أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد العالي زغيلط - لا توبة لك أيها الراهب















المزيد.....

لا توبة لك أيها الراهب


عبد العالي زغيلط

الحوار المتمدن-العدد: 5167 - 2016 / 5 / 19 - 14:03
المحور: الادب والفن
    


لا توبة لك أيها الراهب!
في الوحدة يلتهم المتوحد نفسه،وسط الحشد يلتهمه الحشد ،فاختر بين الاثنين. /نتشه
بعد أربعاء قضاها في مدح الموتى وتعداد أفضالهم(دعوه بمناسة اليوم الوطني للشهيد) ووجوب السير على خطاهم..آه يا عزيزي يقول لنفسه إكراما لها من مخاطبة الأنذال..آه يا عزيزي لو أرادوا الخروج..أبناء الرعاديد وخرفان أبي لهب العزيز في جزائر الذل والمسكنة وفناجين القهوة الراجفة والأبصار الخاشعة..محاضرتك أبكت الحاضرين قالوا له.. وهو يعلم علم اليقين الذي لم يعرف طريقه يوما إلى قلبه أنها ابكت الحاضرين والحائضين .. أي نعم: الحائضين.. هل عندك مانع؟ هل عندك اعتراض؟ قدم شكواك لأبي الأسود الدؤلي أو نفطويه بن خليل القرداني أو قدمها إلى محكمة الظلم الدولية.. الحائضين أيضا بكوا بكاء خارت له الأحزاب المهددة بالحلب والدردشة..وحمل الماء المعين في ثقوب بيضاء مباركة بالقطران
بعد أربعاء أنصتت فيها الأوانس والعوانس وبائعات اللذة.."آه منو الهوى"..مسكين لم يعد أحد يشتريه..وانصت الصم لآيات التبجيل المهداة على أنغام المتسولين من صندوق النهب الدولي من ذوي الحمل في الشهر التاسع..لماذا تعترضون؟ نقول امرأة حامل ولا نقول رجل حامل.. تبا لكم وتعسا للغتكم العاهرة ؛الرجال يحبلون..يتوحمون..يلدون..ويرضعون..وكل شيء ممكن.. ولله في خلقه شؤون ..والله يخلق ما لا تعلمون ..بعد أربعاء طنطنت فيها الأناشيد الخمَّاسية بقراءة رفس..ودهس ودعس...أربعاء تقدمت فيها المؤخرات وغنى الجُعْل "بلادي أحبك فوق الظنون" ونبَّ فيها تيس إسلامي صالح يدعو إلى السَّرْط المبين.. ها هو يوم الخميس كالبهلوان.. أنا البهلوان يا من فاخرتم بأنكم أبناء القاضي.فلتخسأ الكنايات القديمة ..ألستم لقطاء؟ شطر منكم ذئب يتلمظ دمنا..وشطركم الآخر سلوقي يحرسنا من أنفسنا.
إنها الجمعة .. والبارحة كفرت بكل الآلهة..واليوم أنا مؤمن بكل الآلهة..الأصيلة منها والمزيفة..الطيبة منها والشريرة بحنان غامض،تلك التي تمنح الحكمة وتلك التي تحرس مداخل المدن..ميدوزا أو زيوس اللات أو العزى..لا يهم فقد صار قلبي قابلا كل صورة ..العود بداخله محطم وأوتاره من أسى وضغثا من صبر..البارحة لن يأتي..وهو اليوم وخز في ضمير بدأ يشيخ..أو يتعفن..البارحة حملت ما يعيد لي الاعتبار مثلما همس لي صديق قديم:مقاتل مثلك في الجبهة المصرية ..حرب رمضان..حرب اكتوبر..يبقى بلا تقاعد..هذا عيب وعار..
الحمد لكل الآلهة مازال قاموسهم يومض بشهاب من رفض..وأخذت بنصيحتهم ..جمعت أوراقي القديمة ولم احدق في الصور.. دغدغني دفتر النكسة المطبق على أوراقي وبلون صارخ القتامة تقرأ الكلمات نفسها:
" لا تلعنوا السماء
إذا تخلت عنكمُ
لا تلعنوا الظروفْ
فالله يؤتي النصر من يشاءْ
وليس حدادا لديكمْ
يصنع السيوفْ"
سأحصل على تقاعدي ويعاد لي اعتباري.. الله الله على إعادة الاعتبار..ضحكت عاهرة قديمة في جنبات باطني..إعادة العذرية ..الأوراق جمعتها صفًّا صفًّا.. تساعدني نظراتي الطبية..وغدا الخميس أنهي كل الترتيبات لا بد من توبة.. لا بد من حجة ثم انتظار ملك الموت ..ستكون عظامي مغسولة بماء زمزم..وذنوبي رجيمة مع الشيطان الرجيم..غدا ..غدا
