أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد إنفي - في رياضة القفز على التاريخ














المزيد.....

في رياضة القفز على التاريخ


محمد إنفي

الحوار المتمدن-العدد: 5165 - 2016 / 5 / 17 - 22:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في رياضة القفز على التاريخ
محمد إنفي
من بين ما بقي عالقا في ذاكراتي من مادة التاريخ بقسم البكالوريا (نهاية الستينيات من القرن الماضي)، أن للأحداث التاريخية (الحروب، مثلا) أسبابا مباشرة وغير مباشرة؛ ولفهم الأسباب الحقيقية لهذه الأحدث، لا يجب الاقتصار على الأسباب المباشرة التي قد لا تكون سوى مجرد ذرائع لإخفاء الأسباب والأهداف الحقيقية؛ بل يجب الانكباب على الأسباب غير المباشرة، والتي غالبا ما تكون هي الحاسمة رغم بعدها، تاريخيا، عن وقت وقوع الحدث.
وإذا كانت الأسباب المباشرة (أي اللصيقة بالحدث) تغري بالاقتصار عليها، في تفسير بعض الأحداث وتحليلها، فإن هذا التناول يبقى سطحيا، لكونه لا يلج إلى عمق الأشياء، أي إلى الأسباب الحقيقية. وقد يكون هذا النهج إراديا عند البعض، خاصة إذا كان هذا البعض متهافتا أو متجاهلا أو مغرضا.
ما ذكرني بهذا الأمر هو إصرار بعض الصحافيين وبعض الذين تقدمهم وسائل الإعلام على أنهم محللون، على القفز على التاريخ واعتباره غير ضروري لفهم الحاضر وبناء المستقبل؛ وكأن الماضي لا امتداد له في الحاضر والمستقبل وأن الحاضر لا علاقة له بالماضي.
ويأخذ هذا الموضوع بعدا لافتا حين يتعلق الأمر بحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. فيكفي أن تشرع شخصية اتحادية (تمت استضافتها من قبل إحدى القنوات الإذاعية أو التلفزيونية)، في جوابها على سؤال حول الوضع الداخلي للحزب، في استعراض بعض المحطات الأساسية التي بدونها لا يمكن فهم الواقع الحالي فهما صحيحا، حتى تُقاطع بحجة أن هذا تاريخ وأن المطلوب هو إعطاء جواب مباشر.
وهو ما يدعو إلى التساؤل حول خلفيات ومبررات هذا الموقف وهذا المنهج في تناول القضايا السياسية. فالأمر لا يخلو، في نظري المتواضع، من كونه إما جهلا وإما تجاهلا. ففي الحالة الأولى، نكون أمام إشكالية ثقافية ومعرفية حقيقية؛ إذ لا يمكن أن يستقيم التحليل في غياب المعطيات الضرورية والعناصر الأساسية المتعلقة بالموضوع المطروق؛ وفي الحالة الثانية، نكون أمام إشكالية أخلاقية كبيرة؛ ذلك أن التجاهل يعني التظاهر بعدم المعرفة من أجل طمس الحقيقة.
وقد يكون هذا التجاهل مغرضا، فيلجأ صاحبه (أو أصحابه) إلى قلب الحقائق واختلاق الأحداث لتصفية حسابات معينة مع هذا الشخص أو ذاك أو مع هذه المؤسسة أو تلك.
كثير من الذين يخوضون في الوضع الداخلي للاتحاد الاشتراكي يعمدون إلى الاختزال وإلى القفز على التاريخ، بهدف إظهار القيادة الحالية للحزب بأنها وراء كل مشاكله الداخلية ووراء التراجع الذي عرفه الحزب على الخارطة السياسية الوطنية، خاصة في الواجهة التمثيلية (البرلمان والجماعات).
وفي غالب الأحيان، يتم التركيز على شخص الكاتب الأول للحزب وتجاهل المكتب السياسي، حين الحديث عن القيادة الحالية للاتحاد. وفي هذا، تحامل واضح وتضليل فاضح، ناهيك عن تبخيس العمل الجماعي للقيادة الحزبية. ومن يقوم بهذا لن يكون إلا مأجورا أو حقودا أو جاهلا بأبجديات العمل السياسي؛ ذلك أن المحلل أو الصحافي المتتبع للشأن الحزبي مفروض فيه أن يكون، من جهة، ملما بميكانيزمات الاشتغال داخل الأجهزة الحزبية؛ ومن جهة أخرى، أن يكون محيطا بالأوضاع السابقة قبل الحالية حتى يكون تحليله موضوعيا وذا مصداقية.
أما القفز على الأحداث، كيفما كانت دوافعه، ففيه إساءة للتاريخ وإساءة للوضع السياسي الراهن برمته وليس فقط لحزب الاتحاد الاشتراكي. أما هذا الحزب، فسيبقى غصة في حلوق من ليس لهم ماض مشرِّف ومن ليس لهم قلب على هذا الوطن ومن يراهنون على وفاته لهذا السبب أو ذاك.
ويكفي فخرا القيادة الحالية، صاحبة الشرعية الديمقراطية بامتياز- والتي يريد البعض تحميلها كل الأوزار وكل أسباب التراجع- أنها صمدت في وجه كل الدسائس، من داخل الحزب (من طرف المستفيدين من الريع الحزبي) ومن خارجه (من طرف الجهات التي لا تريد أن يسترد الاتحاد عافيته، لهذا السبب أو ذاك)، وحافظت على الحزب؛ بل وأحيت تنظيماته التي كانت قد وصلت درجة من التلاشي غير مسبوقة، بفعل عوامل تاريخية معروفة (قيادة حكومة التناوب؛ المشاركة في حكومة جطو رغم الخروج عن المنهجية الديمقراطية؛ المشاركة في حكومة عباس الفاسي رغم التدحرج من المرتبة الأولى إلى الخامسة في تشريعات 2007، الخ)؛ كما أنها تمكنت من جعل الاتحاد يستعيد المبادرة سياسيا واجتماعيا وثقافيا وحقوقيا.
وخلاصة القول، أن رياضة القفز على التاريخ لا تقوي عضلات الذي يمارسها، سواء كان سياسيا أو محللا اجتماعيا أو صحافيا أو فاعلا جمعويا؛ بل تكشف عورته المعرفية والأخلاقية وتفضح أهدافه الحقيقية، فيترهل وضعه المعنوي في المجتمع السياسي والثقافي والإعلامي والمدني وغيره، بسبب فقدانه للمصداقية، وبالتالي، فقدانه لاحترام الآخرين. ولا يعدم القارئ أمثلة على ذلك سواء في السياسة أو في الإعلام أو في غيرهما من المجالات. ولكم في "تلفيق بوعشرين" أسطع مثال.



