أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هادي الحسيني - حوار مع الشاعر العراقي عدنان محسن















المزيد.....



حوار مع الشاعر العراقي عدنان محسن


هادي الحسيني
(Hadi - Alhussaini)


الحوار المتمدن-العدد: 5166 - 2016 / 5 / 18 - 01:58
المحور: الادب والفن
    


حوار مع الشاعر العراقي عدنان محسن

- أهمية الشعر ليست في شكله ، إنّما في قيمته .
- كل المدن أسكنها، وحدها بغداد تسكنني .

حاوره : هادي الحسيني / أوسلو ، باريس
المقدمة :
الشاعر العراقي عدنان محسن المقيم في باريس منذ ثلاثين عاما هو احد ابناء جيل السبعينيات الشعري ، الجيل الذي تحمل الكثير من المعاناة في ظل تدهور الاوضاع السياسية داخل العراق ، جيل من ذهب في المعرفة والابداع لكنه عاش حياة بائسة بسبب التهميش والاعتقالات ومصادرة حريته لتقاطعاته مع السلطة الحاكمة آنذاك الامر الذي شد اغلب شعراء ذلك الجيل الرحال الى المهجر ليعيشوا حياة الغربة وآلامها مرغمين ، لكنهم انفتحوا على ثقافات وشعوب اخرى وتمكنوا من التألق من خلال مجالات عديدة إضافة الى الشعر ، فكانت الترجمة والتنقيب والبحث والتحقيق لكتب التراث العربي والاجنبي . ولعل الشاعر عدنان محسن احد هؤلاء الشعراء الذي ساهموا مساهمة فعالة في نقل الثقافة الفرنسية الى العربية الى جانب العديد من الكتاب والادباء العراقيين الذين يقيمون داخل باريس منذ سنوات طويلة .
عدنان محسن شاعر يحمل همومه وهموم الآخرين في قلب يتسع الجميع ، فحين تلتقيه تجد ملامح القصيدة مرسومة على وجهه حيث البراءة وابتسامة المنفى الشاردة الى الوطن الأم ومشقات العمل اليومي ، ولعل أهم سمة من سماة عدنان محسن هو ابتعاده عن الاضواء والعمل مخلصا لمشروعه الشعري ومشاريعه في الترجمة والبحث . شاعر يسوده الهدوء والصوت الخافت الذي يرافق قوة نصه المحبوك داخل جملته الشعرية التي عادة ما تنفتح على آفاق ومديات واسعة ، ويعمل على هندسة الصورة الشعرية كما درس الهندسة الزراعية في جامعة بغداد منتصف السبعينات . عدنان شاعر عراقي جسد المحن الصعبة وقساوة الحياة والمنفى والحنين الى الوطن من خلال نصوصه التي تشرق عبر لغته الصافية والمكتنزة ، ويمتاز الشاعر عدنان محسن بدماثة أخلاق عالية وكياسة لا يعرفها إلا الذي يلتقيه ، وتظهر تجليات تلك الخصلتين في اغلب قصائده التي تبتعد عن الانفعال والغضب لتبدو قصائده تشبه هدوئه وتشبه روحه المفهمة بالمحبة للاخرين ، وهذا هو الشاعر الذي عادة ما يكون مخلصا حقيقيا الى تجربته التي وهب من اجلها حياة كاملة حافلة بالشعر .
ولد الشاعر عدنان محسن في العاصمة العراقية بغداد عام 1955 وتخرج من كلية الزراعة في عام 1977 . وفي بداية الثمانينات غادر العراق الى بيروت بعد سلسلة من الاعتقالات تعرض لها من النظام الحاكم الذي ضرب اليسار المتمثل بالحزب الشيوعي ، ومن بيروت انتقل الى دمشق ومنها الى العمل في ليبيا والجزائر حتى أستقر في عام 1981 في العاصمة الفرنسية باريس ليواصل دراسته الجامعية ويحصل على ليسانس في الأدب العربي والترجمة وماجستير في علم اللسانيات ومن ثم حصوله على شهادة الدكتوراة في علم اللغة الاجتماعي .أصدر العديد من المجاميع الشعرية والعديد من الترجمات ومازال مواظباً على مشروعه الأول وهو الشعر الى جانب الترجمة ، وعن حياة المنفى الطويلة التي عاشها والتي قاربت على الاربعة عقود من الزمن وعن تجربته الشعرية والوطن العراق الذي لم يزره حتى اليوم بعد ان سقط النظام العراقي في عام 2003 ، عن كل تلك الامور كان لي معه هذا الحوار المطول نسبيا لضرورة الطروحات المهمة التي تناولها الشاعر عبر حديثه الشيق ...

