أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نضال نعيسة - نهاية رجل شجاع














المزيد.....

نهاية رجل شجاع


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1393 - 2005 / 12 / 8 - 11:18
المحور: حقوق الانسان
    


وعذرا من مؤلفي هذا العمل الفني السوري الخالد، ومنتجيه، ومخرجيه لإقحامه في عالم السياسة المليء بالأحابيل، والأشراك، وكل الموبقات.وشتان ما بين الحالتين حالة مفيد الوحش البطل السوري الرومانسي ابن القرية الطيب، البسيط، والقبضاي الذي لايشق له غبار، وتطور هذه الشخصية باتجاه وطني تصاعدي جعلت منه بطلا وطنيا في عيون مشاهديه، وأضفت تلك البيئة الساحلية الساحرة العذراء التي تحمل نقاء الثلج، وعفوية الأطفال، حالة من الألق والجمال حفرت نفسها في ذواكر الجميع كأوابد فنية لا تمحوها الأجيال. وحالة الرجل القانوني ذي الملامح الجامدة المشحون بأحلام التفوق، والسيطرة، وألاعيب السياسة والتلفيق والتآمر، والقادم من المدن الصناعية الصماء التي جعلت الإنسان عبدا للمال، وفريسة لأساطين الشركات، ومخلوقا أقرب للوحوش تتحكم فيه ميكانيكا الأحداث، وتغربه عن أقرب الناس، والباحث عن أي مجد زائف في محاولة يائسة لإثبات الذات على أكتاف أي كان.

ومع ذلك, وعذرا ايضاً من القراء جميعا، ومن الشجاعة، إن هي شعرت بالإحراج، وبأنها ستصاب بشرخ يشوه صورتها، ويحط من مقامها لإيرادها في هذا السجال. فهل يمكن لنا، وطبقا لهذه الحيثيات، والتطورات، وقرار ميليس بأن نطلق عليه، وبرغم الكثير من التحفظات، وبغض النظر عما ظهر من تجن، وانحياز في تقريره، مرة واحدة، بالرجل الشجاع؟ وهل سيكون هذا درسا، وعبرة، ورسالة لمن سيتولى هذا الملف الهام بعد انصراف ميليس عن مسرح الأحداث؟

وحين لم يجد مفيد الوحش أي معنى لحياته، واكتشف عبثية استمراره، وعدم وجود أي جدوى من بقائه في هذه الحياة وهو الرجل الصنديد، والبطل الهمام، الذي أصبح مجرد خيال، ورجل مقعد يجترع الآلام وذكريات الشباب، فقرر، وببسالة فائقة، أن يضع حدا لحياته في ذلك المشهد الآثر الخلاب، وبتلك الطريقة التي تابعناها بإخراج متقن، ومميز وفريد صاحبته موسيقى تصويرية حالمة ورائعة. ولعل السيد ميليس يتقاطع مع مفيد في بعض الجزئيات التي تبدو ضئيلة جدا، ولكن تحمل دلالات ومغاز كبيرة تجعل القصتين تتطابقان في بعض الأحيان، ويصح أن نطلق على القصتين عنوان واحد وهو نهاية رجل شجاع غير آبهين ببعض التحفظات والاعتراضات. إنه ذاك الخيط البسيط من التشابه بين مفيد الوحش، وديتليف ميليس، وهو النهاية المأساوية، لرجلين بدآ بقوة واندفاع وحماس في بداية المشوار، ومع مرور الوقت والزمان، وتأكيدا لسنة الكون والحياة، بدأ التآكل يطفو على السطح، والتراخي يطغي على النشاط، واليأس يقتل ما تبقى من أمل في الاستمرار، ولذا لم يكن من بد لكيليهما سوى التحلي بتلك الشجاعة النادرة، والقرار الجريء التي تصرف بها كلا الطرفين في معركتهما التي انتهت، هذه المرة، بهزيمة الأبطال.

وحسم السيد ميليس أمره وقرر التنحي أخيرا، برغم التوسلات، والتدخلات، والوساطات، عن رئاسة لجنة التحقيق في جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، وأصبح هذا الأمر علنيا بعد أن كان يدور همسا، ويستبعد حدوثه الكثيرون. فيما قلل بعض المحبطين، والمصدومين من تنحي في محاولة لاستعادة بعض من تلك الكرامة التي سفحتها فضائح التحقيقات.

