أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله جاسم ريكاني - أوغلوا أصبح جزءاً من الماضي: التضحية برأسه قرباناً للسلطان!















المزيد.....

أوغلوا أصبح جزءاً من الماضي: التضحية برأسه قرباناً للسلطان!


عبدالله جاسم ريكاني

الحوار المتمدن-العدد: 5156 - 2016 / 5 / 8 - 09:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أوغلوا أصبح جزءاً من الماضي: التضحية برأسه قرباناً للسلطان!
د. عبدالله جاسم ريكاني
منذ بدء الخلاف في وجهات النظر و الذي تعمق اخيراً و تدريجياً بين اوغلو و اردوغان، كان من شبه المؤكد ان يتم التضحية برأس اوغلو و تقديمه قرباناً لرأس الدولة التركية "المقدس" ، مثله مثل رؤوس كبار رجال الدولة السابقين في الامبراطورية العثمانية عندما كانوا يخالفون "السلطان". و في تغريدة قال السيد كلير برلنسكي المغترب و الصحفي المستقل و المقيم في اسطنبول " هل سيتم خنق السيد اوغلو من قبل الطرشان و الخرسان الاردوغانيين؟"
في الدولة التركية الحديثة، يشكل "الطرشان و الخرسان الاردوغانيين" الاغلبية المطلقة في المجلس التنفيذي ذو ال 50 عضواً لحزب العدالة و التنمية الحاكم و الذي حاول تقليص سلطات السيد أوغلوا الذي كان رئيساً للوزراء اضافةً الى رئاسة الحزب، حيث سحبت منه سلطة تعيين رؤساء الحزب في المدن و المقاطعات التركية. كل هذه الحركات و المناورات التي قادها أردوغان بنفسه، تعني أحد أمرين: البقاء في منصبه كرئيس للوزراء بدون كرامة أو مغادرة مكتبه بكرامة.
و لكن لم يترك له حتى حق الاختيار بين أمرين أحلاهما مر. في نهاية الاسبوع الفائت و بدون سابق إنذار، نشر تقريت اطلق عليه " ملخص البجع" يتهجم على شخص أوغلو وأنصاره. و قدمت قائمة ب 17 سبباً اوضح فيها: اين و متى و كيف خالف أوغلوا "الرئيس" أردوغان.
اسم التقرير بحد ذاته مثير، لان تسمية "ملخص البجع" كانت اسم لمسلسل وقصة سياسية مثيرة مستنبطة من رواية بنفس الاسم من تأليف جون كريشام في عام 1993، ومن اخراج المخرج آلان باكولا و تمثيل كل من جوليا روبرتس و دينيز واشنطن.
التقرير المشار اليه يؤكد بوضوخ لا يقبل اللبس للمطلعين على تاريخ تركيا السياسي و تاريخ حزب العدالة و التنمية بالاضافة الى المعلومات العامة المتوفرة حول الشخصيات المسرحية التي إضطلعت بكتابة التقرير ان أيام أوغلوا في الحكم باتت معدودة و انه بات بين ايدي الطرشان و الخرسان الاروغانيين في طريقهم لذبحه و تقديمه كقربان للسلطان. و لكن الايام المعدودة تحولت الى ساعات محدودة، لأنه و في غضون 24 ساعة، إلتقى أردوغان باُوغلوا لمدة ساعة و 40 دقيقة. بعده، دعا أوغلوا، اللجنة التنفيذية لحزب العدالة و التنمية الاردوغاني الى اجتماع عاجل استغرق حوالي 40 دقيقة و تم الاعلان عن تحديد يوم 22 من أيار الحالي موعداً لعقد مؤتمر غير اعتيادي للحزب لإنتخاب رئيس جديد للحزب و انه اي السيد اوغلوا ليس من بين المرشحين لتولي هذا المنصب.