* لعل تطورات الأمم تعكس تطوراتها الفكرية والفنية وترقى بذائقتها في الفنون والآداب الى مستويات غاية في الجمال والرقة، وخلال التطور الانساني عبر حضارات اليونان وبلاد الرافدين ومصر والصين وحضارة أوروبا الحديثة، كانت المعادلة صحيحة والسؤال هنا : هل الامة العربية الآن في بدايات القرن الحادي والعشرين في نهوض شامل أم تراجع شامل، وإذا كانت الحالة سلبية فكيف تفسرون الدعوات المستمرة للحداثة والتجريب في قصيدة النثر والرواية أو ما وراء الرواية ؟
- أحسب أنّ الدعوات المستمرة للحداثة والتجريب في ثقافتنا، ما زالت أسيرة لنوعين من سوء الفهم ولبضعة أوهام، ومن سوء الفهم هذا ومن تلك الأوهام نهلت دعوات الحداثة مصادرها الأولى وصاغت توصيفاتها.
أما سوء الفهم فهو يتعلق بإشكالية المصطلح الذي يشير إلى هوية قولنا الشعري: قصيدة التفعيلة، الشعر الحر، قصيدة النثر الخ. وليس مبالغة القول إنّ غياب المصطلح ( الجامع المانع ) هو كعب أخيل النقد العربي ومصدر فراغ وخواء نظرياته.
في البدء، ثمّة هذا ( الخطأ المعرفي ) الذي اشار إليه الدكتور عبدالواحد لؤلؤة الذي وقعت فيه الشاعرة الرائدة نازك الملائكة، عندما أطلقت على نصوصها القائمة على وحدة التفعيلة اسم الشعر الحر، رغم أنّ ما كتبته وما كتبه من جاء بعدها ظلّ يدور في فلك العروض الخليلي في حشوه واعاريضه وضروبه وزحافاته المفردة والمركبة. ورغم أنّ نازك الملائكة أدركت فيما بعد عدم دقة المصطلح واعتبرته من الأخطاء الشائعة، لم يكن يخطر ببالها أنها وضعت الشعر العربي أمام مأزق المصطلح. وكان لابد من الاختيار فاخترنا من غيرنا مصطلحات ورحنا نرطن بها كلّ حسب هواه، حتى صار من الصعب التمييز بين شعر لا يلتزم الوزن وقصيدة النثر، بل صار من السهل أن يحلّ الأول محل الثانية والعكس صحيح بالتناوب.
أما الوهم فهو على نوعين : الأول يتعلق باعتقادنا أنّ الكتابة النثرية هي مرادفة للحداثة والوزن هو المقابل الموضوعي والحتمي للتقليدية الشعرية، وكأننا نستبدل خطأ بآخر: يرى التقليديون الشعر موزونا وحسب ويرى الحداثيون النثر رمزا لتك الحداثة، فما برحت هذه الأخيرة مقتصرة على النثر وحده ولا شيء آخر سواه.
أما الوهم الثاني فهو يتصل بعلاقة تطور الأمم بالحداثة. لا شك أنّ الكتابة وليدة مجتمع ما ، لكنها ولادة لا تفترض أن يتعقب الشعر خطوات مجتمعه، ودليلنا أن ( الواقعية السحرية ) جاءتنا من أمريكا اللاتينية والكل يعرف طبيعة المجتمعات هناك، في حين لم تستطع بريطانيا العظمى بكل ما نعرفه عن تطور المجتمع فيها أن تخرج من الركود الثقافي والإبداعي.
وبالمقابل نجد في عالمنا العربي اليوم منذ بداية العشرينات ( الرابطة القلمية في المهجر ) و من مطلع الثلاثينات ( تجمع أبولو في القاهرة) ومنذ نهاية الأربعينات ومطلع الخمسينات ( نازك الملائكة والسياب وعبد الوهاب البياتي في العراق) حتى يومنا هذا ، ثمّة سعي حثيث إلى الخروج نحو العالم وهو خروج على تقاليد شعرية عمرها طويل جدا يكاد يكون بعمر الثقافة العربية. لا أبالغ عندما أقول أنّ الشعر يزدهر في المجتمعات الفقيرة المتخلفة وهو ازدهار يكاد يكون على حساب الفنون الأخرى : الموسيقي يحتاج إلى آلة باهظة الثمن والنحات بحاجة إلى مواد خام ليست في متناول الجميع والحال نفسه عندما يتعلق الأمر بالرسم والمسرح والسينما والبالية . الشاعر يحتاج إلى موهبته وإلى ورقة وقلم وكل هذا في متناول الجميع.وإذا كان نزوعنا نحو الحداثة ذلك أنّ وزر التقليد ثقيلا وأطال الله عمره من أمريء القيس
حتى يومنا هذا . ثمّ هناك هذه الخصوصية العربية وتكاد تنفرد بها لغتنا : يستطيع العربي المتعلم أن يقرأ نصوصا تمتد إلى عصور في أعماق تاريخه فلا يوجد من يماثل شعراء المعلقات في الثقافات الأخرى وإن وجدوا يقراهم الغربيون مترجمين إلى اللغة المتداولة في هذه الأيام ، وهذه عمرها لا يتعدى أكثر من خمسة عصور في أحسن الأحوال. ولعل القرآن أفضل الأمثال : هذا نص ينتمي إلى القرن السابع الميلادي بوسع الكثير منّا أن يقرأه ويفهم منه الكثير ويردد آياته عن ظهر قلب، بينما الإنجيل مثلا وصل إلى الفرنسيين عن طريق الآرامية أولا ثمّ اللاتينية ثمّ الفرنسية القديمة كي يستقر في نهاية المطاف على صورته الحالية في الفرنسية المعاصرة . أقول هذا كي أشير إلى أنّ صلتنا بالقديم وثيقة لعدم وجود قطيعة كبيرة على مستوى اللغة ومن غياب هذه القطيعة ولد إلى درجة ما غياب القطيعة مع نمط التفكير وظلت الذائقة الشعرية على المستوى الذي كان فيه الشاعر القديم يغني على الأطلال. لقد وصف أحد الكتاب العرب هذه الحالة في كتاب بعنوان ( العرب ظاهرة صوتية )، ومن هذه الظاهرة استمدت ذائقة الناس تكويناتها الأولى. وليس غريبا أن يرتبط ما أطلقنا عليه النهضة العربية الحديثة بالحملة البونابرتية، بمعنى آخر أنّ الخروج من قديمنا جاء بفعل عوامل خارجية، ورغم أن أغلب رجال النهضة العربية رفع شعارات الثورة الفرنسية وتأثروا بفلاسفة عصر الأنوار الغربية، فولتير، جان جاك روسو على سبيل المثال ، لكن اللغة التي رافقت بوادر النهضة ظلت تراوح في مكان السجع القديم، فهذا أحمد فارس الشدياق وهو من رواد النهضة يكتب : الجاسوس على القاموس ، الساق على الساق فيما هو الفارياق، كنز الرغائب في منتخبات الجوانب..الخ بقيت الذائقة لصيقة للماضي لفظا وتركيبا . وليس غريبا أن يصف الشاعر الكبير محمود درويش قصيدة النثر العربية بالقصيدة الصماء لأنّ مراجعه الشعرية صوتية وفي كثير من الأحيان منبرية وهذا لا يتوافر لهذا النمط من الكتابة . لعل هذا الإستطراد يفسر إلى حد ما شروعنا المتأخر نسبيا في كسر الحاجز ودخول الحداثة من أبوابها .
والحال، أنّ ما أطلقت عليه الشاعرة نازك الملائكة اسم الشعر الحر، هو في حقيقة الأمر المقابل لما هو معروف في الشعر الغربي التقليدي السائد حتى ظهور برتران الويزيوس 1807-1841 وشارل بودلير 1821-1867، شعرنا الجديد هو قديم أوربا التي خرجت عليه منذ أكثر من قرن ونصف القرن، فليس من المستساغ القول إنّ اعتبار الغرب مصدرا للحداثة الشعرية ضربا من ضروب" الاستلاب الذاتي واللغوي والشعري" طالما أنّ بضاعتنا جاءت من عندهم!
* من أين جاء هذا الاستنتاج ؟
- في العودة إلى إشكالية المصطلح، ينبغي القول إننا لا يمكن أن نضرب صفحا عن منابع هذه القصيدة الغربية التي خرجت من رحمها. فقد سعى النقد الغربي أن يرسم معالمها الخارجية ويحدد هويتها الشعرية وفحص تركيبها اللغوي الذي قامت عليه. وهم يرون أنّ قصيدة النثر: " قصيدة تستعمل أسلوبا غنيّا بالصور الشعرية حيث تُستعمل الكلمة في غير ما وُضِعت له، تعتمد الاستعارة والمجاز المرسل وتجانس غير مألوف بين الكلمات وتأثيرات صوتية وتعتمد الإرداف وهو الربط بين أجزاء الجملة من غير استعمال أدوات الربط كحروف العطف مثلا". وفي العام 1959 أنجزت الباحثة سوزان برنارد أطروحتها الموسومة " قصيدة النثر من بودلير حتى يومنا هذا" حددت فيها خصائص قصيدة النثر، وقد اعتمد أغلب الكتاب العرب على هذا الكتاب، تحديدا أدونيس وأنسي الحاج،في التنظير لقصيدة النثر. وحسب سوزان برنارد: " قصيدة النثر، نص قصير يكوّن وحدة تتميز بالمجانية، اللاغرضية في ترجمة أخرى، وتعني من هذا خلو النص من السرد الذي يفضي إلى غرض ما، ويكون اللفظ فيها غير محدد بزمن معين، وتعتمد الإيجاز وتعني الكثافة، وهي وحدة عضوية من سماتها التوهج".
وفي مقدمته لديوانه " قصائد نثر قصيرة" يلخص بودلير برسالة بعثها للناشر أرسين خوسيه، دوافعه لكتابة قصيدة النثر وهذه الرسالة في غاية الأهمية لمعرفة المفهوم البودليري عن هذا النمط في الكتابة . يعتبر بودلير أنّ النثر يناسب أكثر من غيره حساسية الحداثة الشعرية، ويناسب أكثر من غيره حساسية الحياة العصرية، وعلى وجه التحديد حياة المدن. وفي هذه الرسالة يصف بودلير كتابه باعتباره كتاب صغير لا رأس له ولا ذيل بمعنى لا بداية له ولا نهاية، ويتجلى هذا في عبارته : إنّ كلّ ما في الكتاب هو رأس " بداية" أو ذيل" نهاية"بالتناوب. يمكنك أن تقطع أينما تريد. هذا التشخيص على قدر كبير من الأهمية لمعرفة الحدود التي تفصل قصيدة النثر عن الشعر الحر.
ويبدو أنّ الناقدة خالدة سعيد قد وضعت يدها، منذ بدايات الستينات على الخصائص التي ميزّت الشعر الحر عن قصيدة النثر، عندما تناولت كتاب محمد الماغوط الشهير " حزن في ضوء القمر" وأطلقت على نصوصه الخالية من الوزن والقافية شعرا، ولم تشأ أن تطلق عليها قصائد نثر. ويبدو أكثر وضوحا رد المشرفين على مجلة " شعر" ، أدونيس وأنسي الحاج، في ردّهم على هجوم شنّته الشاعرة نازك الملائكة على مجلة " شعر" بسبب تسمية ما كتبه الماغوط شعرا : كيف يمكن أن نطلق على النثر كلمة شعر ، قالت نازك الملائكة؟ إنتاج محمد الماغوط في " حزن في ضوء القمر" شعرٌ حرٌ، يقول رد المجلة بلسان أدونيس وأنس الحاج على الأرجح.
والآن، إذا نظرنا إلى خارطة الشعر العراقي، نجد أنّ كتاب قصيدة النثر فيها قليلون، وانّ بعض الرموز التي نعتقد أنها تمثل قصيدة النثر بامتياز، هم في الحقيقة كتبوا الشعر الحر. يحضر الآن في الذاكرة سركون بولص، فالبرغم من أنّ هذا الشاعر الكبير كتب قصائد نثر رائعة ولكن أكثر قصائده تنتمي إلى الشعر الحر، هذا ما صرّح به لي شخصيا، وكذلك الحال مع صلاح فائق الذي أعتبره مع الماغوط وسركون بولص ومؤيد الراوي وغيرهم من رواد الشعر الحر في العراق، هذا الشعر الذي أخرج القصيدة العربية من أروقة فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن لتعلن عن نفسها بحرية كاملة.

