أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بشاراه أحمد - مختوم من البقرة مزنوم 1:















المزيد.....



مختوم من البقرة مزنوم 1:


بشاراه أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 5159 - 2016 / 5 / 11 - 03:43
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


فلنضحك قليلاً على من أضحكنا الله فيه وعليه, أراد أن يسخر من الله وكتابه ورسوله فسخر الله منه وبشع به وفضحه من حيث لم يحتسب, كذلك الله يفعل بالظالمين, فيستدرجهم من حيث لا يعلمون, ويملي لهم ويلههم الأمل حتى يأخذهم في تقلبهم, فسوف يعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم.
سبحانك ربي! ما أسرع وأوجع وأوفى إنتقامك من أعدائك, فأنت تسلطهم على أنفسهم وترهقهم بالحياة الدنيا وزينتها فتلهى قلوبهم,, وتذهق أنفسهم وهم كافرون.

إني وجلالك لأرى آياتك المعجزات في كل مرة أتعامل بها مع أمثال هؤلاء الجهلاء الظالمين لأنفسهم من المختومين المشئومين المتكبرين المعتدين على غيرهم المروجين للإرهاب العالمي ومسعرين أواره وناره الذين لا يصدر عنهم خير قط. أنت قلت لنبيك الكريم, وقولك الحق:
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ 6), وقد رأينا ذلك عشرات المرات, فلا يسعنا إلَّا أن نردد ونكرر قولنا: (سبحانك اللهم). وقولك الحق مفصلاً يشهد عليهم واصفاً حالهم ومفنداً: (خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ 7).

وقد رأينا كيف يكون هذا الختم, فهم ينظرون إلى الآيات البينات أمام أبصارهم وأدوات المعرفة والبيان لديهم, فلا يرون ما يُرى بالبصيرة ولا يستوعبون ما يعالج ويُعقلُ بالقلوب الطاهرة النقية,, لأنهم يعانون من أمراض نفسية مزمنة, سلطهم الله بها على أنفسهم, وحق لهم ذلك فهم دائماً – في عقلهم الباطن – يستحضرون في خواطرهم المكلومة ووجدانهم السقيم حقيقة وصدق ما ينتظرهم من شؤم وعذاب فدائماً تراهم يحومون حول الآيات التي تؤكده مصيرهم المظلم, والتي تفضح فسادهم فلا يجدون بداً من أن ينقمون منها ومن ربهم ونبيه الكريم, ثم تزعجهم وتقلقهم وتحرك شياطينهم آيات النعيم الذي ينتظر المؤمنين من حور عين في جنات النعيم,,, فيجن جنونهم وتنشط عقدهم وتتجدد أحقادهم وحسدهم ,,, لأنهم يعلمون جيداً أنهم لن يبلغوها بالنظر إلى أنفسهم الخربة ووجدانهم المنتن وسلوكهم البغيض.

لذا تراهم دائماً يحومون حول القرآن الكريم يبحثون لهم عن مخرج ولو بالتشكيك فيه فإن لم يجدوا لذلك سبيلاً عرجوا على السخرية والتهكم وقلوبهم تقطر علقماً ونجيعاً. فتراهم يعيدون قرأة وترديد الآيات مرات ومرات ومرات عديدة فلا يجدون غايتهم, ويعترفون بذلك لأنهم لا يفقهونها ولا يفهمون منها شيئاً, والغريب في الأمر لا تعوزهم ملكة اللغة ولكنه الختم أصبح موثقاً, والران على القلوب الضالة بات طاغياً وجاثياً على الفؤاد,,, جزءاً وفاقاً.

أما المنافقين الذين قلت عنهم: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ 8), أيضاً قد رأينا خبالهم وسخافة أفكارهم وتوهانهم, وإعتداءهم على غيرهم وإرهابهم حتى على أنفسهم,, لأنهم: (يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ 9), فشاهدنا سلوكهم وتقلباتهم وخبلهم وسطحيتهم الغريبة وشرهم العميم المتأصل في أعمق أعماقهم,,, ففهمنا عملياً كيف يكون مرض القلوب وكيف تكون الزيادة عليه من لدنك كما قلت: (فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ 10).