إذن، أنتهى عصر أوغلوا في السياسة التركية و الشرق اوسطية و العالمية. لقد كان رجلاً فائق الطموح و ترك بصماته الواضحة في صعود و هبوط الساحة السياسية العالمية. كما انه يعتبر مهندس إعادة الدولة التركية الى منطقة الشرق الاوسط؛ الامر الذي جعل الكثيرين في العالم يطلقون عليه لقب " العثماني الجديد". كما أنه اول من "سكَ" شعاره المشهور "صفر مشاكل مع الجيران". و لكن العودة التي بدت ناجحة للسياسة و التدخل التركي في الشرق الاوسط اصبحت بعدئذٍ من اكثر الفترات التي شعرت فيها تركيا "بالوحدة" في تاريخ السياسة الخارجية لجمهورية تركيا الحديثة. حالياً، لا يوجد جار واحد لتركيا او اي من القوى الفاعلة على الساحة الدولية، ليست لديه مشاكل حادة مع تركيا. لقد قدِر لهذا الرجل ان يذكروه في التاريخ ب "مهندس الفشل غير المسبوق في السياسة الخارجية التركية ".
و لكن هذه الاسباب ليست هي جذر مشكلته و خلافاته مع اردوغان. الاختلاف الحقيقي الذي كان سبب سقوط اوغلوا كان عدم قدرة اوغلوا على السيطرة على ذاته اي "الانا" و طموحه الجامح الذي منعه من تقديم فروض الطاعة و الولاء الاعمى "للذات أو ألأنا العليا و هو السلطان أردوغان نفسه" بالشكل الذي كان يريده و يتوقعه اردوغان من السيد اوغلوا.
لقد كانت القوى الغربية غير صائبة او موفقة في تقدير الديناميكيات الداخلية لقوة حزب العدالة و التنمية الاردوغاني. كما كان احد مراسلي واحدة من اكبر اجهزة الاعلام الغربية مصداقيةً، مصيباً في قوله، عندما صرًح بخطأ حسابات أردوغان عندما عيًن اوغلوا خلفاً له في رئاسة الحزب في شهر آب من العام 2014. كتب هذا المراسل "كرئيس، اختار اردوغان رئيساً لحكومته اعتقاداً منه بأنه الأكثر مرونةً: وهو وزير الخارجية و الاكاديمي السابق احمد داود اوغلوا. و لكن يبدوا ان الرئيس قد أخطأ الحساب. لان اوغلوا عندما لاحظ التأييد الشعبي الواسع للنظام الرئاسي، و إدراكاً منه بأنه سيتم تهميشه في حال ثبوت النظام الرئاسي، و خلافاته مع اردوغان حول عدد من السياسات التي انتهجها اردوغان في الفترة الاخيرة، جعلت من أوغلوا شخصاً معارضاَ و لكن بهدوء لسياسات أردوغان.
لقد تم تقديم اوغلوا للاجهزة السياسية و البيروقراطية التركية للمرة الاولى من قبل السيد عبدالله غول الذي خدم كرئيس لتركيا من العام 2007-2014. في شهر نوفمبر من العام 2002، عندما شكًل غول الكابينة الاولى لحزب العدالة و التنمية كرئيس للوزراء، عيًن اوغلوا مستشاراً خاصاً له و منحه صفة سفير؛ حتى ذلك الوقت كان السيد اوغلوا اكاديمياً اسلامياً مغموراً في واحدة من الجامعات الهامشية في اسطنبول. ومن ثمَ، صعد اوغلوا تدريجياً نحو الشهرة و أصبح ذا شأن في تأطير و تشكيل السياسة الخارجية الجديدة و الايديولوجية التي تستند اليها هذه السياسة و خاصة اذا عرفنا ان السياسة الخارجية للحكومة الشبه اسلامية لحزب العدالة كانت ضعيفة بادئ الامر. كتابه " العمق الاستراتيجي" الذي حاز على سمعة عالمية و ترجم الى العديد من اللغات الاجنبية كانت السبب وراء دوره المتزايد و سمعته الدولية.