* لكن بالمقابل نجد أن خروج القصيدة العربية من اوزان الخليلي جعلها تتأثر في الشعر الفرنسي الذي كتبه رامبو وبودلير وبريفير وغيرهم الكثير ، كان التأثير الفرنسي طاغيا على القصيدة العربية وبخاصة داخل العراق أكثر من غيره واعني هنا تحديدا قصيدة النثر ، إذاً ما هي مقومات نجاح قصيدة النثر داخل الوطن العربي ونحن نعرف ان شاعرها يجب ان يكون موسوعي وملم بثقافات متنوعة ؟
- لو تعقبنا قصيدة النثر الفرنسية منذ الديوان الأول الذي أصدره الويزيوس برتران " غاسبار الليل" حتى يومنا هذا، نجد أنّ كبار الشعراء الفرنسيين، بودلير، رامبو، مالارميه في القرن التاسع عشر، وبروتون، آراغون، إيلوار، سان جان برس، ماكس جاكوب، بيير ريفردي، رينيه شار، فرنسيس بونج، بيير جان دوف..الخ من القرن العشرين، ساهموا في تكريس هذا النمط من الكتابة، ومن كتابات هؤلاء استمدت قصيدة النثر الفرنسية شرعيتها ونالت شهرتها. هؤلاء جميعا، ومن معهم، رسّخوا قصيدة النثر في الشعر الفرنسي، بحيث أصبحت اليوم النمط السائد في الكتابات الشعرية الفرنسية.
وعندما كتب رائد قصيدة النثر الفرنسية الويزيوس برتران " غاسبار الليل" لم يكن معروفا وطوى كتابه النسيان حتى مجيء بودلير ليلقي الضوء عليه في مقدمته الآنفة الذكر، يقول بودلير : " بعد تصفح كتاب الويزيوس برتران للمرّة العشرين على الأقل، خطرت على بالي فكرة أن أقوم بشيء مماثل بذات الطريقة التي كان يصف الحياة الحديثة فيها"
ماذا كان سيحصل لو لم يكن بودلير نفسه من اضطلع بهذه المهمة ؟ وماذا كان سيحصل لو لم تكن " اشراقات رامبو" نثرية؟
والآن، دعني أتخيل الآتي : ماذا كان سيحصل لو أنّ محمد مهدي الجواهري أو بدر شاكر السياب أو نازك الملائكة أو عبدالوهاب البياتي، جرّبوا قصيدة النثر؟ وسؤال آخر أكثر مرارة، ماذا كان سيحصل لو أنّ قصيدة النثر العربية لم يصبها أذى أصابع الاتهام من شعراء كبار لم يروا الشعر إلا موزونا، بحيث أصبحت محط الأسئلة والشكوك حتى في أعرق نماذجها؟
لا أكتب قصيدة النثر وليس بوسعي مثل العارف بكتاباتها تصوّر ما سيلحق بها وما ستتمخض عنه. لكن رغم ذلك، أحسب أنّ الأمر يتعلق بذائقة جمعية وتدريب يطول أمده للخروج من إرث شعري طال أمده، هذا الإرث الذي يعتمد النبرة العالية وضجيج الموسيقى.
الأمر يعود إلى كتاب قصيدة النثر أنفسهم. أما عن الذائقة فعندي حلّ، قد يكون صادما للبعض، هو إلغاء المهرجانات والأمسيات الشعرية حيث يضطر الشاعر إلى أن يكون مغنّيا وموسيقيا وخطيبا وراقصا كي يقنع جمهوره !
قصيدة النثر ليست منبرية والمنابر في وقتنا هذا لا تتسع لقصيدة تخاطب العقل والمعرفة وتستعين بالجمال وحده كي تعلن عن نفسها.

