أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دينا سليم حنحن - إمرأة... والتنانير فضفاضة














المزيد.....

إمرأة... والتنانير فضفاضة


دينا سليم حنحن

الحوار المتمدن-العدد: 5164 - 2016 / 5 / 16 - 13:47
المحور: الادب والفن
    


إمرأة... والتنانير فضفاضة
دينا سليم – كاتبة من فلسطين

لن تهزمني تلك الأعقاب المكدسة داخل منافض السّيارة، ولن تحرق روحي تلك الأيدي التي تركت بصمات شفاهها على أعقاب السجائر، شفاه امرأة مجهولة تجلس مكاني قريبة من زوجي، في غيابي.
لكن تهزمني تلك الأسوار التي بناها زوجي ما بيني وبينه وحتى في مقعد المركبة التي يجاورني، هذا الإحساس بالعزلة يميتني، لقد عزلني من حياته لصالح تلك المرأة المجهولة التي تصاحبه وسيجارتها المذيلة بلون العهر، لكن لماذا ترك الأعقاب الملوثة بدماء الخطيئة لكي أراها، هل أراد اثبات رجولته لي أم ليذكّرني بأنني مهددة، في المرة السابقة اعتمر قبعة الإخفاء، فأخفى عني مغامراته لكي يكسب ودّي، فأنا أولا وأخيرا امرأته (الثابتة) كما يدعوني، (بلف وبلف وآخر مرجوعي إليكِ) وها هو يعود إلي الآن مع براهين مؤكدة لكي يستفزني، أو لكي يضع النقاط على الحروف ليقمع النقاش الذي يدور بيننا أحيانا عن الإخلاص، لقد تركها برهانا ليقول لي:
- أنا هكذا ولن أتغير، إن لم يعجبك الموضوع فالباب بفـوِّت جـَمَـل!
- هل تطردني من بيتي الآن لصالح هذه المرأة؟ أجبته والدمع حبيس مقلتي
- هذه المرة ليست مغامرة، بل مشروع حياة، لن أتخلى عنها ويجب أن تتقبلي الموضوع!
خسارة أنه يخبرني بهذا الخبر القبيح ونحن في طريقنا لحضور حفل زفاف ابنة عمه، العروس التي ظفرت أخيرا بعريسها الفقير الذي لم توافق عليه العائلة أولا، بحجة أنه سيثرى سريعا وأول ما سيفكر به هو البحث عن إمرأة أخرى، ولولا تحديها لأفراد عائلتها وصراخها مثل أنثى مصروعة سيفوتها قطار الزواج، في وجوههم، حتى أصبحوا أمامها مثل شياه مخدرة، ما نالت مبتغاها، قائلة لهم:
- (خليه يعمل إلي بدو إياه، فآخر مرجوعو إلي، المهم أتزوج وأجيب ولاد)، دعوه فحتما سيعود، أريد أطفالا!
وصلنا القاعة، امتلأت الحديقة بحشد هائل من المدعوين، نظرتُ في أعين النساء المكحلة بالأسود ورموشهن الساقطة وأنوفهن الشامخة، بينما بدأت عيون الرجال تنصب على ملابسي وشعري وحذائي، تذكرت حالا عندما رفض زوجي يوم الدخلة أن أخلع حذائي، وأن أضاعف من أحمر الشفاه والذي لعقه مثل جرو عطش، وألا أتعرى كليا، بل جزئيا، حتى بات لهاثه مسموعا مثل جاروشة الطاحون في البيدر، الرجل العذراء يدخل دنياه من خلالي، ولا يكتفي بدنيا واحدة، وها هم الرجال أمامي عراة تماما، أو بالأصح أنا التي أصبحت عارية تماما أمامهم مثلما خلقني ربي.
شدّ زوجي على يدي وقربني إليه وقال:
- مثّـلي إنك بتحبيني وإلا التهمتك الذئاب!
- لكني أحبك ولست ممثلة مثلك! أجبته