****
هو يعرف أنه مسلوق بألسنة صدئة لعقت حافر أبي جهل..يعرف أنه مهموز القفا..وجوههم يرهقها البؤس والبرص من قبل أن تبوس نعل ابن الفاعلة..لا تثريب عليهم..قبيلة لكع وحفنة من عضاريط.. ينعق بهم كل رقيع ومأفون.. يعرف أنهم على النميمة ينامون..يتوسَّدُون الغدر.. وعلى كانون وقودُه لحمُه المتهرئ يتحلقون.. تمضغه نواجذهم التي يعضون بها على سنة كل متنبئ..يمسحون لحاهم بجرح كبريائه وتعديل أنفته..وتأبى طباعه التطبيع مع المسوخ والجراء الوطنية.. يعرف أن أبصارهم تزلقه كلما توكأ على عصاه قاصدا محكمة الضمير..يتصايحون بحناجر يزني فيها البوم..ينهشونه حتى العظم الأبيض المتوسط..يحمل صليبه وما بقي من دمه ويمضي ..تخنقه الحشرجة وبعض من دعاء يتيم: اللهم اغفر لهم فإنهم لا يعلمون..كلا أيها الوغد.. هم يعلمون أن الغراب باعهم المنكر وسفنا من حسرات..وها هي الكلاب تتهارش على أفواههم فيحمدونها داعين:اللهم أدمها نعمة واحفظها من الزوال..ويفترشون القتاد قائلين:اللهم لا تحرمنا من رفدك ورحمتك يا عظيم المنة..وتسوخ أنوفهم في الوحل مبتهلين:اللهم ثبت أقدامنا وانصرنا على أعدائنا.. ويهنئون بعضهم بأضغاث كيد منقوعة في القوادة.. وعند الوشاية يحمد القومُ الحسد..
عندما تتصافح أحقادهم وتتعانق سخائمهم بــ"السلام عليكم" ينسحب بغريزة ثعبان أرقط استشعر رأسه مشدوخا بفأس يدعو إلى وحدة الموقف..يأوي إلى سمِّه يذرفه كلمات..يراقص الشيطان في حفلات السؤال..ثم يقرأ آيات من سفر التكوين..وتعاويذ من آي الويل وهو كظيم..لم يعد يملك حمارا ..كان آخر عهده بمطايا الأنبياء وتواضعهم..باعه في السوق بثمن عشاءٍ لأرملة شهيدٍ تناست اســـمَها السجلاتُ الرسمية..وشوش في أذن من كان يقال له حمار:سامحني على ما لحق بك..الله يفتح عليك.. اذكرني عندما تناقش ميزانية الأمة في الاجتماع القادم.. لا بد وأن تركب..وتلك الأيام نداولها بين الناس..وضحك الحمار بخمسين نهقة على سلم حمتر.. وقيل بأربعين مادة على سلم دُستر.. والعهدة على الذين حضروا الصكة..وقيل الصفقة ..ورجَّح فقهاء اللغة العربرية الصفكة كحل جذري للازدواج اللغوي التصاككي..
خرج من قبوه المسمى في سجلّاتهم بيتا قاصدا الكنيسة ؛طريقه محفوف بأشواك النظرات غاص بالأسئلة البليدة،مرصوص على جانبيه بالقيل والقال ،في طريقه إلى الزاوية المنفرجة على النظرات الحادة كان القلب عودا يُضْرِم فيه ضريرٌ بائس لحنا ممزقا ..وشِلوَ دعاء مقهور،والناي حزين حزين..حزيييييين.. كان يدندن"هذا وطْنَكْ وَلَّا جيتْ بَرَّانِي يا رَاسْ الـــمَــــحْنَة لله كَلَّمْني".
في طريقه إلى الصراط المستقيم كانت التعرجات تنتظره والغواية تتربص به ؛اليمينية واليسارية،السلفية والإخوانية،الفوضوية والعدمية،النواسية والابيقورية،اللاأدرية والنسبية،الطهرية والإباحية..وكان عليه أن يخصف من ورق التقية صفاء الضمير..وأن يتحسس الريحَ الذئبيةَ من أين تأتي عضتها الغسلين الموزونة بمكيال يوسف الصديق.. يميل مثل محبي الشهوات..يعتدل الميزان فيمشي هونا ويرى الناس جاهلين..أليسوا كذلك؟..ويراه الفقراء يمشي بكنوز قارون..ولولا آلام الظهر وبعض من شطحات السكري لهشهم وهشم مناخير الشماتة الديمقراطية.. ويل لكم..