*اليوم ، وبعد أن مضت عقود من الزمن على كتابة قصيدة النثر في العراق خاصة والوطن العربي عامة ، هل تعتقد انها اثبتت وجودها واصبحت بديلا عن القصيدة الكلاسيكية وقصيدة التفعيلة كما وان كتاب هذا النموذج الشعري الحديث منذ الستينات وحتى اليوم يعتبرون في طليعة الشعراء العرب فثمة انسي الحاج والماغوط وحسين مردان وشعراء جماعة كركوك والذين يتقدمهم سركون بولص وفاضل العزاوي ومؤيد الرواي وجان دمو وآخرون ؟

- ينبغي على المرء قبل الشروع في أي حديث عن البدائل، أن يعيد قراءة التجربة الشعرية لجيل الستينات من خلال النصوص المنشورة آنذاك وعبر أهم رموزها.
لا أضيف شيئا جديدا في القول إنّ هذا الجيل لم يكن جيلا واحدا من جهة الإبداع والمعرفة الشعرية، رغم انتمائهم إلى حقبة زمنية عُرفت بهذا الاسم
لم يكن جلّ هذا الجيل خارجا عن قصيدة التفعيلة، بل أنّ بعضا من رموزه المعروفة كان وثيق الصلة بها، وكثير منهم وقف موقفا سلبيا من الشعر الخارج عن الوزن وقصيدة النثر.
وقد تشكل مجموعة كركوك" فاضل العزاوي، مؤيد الراوي، سركون بولص، صلاح فائق، جان دمّو، والأب يوسف سعيد وغيرهم "، بعد عزوف الشاعر حسين مردان عن أطلاق قصيدة نثر على " نثره المركز"،نقطة البداية في مسيرة الشعر الخالي من الوزن وقصيدة النثر. فهؤلاء كتبوا منذ البداية، باستثناء فاضل العزاوي الذي كتب قصيدة التفعيلة أيضا، كتابات خارجة عن قصيدة التفعيلة أولا وجرّب بعضهم كتابة قصيدة النثر على نحو ما جرى التعريف به سابقا، متأثرين بما كان يحدث في لبنان وعلى وجه التحديد بمجلة " شعر" وأيضا على معارفهم الشخصية عن طريق الترجمة.
وأحسب أن شعراء التفعيلة لهم نصيبهم في المساهمة في تجديد القصيدة العربية ولكن من داخلها ودون الخروج على قوانينها. ففي كتابها المهم " قضايا الشعر المعاصر" تعيد الشاعرة الرائدة نازك الملائكة قصيدتها " قرارة الموجة " من الكامل، وتكتبها بطريقتين، الأولى بشطرين " وحدة البيت" والثانية بشطر واحد " وحدة التفعيلة":
يا عامُ لا تقرب مساكننا فنحن هنا ضيوفْ
من عالم الأشباح ينكرنا البشر
ويفرّ منّا الليل والماضي ويجهلنا القدر.
تعيد كتابتها على الوجه التالي لتبرهن أنّ شعرها جارٍ على قواعد العروض العربي:
يا عامُ لا تقرب مسا كننا فنحن هنا ضيوف
ويفرّ منّا الليل وال ماضي ويجهلنا القدر
ويستطيع العارف بالعروض أن يفعل الشيء نفسه بعدد غفير من قصائد نهاية الأربعينات والخمسينات.والحال، أن مساهمة شعراء التفعيلة في الستينات في التجديد تكمن في الخروج من هذه الصرامة العروضية. فأنت لا تستطيع أن تفعل، مهما كنت حاذقا في العروض، الشيء نفسه مع قصائد العزاوي الموزونة او فوزي كريم، عبدالرحمن طهمازي ، جليل حيدر، ياسين طه حافظ، سامي مهدي، حسب الشيخ جعفر، علي جعفر العلاق، وغيرهم. وهذه نقلة مهمة في الانتقال إلى مرحلة ما بعد الوزن. كما أن لحسب الشيخ جعفر دورا مهما في قصائده المدورة ، الأمر الذي ترفضه نازك الملائكة بحزم على اعتبار إن " طول الشطر غير محدد بحيث يستطيع الشاعر إن يضع ما يشاء من تفعيلات مستغنيا عن التدوير"
وفي بداية السبعينات، كانت قصيدة التفعيلة هي السائدة في ما يُنشر من شعر، وتعمد أغلب المسؤولين عن الصفحات الأدبية على إهمال القصائد الخالية من الوزن او قصيدة النثر. وكان الحديث عن الهايكو أو الشذرات أو النص المفتوح يثير النوادر والطرفات.ولم تكن ثمّة فسحة للنشر، فشاعر مثل عقيل علي صدرت مجموعته الأولى في المغرب وليس في العراق وبمبادرة صداقية نبيلة من الصديق الشاعر كاظم جهاد.
ومن كلّ ما تقدّم يتضح أنّ قصيدة النثر ما زالت في بداياتها مقارنة بالإرث الشعري القائم، وأحسب أنّ أمر شيوعها يتوقف في المقام الأول على الذائقة، وكلّ ما يتمناه المرء لمستقبل هذه القصيدة هو أن لا تُقتصر على النخبة. أعرف أنّ دروبها طويلة ومحاطة بالعثرات بفعل صخب وعنفوان التقليد الشعري السائد. وفي نهاية المطاف لا أحسب أنّ جوهر المسألة يتعلق بأن تكون بديلا عن غيرها، بل من خروجها من صومعة الصفوة ودخولها إلى عالم أكبر. ما زلت أصرّ على القول إنّ معمار القصيدة ليس جوهرها، وقيمة القصيدة بما تفيض به من جمال وبقدرتها على استنطاق الكلام وبالتعبير بلغة تخلق الدهشة والأسئلة.
لن أستغرب أبدا أن يظهر بيننا يوما عبدالأمير حصيري آخر ، سيّاب آخر، سركون بولص آخر، محمد الماغوط آخر ، وهؤلاء جميعا يفتح أمامهم الشعر على مصراعيه. فالشعر الحقيقي في قيمته وليس في شكله.

* ننتقل الى المنفى الذي ذهبت إليه مرغما بعد سلسلة من مضايقات رجال الأمن في بداية شبابك ، وأكثر من ثلاثة عقود مضت وانت بعيد عن وطنك العراق . ترى ما الذي ظلّ في الذاكرة عن بغداد مدينتك التي تمثل نواتك الشعري بالرغم من الخراب والدمار الذي لحق بها عبر الحروب والصراعات الطائفية ؟

