنا. والأحزاب غير الحرة لن تكون مفيدة ومنتجة. الطريق واضحة ومعروفة: قانون عصري للأحزاب، وليتحالف منها من يتحالف على برنامج واضح، وعلى أساس التنافس في خدمة الشعب وتحصيل تأييد المواطنين.
أما الجبهات الشكلية على طريقة «الديموقراطيات الشعبية» التي ولى زمنها وانقضى، فينبغي امتلاك الشجاعة على الانتهاء من حالتها، ومن قبل أصحابها خصوصاً. شخصياً، أنا أنصح بحلّها.
 وأهم ما تحتاج إليه البلاد هو قانون أحزاب عصري حديث، وإلى إلغاء المادة الثامنة من الدستور التي تجعل من حزب البعث قائداً للدولة والمجتمع والجبهة الوطنية التقدمية.
س8- العشرات كتبوا عنك، دعموك أيدوا قضيتك، حتى أن بعضهم اعتبر دورك الفردي المعارض أكبر من دور الجماعات والأحزاب فما هي الحدود الفاصلة مابين دور الفرد ودور الجماعة؟ يتحدّث البعض أيضاً عن الاعتزال والتقاعد وغير ذلك!
- أولاً مهما بلغ الفرد أي فرد من التأثير في الحياة السياسية فسرعان ما يزول دوره إذا تغيرت الظروف السياسية أو مات. فالأساس هو الدور السياسي الذي تلعبه الجماعات المنظمة (أحزاب، تجمعات، حركات) التي تتحلى بوعيها السياسي وممارستها المتقدمين، وهي وحدها الضمانة للاستمرارية، استمرارية النضال من أجل تطلعاتها السياسية والاجتماعية. وهناك أمثلة كثيرة في التاريخ تدل على ذلك (لينين، عبد الناصر، تيتو).
ثانياً، أنا سياسي ومتحزّب.. والسياسة مسؤولية لا يحتاج من يمارسها إلى اعتزالها أو التقاعد منها قبل موته. أما عن دوري كمسئول في الحزب أو كأمين أول فهذا أمر لا أطمح أن أعود لهذا المنصب عندما ينعقد المؤتمر القادم، وربما لا يساعد التقدم في العمر أو الحالة الصحية عليه كثيراً في المستقبل. وما قمت به لا يتعدى التزامي السياسي المبدئي وقناعاتي. أنا عينة لما يمكن أن يقوم به الكثيرون وهذا أمر غير مستحيل فالعملية تراكمية من شأنها إثراء العقل الجمعي لمجتمعنا. لذلك لسنا بحاجة إلى تسليط الأضواء كثيراً على الأفراد وتأليههم.
تحتاج سورية إلى الكثير من الشخصيات الوطنية تبرز ببرامجها وتعبيراتها المختلفة، ولكنها تحتاج أكثر إلى تطوير العمل الحزبي والسياسي، إلى تنظيم المجتمع سياسياً. تلك هي الضمانة الوحيدة للتغيير وللمستقبل. إن التفاعل بين دور الأفراد المميزين وأوساطهم الاجتماعية والسياسية من جانب والشعب من جانب آخر يشكل الضمانة من أجل متابعة النضال ومواكبة مستجدات الحياة.

