أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محفوظ أبو كيلة - أحمد بن طولون: حاكم أحبه المصريون















المزيد.....

أحمد بن طولون: حاكم أحبه المصريون


محفوظ أبو كيلة

الحوار المتمدن-العدد: 5166 - 2016 / 5 / 18 - 16:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أحمد بن طولون (سبتمبر 835 - مارس 884) تعود جذوره إلى أصول تركية، ولاه الخليفة العباسي المهدي على مصر، فأعلن نفسه حاكماً مستقلاً بها عام 868 وأسس دولة عريضة قاعدتها مصر ممتدة من برقه غربًا إلى الفرات شرقًا، ومن آسيا الصغرى شمالاً حتى بلاد النوبة ( شمال السودان ) جنوبا. وتعاقبت أسرته ‏على حكمها لثمانية وثلاثين عاما.
وأتخذ لهاعاصمة جديدة سماها القطائع، بناها على مرتفع من الأرض لتبرز على سائر المجموع العمراني بمصر، وأنشأ بها دارا للأمارة، كما أنشأ بها البساتين والقصور والعمائر والبيوت والطواحين والحمامات وأكثر من بيمارستانً ( مستشفى )، لمعالجة المرضى مجانًا دون تمييز بين الطبقات والأديان، وألحق به صيدلية لصرف العقاقير، كما أنشأ فيها قصره الضخم في موقع ميدان القلعة الحالي وقد اندثر تماماً، وينقل المؤرخين عن ضخامته أنه كان له أربعون باباً. وشيد جامعه الشامخ الذي يُعتبر شيخ جوامع القاهرة بلا نزاع، وقد أنشأه على مساحة ستة أفدنة ونصف، بمظهره الفريد في العمارة الإسلامية. ولقد كلف مهندس قبطى يدعي سعيد بن كاتب الفرغاني ببناء مسجد إذا احترقت مصر أو غرقت بقى، وقد كان فهو أقدم مسجد باقي على حالته الأصلية. وتحفل القاهرة بقليل من الآثار الطولونية الأخرى كالبيت الطولوني القائم بمنطقة المدابغ بمصر القديمة، وشُيدَّ في الجنوب الشرقي من المدينة قناطر للمياه، كان الماء يسير في عيونها إلى القطائع طوال العام من بئر حفر في أسفلها، وقد شيدها المهندس الذي شيد الجامع، ولا تزال بقية من هذه القناطر باقية إلى اليوم في حي البساتين بالقاهرة. وتشغل القطائع القديمة من القاهرة الحالية أحياء السيدة زينب والقلعة والدرب الأحمر والحلمية.
وقد كانت مصر عندما أتاها بن طولون تموج بالإضطرابات والفتن كغالبية المناطق الخاضعة للامبراطورية العباسية في ذلك الحين، فتمكن من إخمادها وإشاعة الأمان وترسيخ النماء والعمران وإقامة العدل والمساواه، مناقضا من سبقه من الولاه الذين أسسوا فيها نظام حكم عنصري جائر، استمد أسسه من العهدة العمرية والمراسلات المتبادلة بين الخليفة عمر بن الخطاب وواليه عمرو بن العاص " نصوص الرسائل منشورة فى كتاب د. محمد حسين هيكل، حياة عمر". ومن أهم قواعد هذا النظام: تحريم إلتحاق المصريين بالجيش ومنعهم من حمل السلاح. ومنع الأقباط المسيحيين من ركوب الخيل والبنايات المرتفعة، وإلزامهم بملابس خشنة بلون واحد يميزهم، وعليهم دفع الجزية وأيديهم أوطي من يد الجابي - إعتبار جميع الأراضي المزروعة ملك للخليفة - مُضاعفة الخِراج والحُصول على الأموال بِشتَّى الطُرق وتحويلها بالكامل إلي مقر الخلافة، دون استبقاء أي جزء منها للإنفاق على العمران.
أوقف أبن طولون كل هذه المظالم وأسس نظام جديد قام على العدل والمساواة وعدم التمميز والنماء والعمران مستعينا بالقبط المسلمين واليهود والمسيحيين وهم الغالبية حينذاك. جدد بن طولون عمران مصرالذي أنهار وخرب على يد من سبقوه من الولاة منذ دخل العرب مصرعام 640. كانت خُطوته الأولى في هذا السبيل تنظيم الخِراج، فأقصى العاملين بديوان الخِراج وجعلهُ خُاضعا له. وألغى الجبايات الظالمة القديمة وأستحدث نطام ضرائب يحقق العدل والإستقرار وعيَّن مُوظفين مصريين في الإدارة الماليَّة، وأباح للناس استخدام الكلأ والمصايد والأخشاب والنطرون. فارتفع خِراج مصر نتيجة هذه الإصلاحات إلى نحو أربعة ملايين وثلاثمائة ألف دينار في السنة، ولم يكن يتجاوز مائة ألف دينار قبل ذلك. وعمد إلى إصلاح العملة، فسكَّ الدينار الطولوني الجديد الذي امتاز بِثقل وزنه وخُلُوِّه من الغش، الأمر الذي أعاد الثقة والطمأنينة إلى السوق. وعمل على حماية الفلَّاحين والمُنتجين ، وبثَّ الطمأنينة والاستقرار في نُفوسهم، فحمى الفلَّاح من جشع العُمَّال وطمعهم، ووفَّر له الأرض الزراعيَّة وحاجته من الماء، وتم إصلاح وتجديد وتشغيل مقياس النيل بالروضة لتنظيم تدفق المياة ، كما تم تحصين وتقوية جسور النيل والفروع والبحيرات الشمالية، واحكام وتجدد وتطهر البواغيز والخلجان والسدود المحطمة، وأنشاء الجديد منها، واصلاح وتطهير التُّرَع والقنوات والمصارف الحقلية، وحفر الجديد منها. فتحسَّنت أوضاع مصر الزراعيَّة وتضاعف الدخل الزراعي. فعم الرخاء وتحقق فائض لدي الفلاحين وصولت أسعار الحبوب إلى أدنى مستوى لها منذ قرون.
كما أنتعشت أحوال الحرف والصنايع وتنظمت أوضاعها، وازدهرت صناعة النسيج من الكتان والصوف، في مصر السفلى في مدن تِنِّيس ودمياط ودَبِيق وشَطَا ودَمِيرة وغيرها، وفي مصر العليا في مدن الفيوم والبهنسا وإخميم. إضافة إلى المنسوجات المطرزة بالذهب والموشاة التي أنتجتها مدينة الإسكندرية وعُرفت بجودتها العالية.
وقام الأقباط بِدورٍ لا يُستهانُ به في إدارة البلاد، فشاركوا في أعمال الشُرطة والمُحافظة على الأمن والنظام في بعض الأنحاء وتولوا وظيفتيّ القسطال والجهبذ( وهما من الوظائف الإداريةالمهمة ). وتُشيرُ أوراق البردي إلى أسماء كثيرٍ من الأقباط الذين شغلوا وظائف الوُزراء وكبار رجال الدولة. وكان يأنس لمشورة رُهبان دير القصير ويلتمس منهم النُصح والإرشاد ويخلوا في بعض القلالي يُفكِّر. وتُشير الرواية القبطيَّة إلى أنَّ أُسقف طما ويُسمَّى الأنبا بخوم، كان لهُ حوالي ثلاثمائة غُلام، وكان يعتمد عليهم في حفظ الأمن في بلاده، كما أتقن الكثير منهم الرمي بالنشَّاب. وكان الأنبا بخوم يتمتَّع بِمكانة كبيرة لدى خُمارويه، الذى قرب رجال الأنبا إليه واعتمد عليهم في حفظ الأمن والنظام، وفي تفقُّد أحوال البلاد، وحراسة الحُدود الغربيَّة، ، وقد أستعان خُمارويه كأبيه بالأقباط، المسلمين والمسيحيين واليهود فى إدارة شؤون الدولة. وأذدهر الطب ، وتدوين التاريخ والخطط، والدراسات اللُغويَّة آنذاك.
ويمتلئ التراث الشعبى بالأساطير والأغاني التى تعكس حالة الإستقرار والرخاء التي عاش فها المصريين، تروى حكايات خمارويه وأبنته قطر الندى الذي أنفق على تجهيزها للزفاف على الخليفة العباسي المعتضد - الذي دفع صداقها ألف ألف درهم - ما لا يقدرمن الأموال، فقد صنع لها ألف هاون من الذهب، وكان الزفاف أسطورياً لا تزال تتردد أصداؤه في الأفراح الشعبية حتى الآن، حيث إنه استمر عدة أشهر، ويعد من أكثراحتفالات الزفاف طولا وبهاءً فى التاريخ. كانت مصر يومئذ في مهرجان، فٱ-;-زدانت كل دارٍ فيها، وعلى كل لسان غنوة يتردد صداها على شطآن النيل «الحنة الحنة ياقطر الندى»، ولم تزل هذه الأغنية وغيره من الأغاني تتردد على الألسن حتى اليوم، وحملت ملايين البنات عبر التاريخ اسم الأميرة الجميلة قطر الندي كفأل حسن وعلامة للحسن والجمال، والنضارة والبهاء، ولا تزال قصتها وجمالها وفصاحتها تلهم عقول وقلوب الفنانين والأدباء والشعراء والمبدعين.
أنتهز الخليفة العباسي المكتفى فرصة صراع أخوة وابناء خمارويه على السلطة بعد وفاته، فأرسل جيشاً لغزو مصر، وصلها فى أوائل عام 905 حرق ودمر القطائع وسواها بالأرض ولم يبقى منها سوى الجامع ، وانتهت بذلك الدولة الطولونيه، بعد أن عاش المصريون في ظلها نحو 38 عاماً استثنائية، من الرخاء والعدل والمساوه، وكمن في وجدانهم كحلم إلي ان حققوا بعضا منه فى أيام الدولة الفاطمية بعد نحو 50 عاما.