- مالذي أبقته الذاكرة وماذا تبقى منها؟ لم أكن أحسب أنّ سؤلا كهذا عن علاقة الإنسان بالمكان، يضعني أمام حيرة الاختيار ويعقد لساني. كأنّ كلّ شيء قد بقى وفي نفس الوقت لم يبق منه سوى القليل، هذا الذي أخفي فيه نفسي وأتذكرها.
كنتُ كتبت منذ فترة طويلة نصا يقول:
الذاكرة،
هي كلّ ما تبقّى لي
من أسمال العائلة.
وقلتُ أيضا:
مدنٌ أسكنها
وحدها بغداد تسكنني
إنّ علاقة المرء بالمكان، هي مرآة حياته ودليله الذي يقوده إلى الماضي من أبوابه الواسعة.
لم تكن بغداد مدينة جميله حتى بالقياس مع بعض العواصم العربية المعروفة. وانا من جيل رأى بأمّ عينيه ما فاضت به دجلة من فيضانات وكنت شاهد عيان لهذا الخراب الذي حلّ بنا جميعا.
فإذا كان العثمانيون والأنكليز قد تركونا متسربلين بالعوز والفاقة، فإنّ من جاء من بعدهم جعل من بغداد مشروع مقبرة ومن العراقي قتيلا على قيد الدرس.
لكننا نحب بغداد، نحب هذا الحطام، إذا اقتضى الأمر من جانب واحد. ولهذا السبب عقدت العزم أن لا أذهب إلى بغداد بعد سقوط الطاغية.اريد من هذا الغياب أن يستبقي أجمل وأغلى ما أملك فيها، وأعني الماضي . لست عدميا ولكني أحاول أن أعطي للماضي سلطة حاضر مفترض، يعينني على التواصل معها.
وإذا كان النص الشعري هو التعبير الأسمى لكلّ أفعالنا، فدعني من خلاله، أرى مدينتي وأقابلها وجها لوجه بشجاعة الهارب من ظله :
لم يبقَ من أنهاري غير ذاكرة الطين
ومن أطياني سوى عوز العائلة
لم يبقَ من خاتم الحب سوى الصدأ
لم يبقَ من الحلم سوى أضغاثه
ومن الصمت غير رنين الذي لا يُقال.
هذا ما تبقى لي من بغداد : رنين الذي لا يُقال.

* وصف جميل ودقيق ان لا تزور بغداد وهي تختلف عما عرفتها في زمن مضى ، هذا بالتأكيد من باب الحب والشوق العارم لها وان تبقى صورتها مرسومة في ذات الجمال والزمن الجميل ، لكن سؤال هنا يطرح نفسه ، إذاً ما هو دور المثقف العراقي سواء كان في الداخل او الخارج ، اوليس الشاعر بوجه خاص والمثقف بوجه عام تقع عليه مهمة انسانية ووطنية صعبة تجاه ما يحدث داخل العراق اليوم ، ما هي مهماته للخروج من المأزق السياسي العراقي وهو لا يملك غير سلاح الثقافة ، كيف يكون في رأيكم ذلك ؟

- بادئ ذي بدء، ينبغي علينا أن لا نقع في وهم يقود إلى الاعتقاد بأنّ المثقفين جميعا من طراز واحد وهو نفس الوهم الذي قادنا إلى الاعتقاد بوجود دور ما للمثقف يستمده من سلطة افتراضيه كان يحلو لنا أن نطلق عليها" سلطة المثقف". ولعل الانتكاسة التي طالت بعض المثقفين ممن حاولوا الاشتراك في الانتخابات التشريعية الأخيرة وفشلهم الذريع في الحصول على مقاعد في البرلمان العراقي الجديد، لهو دليل واضح على الهوّة التي تفصل عالم المثقف وبقية المجتمع.
كان جان بول سارتر يقول: على المثقف أن يشارك في تغيير المجتمع باستعماله الوسائل الوحيدة والممكنة المتوفرة لديه والتي لا يجيد سواها، ويعني الكتابة. وهو ينطلق من واقع معروف في المجتمعات الأوروبية يكون المثقف فيه السلطة المضادة. ولم يأت هذا الوضع من العدم، بل سبقته قبل كل شيء، تراكمات سياسية واجتماعية أفضت إلى قيام الدولة العصرية المتميزة بانفصال السلطات السياسية والقضائية. حينئذ تكون الدولة ومؤسساتها في خدمة الفرد ولا تطلب منه أن يكون تابعا لها، بل العكس هو الصحيح، لأنّ ما يدفعه الفرد من ضرائب، يجعل منه الممول الحقيقي للدولة، فلا تقوم هذه الأخيرة بدون مساهمة الفرد واشتراكه في بناء المجتمع.
والحال، في المجتمعات العربية لم يتم انجاز مشروع الدولة الحديثة بالمقاسات الحضارية المعروفة في العالم، وتمخض عن هذه الحقيقة المرّة، حلول السلطة السياسية محل الدولة. وصار الانشغال بالحفاظ على السلطة السياسية من المهام التي ترتقي إلى ما يطلق عليه " سبب الوجود: أنا في السلطة، فإذن أنا موجود، هكذا يبدو لسان حال الضالعين في السلطة والساعين لها. وتلاشى دور الفرد إلى أقصى حد، حتى صار تابعا للدولة- السلطة، وفي الحالة العراقية تحول العراق برمته إلى مخيم كبير، صارت البطاقة التموينية رديفا ومقابلا لبطاقة الأحوال الشخصية.
عندئذ صار من الأمور التي لا مناص لها أن تظهر شريحتان من المثقفين: مثقف مع السلطة وآخر خارج عليها. الأول تجده في الصفوف الأمامية والآخر هامشي لا حول له ولا قوة، سوى ما تفيض به أدواته في الكتابة تارة وفي الصمت طورا.
ومثقف السلطة له تاريخ عريق في ثقافتنا، فالدراهم التي كان يأمر بها الخليفة إلى جوقته من الشعراء، تحولت في زمن الطاغية إلى سيارات وقطع أراضي، فتحول ولي الأمر إلى ولي نعمة. وأحسب أن المثقف إذا أراد أن يضطلع بمهمة ما فعليه قطع الحبل السري مع السلطة. أن يؤسس سلطته القائمة على الحرية وعدم الانتفاع والتبعية. فعندما رفض سارتر جائزة نوبل، كان محكوما بهذا الهاجس الذي بدونه لا يكون المثقف حرا، وهو عدم الأرتباط بأي مؤسسة حتى لو كان اسمها نوبل.
إنّ هذه الحرية هي الشرط الوحيد المتوفر أمام المثقف كي ينهض بمهمات وطنية وإنسانية. فلا يمكن أن تنتظر أي شيء يجدي من مثقف خاضع ويدور في أفلاك السلطة ، سياسية كانت أم حزبية.
وعندما يحصل على هذه الحرية، يكون بوسعه التأثير في المجتمع بالشيء الوحيد الذي يجيده، وأعني الكتابة.