أغنام تصفق لجزارها: نفديك.. نفديك يا واهب الذباب والثرثرة الثورية ..كل العفونة تقول "السلام عليكم" حينما يقرقع لها بالشنان..فتزداد المحبة بإفشاء السلام..كل الترهات تقول "السلام عليكم" برؤية الهراوة فيطفوا الأوغاد المرشحون للمناصب والأثافي السيادية..لا شك في الشك ..وبعض خبال تستعيد به الكرة الأرضية بعضا من توازنها.. وبعد تحطم العود.. لا شيء في القلب غير الركل..وخربشة على جدرانه بشعر مصفى لا يعترف بالطب..لا شيء في الذاكرة غير جراح مفتوحة يكويها بأنين ناي (وليس صوت الناي ريحا بل لهب **عدم من فاته ذاك الشنب).. ويدور يدور يدور مع مولانا جلال الدين.. قدَّاسهم يقام يوم الجمعة..أزال الله زوالهم.. جميعهم من ذوي الأصول غير الأصلاء.. كلهم موالي النبي..أحلاس.. وعلى قفاه أعدت طاولة يقامر فيها الغمز .. يمينا يرسف في الريب وشمالا يهدج في الظنون الدافئة..ينحدر ثم يرتفع ثم ينحدر ،والمسلك يضيق ثم يتسع ثم يعلوه القتام،وينجلي الغبار على منحدر الهوة السحيقة..ويْــــلي أأخطأت الطريق..قل هذي سبيلي..ويلي أهذا هو الضلال البعيد..ويلي وويل لويلي...
سماني أبي "الجندي" فاعترضت أمي.. هددها بالطلاق فسلمت أمرها لمنزل سورة الطلاق..هو ابن الحروب يا امرأة ..كانت الحرب العالمية قد انقشعت وثورة التحرير لاح سناها في الأفق..ولم يكن يدري أنه سيصير طعاما لها..لم تغمسني أمي في ماء الخلود لأنجو من حرب رمضان ..كانت حربا لاستعادة المجد وكان ابناء القحبة يشربون يومئذ نخبهم مع كيسنجر.. قالوا لنا: لقد انتهت الحرب انهوها كما أراد لهم سيدهم وحقنوا آذاننا بجناح السلم المهيض ؛وإن جنحوا للسلم فاجنح لها.. ورجعت مدمَّى القلب معفر الذاكرة..وعندما جاءني الدركي يطلب ابني الوحيد ليجندوه في حربهم سمع مني كلاما أخشن من حذائه..قل لرئيسك بندقيتي ليست للإيجار..قاتلَ أبي فرنسا..وقاتلت اليهود أما حربكم القذرة فلا تعنيني..ابحثوا عنه..كنا نتطوع وانتم الآن هاربون..كنا نفاخر وأنتم الآن وجلون..على أكتافكم تلمع النياشين..وفي أعماقكم يتدحرج الخواء والخور..لا شأن لي به ابحثوا عنه في الكباريهات أو في صالات الحشيش.. لا شأن لي به ..ما بقيت سوى رشفة في كأس العمر..وأكداس من خطايا ..ها أنا الآن ذاهب إلى الصلاة.. "آذنني الناقوس بالفجر ... وغرّد الراهب في العمر" .
في طريقي إلى الكنيسة لأداء صلاة الجمعة استوقفني الشماس عند الباب ومن غير أن يحييني قال لي:إن إمام الكنيسة لن يقدم موعظة هذا اليوم..تذكرت "ماريا"..والقاهرة ..وضجت الأذن بآهات السيدة أوَ لا تعشق الأذن قبل العين أحيانا؟؟:هو صحيح الهوى غلاب..إزَّاي يا ترى أهو ذا لي جرى..وأنا معرفشي.. يا مـْحَمَّدْ..وكان اسمي الذي اختارته لي يخرج لذيذا من شفتيها..أنت عمري لي ابتدا بنورك صباحو .. ولم أكن سوى جنديا حن لأيام قاهرية عاد إليها لا يحمل بندقية ليحرر السويس ويستعيد الكرامة ..فقط كان يحمل قلبا مصلوبا على شفتي قبطية..وذكرى شوارع القاهرة ..وعبق لياليها.. وها أنا اليوم في قاعة انتظار الموت بسلام..ارفض الحرب التي شعارها"السلام عليكم"،أو شالوم..
فاجأني الشماس بخبره من غير تمهيد،وكان يطمع أن استزيد،كانت الفرحة تطوف بكعبة بؤبؤه وتنطلق أساريره بالحبور وشيء من التشفي!
قلت له:ليرحمنا الرب