وقد رأينا ذلك في تلك المرأة الجاحدة الهالكة ومثيلاتها,,, من المطرودات الميأَّسات من رحمتك والمستحقات لعذابك من أعمالهن الضالة المضلة الفاجرة,,, كيف كانت لجاجتها وتوهانها عن آية واحدة فقط بها كلمات قليلة, فأُغلقت دونها تماماً حتى أصبحت أضحوكة وهي تخطرف وتهزي وتيعر فلم يغنها كل ذلك نفعاً, فقد صَرَفْتَ عنها البيان وصَرفْتَهَا عنه بحولك وقوتك ومكرك الحق وأنت خير الماكرين, على الرغم من أننا قد شرحناها لها مرات عديدة وبسطناها لها فكانت في كل مرة تزداد مرضاً على مرضها وخبالاً على وبالها.

الآن نواجه نموذجاً غريباً عجيباً نرى فيه عاقبة غضبك, وهذه السخرية والغبرة فالقترة التي تعكسها على وجوههم والإستهزاء بهم حتى بلوغهم غاية السفه وذروة سنام الخبال والوبال الذي يصبح صفة لهم. فنرى كيف يضل أحدهم تماماً عن الآية والآيات وهي تسطع بياناً وتبياناً كما سنرى الآن ويرى ويشهد كل القراء الكرام.

ها هو ذا أحدهم,, فيلسوف عصره وأوانه كما يتوهم,, يقول إنه في محاولته لفهم بعض الآيات من سورة البقرة .. تحديداً من الآية رقم40 الى الآية رقم 123 فلم يفهمها!!! رغم أنه قرأها عدة مرات (بإعترافه). مما يعني أنها قد عُمِّيَتْ عليه – كما قال ربه وحكم -, فرغم محاولاته العديدة لفهم هذه الآيات البينات الواضحات فشل تماماً فآثر أن يعوض هذا الفشل بالسخرية والإستهذاء بها وبربها ونبيها كما سنرى ونسمع ذلك منه شخصياً ليكون شاهداً عليها وموبقاً لها ومدنساً بها.
نعم,,, لقد أغلقت عنه تماماً, فقهره الله تعالى على فضح نفسه وكشف ختمه وجهله وغبائه.

أجل, يا ربي,, إننا نرى حقيقة ما قلته في سورة الأعراف: (سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَّا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ 146). وها هو ذا احد الذين أتخذوا الغي سبيلاً بعد أن ضلوا عن الحق المبين, فطردتهم من رحمتك, ثم صرفتهم عن آياتك فهم يخوضون فيها معجزين ومستهذئين وساخرين منك ومن نبيك ورسولك الخاتم الآمين,, ومتكبرين على عبادك الصالحين ومتسلطين عليهم عدواناً وإرهاباً وتضييقاً وإستخفافاً,, رغم أنهم لا يملكون تبريراً لذلك, ولكنه الحسد وداءات القلوب المجخية,, فنراك قهرتهم قهر جبار مقتدر على تأكيد صدق قولك ثم صرفتهم عن آياتك مدحورين حتى باتوا أضحوكة ومسخرة ومهزلة.

خاض هذا الضال المتطاول على آياتك, "بعد أن أضنته" فوقف أمامها متبلداً مشدوهاً وذلك في موضوع له بصفحته في الحوار المتمدن العدد 5116, بتاريخ 28 مارس 2016 ما يلي نصه:
قال معترفاً: (... فانني لن افسر كل اية على حدة .. بل اود ان اعطي بعض ما ظهر لي عند قراءتي لهذه الايات «40 - 123» لعدد من المرات ...).
نعم ورب العرش العظيم,,, لن تفهمها!!! - حتى لو قرأتها العمر كله - فإنك لن تستطيع فهمها, كيف يكون ذلك وقد صرفك الله تعالى عنها وحجبها عنك وختم على مداركك كلها حتى إحتواك الشيطان (إنما يأكل الذئب من الغنم القاصي) فتلقفك ووجهك حيث يريد فأطعته؟ ..... ألم يقل الله تعالى (ومن يضلل الله فما له من هاد) ؟؟؟.