#محمد_إنفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانتقال الديمقراطي في المغرب بين التناوب المغدور و التناوب ...
- -هاذْ بنكيراااان، فْرااااااااااسو شي حاجة !!!-
- ما أخوفني على مستقبل بلادي في ظل حكومة رئيسها لا يرى أبعد من ...
- ما سر صمت شيوخ الفتنة على دعوة -أبو زيد- إلى مراجعة أحكام ال ...
- وصفة -بنكيران- لحل مشاكل المغرب
- من أجل الوطن واستقراره، الحاجة إلى ثورة ثقافية متعددة الأبعا ...
- رئيس الحكومة وملف الأساتذة المتدربين: تعنت غير مفهوم !!
- قراءة في المشهد السياسي المغربي على ضوء الانتخابات الأخيرة: ...
- بنكيران ومحاربة الفساد أو حين يصبح الكذب منظومة سياسة وأخلاق ...
- إلى رئيس الحكومة وإلى كل من يهمه الأمر
- فتاوى التكفير إنكار لمشيئة الله وتهديد لاستقرار المجتمع
- عن الطعن السياسي والطعن القضائي في الانتخابات
- ما ذا يُهيَّأُ للشعب المغربي باسم -الإصلاحات الكبرى-؟
- ما المانع من العودة إلى البيت الاتحادي من أجل بناء حزب اشترا ...
- تقييم نتائج الاتحاد الاشتراكي في الانتخابات الأخيرة بين النظ ...
- الإرث في الإسلام بين الفهم الجامد والفهم المتجدد للنص القرآن ...
- في حضرة عريس الشهداء المهدي بنبركة، نداء من أجل وحدة الاتحاد ...
- في الحاجة إلى عمر بن الخطاب، مرة أخرى!
- ملاحظات حول دور القضاء في الإشراف على الانتخابات
- من وحي أجواء 4 سبتمبر: لماذا لا نجرب المقاطعة؟ فكرة للنقاش ! ...


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد إنفي - في رياضة القفز على التاريخ