أحد طلابه، بهلول اوزكان، و الذي أخذ على عاتقه المهمة المؤلمة و هي إسقاط او تسقيط الاسطورة التي نسجت حول كتاب "العمق الاستراتيجي" كان قد قرأ و حللً كل مقال وكل سطر منشور للسيد أوغلوا، و حاز لقب مختص في شؤون أوغلوا، كتب مقالاً مهماً في دورية ( سرفيفال) و هي احدى دوريات المعهد الدولي للدراسات الامنية البريطاني تحت عنوان " تركيا، أوغلوا و فكرة الاسلامية العالمية"، و تبعه مقال آخر نشر في النيوزويك الامريكية تحت عنوان " اوغلوا و تركيا و الفانتازيا الامبريالية". المقتطفات التالية في مقالات اوزكان تستحق التأمل:
التصريحات التي كان يدلي بها السيد اوغلوا في قاعات التدريس تبدوا اشبه ما تكون بقصص الحواري اكثر من كونها تحليلات سياسية... لقد كان السيد اوغلوا واثقاً من أنَ رؤيته ستتمكن من تحويل الدولة التي كان ممزقة بسبب حربها مع الكورد و التضخم الاقتصادي الرهيب، الى قوة عالمية. لقد بلور هذه الافكار في كتابه العمق الاستراتيجي في عام 2001، أي قبل عام من وصول حزب العدالة و التنمية الى الحكم في تركيا. في كتابه، عرًف تركيا، بالامة التي لا تقرأ التاريخ، و لكنها تكتبه، الامة التي لا تقع على اطراف الغرب، بل تقع في مركز الحضارة الاسلامية.
يرى السيد اوغلوا نفسه المنظر العظيم في قيادة بلاده لانه بحث وأبحر فيما سماه ب " نهر التاريخ". ...
و لكن السيد أوغلوا ليس بالعثماني الجديد و هو اللقب الذي طالما اطلق عليه. إنه اسلامي شامل. انه يعتقد انه على تركيا النظر الى الماضي و تبني القيم و المؤسسات الاسلامية. ...
"استناداً الى السيد اوغلوا، ان الدول التي نشأت بعد تمزق الامبراطورية العثمانية هي دول اصطناعية و انه يجب على تركيا الان ان تسيطر على المجال الحيوي الخاص بها و هو مصطلح يكرره اوغلوا مراراً و دون حياء او اعتذار من هذه الدول. وبسيطرة و احتواء تركيا للدول التي تشكل مجالها الحيوي، فانها ستتمكن من تحقيق الاندماج و التكامل الاقتصادي و الثقافي للعالم الاسلامي بقيادة تركيا".
و بما ان السيد اوغلوا لم يعد موجوداً في الجوار، فإنه من غير المحتمل ان يدخل في دوريات التاريخ كأحد "اكبر الايديولوجيين الاسلاميين". " الاحتمال الأكثر واقعيةً، هو ان أفول نجمه السياسي يعني ان الفانتازيا الامبريالية التركية قد شارفت على الانتهاء هي الاخرى.
هل هناك اية طريقة اخرى لعودة السيد اوغلوا؟ و هل سقوطه سيحدث شقاً او شرخاً كبيراً في قوة حزب العدالة و التنمية الاردوغاني و شرارة لبدء عملية جديدة لمناهضة و تحدي الدور الدكتاتوري المتزايد الذي بات يلعبه اردوغان في الساحة السياسية التركية؟
الجواب لا. لأن السيد اوغلوا وقع في شر الاعمال و الافعال الخاطئة التي قام بها حزب العدالة و التنمية الاردوغاني و لعب دوراُ رئيسياً في ارتكاب هذه الاخطاء. انه يغادر المشهد من موقع الضعف بشكل يستحيل عليه العودة الى نفس المشهد ثانيةً. و حتى لو فرضنا جدلاً، ان بإمكانه العودة، فإنه من غير المحتمل ان تكون عودته محمودة و ذات فائدة.