وقال الشماس وهو يسوي اعوجاج طاقيته:لقد أقالوه من الخدمة ثم صمت وعيناه تمشطانني ..حاد عن الصراط المستقيم..نازع القوم أمرهم..وخرج عن النص..جاءه النذير ثم اخرجوه..
سألته:من هم؟ وندمت على السؤال..
الجميع يعرفونهم..ما بك يا سي الجندي وشعرت بوخز في جنب الاسم ..جندي مسبوق بالسين لم يجتمع سي بجندي منذ خلقت اللغة..
ـــــــــــ ومن هم الجميع الذين يعرفون ما لا أعرف؟
ندت عن الشماس ابتسامة ماكرة مسَّح إثرها على وجهه الأملس وقرأ في سره الذي لا يعلمه إلا الله وأنا: "وما يعلم جنود ربك إلا هو".
انسحبت في صمت مجلجل ودخلت الكنيسة،بينما راح يقتعد كرسيا من حجر الغرانيت تحت شجرة يبشر الداخلين بأنه لا موعظة اليوم..وهو يعلم أن الانجيل يتوعده بالويل "ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون! لأنكم تغلقون ملكوت السموات قدام الناس فلا تدخلون أنتم ولا تدعون الداخلين يدخلون"
تعمدت بماء التوبة ،ورفعت يدي إلى السماء ورددت في سري المسموع:اللهم إنا نبات نعمك فلا تجعلنا حصائدَ نقمك.كانت هذه أول مرة أدخل فيها بيت الله..دخلت بيوتا كثيرة لأعدائه..وعربدت فيها وملائكته يكتبون عن اليمين والشمائل..وخرجت بسجل حافل بالخطايا..وها أنا اليوم في بيته الـــمُصادر..
أنزلت كفيْ الضراعة ومسحت على وجهي وصدري،فأنا في وطني أكمه أبرص ميت واحتاج لجيش خلاص وألف مسيح..ووحدها الثيران المسمنة بالخيبة والأحقاد وقرآن عضين تعرف باب الملكوت وشارات العبور.. ثور مسمن بالمواعظ يعض على الإيمان بالأنياب وبالنواجذ ،والإيمان يتأوه من فرط الإيمان..كان العارف بالله ثور الواعظين يشمر على الطاعة حتى بدت للناس عورتها ،ويحرص على أن لا يفوته منكر ليغيره حتى صارت الدنيا بقضها وحميرها منكرا والناس فيها شياطين..وكنت آخر الشياطين الداخلين إلى هاديس..والله على ما نقول وكيل..وبالسؤال قانعون..بالبق ،بالبرغوث ،بالأوساخ والدناءات..قانعون وإلى الله على هذه الحال راجعون..هيا اخرجْ يدك البيضاء تصفع إفكي..الرحمة يا ملك الأموات ومجيب الدعوات..الرحمة يا ذا الجبروت الذي لا يموت..وكان كل الكلام رقصة مولوية في تلافيف دماغي..لا أدري إن كنت ابتسمت..قال لي :ماذا تفعل يا هذا؟..يا إلهي! رقيب وعتيد في بيت الوضوء؟!
ـــــــــ وماذا فعلت لا سمح الله؟
ــــــــــ تــــمسح على جسدك كأنك نصراني وتدعو بغير سنة النبي وسَرَط "صلى الله عليه وسلم" فوصلت طبلة أذني صلهعوسم
ـــــــــــ نحن أنصار الله آمنا بالله وأشهد بأنا مسلمون..وأردت أن أزيده:وإني وإن كانوا نصارى أحبهم** ويرتاح قلبي نحوهم ويتوق.
خشيت على جمرته القابض عليها أن تنطفئ فيذهب أجره،وعلى قلبه أن يضعف من ضعف الإيمان..ولم أكن ماتادورا ،ولم يكن صحن الكنيسة يكفي لأهيجه ولا أملك قطعة قماش بلون أحمر..لم يبق لهذا اللون من مكان سوى هلال العلم وشفاه الوزيرة المدللة..
لست عن هذا أحدثك .. بغضب من انقطعت لذته في المنتصف..أيها الخرقة..أين كنت؟..متى ولدت؟ أين قرأت؟..وكيف وصلت؟..أفي يوم توبتي؟؟؟ ..وصرَّت أسناني حتى سمعتها أقراش الأطلسي..وتصافحت سيوف الفتنة في باطن الروح ثم همدت.."اترك هناك قربانك قدَّام المذبح واذهب أولا اصطلح مع أخيك وحينئذ تعال وقدم قربانك"
ــــــــ فعم تتساءلون إذن؟ عن النبأ العظيم مثلا ،أجبته بكل عنفوان العاصين..بكل صلف المارقين..