* تنتاب الكثير من قصائدك شحنات من الألم المّر ويبدو واضحا وجليا
انها ناتجة عبر الخسارات والفقدان التي تعرضت لهما خلال رحلة طويلة عريضة من المنفى سواء كنت داخل او خارج العراق ، كيف تحدثنا عن قصيدتك وما سبب شحنات الألم المتداخلة في اغلب النصوص التي تنشرها وينطبق هذا على اغلب الشعراء العراقيين الذين يعيشون المنفى اليوم ؟

- إنّ تجربة أي شاعر مهما كبر او صغر، لا تزال على قيد التكوين ولا تستكمل الا عندما يقرر الشاعر أن يكفّ عن الكتابة الشعرية.
ولست ممن يؤمنون بأنّ القصيدة تأخذ شكلها النهائي حال نشرها. فالنص الشعري، بالنسبة لي، مثل البيت يمكن ترتيبه وإعادة ترتيبه حسب ما يقتضيه وعي اللحظة وحسب ما تخزنه الحالة الشعرية من تجارب لم تكن في متناول اليد لحظة الكتابة. ومن هنا، أفضل الحديث عن المشروع الشعري الذي تستمد منه التجربة الشعرية سبب وجودها. فالشاعر الذي لا يملك مشروعا شعريا، حاله حال من يمشي في العراء، لا يعرف أين هو ذاهب ولا يعرف إلى أين يريد الوصول.
ويرى الكثير من الشعراء أنّ الشعر مجاز واستعارة. وأحسب أنّ معظم الشعر يقوم على هذا المبدأ، ويمكن القول في هذا المقام إنّ الشعر يأخذ في هذا المنحى من غموض القصيدة ومن تتابع الصورة الشعرية مادته الأولى في الإيحاء والتوصيل. وكلّما تباعدت الصور الشعرية، يقول رفيردي، في المعنى المراد إيصاله، كلّما زادت قدرتها على الإيحاء والتأثير. هنا يكون الغموض هوية النص ومنه تترتب العلاقة بين المتلقي والشاعر. وإذا استعرنا في هذا المقام لغة رولان بارت فإنّ الدلالة لا تكون حصيلة العلاقة بين الدال والمدلول إنّما تكمن في حقيقة مفادها أنّ مدلولات النص خارجة عنه ومستقرة في تأويل تتحكم فيه ذائقة القارئ وثقافته وخبرته. وجرى القول في هذا السياق إنّ الشعر لا يفهمه سوى النخبة.
وفي المقابل، ثمة منحى آخر، انتمي إليه، يسعى إلى تدوين العادي والمألوف في الحياة اليومية وصياغته شعريا. وفي هذا المنحى أجد نفسي ومن أجل تدوين العادي أكتب القصيدة.
وتعلمت من السريالية والسرياليين خلق الدهشة والبحث عن المدهش، ومن رينيه شار الإيجاز وتشذيب النص من الزوائد والإستطالات، ومن محمد الماغوط إستعمال الكلام العادي وعدم الوقوع في فخاخ المباشرة الفجّة، وكلّ ما سعيتُ إليه وأخفقت في الكثير منه ونجحت في القليل منه، هو تعبير عن هذه الرغبة في صياغة الكلام العادي شعريا.
" الفرح ليس مهنتي" قالها محمد الماغوط ذات ديوان وكان من الممكن اعتبار هذا العنوان من البيانات السياسية المصاغة شعريا بطريقة لا يحسنها سواه.
والحال، إنّ العادي وثيق الصلة باليومي. ويومياتنا متسربلة بأصناف لا توصف من المفارقات، فكيف لي أن أنسى أنني أنتمي إلى شعب ما زال يعيش على البطاقة التموينية. شعب من اللاجئين هذا الشعب اللذي أنتمي إليه في بلاد النفط والماء. وعندما أدوّن اليومي تنبثق هذه الحقيقة بكامل قيافتها ومرارتها. لم يكن حزنا ما أقول بل هو تعبير عن الغضب والاحتجاج مصاغين بطريقة تنأى بنفسها عن التبسيط بعد أن اتخذت من البساطة سبيلا للتعبير عن نفسها.

* لم أرَ الشعراء سعداء في حياتهم وبخاصة الذين اخلصوا للشعر وعاشوا من أجل الانسان وهم يدافعون عن حقوقه ويحرضون على طول الخط ضد الطغيان والحكومات الشمولية التي اوصلتنا الى هذا المستنقع وبخاصة داخل العراق ! اليوم يذهب البعض من النقاد العرب ليقولوا ان وظيفة الشعر ليست كما السابق ،اليوم هو فعل الرواية ... الرواية التي تسيطر على الساحة الادبية العربية بعد ان تصدرها الشعر لقرون طويلة من الزمن ، كيف تنظر الى الاعمال الروائية اليوم وهل تطمح بكتابتها ، بعد ان انتقل الكثير من الشعراء لكتابة الرواية ؟

- لو ألقينا نظرة سريعة على تاريخ الآداب الغربية، ليس على سبيل المقارنة بالأدب العربي، لوجدنا أنّ هذا الأدب وثيق الصلة بالملاحم التي تجمع الشعر والسرد والغناء ولعل ( الإلياذة) المنسوبة للإغريقي هوميروس باعتبارها أقدم نص أدبي غربي لهو النموذج الأوضح لتشابك الفنون وتداخلها في النص الواحد.
ومنذ دانتي، صاحب الكوميديا الإلهية وسرفانتس ، صاحب دون كيخوت، وشكسبير وغوته وموليير، التصق الشعر تارة بالسرد وطورا بالمسرح.وصارت لغة هؤلاء تعرف بأسمائهم: الإيطالية لغة دانتي، والإسبانية لغة سرفانتس، والانكليزية لغة شكسبير والألمانية لغة غوتة والفرنسية لغة موليير والروسية لغة بوشكين. وكل هؤلاء إمّا شعراء روائيون أو شعراء مسرحيون. والمسرح في خاتمة المطاف وفي بدايته هو فن روائي يعتمد السرد الحواري. فأي مجد ذلك الذي يجعل لغة امّة كاملة تحمل اسم شاعرها.
إنّ الثقافة الغربية قدّمت للشاعر امكانية التعبير في كلّ ما يتيحه الإبداع في المجالات المختلفة للكتابة، وحرصت على عدم تقزيمه في نمط واحد يُعرف به ويتعرف الناس عليه من خلاله وحده، فتضيق دائرة اهتمامه وانشغالاته الفنية في هذا النمط دون غيره.
ولم تستطع الحداثة التي طرقت أبواب الأدب الغربي النيل من هذا التقليد. فشاعر مثل رامبو مثلا، ورغم كل ما هو معروف عن تمرده في الحياة والشعر كان شديد الإعجاب بفيكتور هوغو وبرواية " البؤساء" على وجه التحديد. وكان رامبو يعتبر هذه الرواية" قصيدة حقيقية"، وفي فترة من حياته راح يقلدّها ولكن سرعان ما عدل عن فكرته.
وفي مرحلة الدادائية، أصدر لويس آراغون أكثر من رواية، واستمر على كتابة الرواية بعد ولادة السريالية في بدايات القرن الماضي. وحده أندريه بروتون كان يرفض رفضا قاطعا كتابة الرواية متفقا في هذا الصدد مع بول فاليري الذي كان ينفر من الرواية ويعتبر أنّ كتابة عبارات من نوع : " استيقظ فلان واحتسى قهوته ثمّ راح يحدّق بالأفق من خلال النافدة من العبارات التي لا تليق بالشعراء.
لكن هذا الاستثناء يؤكد القاعدة التي عرفها الأدب الغربي حيث اعتبرت بعض المقاطع المأخوذة من شاتوبريان وأندريه جيد من رواياتهما من المقاطع النثرية التي ترقى إلى الشعر.
من كلّ ما تقدم، اريد القول إنّ الحرية المتاحة للكاتب الغربي ساهمت في كسر الحواجز بين الأنماط الأدبية وألغت الحدود التي ما زال الكاتب العربي يحيط كتاباته ونفسه بها.
لا شك، إنّ فن الرواية حديث العهد في ثقافتنا مقارنة بإرثنا الشعري. فمن أمريء القيس حتى السيّاب تتابعت أجيال من الشعراء لا يحسنون غير الشعر، وهم شعراء وحسب. وصرنا ننظر بعين الريبة لمن يحاول الخروج على هذه القاعدة. ومن خرج عليها فمن باب استراحة المحارب، يستريح من الشعر ليجرّب الرواية، ولهذا السبب جاءت هذه التجارب متعثرة يختلط فيها حابل الشعر بنابل السرد مبتعدة عن المواصفات التقنية المعروفة في فن الرواية. ليس مبالغة القول إننا لم نعثر، ثمّة استثناءات معروفة كتجربة فاضل العزاوي ويوسف الصائغ، على الشاعر الروائي، بل نجد في أغلب التجارب التي خاضها الشعراء في الرواية نمطا من الكتابة يتضح من البداية أن بصمات الشاعر تلاحقه في سرده، فصرنا امام شعراء يكتبون الرواية وليسوا شعراءً روائيين.
لست على إطلاع على التجارب الجديدة، وبطبيعة الحال لا يشملها هذا الكلام.