كما ان السيد اوغلوا ليس اسماً جذاباً بعد الآن للسيد عبدالله غول، معلمه السابق، او لأيٍ من القادة السابقين لحزب العدالة و التنمية و الذين هم حالياً غير مرغوبين من قبل اردوغان. انهم يرون في السيد اوغلوا، الشخص الذي هجرهم ووقف الى جانب اردوغان ضدهم.
السيد اوغلوا ليست لديه قاعدة انتخابية في حزب العدالة و التنمية و لهذا فان مغادرته للحزب ستكون سهلة و غير ذات تكلفة على الحزب. انه سيدخل " هيكل او معبد او مدفن الجثث السياسية" مع الذين كانوا يوماً ما، اسماءاً كبيرة في حزب العدالة و التنمية.
الامر الاكثر تراجيديةً للسيد اوغلوا هو انه و على الرغم من الغضب و التذمر المتزايد حول اسم السيد أردوغان، فإنَ عدد المشيعين او الذين في حالة حداد بسبب سقوط اوغلوا ليسوا كثراً ايضاً.



#عبدالله_جاسم_ريكاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يحتاج الشرق الاوسط الى حدود جديدة؟
- داعش تستخدم السلاح الكيمياوي ضد الكورد، أين هي المساعدة الام ...
- من زواج متعة الى طلاق طويل: كيف ساءت العلاقات الامريكية السع ...
- من الذي يحاول اسقاط العبادي: الايرانيون أم الأمريكان و لماذا ...
- هل يمكن هزيمة داعش بدون الكورد
- في تركيا- السعيد من كان تركياً و التعيس من كان كوردياً
- فانتازی-;-ا العثمانيە-;- الجدی-;-دة و تاثي ...
- اليمنيون لا بواكي عليهم رغم آلاف الضحايا و المشردين
- هل ستلعب امريكا دور القابلة المأذونة لتوليد دولة كوردية؟
- هل سنشهد نهاية قريبة لداعش؟
- عندما يصبح السيد أوغلو سمساراً لبيع و شراء اللاجئين مع اوروب ...
- دول منظمة التعاون الاسلامي و تحديات المياه الحالية و المستقب ...
- مصادر الطاقة و السياسة في الشرق الاوسط
- لماذا تسعى المنظمات الارهابية الى امتلاك اسلحة الدمار الشامل
- هل فقدت انقرة بوصلتها السياسية؟
- التحديات التي تواجه حكومة اقليم كوردستان
- تركيا لم تعد أمة واحدة: الاستقطاب المجتمعي في عهد أردوغان
- هل يتجه اقليم كوردستان نحو الافلاس؟
- جناية اردوغان على التعليم في تركيا
- بناء الدولة في اقليم كوردستان-العراق


المزيد.....




- هل قررت قطر إغلاق مكتب حماس في الدوحة؟ المتحدث باسم الخارجية ...
- لبنان - 49 عاما بعد اندلاع الحرب الأهلية: هل من سلم أهلي في ...
- القضاء الفرنسي يستدعي مجموعة من النواب الداعمين لفلسطين بتهم ...
- رئيسي من باكستان: إذا هاجمت إسرائيل أراضينا فلن يتبقى منها ش ...
- -تهجرت عام 1948، ولن أتهجر مرة أخرى-
- بعد سلسلة من الزلازل.. استمرار عمليات إزالة الأنقاض في تايوا ...
- الجيش الإسرائيلي ينفي ادعاءات بدفن جثث فلسطينيين في غزة
- علييف: باكو ويريفان أقرب من أي وقت مضى إلى اتفاق السلام
- -تجارة باسم الدين-.. حقوقيات مغربيات ينتقدن تطبيق -الزواج ال ...
- لأول مرة.. الجيش الروسي يدمر نظام صواريخ مضادة للطائرات MIM- ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله جاسم ريكاني - أوغلوا أصبح جزءاً من الماضي: التضحية برأسه قرباناً للسلطان!