أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أكرم حبيب الماجد - الحب















المزيد.....

الحب


أكرم حبيب الماجد

الحوار المتمدن-العدد: 5157 - 2016 / 5 / 9 - 13:38
المحور: الادب والفن
    


للحب عبارة واشارة ، فالعبارة تنصرف الى اللفظ لغة .
وهي خصوصا : تصريح بالمعاني الظاهرة في الألفاظ . وعموما : تصريح بالمعاني ، سواء كانت عن قول أم فعل .
فالمحب يصرح لمحبوبه بأقواله وأفعاله ، بلغة الحب التي هي روح قوالب الألفاظ والأفعال ، فتلاقي قبولا وإقبالا ، وكأن ألفاظهم وأفعالهم لبعضٍ طيور تأوي الى أعشاشها، ورُضَّع تطلب مَراضعَها.
والمحب يجند حواسه فيرقب محبوبه في حركاته وسكناته ، وهكذا إذا وافق الدنو دنا ، حتى يكون بحال أنت أنا ، فيصير الإثنان واحدا.
قال افلاطون : الحب قوة توطد العلاقات بين المخلوقات ، وإن إبتسامة الحب تلمع بين السماء والأرض . وان الحب إرادة ثابتة جذابة تجذب الجنسين ، وتجعل الإثنين واحدا.
وقال أرسطو : لو لم يكن في المحبة إلا أنها تشجع قلب الجبان ، وتسخي كف البخيل ، وتصفي ذهن الغبي ، وتبعث حزم العاقل ، وتخضع لها الملوك ، وتفقد لها صولة الشجاع ، وينقاد لها كل ممتنع ، لكفى بذلك شرفا .
وقال جالينوس : كما أن البدن يحتاج الى الرياضة ، كذلك النفس رياضتها المحبة .
وقال أبقراط : من منح المحبة أغنته عن كل رياضة .
وذكر الجاحظ عن بعض حكماء الهند ، أنه قال : إذا ظهر العشق عندنا في رجل أو أمرأة غدونا على أهله بالتعزية .
فأوصاف الحب هذه وغيرها ، تظهر بالعبارة قولا وفعلا عند المحبين ، وقد تكون دائمة او موقتة ، تنتهي بنهاية الحب وخمود ناره للإختلاف الحاصل بين المحبين بعد الإئتلاف . والحديث : ( الأرواح جنود مجندة ما تعرف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف )، هو في أصل الخلقة لا عوارضها النفسية من هوى وسحر وعين ، وأثر إنسان وجان وشيطان وغير ذلك .
فقد يجد أحدهما سوءاً كان يرجوه حسنا في محبوبه فيغير عبارته معه ، سواء كانت تلك المرجوات حسية أو معنوية .
ولاينحصر الحب في النوع الإنساني بين الذكر والأنثى ، بل غيرهما من الحقائق متعلق الإنسان ، وربما تعلق بخيال في نفسه أحبه ، فأظهر معه عبارة الحب .
وتبلغ عبارة الحب مبلغا في القول والفعل كقول بعضهم :
سكرنا و لم نشربْ من الخمرِ جرعةً ***** ولكـن أحاديـثَ الغـرام ِهـي الخـمـرُ
وفيها قد يخرج السكران عن أدبه ، وربما خرج المحب بغير سكر .
والمطلوب في عبارة الحب : ظهور هوية حب الحبيب ، فالتعدي معيب .
-الإشارة : تلويح بالمعانى الباطنة في الألفاظ . أو تلويح بالمعانى ، سواء كانت عن قول أم فعل ، كقول القائل :
-نظرت إليها نظرة فتحيرت *** دقائق فكري في بديع صفاتها .
فأوحى إليها الطرف أني أحبها *** فأثر ذاك الوحي في وجناتها .
وقول آخر :
-أشارت بطرف العين خيفة أهلها *** اشارة محزون ولم تتكلم .
فأيقنت أن الطرف قد قال مرحبا *** وأهلا وسهلا بالحبيب المتيم .
فهذه إشارات ومثلها غيرها ، قد تكون ساذجة ، غير منقوشة بعنوان يريد إيصاله ، وإنما بسيطة سهلة الصنعة ، تعبر عن واقع عام وإثبات وجود في المقام ، يشير بها المحب الى محبوبه في طيات الأقوال والإفعال ، وأخرى إشارات منقوشة بعنوان ، قد يخفى حل رموزها على غيرهما.