#محفوظ_أبو_كيلة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إبن يونس المصرى
- صلاح الدين الأيوبى ونائبه قراقوش
- الأزهر
- الآثار المترتبة على القواعد الاستيرادية الأخيرة
- مصر التى فى خاطرى
- نوبار باشا: شخصية من مصر
- التقلص السياسى ، والتمدد الثقافى للتيارات الإسلامية
- عمر لطفى: شخصية من مصر
- محمود مختار: شخصية من مصر
- دكتور نجيب محفوظ: شخصية من مصر
- الشيخ الباقورى: شخصية من مصر
- على باشا مبارك: شخصبة من مصر
- العارف بالله، السيد ابراهيم الدسوقى
- سلامة موسى: شخصية من مصر
- الأب أثناسيوس: شخصية من مصر
- بديع خير: شخصية من مصر
- دكتور ثروت عكاشة: شخصية من مصر
- مينا دانيال: شخصية من مصر
- محمود باشا الفلكى: شخصية من مصر
- شهدى عطية الشافعى: شخصية من مصر


المزيد.....




- فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
- الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
- طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
- آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات ...
- RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
- نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
- البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا ...
- إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد ...
- تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس ...
- مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محفوظ أبو كيلة - أحمد بن طولون: حاكم أحبه المصريون