ــــــــــ عن حركتك الغريبة ودعائك الذي ما أنزل الله به من سلطان..أهلا بوكالة سلطان الله..اهلا بأجَانْسْ التوبة..مرحبا بهرمس قائد روحي إلى ملكوت الله..وداعا أيتها الحرية الشبقة ..وداعا أيتها الوثبة النزقة ..أفي يوم توبتي يخرج هذا المسخ ..
وقالت نفسي الأمارة بالسوء وما أكثره:عليك أن تملأ فمه بالقش والطين،أو تنطحه برأسية تخرج ما بقي من كفر راسب في أقاصي روحك تبعصص كل مواعظه،وقالت نفسي اللوامة التي قادتني إلى التوبة المستحيلة:عليك نفسك فانهها عن غيها فإذ انتهت فأنت حكيم،وقالت نفسي المطمئنة التي لم تعرف بعد مرساها:والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس.
فليخرص الجندي..السكوت هو الحل ،وكظم الغيظ هو السبيل الأمثل مع بن طاقية الاخفاء ونفاثة العقد،وسكت ولم يسكت الأحمق ابن عادات الحكومة السرية..تلقفتنا الأعين،واسترقت حديثنا الآذان،كانوا يفتشون عن مشهد في المسجد يسليهم.. يروحون به عن النفس،ويوفرون به زادهم من الاجترار لأسبوع بَقَرِي أو يزيد ..ثم يرحمهم الرحمن.. تلمست طريقي للخروج من الورطة فدخلت صحن الكنيسة معمدا بقول المسيح "كل ينفق مما عنده".
صليت ركعتين تحية، وجلست أتلو القرآن،وكان "المؤمنون" بين راكع وساجد وقارئ ومنتظر، والمنتظرون لموعظة الإمام الجديد كانوا على أحر من النميمة،يقتعدون لوحا مشروخا ضفته دعاء وتوبة..وضفته الأخرى:ربنا عجل لنا قِطَّنا قبل يوم الحساب..
صعد الإمام على المنبر وقال :أيها الناس،عباد الله
استحسنت بدايته ،وحمدت الرب فكلمة "الناس" تشمل الجميع،من آمن ومن لم يؤمن ومن ينتظر واقفا على الشفير..و"عباد الله" تطامن المتكبرين فتضعهم عند حجمهم الذي يغالبونه.
أيها الناس:عليكم بالسمع والطاعة..وسمعته كأنه يقول:(اختلفوا اختلافا كثيرا) ولم أقدر على المتابعة.. انقطع البث..تبلبلت أجهزة الاستقبال..هذا يوم توبتي وبعض من شكوك تقض مضاجع اليقين الواقف على حرف..والسمع..والطاعة ..والاختلاف..لقد قطعت كل هذه المسافة وتقلبت على النظرات الشوكية والهمسات الذؤاف كي أسمع عن الطاعة..يا إلهي يا رب كل الأشياء المحشورة في صحن كنيستنا..مواعظ الدنيا لم تطهِّر قلبي المظلم وآيات الله في الآفاق لم تردعني عن الخطايا فكيف يأمرني هذا المأفون بالسمع له.. من يكون حتى أسمع ما يقوله..وقالت نفسي الوادعة إياك والكبر ..هو الإمام يا بقايا رجل..الإمام وكيل الله على الأرض وضحك الفراش المبثوث على توبتي التي لم تحصل على الترخيص من وكالة الإيمان وشهادة المطابقة...ههه ،لتكن طقوس انقطاع البث إذن : حك الرأس..قضم الأظافر..تغيير الجلسة..تبادل النظرات الزائغة ..التعاطس ومحاكاة التثاؤب..خمش الخد..دعك العين..إلى ان يقوموا إلى صلاتهم طاعة لأمره :قوموا لا رحمكم الله..

عبد العالي زغيلط /جامعة جيجل-الجزئر
البريد الاليكتروني:[email protected]



#عبد_العالي_زغيلط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علامة تع(!)ب /قصة
- تاروايت (عبد الحق المؤجل) قصة
- قرابين للنسيان- قصة
- الفرقة الناجية
- قراءة في رواية -عصر الطحالب-* للكاتب: كمال بولعسل
- نهاية الوطنية القديمة
- عائشة -نائمة-...


المزيد.....




- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد العالي زغيلط - لا توبة لك أيها الراهب