وتلك الإشارات فيها من التأثير ما يغني عن العبارة ويظهر جمال الوصال ، كقوله:
فأيقنت أن الطرف قد قال مرحبا *** وأهلا وسهلا بالحبيب المتيم .
فقد بلغت به إشارتها الى اليقين دون شك وتردد : أن الطرف وحركته بالنظر رحب به وحياه ، فقال : مرحبا واهلا وسهلا . أي : صَادَفْتَ أَهْلاً لاَ غُرَبَاءَ وَوَطِئْتَ سَهْلاً لاَ وَعْراً أيها الحبيب المتيم ، الذي استبد بك الحب واستعبدك الهوى ، وذهب بعقلك.
فكان معنى بليغ في إشارة رمزية منها لقارئ يجيد القراءة ، ويفهم عن وحي الإشارة ، فقد قرأ خوفها وحزنها في طرف عينها وفهم عنها .
والاخر اهتدى من بعد حيرة ، وجمع شتاته من بعد تفرق في بديع صفاتها ، فاوحى طرفه إليها أنه يحبها ، فأثر الوحي في وجناتها دهشة ، أو إرتباكا ، أو خجلا .
والتعبير بالإشارة لغة الباطن ، قبال العبارة لغة الظاهر ، أشبه بقول قيس بن ذريح :
وإني لأهوى النوم في غير حينه *** لعل لقاء في المنام يكون .
فهذا إنتقال من الظهور الى البطون ، ومن عالم اليقظة الى النوم بغية لقاء المحبوب ، كذلك الإشارة القولية والفعلية تلويح باطن لاتصريح ظاهر ، لميلٍ في نفس الملوِّح ، أو لأمر ما أقتضاه الحال .
والإشارة تختلف من حيث اللطافة بحسب أداء أصحابها والأعضاء المشار بها ونوعها وكيفتها وغير ذلك ، فنظر العين من الإشارات اللطيفة ، تنقل المعنى بلطف وتعبر عن المقصود بظرافة.
ولما كان مرجع كل امر الى اسماء الله تعالى ، التي ملئت أركان كل شيء ، فحينئذ يمكن معرفة ولادة ذلك الحب وانعقاده على أي إسم ، ككونه فيما تقدم باطن لطيف تجلى بعنوان ما ، مرجع عنوانه كذلك الى أسماء الله ، بقطع النظر عن حلاله وحرامه ، وصحته وخطئه . ولكنها مع ذلك مأخوذة به ، فالأسماء دول وحكومات ، وليتقى الله في أسمائه .
فالحب الجنسي في وضعه الطبيعي حب الذكر للأنثى وحب الأنثى للذكر، و أما غيره ، أي : حب الذكر للذكر والأنثى للأنثى ، فهو شذوذ خلاف الطبيعة ، سلبي في نفسه ، ويلزمه سلب وعقاب لتعديه الحدود .
والحب الطبيعي غير الشاذ منه شريف ومنه وضيع ، أي : داني محطوط القدر ، وهو الحب الأهوائي الذي ينجر الى مفاسد قولية وفعلية ، ويكثر هذا عند المراهقين العمريين ، أي : عمرهم يقتضي المراهقة ، وعند المراهقين النفسيين ، أي : نفوسهم مراهقة ولو كبرت أعمارهم .
وأما الحب الطبيعي الشريف ، فهو شريف في نفسه ، نزيه في قوله وفعله .
ومثل الحب الجنسي حب الله وأوليائه وآياته ، حيث تختلف ولاداته الفعلية وحياته من حيث الانتساب الى أأئمة الاسماء وأفرادها ، وأمهاتها وبناتها عبارة وإشارة .
والإشارة في واقعها من شؤون عالم المثال ، البرزخ الجامع بين العالمين المادي والعقلي ، وهي التي تؤول سواء كانت رؤية أم رؤيا ، ( قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيَكُمَا ) ، لايأتيكما طعام ترزقانه في اليقظة ، وذلك تعبير الرؤية . ( وَكَذَٰ-;-لِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ )، وَيُعَلِّمك رَبّك مِنْ عِلْم مَا تَؤُول إِلَيْهِ أَلأحَادِيث ، وذلك تعبير الرؤيا .