س9- هل هناك مجال للحوار ما بين السلطة والمعارضة؟ وهل اقترح أحد الطرفين الحوار؟ وعلى أي أسس يجب أن يستند حوار كهذا؟
 - نعم، هنالك إمكانية للإصلاح، ولكن ليس على الطريقة التي تتعامل بها السلطة مع الأمر. هذه الطريقة تريد تغييراً لا يتغير من خلاله شيء.
خطاب القسم، أظهر ملامح مقبولة. إما بشكلٍ مباشر، أو بشكل غامض. كان هنالك موقف إيجابي من الرأي الآخر، وهو الرأي المعارض كما ينبغي أن يكون معناه. وتبيان لانعدام العصا السحرية، التي تعني مشاركة الآخرين في هذه المهمة.
ثم جاء الإصرار على أولوية الإصلاح الاقتصادي، ورفض الإصلاح السياسي. وتشكيل لجانٍ لهذا الإصلاح توالدت حتى صدور مشروع الإصلاح الاقتصادي. جاء هذا المشروع على العادات القديمة حذراً من المساس بأي شيءٍ مستقر. وغاب الحديث عنه مؤخراً، وسمعت أن هنالك تغييراً واقتناعاً بأن الإصلاح الاقتصادي والإداري ينبغي أن يترافقا مع الإصلاح السياسي، هذا جيد إن كان صحيحاً، وجيد إن كان جدياً.
من ناحيةٍ أخرى، صدرت قوانين ومراسيم عديدة للإصلاح الاقتصادي، لم يُنفّذ منها أهمّها، وهذا غريب. غريب أن يحتاج تنفيذ قانون مجلس النقد والتسليف في البنك المركزي إلى إصلاح سياسي مثلاً! إلى هذه الدرجة يبدو الإصلاح السياسي ملحّاً.
عرضت في محاضرتي التي أشرت إليها مخطّطاً للمخرج من الأزمة التي تعيشها البلاد كما أراه، ومن منظور مقبل لا مدبر. قلت إنّ البدء يكون بإعادة الأجهزة الأمنية إلى دورها وحجمها كما ينبغي أن تكون في دولةٍ عصرية يسودها القانون في الوقت نفسه، وبالإفراج عن جميع سجناء الرأي في سورية، مع رفع حالة الطوارئ، وإطلاق حرية التعبير. الخ...
إن المصالحة الوطنية، ما بين الدولة والمجتمع، أهمّ من مصالحة وطنية ما بين السلطة ومعارضيها، على الرغم من راهنية الأخيرة وملموسيتها. والحوار الوطني الشامل، واعتراف الجميع بالجميع من دون استثناء، فلا تكون غطرسة من سلطة لتسلّطها على الدولة، ولا نفور وريبة تسيطر على من عانى الأمرين حتى الآن من هذه السلطة، ولا استثناء لصاحب رأي يريد به المساهمة في بناء الوطن. ولا يتعارض هذا مع ضرورة مراجعة الجميع أيضاً لأخطائهم في الممارسة والرؤية.. بل يشترطها ويؤكّد عليها.
في مثل هذه الأجواء يمكن أن يتبلور البرنامج الوطني، الذي يصل بنا تدريجياً إلى الديموقراطية والتقدّم، وإلى القوة والمنعة في عالم لا يعترف إلا بالقوة والمنعة.
هل هنالك مجال للحوار بين السلطة والمعارضة؟ بالطبع هنالك مجال لذلك. ينبغي أن يكون هنالك مجال. ولكن، للحوار أصوله. حرية التعبير والتكافؤ، وغياب الظل الثقيل للأيدي الثقيلة، والانفتاح علناً على هذا الحوار، وعلى مبدأ المصالحة والمراجعة والاعتراف، وعدم اللجوء إلى الطرق الأمنية أو الجانبية أو التجريبية لتحقيق الحوار.. هذا لن يكون حواراً بالتأكيد. هو شيء آخر لا أريد تسميته.
هذا ينطبق على السلطة والمعارضة أيضاً، ولكن تسمياته حين لا يكون على هذه الأسس، تختلف ما بين السلطة والمعارضة: هو عندئذٍ تسلّط عند الأولى، وانتهازية عند الثانية.
أما سؤالكم عمّا إذا كان أحد الأطراف قد اقترح مثل هذا الحوار، فنحن نقول أشياء واضحة تماماً، وغيرنا لا يقول شيئاً. والوقت من ذهب. تجربتنا حتى الآن سلبية ويبدو أن طرح المصالحة جاء في غير أوانه بسبب ردود أفعال السلطة ضد أي تحرك ديمقراطي. هذا ما نستخلصه من تجربة السنتين الماضيتين.

س10ـ والآن..؟!
 - على الرغم من أننا نتمنى من السلطة أن تدرك فوات الطرق القديمة والنهج السابق، وتبادر إلى فتح الطريق أمام الناس حتى تساهم في التأثير بحاضرها ومستقبلها، إلاّ أن المدخل الحقيقي والضمان الأكبر هو الشعب؛ ينبغي إعادة تنظيم المعارضة، وأن تجري مراجعة شاملة لماضينا القريب مالنا وما علينا من خلال رؤية نقدية معاصرة وحديثة من شأنها أن توحد صفوف المعارضة وفق برنامج وطني يساهم فيه الطيف السياسي الواسع.. الهدف الأهم في ذلك هو استعادة وإحياء حركة المجتمع السياسية، والشباب بشكلٍ خاص. من دون ذلك، لا فائدة ترجى.
دمشق
في 21-1-2003
 



#الحزب_الشيوعي_السوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المقابلة التي اجرتها مجلة - العاصي العربي - الكندية مع السيد ...
- خطوة يجب أن تكتمل!
- رياض الترك إلى الحرية...... مرّةً أخرى
- التقرير الأول للتنمية الإنسانية العربية لعام 2002
- رسالة الطبقة من زيزون إلى قناة البليخ ومابينهما
- بعد عامين استمرارية التعويق وهدر الوقت
- مطالعة قانونية في محاكمة سياسية أقوال غير مؤثمة
- حول أزمة العمل السياسي في سورية
- أوضاع الحركة الديمقراطية في سورية
- بيان إلى الرأي العام حول الحكم على رياض الترك
- من مداخلات المؤتمر التداولي للحزب-آذار 2001
- سورية ممكنة بلا معتقلين سياسيين!
- سوريا إلى أين؟
- عود على بدء


المزيد.....




- اخترقت غازاته طبقة الغلاف الجوي.. علماء يراقبون مدى تأثير بر ...
- البنتاغون.. بناء رصيف مؤقت سينفذ قريبا جدا في غزة
- نائب وزير الخارجية الروسي يبحث مع وفد سوري التسوية في البلاد ...
- تونس وليبيا والجزائر في قمة ثلاثية.. لماذا غاب كل من المغرب ...
- بالفيديو.. حصانان طليقان في وسط لندن
- الجيش الإسرائيلي يعلن استعداد لواءي احتياط جديدين للعمل في غ ...
- الخارجية الإيرانية تعلق على أحداث جامعة كولومبيا الأمريكية
- روسيا تخطط لبناء منشآت لإطلاق صواريخ -كورونا- في مطار -فوستو ...
- ما علاقة ضعف البصر بالميول الانتحارية؟
- -صاروخ سري روسي- يدمّر برج التلفزيون في خاركوف الأوكرانية (ف ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - الحزب الشيوعي السوري - الرفيق الأمين الأول المركزية رياض الترك يتحدث إلى - الرأي