قال الشقي التعس: (... في الاية 40 و 47 و 122 .. «« نلاحظ تذلل و تودد غريب مريب من رب العالمين الى بني اسرائيل »» .. « لخاطر العيش و الملح الذي بيننا لا تتركوا حبيب قلبي محمد لوحده .. ساندوه .. و لا تنسوا انني فضلتكم على العالمين » ...). ما هذا الإبتذال؟
والله إنني لأكاد أتقيأ من ريح هذا القيح والنتن, يا لك من جاهل أفاك أثيم,, أتظن كل الناس بهذه الوقاحة والسفه والغباء؟؟؟ ..... ألا قاتلك الله في السر والعلن. الله هو العلي الكبير. في الحقيقة إن الله تعالى قد تنازل عنك للشيطان فأصبحت ذليلاً تحت قدميه تأتمر بأمره وتفعل ما يستقبحه.

يا لك من عبقري لم تلد النساء مثله,,, أليس الأولى بك أن تستشير آخرين معك قبل أن تتلقفك هذه السقطة,, بل الاسقطات المخزية والعار المذل والفكر المخل, وليتك إكتفيت بإبداء ملاحظاتك أو فكرتك فقط لوجدنا لك شي من عذر ولإكتفينا بجهلك وتبلد مداركك الفطرية,, أمَاْ وأنك تتهكم وتتهتك بهذه الطريقة, وتسخر من رب العالمين نفسه, ها قد سخر منك وجعلك مثلاً للأولين والآخرين وجعل ذلك بيدك أنت حتى تكون الحسرة والإحباط والإفحام أنكى وأوجع. فلنر معاً كيف فعل الله تعالى بك فأفحمك بما سعيت لإفحام وإيلام غيرك به؟؟؟ ..... ولكن بعد أن نستمع إلى قوله تعالى في سورة البقرة: (زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ 212).

أولاً: هذه الآيات (40-123) من سورة البقرة التي تحدثت عنها ولم ولن بل ويستحيل أن تفهمها انما لها ثلاث أركان لا رابع لهم, والبعد الزمني التاريخي يمتد من قبل خلق آدم عليه السلام إلى بعثة النبي الخاتم محمد بالدين الخاتم الناسخ والمنسي: فالركن الأول "المتحدث مطلقاً" (هو الله تعالى) لكل من ألركنين الآخرين, والركن الثاني هم (بنو إسرائيل) طوال عهدهم وحتى معاصرتهم النبي محمد, أما الركن الثالث فهو (النبي الخاتم محمد والمؤمنون معه).
فالله تعالى مرةً يخاطب بني إسرائيل مباشرةً, ومرة ثانية يخاطب فيها إما "النبي وحده", أو "المؤمنين وحدهم", ومرة ثالثة يخاطب "النبي والمؤمنين معه".

فالآيات كلها تدور حول بني إسرئيل منذ بداية عهدهم متضمنة كل مواقفهم ومشاغباتهم وجرائمهم وتحجر قلوبهم مع موسى وباقي رسلهم حتى عيسى عليه السلام. والغاية من هذه الآيات هي إبلاغ النبي والذين آمنوا معه بأن هؤلاء القوم طوال تاريخهم المديد لم يؤمنوا لنبي ولا رسول, فلا أمل لكم في إيمانهم ولا رجاء في طمعكم في ذلك, وقال,, سأقص عليكم أخبارهم ومواقفهم مع موسى ومع أنبيائهم,, وسأواجههم أنا بنفسي وأذكرهم – أمامكم – بأسلافهم وتاريخهم وكل شيء في أحداثهم حتى يتأكد لكم أنهم يستحيل أن يؤمنوا لكم فلا تضعوهم في حساباتكم. لذا سأقيم عليهم الحجة وأعلمهم بأنني لن أقبل منهم غير الإسلام ديناً.
هذا ليس خيالاً وإجتهاداً من عندنا, ولكن ما تحكيه الآيات التي حجبها الله تعالى عن الضالين المضلين المغفلين.