* لننتقل من الشعر والرواية الى الترجمة على اعتبار انها فن هي الاخرى وكذلك هي مسؤولية كبيرة وأمانة في عنق المترجم وهو ينقل من لغات عالمية مثل الانكليزية والفرنسية والاسبانية والروسية نصوصا مهمة ، وانت تقيم في باريس منبع اللغة الفرنسية ، كيف بدأت الترجمة وما هي أهم النصوص التي قمت بنقلها الى العربية وما هي مشاريعك المؤجلة التي تحلم بتحقيقها بالترجمة ولم تنفذها الى الآن ؟

- كانت وما زالت الترجمة من الروافد الرئيسية لمشروعي الشعري. وثمّة عبارة إيطالية تقول إنّ الترجمة خيانة. ويمكن لي أن أوافق على هذه العبارة بشرط أن تُفهم كلمة الخيانة الواردة فيها على أنها تجسيد لإعادة الخلق وإعادة كتابة النص المنقول إلى اللغة الأخرى. وهذا لا يعني غياب الشروط والقواعد التي تحدد صلاحية الترجمة. فالترجمة شأنها شأن اي فن خاضعة إلى اصول تحتكم لها ونظريات تستمد منها خياراتها. وأضع فوق كلّ شيء من بين هذه الشروط والقواعد الدقّة، أي نقل المعنى من لغة الأصل، والانسيابية، أي أن يظهر النص المنقول وكأنّه مكتوب مباشرة باللغة الناقلة. إنّ هاجس اعتبار الترجمة كفن إبداعي دفع الكثير من الشعراء الكبار إلى ترجمة أعمال غيرهم إلى لغاتهم. ويحضرني مثل مهم هو ترجمة بودلير لقصائد أدجار ألن بو، وترجمة ستيفان مالارميه لنفس الشاعر. فرغم أنّ ملارميه كان مدرسا للغة الأنجيلزية وكان ملمّا بها كما يبدو أكثر من بودلير، لكن ترجمة الأخير، ورغم بعض الهفوات والأخطاء التي أشار لها المترجمون فيما بعد تبقى ترجمة بودلير هي الأقرب إلى روح أدجار الن بو. فكان بودلير شاعرا مترجما بينما ظلّ مالارميه شاعر ومترجم، والفرق بين الحالتين كبير.فمسعى الأول أبداعي يقوم على إعادة الخلق في حين أكتفى الثاني بدقة المعنى. وإذا كانت هناك صعوبات حقيقية في الترجمة فهي تكمن في تحقيق الاثنين : الدقة والانسيابية.
امّا عن تجربتي الشخصية في الترجمة، فيمكن القول إنني مترجم هاو بمعنى أن اختياري للنصوص المترجمة تخضع لنوازع ذاتية محضة. ولهذا ترجمت عددا كبيرا من المقالات المتعلقة بتاريخ السريالية، وكان من الممكن جمعها في كتاب، وسأفعل على شرط أن يكون لهذا الكتاب معنى ما. أقصد لا أريد أن أضيف للمكتبة العربية كتابا مكررا. وقد اهتديت إلى فكرة تقديم السريالية عن طريق الثيمات الرئسية التي كانت تدور في كنفها: السريالية والشعر، السريالية والفن، السريالية والماركسية، السريالية ورامبو، الكتابة الآلية، اللعب السريالية، والنصوص السريالية.
وكذلك ترجمت ونشرت في الصحافة العربية مقالات عن شعراء فرنسيين مثل آراغون، بروتون، آرتو، ليريس، ميشو، ولكني لم أنجح للآن أن أجد لها من المسوّغات لطبعها في كتاب. وأفكر في نشرها ضمن مشروع شعري يتناول وجهة نظر الشاعر عندما يتناول في النقد تجربة غيره من الشعراء: الشعراء بقلم الشعراء، على سبيل المثل. وهكذا كما ترى أنّ هاجسي الأول في النشر يكمن في المشروع الأدبي، بمعنى آخر، أن يندرج الكتاب المطبوع في مشروع يسعى إلى تحقيق غاية ما.
وترجمت أيضا من العربية إلى الفرنسية. ففي التسعينات من القرن الماضي توفرت لي فرصة التعاون مع دار نشر لامارتان الباريسية، وكان مشروعي معهم هو تقديم الشعر العراقي باللغة الفرنسية، وأصدرت ترجمة لمجموعة الصديق الشاعر عبدالرحمن طهمازي" جنازة أنكيدو" ومجموعة " أبعد من الكلمات" للصديق الشاعر الراحل محمد سعيد الصكار. وقد أعاد معهد العالم العربي طبع هذه المجموعة بطبعة خاصة مع تخطيطات له بمناسبة تكريمه قبيل وفاته.
ولم أستطع مواصلة المشروع لأسباب تتعلق بالتمويل والتوزيع وغيرها من الأمور التي لا أحسنها ولا أعرفها.
ويبقى اليوم مشروعي المهم هو تقديم أنطلوجيا للشعر العراقي باللغة الفرنسية في ثلاثة أجيال" من الرواد والخمسينين الى نهاية السبعينات". وربما أستمر في المشروع لتغطية اجيال ما بعد السبعينات كي يستكمل المشهد الشعري العراقي برمته.

