أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حيدر محمد الوائلي - في سجن مديرية الأمن بالبصرة














المزيد.....

في سجن مديرية الأمن بالبصرة


حيدر محمد الوائلي

الحوار المتمدن-العدد: 5164 - 2016 / 5 / 16 - 00:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في سجن مديرية الأمن بالبصرة

حيدر محمد الوائلي
[email protected]

قالت له امه اذهب لترى اباك فلقد سمحوا لنا بمواجهته في سجن مديرية الأمن بالبصرة، لقد سعى لنا اولاد الحلال واستحصلوا موافقة لمواجهته ولكن لشخص واحد.
كان الأب مودعاً في سجن الأمن يسومونه سوء العذاب سجينا سياسياً في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي.
امتلأ السجن بالسجناء، فقرروا تبييض السجون بسواد سرادق العزاء على ارواح المعدومين. صفوهم صفين طويلين شبه متساويين دون معرفة من هم وماهي دعاواهم المودعين السجن بسببها حيث جاء الأمر من مدير الأمن أن يصطفوا صفين وقد فعلوا.
هتف مدير الأمن: (اعدموا جميع من في الصف الأيمن وأرجعوا الصف الأيسر لزنازينهم).
هكذا بكل بساطة!
رجع الأب ميتاً بجسمٍ حي لزنزانته حيث كان من أصحاب اليسار. لم يحمد الله بل استغفره أن لم يطلقوا سراح روحه من سجن الأمن وسجن الجسد.
كان له ولدين وزوجة. تولى اخوة الزوجة رعاية الولدين. صار الخال اب واعتادوا على مناداته بالأب، بل هم لم ينادوه بالخال ولا مرة.
رعاهم فكبرا شابين يافعين.
لابد أن يقرر الولدين والأم الان ويحسموا امرهم.
من يذهب لمديرية الأمن ليحضر المقابلة؟! فيجب ان يكون واحداً لا شريك له.
قررت الأم التنازل عن حقها وطلبت من ولدها الأصغر أن يذهب وأقنعت الأكبر بأن أخاه الأصغر لا يتذكر اباه مطلقاً حيث كان طفلا صغيراً حين أودعوا أباه السجن.
مضى الولد الأصغر تلقاء ذلك الصرح المرعب مع تفاصيل المواجهة زوده بها واسطة ابناء الحلال. بعد اللتيا والتي دلف لداخل مديرية الأمن، كان أسم المكان كفيلاً بأن يدخل الرعب على قلوب الناس.
كانت التعليمات أن يذهب الزائر للزنزانة المودع فيها السجين ضمن مجموعة سجناء ويتكلم معه من خلف قضبان الحديد.
صاح به ضابط من ضباط الأمن الذي عرف أن رتبته صغيرة لصغر سنه فبالكاد يكون ملازم أو ملازم اول): (مع من مواجهتك)؟
رد الفتى: (سيدي أنها مع فلان بن فلان).
فأمره الضابط مزمجراً: (اذهب لزنزانه 25 وستجد مجموعة سجناء ينتظرون من يزورهم).
سار الفتى بضع خطواتٍ معدودة، يدفع الخطى دون أن يتقدم سوى بضع امتار لم تمضي به بعيداً.
توقف حائراً!
صرخ به الملازم انف الذكر عن أمره ولماذا توقفه؟
أجاب الفتى: (أنه لا يعرف شكل ابيه! لقد تم حبس أبي يا سيادة الضابط وأنا كنت حينها طفلاً صغيراً ومن حينها مُنعت زيارته وانقطعت أخباره ولا اعرف كيف شكله ومن يكون)؟!
دمعت عينا الضابط وترقرقت دمعتين لم تهطلا لهول ما يسمع!
حتى في هذا الصرح الوحشي ثمة رحمة مؤقتة! وقلة خبرة ضابط جديد عهد بالوحشية.
قاده لأباه دون النبس ببنت شفة.

خرج الأب من سجنه غير عارفاً من هؤلاء الشابين اليافعين الذين يناديناه (أبي).
سقط نظام ظلم صدام فرجع صاحبنا السجين لوظيفته السابقة موظفاً صغيراً في أحد موانئ البصرة. يذهب لعمله يومياً على دراجته الهوائية. بقى في وظيفته المتواضعة حسب اختصاصه ووفق كفائته.

لم يطالب أن يكون مديراً عاماً لمجرد كونه سجيناً سياسياً لعقودٍ من السنين، ولم يركن لطرف الحزب الذي بسببه اودع السجن يرقاه سلماً للثراء.
لم يصعد سلم المميزات والمناصب والمجاملات على حساب وفاءه لسنين النضال التي أكلت زهرة عمره.
لم يرهن سنين الكفاح لجني العوائد والأرباح.
لم يحشر نفسه في مركزٍ ليس أهلاً له ولم يتورط في إدارةٍ ليس كفؤاً لها.
بقى موظفاً صغيراً منسياً ولكنه فخوراً كل الفخر بنفسه، فلم يبيع سنين نضاله ووفاءه لمبدأ الحرية ومقارعة الظلم ببخس مناصب معدودة أو لرهط حمايات فرعونية أو لسحر كرسي الأدارة.

لا يا سيدي فالمسألة مسألة كرامة هانت على الكثيرين. صيروا الكرامة عاراً وذلاً وفساداً.
لا يا سيدي ابق على دراجتك الهوائية تطير حراً كريماً تراقب افواج العبيد قياديين منافقين فاسدين انتهازين ذوي مناصب رفيعة.



#حيدر_محمد_الوائلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وطن من الذكريات
- الفنان صباح السهل... بشاعة نظام وخيانة زوجة (القصة الكاملة)
- ساعد الله العراقيين
- الحسين وتجار الدين والسياسة
- صديقي والدين والسياسة وابن الكلب
- وصلت النمسا
- الفاسد الصلف النزيه
- انتخابات الشرك بالله في بريطانيا...!
- بين الحلة والزرقاء
- مَقتَلة في الشعيبة
- سلامي من قلبي حُسين
- يوميات
- بين فكي نقابة الصحفيين العراقيين
- ما خانك الأمين فالخائن أمير المؤمنين
- وشاح الحروف العربية بألوان الاعظمي وشعر طه
- وشاح الحروف العربية بألوان فريال الاعظمي
- الأنتخابات والكلاوات
- رأي في الأحلام وحقيقتها وتفسيرها
- ذئب الأنبار ونعجة ميسان
- عاش ابو خليل


المزيد.....




- السعودية.. أحدث صور -الأمير النائم- بعد غيبوبة 20 عاما
- الإمارات.. فيديو أسلوب استماع محمد بن زايد لفتاة تونسية خلال ...
- السعودية.. فيديو لشخصين يعتديان على سائق سيارة.. والداخلية ت ...
- سليل عائلة نابليون يحذر من خطر الانزلاق إلى نزاع مع روسيا
- عملية احتيال أوروبية
- الولايات المتحدة تنفي شن ضربات على قاعدة عسكرية في العراق
- -بلومبرغ-: إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة المزيد من القذائ ...
- مسؤولون أمريكيون: الولايات المتحدة وافقت على سحب قواتها من ا ...
- عدد من الضحايا بقصف على قاعدة عسكرية في العراق
- إسرائيل- إيران.. المواجهة المباشرة علقت، فهل تستعر حرب الوكا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حيدر محمد الوائلي - في سجن مديرية الأمن بالبصرة