قبل أن نبدأ, نقول لهذا المعتدي الأثيم: هل فهم الآيات السبع التالية أولاً, والتي سبقت ما أغلق دونه من آيات؟؟؟ ..... بالطبع لا,, لم ولن يفهمها, ولكننا سنوضحها للسادة القراء فهذا هو المهم, فنقول وبالله التوفيق:
حكى الله تعالى لنبيه الخاتم ما حدث في الدنيا قبل بعثته للعالمين رسولاً, وذلك منذ بدء خلق آدم بترتيب وتسلسل الأحداث حتى إصطفاه الله نبياً ورسولاً خاتماً, فقال له:
1. إن الله قد طلب من آدم الرد على الملائكة: (قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُم بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ 33). هذا حوار دار بين الله وعبده آدم قبل أن ينصبه خليفة في الأرض.

2. ثم قال مخاطباً ألنبي محمد: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ 34), وهذه بداية العداوة بين إبليس وآدم وبنيه إلى أن تقوم الساعة ومع ذلك نجد من يعبده ويتدله في طاعته والتذلل له على حقارته وخسته ودنسه,

3. ثم واصل قوله للمصطفى الأمين: (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ 35), فهكذا,, بدأ الشيطان يمارس عداوته بشراسة, قاصداً آدم ذاته فنجح لأن أدم لم يجد الله له عزماً فغوى, قال الله: (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ 36).

4. ثم أكمل له القصة قال: (فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ 37), فكانت عاقبة هذه المعصية والغواية الخروج من الجنة, قال تعالى: (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ 38), أما الذين لم يتبعوا هُداه فكفروا وكذبوا ماذا سيحدث لهم؟؟؟, قال: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ 39), هذا هو المنهج منذ بداية البداية.

حتى هذه اللحظة لم يكن من البشر أحد سوى آدم وزوجه, وقد أُخرجا من الجنة حيث كتب الله عليهما البقاء في الأرض حتى الممات هم وذريتهم من بعدهم.
وبالتالي لم يكن هناك بنو إسرائيل ولا إدريس ولا نوح من بعده ولا الطوفات ولا هود ولا عيسى,,

فالمقصود بقوله تعالى (... فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى ...) هو كتاب من عنده يأمر فيه بالمعروف وينهى عن المنكر,, فكان أول مَنْ جاءهم الهُدى بعد الطوفان وبعد هود هم بنوا إسرائيل, حيث جاءهم موسى "بالتوراة" فطبق عليهم المنهج, ولكنهم قوم سوء وضلال وإضلال, فبين لهم كم تجاوز عن سيئآتهم مرات ومرات عديدة ولكنهم لم يؤمنوا لنبيهم موسى ولا لأنبيائهم من بعده.

ثانياً: بدأ الله خطابه مع بني إسرائيل بالقرآن مباشرة, فقال مذكراً لهم بأعمالهم وجرائمهم من قبل, ثم تجاوزاته وعفوه عنهم, ثم أعلمهم بأنه لم يعد هناك مجال لهذه التجاوزات بعد بعثة محمد بالدين الجامع الخاتم (الناسخ لما قبله ومنسياً له), وليعلموا أنهم قد إستنفدوا كل فرصهم, فقال لهم: (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ 40), وعرض عليهم الإسلام منه مباشرة, لأن هذا القرآن هو عهده ولن يقبل منهم غيره, قال مؤكداً ومحذراً: (وَآمِنُوا بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ 41). ثم فصل لهم المطلوب منهم فعله إن أرادوا أن يوفوا بعهده هذه المرة ومن ثم فهو سيوفي بعهدهم إن إلتزموا منهجه وعملوا بأمره وأطاعوا نبيه.

فقال لهم محذراً وناصحاً: (وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ 2), (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ 43), ثم وبخهم بغلظة على كيلهم بمكيالين,, قال: (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ 44)؟؟؟, يجب أن تكونوا أعقل من ذلك وأنتم أهل كتاب وتجارب كثيرة سابقة, لذا: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ 45), (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ 46)... وهكذا.

إلى أن ذكرهم بنعمه عليهم وتفضيله لهم, قال: (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ 47), وحذرهم من التمادي في المكر والفساد والضلال مع تهديد, وأمرهم بالتقوى, قال: (وَاتَّقُوا يَوْمًا لَّا تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ 48). والتفضيل على العالمين في أنهم فعلوا ما فعله من كان قبلهم من الأمم الهالكة (عاد, وثمود, وأصحاب الأيكة, وقوم تبع, وقوم لوط, وآل مدين) ومع ذلك كان في كل مرة يغفر لهم ويعطيهم فرصة أخرى. وحتى في عهد محمد لم يهذبهم وإنما كتب عليهم الجلاء.