برغم كل تلك البيانات التسويغية والتبريرية والتجميلية أحيانا، ناهيك عن كل تلك التحليلات التي ظهرت فجأة، ومن جهات معروفة تفسر أسباب ترك ميليس لعمله في هذه المرحلة الحرجة، فقد أدرك المحقق الألماني أن هناك ضبابية ما، وأياد تلعب من وراء الستار، وتحاول تجيير عمله لغايات وأهداف محددة لا تخرج عن تصورات بعينها أرادها البعض أن تسبغ على عمله، وتوجيه التحقيق باتجاه واحد ومهما استجد من معطيات. وأن التدخلات ومن مراجع مختلفة في مجال عمله واختصاصه، وفرض بعض التصورات التي جعلته يتراجع عن بعض مما أزمع عليه، إضافة إلى ظهور الشاهد المقنع بذاك الشكل الدرامي المثير على حلبة الأحداث ليعيد خلط الأوراق من جديد، ويقلب الطاولة على الجميع، واضعا التقرير، وعمل ميليس برمته موضع شك، وعدم مصداقية أسهم في حالة التراخي التي نراها الآن، وفقد التحقيق بذلك الكثير من الزخم الذي تحلى به سابقا، وأفرغ كل تلك التصريحات السابقة الواثقة بالنفس من اندفاعاتها وقوتها.

وبغض النظر، تماما، ودائما، عما يجري الآن في كواليس التحقيق، وما يرتب من تصورات، وأيا تكن النتائج التي سيتمخض عنها، والتي لازالت في الغيب وعلم، المعنيين الدهاة، وحيث أنه من السابق لأوانه توجيه أي اتهام لأي كان، فإنه يمكن القول أن التحقيق الدولي في جريمة اغتيال رئيس وزراء لبنان السابق رفيق الحريري قد أصيب في مقتل، وأظهر السيد ميليس شجاعة فائقة بقراره التنحي، وعدم تعريض نفسه، وتلويث نفسه وسمعة في لعبة مفضوحة، ومسرحية سمجة، وفجة، وليس فيها أية فكاهة كما حاول بعض الشطار التندر، والإيحاء. والسؤال الآن متى يتعلم كل أولئك الفاشلين، والمحبطين، والمخدوعين، التنحي حين لم يعد هناك أي مبرر لاستمرارهم في أية أعمال؟

إنها نهاية حتمية، ولكنها منطقية، لرجل شجاع في زمن يعج بالأوغاد، والسفلة، والجبناء.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مُصحف سيادة الرئيس
- عودة الوعي للسوريين
- قناة الشام الفضائية
- الحوار المتمدن ومحنة الأمل الكبير
- فرصة الأخوان التاريخية
- الاستبداد هو الاستبداد
- نجوم خلف القضبان
- شدّوا الحزام
- كلاب أمريكا
- جنازة وطن
- الرسالة
- عرس الدم
- فرنسا الشمولية
- دعاء الجنرالات
- عصافير لا تطير
- ربيع سوريا الواعد
- أيه حكايةالأمراض النفسيةالماشية في البلد اليومين دول؟
- ديبلوماسية الكوارث
- كل عام وأنتم بلجنة للتحقيق
- الملاليس


المزيد.....




- بوريل يرحب بتقرير خبراء الأمم المتحدة حول الاتهامات الإسرائي ...
- صحيفة: سلطات فنلندا تؤجل إعداد مشروع القانون حول ترحيل المها ...
- إعادة اعتقال أحد أكثر المجرمين المطلوبين في الإكوادور
- اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي للاشتباه في تقاضيه رشوة
- مفوض الأونروا يتحدث للجزيرة عن تقرير لجنة التحقيق وأسباب است ...
- الأردن يحذر من تراجع الدعم الدولي للاجئين السوريين على أراضي ...
- إعدام مُعلمة وابنها الطبيب.. تفاصيل حكاية كتبت برصاص إسرائيل ...
- الأونروا: ما الذي سيتغير بعد تقرير الأمم المتحدة؟
- اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي بشبهة -رشوة-
- قناة -12-: الجنائية ما كانت لتصدر أوامر اعتقال ضد مسؤولين إس ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نضال نعيسة - نهاية رجل شجاع