عمر زياد
الحوار المتمدن-العدد: 5156 - 2016 / 5 / 8 - 02:10
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
لما كانت الجماعة على الدوام في حدود اللاشعور تتأثر بالسهولة من جميع المؤثرات وذات إحساس قوي كإحساس الأشخاص الذين لاتمكنهم الاستعانة بالعقل،كان من شأنها أن تكون سريعة التصديق سهلة الأعتقاد فهي لاتعرف الغير المعقول ،وهذا هو سر في سرعة أنتشار الأساطير والخرافات الدينية التي تخرج عن حد المعقول،ثم إن سرعة التصديق ليس هو السبب الوحيد بل هناك سبب أخر وهو التشويه ، إذ تكون الواقعة بسيطة للغاية فتنقلب صورتها في خيال الجماعة بلا إبطاء لأن الجماعة تفكر بواسطة التخيلات،وكل تخيل يجر إلى تخيلات ليس بينها وبينه أدنى علاقة معقولة ،وإنا لندرك هذه الحال بمجرد ذكرنا ما قد يتوارد علينا من الأفكار الغريبة لمجرد تخيلنا واقعة من الوقائع،والفرق بيننا وبين الجماعة أن العقل يرشدنا إلى ما بين هذه التخيلات وبعضها من التنافر والتباين ، ولكن ليس في قدرة الجماعة أن تصل إلى مثل هذا التمييز ، فهي لاتفرق بين الشئ وما يرمى إليه،بل هي تقبل جميع الخيالات التي تعرض،ولكن يجب أن نقول في هذا الصدد أن الجماعة تختلف عن الجماعة في تصديق الأساطير لأن أمزجة الأفراد الذي تتكون هي منهم مختلفة،وآن الآوان أن أبين بعض الحوادث التاريخية،لأنني لا أريد أن أترك القارئ أمام قضايا لا دليل عليها.
وأبدأ برواية واقعة من أظهر الأدلة في موضوعنا لأنها واقعة خيال أعتقدته جماعة ضمنت إلى صفوفها من الأفراد صنوفآ وأنواعآ ما بين جاهل غبي وعالم ألمعي! رواها ربان السفينة جوليان فيليكس في كتابه ،وسبق نشرها في (المجلة العلمية)قال:كانت المدرعة (لابيل بول)تبحث في البحر على الباخرة (بيرسو)،وبينما هي سائرة إذا بالرائد يشير إلى زورق يساوره الغرق،فشخص رجال السفينة إلى الجهة التي أشير إليها ورأوا جميعآ زورقآ مشحونآ تخفق عليا أعلام البأس والشدة،كل ذلك كان خيالآ!!!
لأن حتى إذ وصلوا المرسى وجدوه أغصان أشجار مغطاة بأوراق قطعت من الشاطئ القريب،وإذ تجلت الحقيقة غاب الخيال.
هذا المثال يوضح لنا عمل الخيال الذي يتولد في الجماعة بحال لاتحمل الشك ولا الإبهام كما قررناه من قبل.
بقلم...عمر زياد
#عمر_زياد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