ثم ذكرهم بأن الذي كانوا يفعلونه بالناس من ظلم وبشاعة وكبر,, هم قد عانوا منه ومن مرارته وقهره كثيراً عندما فعله بهم فرعون, فكيف قبلت نفوسهم أن يكونوا هم الظالمين هذه المرة؟؟؟ بل ويفعلوا أبشع وأظلم مما فُعِلَ بهم أضعاف مضعفة؟؟؟ قال لهم: (وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلَاءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ 49), أوَنسيتم ما فعلناه بآل فرعون إنتقاماً لكم منهم؟؟؟ ..... فهل تركناهم يهربون وينجون بجرائمهم أم أهلكناهم بعد أن عذبناهم بآياتنا؟, فهددهم وخوفهم, قال: (وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ 50). ألا تخشون من مصيرهم وأنتم عباد مثلهم وما أنتم بمعجزين؟؟؟

ثم ذكرهم بعفوه عنهم مرات ومرات عديدة, قال لهم موبخاً: (وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ 51), (ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ 52), فلم تشكروا ولم تتعظوا أو ترتدعوا,,, قال: (وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ 53), فلم تبلغكم الهداية ولم تبلغوها: (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُم بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ 54), فلم يتوبوا ولم يقتلوا أنفسهم ومع ذلك تاب الله عليهم وعفاهم عن قتل أنفسهم.

ثم قال لهم مذكراً ببطشه وعقابه الذي رأوه بأنفسهم, قال: (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ 55), عقاباً صارماً على سوء أدبكم مع الخالق, ومع ذلك أعطيناكم فرصة أخرى كان المرجوا منكم الشكر عليها ولكنكم جبلتم على الغدر والنكران, قال: (ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ 56) ..... وهكذا إلى أن ذكرهم بقصة البقرة, فقال: (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ 67) ..... الخ.

إلى أن خاطب الله النبي الخاتم والذين آمنوا معه هذه المرة, فبين لهم إستحالة أن يؤمن هؤلاء القوم, وقد عجز معهم أنبياء ورسل من أنفسهم, فقابلوهم بالتكذيب والقتل, لذا فلا أمل في إيمانهم برسالة محمد مهما فُعِل معهم,, فقال للمؤمنين ميئساً: (أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ 75)؟؟؟, هؤلاء القساة, غلف القلوب التي طبع الله عليها بكفرهم, ليس فقط لا يؤمنون بل هم يسعون جهدهم بكل طاقاتهم في إضلال الآخرين.

ثم أكد لهم تلك الإستحالة فذكر لهم بعض خصلهم المعاصرة, قال عنهم: (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُم بِهِ عِندَ رَبِّكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ 76), ..... وهكذا.
ثم عاد إلى بني إسرائيل, قال: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنكُمْ وَأَنتُم مُّعْرِضُونَ 83), ثم بادرهم, مذكراً إياهم بالميثاق الذي واثقهم به فلم يرعوه حق رعايته, قال: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُم مِّن دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ 84)....

إلى قوله تعالى للنبي عن مراوغتهم وكفرهم الذي إستحقوا عليه اللعنة: (وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَل لَّعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَّا يُؤْمِنُونَ 88), ليس ذلك فحسب,, بل والآن بعد أن جاءهم ما عرفوا من الحق, وهو النبي محمد,, وكانوا يستفتحون به على غيرهم, كفروا به لأن النبي جاء من العرب ولم يأت من بني إسرائيل كما كانوا يتوقعون ويرجون, فقال الله للنبي محمد: (وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُم مَّا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ 89), فهذه اللعنة الثانية لهم, وقد لعنهم الله على لسان داؤد وعيسى بن مريم عليمهما السلام.