* بمناسبة الانطلوجيا الخاصة بالشعر العراقي ، أرى انها في الغالب تكرر نفس الشعراء من الرواد الى الستينيين وجزء بسيط من السبعينيين ونادرا ما يظهر شاعر ثمانيني او تسعيني او من الشعراء الشباب اليوم ، ثمة العديد من النصوص لشعراء سبعينيين وما جاء بعدهم من اجيال تتفوق كثيرا حتى على نصوص الرواد ! هل تعّز ذلك الى الصداقات في الكثير من الكتب التي صدرت بلغات مختلفة عن انطلوجيا الشعر العراقي ، ام ان فعلا لا شعر عراقي جيد إلا عند القدماء ؟
- في الحقيقة، لم أطلّع على معظم الأنتلوجيات التي صدرت بالعربية. ولابدّ لي من التأكيد بأنّ مشروعي يختلف جذريا لأنّه يتجه إلى القاريء الفرنسي بالمقام الأول. ورغم أنّي لا أحب كثيرا الحديث عن مشروع قد لا يرى النور لكنّي أستطيع أن ألقي الضوء على العموميات التي تتعلق بترجمة أدبنا إلى اللغات الأوربية ومنها الفرنسية.
باديء ذي بدء، دعني أقول حقيقة صادمة أخرى. إنّ أدبنا العربي عموما لا يعرفه القاريء المتعلم ناهيك عن القاريء العادي. وحتّى جائزة نوبل لم تدخل روايات نجيب محفوظ إلى البيت الفرنسي، رغم الشهرة العالمية التي أعقبت حصوله على الجائزة، إذ أقتصر القرّاء على أولئك الذين يتعاطفون مع العالم العربي لأسباب سياسية وثقافية وعلى طلّاب الجامعة ممن يدرسون الأدب العربي، وجلّهم من العرب. وبعض المستشرقين والعرب ممن يقرؤون الفرنسية.
بمعنى آخر أنّ الأدب العربي ممثلاً بأكبر رموزه ما زال واقفاً عند أبواب العالمية التي لا تريد أن تفتح أبوابه له. ومن جانب آخر، إنّ أدبنا قد نُقل إلى الفرنسية ونُشر في دور نشر محدودة أو مختصة، فدار نشر كبرى مثل غاليمار لم تنشر الا كتابا واحدا لأدونيس وبقي هذا الكتاب في رفوف القرّاء الذين يعرفون أدونيس بالعربية قبل الفرنسية. والكتاب الوحيد الذي دخل البيت الفرنسي هو كتاب النبي لجبران خليل جبران وهو كتاب منقول من الأنجيليزية إلى الفرنسية.
والآن، السؤال الذي يطرح نفسه والسؤال الذي طرحته على نفسي أيضا هو مافائدة النقل إلى اللغات الأخرى ما دام الأمر لا يتعدى سوى النشر المحدود؟
ليس المبالغة القول إنّ كلّ محاولات الترجمة يمكن وضعها في إطار التعريف بأدبنا وحسب. ومن هذا المنطلق شرعت في بداية التسعينات إلى ترجمة نماذج من الشعر العراقي الحديث والتي أتمنى أن تُتوج في أصدار مختارات تغطي فترة الريادة والفترتين اللاحقتين، آمل أن أستكمل فيما بعد ترجمة نماذج من الفترات الأخرى وأعني الثمانينات والتسعينات.
وكلّ هذا يعتمد على إمكانية النشر في دور نشر قادرة على التوزيع بطريقة توصل الكتاب إلى أكبر عدد ممكن من القرّاء.أنا لست مؤمناً بأنّ النشر من أجل النشر غاية تكفي بذاتها للشروع في المغامرة.
* سؤال أخير ، ما هي مشاريعك الجديدة ؟ وماذا عن العام الجديد 2015 على مستوى الشعر والترجمة ، هل سيكون عاما شعريا بامتياز بالنسبة لك خاصة وانك تكتب الكثير من النصوص الجديدة هذه الايام ؟
- المشاريع كثيرة يا صديقي، وليس من السهل الحديث عنها، لأنّ أمكانية تنفيذها لا تعتمد على الكاتب وحده. فرغم أني لم أنشر منذ فترة طويلة لكنني لم أنقطع قط عن الكتابة والترجمة.وفي هذه السنة عندي رغبة عزيزة هي أن تصدر لي مجموعة شعرية في بغداد بعنوان " مراقد للغائبين" ومن المحتمل أن تصدر في نهاية السنة ترجمتي عن تاريخ السريالية أيضا فقد فرغت من وضع اللمسات الأخيرة للكتاب. وكذلك بودي لو تمكنت من إصدار أول أنتلوجيا للشعر العراقي بالفرنسية، وهناك مشاريع أخرى قد ترى النور والأفضل أن يجري الحديث عنها عندما تتوفر فرص حقيقة لانجازها.


سيرة ذاتية :
ولد الشاعر عدنان محسن في العاصمة بغداد / الرصافة في عام 1955 ،
درس في مدرسة الشيبانية الابتدائية في منطقة الكسرة ، وأكمله دراسته المتوسطة في حي السلام ( الطوبجي ) ، وفي مدينة الكاظمية أكمل دراسته الثانوية .
في عام 1977 تخرج من كلية الزراعة في جامعة بغداد .
عضو في فرقة مسرح اليوم حتى خروجه من العراق على أثر الهجمة التي طالت اليسار العراقي في نهاية عقد السبعينيات .
عاش متنقلا ما بين بيروت ودمشق بداية الثمانينيات ثم عمل في الجزائر وليبيا قبل ان يستقر في العاصمة الفرنسية باريس منذ العام 1981 .
يعمل في وزارة الثقافة الفرنسية، متحف اللوفر
واصل دراسته في باريس ونال شهادة لسانس في الأدب العربي والترجمة .
ماجستير في علم الألسنة .
دكتوراة في عام اللغة الاجتماعي ..
الاصدارات :
ذاكرة الصمت ، مجموعة شعرية بالفرنسية ، باريس دار لارماتون .
إلى آخره، منشورات فراديس،باريس، طبعة محدودة وبالتعاون مع صديقه الشاعر عبدالقادر الجنابي
نصوص عن الغير، منشورات الفارزة، جنيف، طبعة محدودة وبالتعاون مع صديقه الشاعر شاكر لعيبي
على هذه الشاكلة، درار لارماتان، باريس ، باللغتين العربية والفرنسية
يصدر له:
مراقد للغائبين، شعر
السريالية والسرياليون، ترجمة
نصوص سريالية، ترجمة
.

أوسلو / باريس
2016



#هادي_الحسيني (هاشتاغ)       Hadi_-_Alhussaini#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- روح الشعر
- حميد العقابي ،الاصغاء الى الرماد بتأن
- حوار مع الشاعر العراقي هاشم شفيق
- المايكروفون الذهبي
- الاخوة الاعداء
- حوار مع الدكتور علي عباس علوان
- حوار في السماء مع الشاعر العراقي جليل حيدر
- درس القمة
- نزار قباني الشاعر الذي رأى
- حوار مع الشاعر العراقي شوقي عبد الامير
- حوار مع الشاعر العراقي اديب كمال الدين
- اعدام طير !
- هذا حطامكِ فأحمله !
- كيف لي / الى امير الدراجي
- شاعر وقصيدة /4 عبد الامير جرص وقصائد ضد الريح
- الانفلات الامني الجديد!
- كلاب البرلمان تنهش لحم الآلوسي !
- إعدام كادر قناة الشرقية رسالة لقمع الاعلام !
- الكهرباء ، مشكلة تتعمدها الحكومة !
- مسكين مثال الآلوسي لم يتعض !


المزيد.....




- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...
- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هادي الحسيني - حوار مع الشاعر العراقي عدنان محسن