- هذه الكلاب تفهم لغة العيون، ارفعي رأسك وتأبطي ذراعي وادخلي القاعة مثل ملكة، فزوجتي يجب أن تكون ملكة أمام الناس.
- أريد أن أكون ملكة في حضنك فقط، أنا لا تهمني الناس!
قبـّلـت العروس من خديها، مالت إلى أذني قائلة لي:
- شايفه هاي اللي على يساري، هي حرم زوجك المستقبلية، اعملي حالك مش عارفة، مشّي الموضوع وخليكِ في قصرك، إن تمردتِ ستفقدين كل هذا العزّ.
عزّ، هههه، تضحكني هذه الكلمة وتذكرني بفنانة قالتها في فيلم كوميدي قديم، (عزّ.. يبقى إنت اللي قتلت ببايَ)، أي عزّ هذا الذي يتحدثون عنه عندما يفقد الإنسان قيمه ومبادئه في الحياة، وهل سأتحوّل من (عِـزّي في مملكتي إلى عـِزّ يشبه عـِزّ غيري)، ماذا أفعل إذن، هل أسكت وأقبل بما لا يقبله عقلي؟ سأعلق قلبي على منشفة الحمام، نعم على منشفة الحمام!
أسرعت إلى بيتي باكية، ركضت وحدي في ليل موحش، تحول الليل إلى كابوس، ليال من العبودية والهوان والذّل تنتظرني، خلعت عني ملابسي وتغطيت في منشفة الحمام، فردت شعري فانساب على ظهري، لم أخلع حذائي من قدمي، جدّدت طعم أحمر الشفاه هذه المرة، فقد اخترت لونا عبثيا وانطلقت بكلي وعدتُ إلى حفل الزفاف، كان الرجال قد التهموا كل الطعام والحلويات التي مزقت كروشهم، وشربوا كؤوس الخمر من زجاجات أصبحت فارغة تناولوها سرا من تحت الطاولة المذيلة بشراشف ساترة.
امتشقت غصن النخيل الذي زيّن كوشة العروس ورقصت به، ما أجمل عيون البشر التي ذابت عندما رأتني أُسقط المنشفة من تحت كتفيّ، ما أبشع عيون البشر الذين التهموا لحمي بنظراتهم الشرسة، ما أضيق تنانير النساء الفضفاضة التي غطت أعضاءهن الأنثوية بإحكام، لمع الذهب المتدلي إلى صدورهن بينما أعناقهن تنزف عرقا، ما أروع هذه اللحظة التي ظهرت فيها دهشة المرأة التي ستأخذ مكاني سريعا، حتى قبل أن تنهال على مسامعي كلمة (طالق) من فم زوجي الذي عشت معه زوجة مع قيد الوجود، ما أسرع الحرية عندما تأتي من امرأة جاهرت بالحقيقة وهي أننا شعوبا لا تفقه المعنى الحقيقي لجسد المرأة المقدس، وأن الجنس، حضارة الأرض منذ الخليقة... حضارة عبث بها البشر فأذابت عقولهم ووأدت إنسانيتهم.



#دينا_سليم_حنحن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سباعية المستحيل
- عروس بدون زواج
- يا بو الشويرة الحمرا – تي رشرش
- نقوش على الرمال
- نظرات الانتظار
- شبشب أمي
- اشترينا تلفزيون جديد
- تحت العشرين
- ريشة الفرح
- من مكيدة الشيخوخة إلى جحر الرومانسية
- عالم الغرباء
- عن رواية -الحلم المزدوج- لدينا سليم: سيرة عن هجر الوطن وأوجا ...
- دبابيس
- هلوسات يوم حار
- الفأر الأكثر حظا
- لا أترك البحر وحيدا
- المحبة والكراهية – مرضان سيئان
- شذرات - ابواب
- قلب العقرب
- رأس الذئب


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دينا سليم حنحن - إمرأة... والتنانير فضفاضة