وعن مخازيهم وفضائحهم ومذلتهم برفضهم رسالة محمد صلى الله عليه وسلم التي يعلمون انها الحق من ربهم, قال: (بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُوا بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَن يُنَزِّلَ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ 90), ليس ذلك فحسب,, بل: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاءَ اللَّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ 91)؟,

ثم عاود الله الحديث مع بني إسرائيل مذكراً ومواجهاً إياهم بمواقفهم المخزية وموبخاً, قال لهم: (وَلَقَدْ جَاءَكُم مُّوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ 92), (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُم بِهِ إِيمَانُكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ 93), لعل هذا الساخر المستهذيء الجاهل لا يفهم هذا اللون من التعنيف القاسي والتوبيخ والتحدي, فظنه تذللاً لأنه إعتاد على التذلل والتدني لوليه إبليس اللعين.

ثم عاود الله الحديث عنهم مع نبيه الكريم ساخراً من دجلهم وكذبهم, ومتحدياً, قال له: (قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِندَ اللَّهِ خَالِصَةً مِّن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ 94), وهذا تحدي ساخر واضح, ثم يليه فضح لمصداقيتهم المنهارة, قال له: (وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ 95), ثم كشف عن مخازيهم وخصلهم الذميمة, فقال للنبي الخاتم: (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ 96).

ثم يليه توبيخ وتهديد وتحذير, قال للنبي: (قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ 97), (مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ 98), ثم بين عاقبة من يكفر بآيات الله منهم أو من غيرهم, قال له: (وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ 99), .... إلى قوله تعالى له: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ 121).

ثم عاود الحديث مع بني إسرائيل مباشرة, قال لهم: (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ 122), ثم هددهم وحذرهم, قال: (وَاتَّقُوا يَوْمًا لَّا تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ 123).

هذه هي الآيات البينات التي وقعت صواعق على بني إسرائيل ومن على شاكلتهم في الكفر والفجور والفسوق والمراوغة والظلم. فضحتهم وفندت كل مواقفهم السابقة حتى يتأكد النبي الخاتم أن هؤلاء القوم لن يؤمنوا له أبداً,, إذ كيف يمكن لمن لعنهم الله على لسان أنبيائهم من أولهم "داود" وحتى آخرهم "عيسى بن مريم", وأنَّى لهم الإيمان خاصة وأنه قد بلغ ببعضهم عبادة البعل والأوثان؟؟؟

الآن,,,, فلننظر ماذا قال هذا الجاهل الضال المزندق, وماذا فعل الله به من إحباط وإزلال؟؟؟
لقد شاء الله تعالى أن يخرج أضغانه,, فتوهم أنه قد أنجز بعبقريته المعطوبة ما أراده منه وليه إبليس, فخاب خيبته ووأد كرامته ومصداقيته وإنسانيته تحت الرغام كما يلي:
أولاً: أراد أن يُضِلَّ غيره من العامة بإنجازه وإعجازه الضحل, فقال: (... ايها المسلم .. هل تقبل هذا .. اهانة محمد لرب العالمين الى هذه الدرجة ...).
خسئت أيها الزنديق عدو الله,, فمحمد رسول الله الخاتم الخليل لا يذكر الله تعالى إلَّا تمجيداً وتعظيماً بأسمائه الحسنى وصفاته العليا كمالاً وجلالاً وجمالاً,, وتكفيه شهادةً سورة الإخلاص التي لم تعرف الإنسانية مثلها أبداً. محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم لن تبلغ شراك نعاله ولو أرسلت إلى الفضاء بمسبار أو صاروخ.

ثانياً قال التعس متمادياً في غيه وسخريته وإهابه: (...الاية 61 .. يصرح القران .. بان بني اسرائيل يقتلون الانبياء .. يا حلاوة .. كيف اذن هؤلاء مفضلون مع انهم يقتلون النبيين .. ان كان المفضل هذا حاله .. فما بالك بحال الذي لم يفضله الله على احد يقتلون النبيين .. و لا يوجد اي ذكر .. انهم تعرضوا الى عقوبة ما ...). فلننظر إلى الآية التي قال عنها إفكه لنرى هذا الغباء منه وفيه:

قال تعالى مخاطباً بني إسرائيل – عندما طلبوا من موسى إستبدال طعامهم المرفه الطيب (المن والسلوى) بما هو أدنى منه قيمةً وهو (الفوم والعدس والبصل والقثاء ...), فوجههم الله إلى حيث توفر هذه الأطعمة الأدنى, قال لهم مذكراً موبخاً: (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ ...), فماذا حدث لهم هناك؟؟؟