شطط الحب
- الشَّطَطُ : مُجاوَزةُ القَدْرِ في بيع أَو طلَب أَو احتكام أَو غير ذلك من كل شيءٍ . وشطّ في الأمر : تجاوز فيه الحدَّ ، أفرط فيه . وفي الكتاب ( وَرَبَطْنَا عَلَىٰ-;- قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَٰ-;-هًا لَّقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا ).
وقوله تعالى : ( وَرَبَطْنَا عَلَىٰ-;- قُلُوبِهِمْ ) ، عبارة عن شدة عزم وقوة صبر ، أعطاها الله لهم حتى قالوا بين يدي الكفار : ( رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَٰ-;-هًا لَّقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا ). ولما كان الفزع وخور النفس يشبه بالتناسب الانحلال ، حسن في شدة النفس وقوة التصميم أن يشبه الربط ، ومنه يقال : فلان رابط الجأش ، إذا كان لا تفرق نفسه عند الفزع والحرب وغيرها . ومنه الربط على قلب أم موسى ، ( وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ-;- فَارِغًا إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَىٰ-;- قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ )، وقوله تعالى : ( وَلِيَرْبِطَ عَلَىٰ-;- قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ ).
كذلك قلوب المحبين لو كان مربوطة لما كان فيها من الشطط شي .
والمحب قد يتجاوز حد المحبة ، فيقع في العشق ، ويكون فيه الشطط .
وقد سأل أبو العباس أحمد بن يحيى عن الحب والعشق ، أيهما أحمد ؟.
فقال : الحب ، لأن العشق فيه إفراط ، وسمي العاشق عاشقا ، لأنه يذبل من شدة الهوى كما تذبل العَشَقَةُ إذا قطعت . والعَشَقَةُ : شجرة تخضر ثم تدِق وتصفر .
والعَشَقَةُ : شجرة اللَّبلاب ، وهو نَبْتٌ يَلْتَوي على الشجر .
وقدر العاشق بقدر معشوقه ومراده ، كما قيل :
ونفاسة الأشياء في غاياتها ***** فاحمد رماءك إن أصبت نفيسا .
فإنظر في معشوقك أو محبوبك ، وأوزن عشقك وحبك ، إن كان لله أو لأوليائه أو سائر خلقه ، وإن كان طبيعي أو غير طبيعي ، وشريف ودان . فذلك قدر عشقك وحبك ، تمدح عليه أو تذم .
وقد ينشغل المحب بالحب عن متعلقه ، كحال قيس في حب ليلى ، فقد نقل أنه كان يصيح باسمها ، فجائته وقالت : أنا ليلى . فقال لها : إليك عني ، فقد شغلني حبك عنك .
قال الشيخ إبن العربي :
ولما رأيت الحب يعظم قدره ***** وما لي به حتى الممات يدان .
تعشقت حب الحب دهري ولم أقل ***** كفاني الذي قد نلت منه كفاني .
وقد يصور الخيال حبيبه أو مايتعلق به عن وهم ، فيحبه ويعشقه ، ويأنس به ويخاطبه ويتمثل سماعه وغير ذلك .
وربما رأى ما صور خياله خارجا أو قريبا منه أو مايتعلق به . فيزداد تمسكا بما صور لما رأى ، وقد ينقش الخيال الحجر ، وليس من محبوب حقيقة ولا تنسب له الصور ، فضلا عن متعلقه والأثر . وغير ذلك كثير من شطط الحب والعشق في الأحوال والأقوال والأفعال .



#أكرم_حبيب_الماجد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحب الإلهي والذاتي والجنسي
- الثورة والسياسة الإنسانية على أنواع السجون العائلية
- الزواج و دعوى تساوي الزوجين مطلقا
- الأبكار
- عقول بغير المعقول
- معرفة الدليل
- حملة القيود وعمال السدود
- لقد ختمت على باب قلبك
- عرش الكرام
- العقل المميز
- تراكمات الفهم السيء
- العجوز العاشقة
- حكم الله في الانسانية
- المشيخة
- ليس التدين بالتعصب
- الصراعاتُ الدَّوْليَّة والدُّوَليَّة
- أصل العلوم وروحها
- بعض معايير الانتخاب
- بناء الذات والشخصية المثالية
- الواقع ... مدرج الكمال


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أكرم حبيب الماجد - الحب