قال تعالى: (... وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ - « الذِّلَّةُ » « وَالْمَسْكَنَةُ » « وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ » ...), لماذا كل هذا الذي ضرب عليهم؟؟؟
بالطبع ليس بسبب تغيير نوع الطعام إلى الأدنى كما قد يتوهم الأغبياء الضالين,,, ولكن بسبب سلوكهم الخبيث, وتعاملهم مع غيرهم ومع الأنبياء قتلاً وملاحقة, وقد فصل الله تعالى ذلك بقوله: (... ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا « يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ » « وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ » ...).
ثالثاً: يقول هذا الجاهل الغبي متهكماً, (يا حلاوة .. كيف إذن هؤلاء مفضلون مع انهم يقتلون النبيين... الخ),, نقول له: ما أغباك وأضلك؟؟؟ إذاً لماذا قال الله تعالى عنهم (... وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ - « الذِّلَّةُ » « وَالْمَسْكَنَةُ » « وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ » ...)؟؟؟

رابعاً: يقول الشقي بغباء يحير: (... يقتلون النبيين ولا يوجد أي ذكر أنهم تعرضوا إلى عقوبة ما ...),, ألم يسأل نفسه « لماذا ضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله »؟؟؟ هل ترى هناك عقوبة أقسى وأبشع من ذلك؟ وقد أماتهم بالحياة؟؟؟ .... ألم يقل مبرراً: (... ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ 61)؟؟؟ أرأيت كيف يميت الله الإنسان بالحياة فيجعله يهزي ويخطرف ويقرأ ولا يفهم أو يعي؟؟؟ ..... بل هناك عقوبة قاسية ومذلة ورادعة, ولكنك لم ولن تدركها.


خامساً, يقول الشقي: (... اما في الاية 59 .. فالله يعاقبهم برجز من السماء .. لانهم يقولون كلمة اخرى بدلا من كلمة (حطة) .. منطقي جدا! ...).
نقول له: حتى المنطق الذي هو دينك من دون الله لا تعرف التعامل معه وبه, ما كل هذه النباهة التي أنت فيها؟؟؟

قال الله تعالى عن الظالمين من بني إسرائيل: (وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ 58), (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِّنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ 59), نقول له في ذلك,, إسمع ثم افهم إن استطعت لذلك سبيلاً:
1. أولاً,, قد سمح الله لهم بدخول القرية, وأن يأكلوا ما شاءون رغداً بغير حساب, ويدخلوا الباب سجداً, قال: (... وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا ...),
2. وتفضل الله عليهم بالمغفرة إن طلبوا منه ورجوه بأن "يحط عنهم خطاياهم ويغفرها لهم", ولكنه الكبر والصلف الذي عرفوا به, لم يقولوا ذلك ولم يطلبوا من الله المغفرة فغضب عليهم وعاقبهم بالرجز من السماء,, قال تعالى: (... وَقُولُوا حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ ...),,, بل الأكثر من ذلك أنهم موعودون بزيادة على المغفرة للمحسنين منهم, قال تعالى (... وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ ...). فما هو المنطق الذي تبحث عنه ولم تجده في كتاب الله وفي هذه الآية يا هذا؟؟؟

ثم بعد ذلك نرد على السخافات التالية بإختصار, بإعتبارها شواهد على غباء وضحالة فكر هذا الزنديق:
(أ): كانت التوبة المقبولة – في شريعة موسى – هي أن يقتل التائب نفسه, لذا كانت فرصتهم للتوبة هي قتل أنفسهم لأن جرمهم كان كبيراً, لذا طلب منهم موسى تلك الكفارة الشرعية, ولكن رحمة الله تعالى بهم أن تاب عليهم وعفا عنهم من قتل أنفسهم, قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُم بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ 54).

ولكن الزنديق أبى إلَّا أن يكشف جهله وغباءه فقال هذه العبارة الخائبة السخيفة: (... الاية 54 .. يامر الله بني اسرائيل بان يقتلوا انفسهم .. لانهم اتخذوا العجل للعبادة .. يا سلام .. قوم مفضلون .. و يعبدون العجل .. هل يمكن ان نعتبر الهنود ايضا .. مفضلون من قبل الله على العالمين .. اليس الهنود ايضا يعبدون البقر .. بل تفضيل الهنود اولى .. لانهم يعبدون بقرا حيا .. وليس كبني اسرائيل .. يعبدون عجلا صنعوها بانفسهم ...), سفه مخزٍ ولجاجة وحيرة التائعين,, يطرح الفكرة الساذجة ثم يتمادى في مطها ومدها وتلوينها وتقعيرها,,, بأسلوب ونمط شارلي شابلن.

(ب): أخذ الله تعالى ميثاق بني إسرائيل وأمرهم بالتقوى, قال: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ 63), ولكنهم تولو فإستحقوا بذلك أن يكونوا من الخاسرين بأن يهلكهم كالأمم السابقة الهالكة, ولكن فضل الله تعالى ورحمته عليهم كانت كبيرة, فلم يهلكهم, قال: (ثُمَّ تَوَلَّيْتُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنتُم مِّنَ الْخَاسِرِينَ 64), ثم ذكرهم بالذين إعتدوا في السبت وإحتالوا على نهي الله لهم الصيد فيه, فغضب الله عليهم وسخطهم إلى قردة خاسئين, قال: (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ 65). فماذا قال هذا المختوم, وكيف كان فهمه لهذه الآيات؟؟؟

قال هذه العبارة الخائبة المضحكة المخزية: (... الايات 64 و 65 .. ايضا .. شيء في غاية المنطق و المعقولية .. عذاب غريب و عقوبة غريبة»» .. تحويل الذين يعملون يوم السبت .. و لا يتخذونها عطلة«« .. تحويل هؤلاء الى قردة .. لاحظ .. قتل الانبياء ليس عليها عقوبة .. اما العمل يوم السبت لصيد السمك .. فعليها عقوبة عظيمة وعقوبة اغرب من الخيال ...). لن أعلق على هذا السفه الساخر,,, وسأتركه للقاريء يقدره بنفسه ويحكم عليه.

لا يزال للموضوع بقية: سنرى فيها قصة البقرة التي طلب من بني إسرائيل ذبحها, ولماذا سميت بها السورة نفسها, ثم نقارنها بمفهوم هذا الضحل المتزندق؟

تحية طيبة للقراء الكرام

بشاراه أحمد



#بشاراه_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قَبَانْجِيْنَآتٌ مُتَهَآفتة ... تصحيح مفاهيم (أ):
- قَبَانْجِيْنَآتٌ مُتَهَآفتة ... لَاْ حَمْدَ فِيْهَاْ (A):
- ... أَفِي اللَّهِ شَكٌّ!!! ...؟؟؟ (تصحيح مفاهيم B):
- ... أَفِي اللَّهِ شَكٌّ!!! ...؟؟؟ (تصحيح مفاهيم A):
- ... أَفِي اللَّهِ شَكٌّ!!! فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ...
- ... أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ!!! السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ...
- قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ (ج):
- قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ (ب):
- قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ (أ):
- عندما يصير اللامعقول مألوفاً (تصحيح مفاهيم - « ه »):
- عندما يصير اللامعقول مألوفاً (تصحيح مفاهيم - « ج »):
- عندما يصير اللامعقول مألوفاً (تصحيح مفاهيم - « ب »):
- عندما يصير اللامعقول مألوفاً (تصحيح مفاهيم - « أ »):
- عندما يصير اللامعقول مألوفاً (C):
- عندما يصير اللامعقول مألوفاً (B):
- عندما يصير اللامعقول مألوفاً (A):
- ميتافيزيقا بيداويدية:
- تعليقات: قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ ..... نتيجة غير منظورة:
- قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ:
- رَشِيْدِيَّاتٌ ضَالَّةٌ, لا تَرْشُدُ 2 ( خاتمة):


المزيد.....




- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...
- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...
- ماما جابت بيبي أجمل أغاني قناة طيور الجنة اضبطها الآن على تر ...
- اسلامي: المراكز النووية في البلاد محصنة امنيا مائة بالمائة


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بشاراه أحمد - مختوم من البقرة مزنوم 1: