أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شاهين - أديب في الجنة (73) * الخالق بين التنزيه والتشبيه وقوانين الخلق !















المزيد.....

أديب في الجنة (73) * الخالق بين التنزيه والتشبيه وقوانين الخلق !


محمود شاهين
روائي

(Mahmoud Shahin)


الحوار المتمدن-العدد: 5152 - 2016 / 5 / 4 - 22:22
المحور: الادب والفن
    


أديب في الجنة (73)
* الخالق بين التنزيه والتشبيه وقوانين الخلق !
بعيدا عن الملكة نور السماء الغارقة في محبتها وفرحتها بسحب السماوات والحورية ملكة الجمال التي أحضرتها له مع وصيفتيها ، اقترح الملك لقمان على الإمبراطور أن يذهبا في نزهة جبلية ، لتشوق الملك إلى الجبال حيث عاش طفولته في ضواحي القدس سارحا مع قطيع أغنام .اصطحبه الإمبراطور إلى أعلى قمة جبليه مطلة على هضاب وجبال تكسوها الأشجار المختلفة ، فيما ذهبت الإمبراطورة إلى الملكة نور السماء لتملأ عينيها من حسن سحب السماوات وحورياته .
وهما يجلسان إلى جذع شجرة بطم عملاقة كانت تشرئب بأغصانها وترسلها في كافة الإتجاهات ،سأل الإمبراطور الملك في محاولة لتوضيح واستيعاب ما سبق وأن تطرق إليه :
- فهمت من جلالتك أن القائم بالخلق موجود في الخلق نفسه وأن وجوده مشروط ببقاء الخلق ، فإذا ما انتفى الخلق انتفى وجوده ، إذ في هذه الحال لن يكون هناك إلا العدم ويستحيل أن يكون ثمة وجود في العدم .
- كلام سليم جلالتك .
- وفي الإمكان القول أن الهيولى البدئية التي بدأ بها الخلق منذ أربعة عشر مليارعام ما تزال تخلق نفسها بنفسها لنفسها وتطور نفسها بنفسها دون أن تصل إلى كمال ما تطمح إليه .
- صحيح .
- ألا تظن جلالتك أن لديها تصورا لهذا الكمال ؟
- ممكن أن يكون تصورا غير مجلو أو غير متضح ، فالكمال المطلق ليس من السهل تخيله . فلا أظن أن الشكل الحالي للإنسان سيتوقف على ما هو عليه إضافة إلى النظم الإجتماعية والكيانات التي أوجدها التي ما تزال بعيدة كل البعد عن أي كمال .
- أليس في الإمكان تنزيه القائم بالخلق عن الخلق نفسه ؟
- لقد نزهته بعض المعتقدات حين اعتبرته إلها ، بل واعتبرت أن في مقدوره أن يبقى وحده دون خلق لو أراد ذلك ، كأن يبقى جالسا على عرشه السماوي !
- وجلالتك ؟
- أنا لم أنزهة إلا مجازا بمفردة لغوية استعرتها من لغة بشرية هي الخالق أو الله دون أن أجزم أنه يعتبر نفسه إلها . يمكن أنه يعتبر نفسه خالقا . إذا كان الوجود مكونا من مادة وطاقة فليس في الإمكان عزل المادة عن الطاقة أو العكس ، والخالق ليس خارج المادة والطاقة ،المادة بكل تجلياتها والطاقة بكل ما هو مدرك منها وما هو غير مدرك حتى اليوم من قبل العقل البشري .
- ماذا يمكن أن تكون الطاقة غير المدركة حتى اليوم من قبل البشر ؟
- في الغالب هناك أكثر من طاقة لكن الأهم هو طاقة الخلق ، فهي لم ولن تكتشف بسهولة ، لأن ما تم نسج خيوطه المعقدة خلال أربعة عشر مليارا من الأعوام قد يحتاج إلى مليارات الأعوام لاكتشافه . هناك طاقة اكتشفها العلماء تسري في الكون كله وتحيط بالأجسام كلها لكنهم لم يكتشفوا ماهيتها . اعتبرتها أنا طاقة الخلق.
- هل المعتقدات التي رأت أن للخالق - إذا جاز التعبير- عرشا قد شبهته بكائن ما أو قدمت تصورا له ؟
- بعضها شبهه بالإنسان !
- وجلالتك بماذا تشبهه ؟
- بالوجود كله وما فيه ، فهو كل شيء وكل شيء هو ! ولا يجوز لشيء بعينه أو كائن بعينه أن يقول أنه القائم بالخلق أو أنه الخالق . فالجميع خالق والجميع مخلوق . من هنا يأتي تكامل عملية الخلق بين الخالق والمخلوق أو بين الطاقة والمادة . فكل كائن بحد ذاته يقوم بعملية خلق ذاتية مقررة له موظفا طاقة الخلق السارية فيه ، كالعنكبوت الذي يقوم ببناء عشه ونسج خيوط شبكته بغاية الدقة .
- وماذا عن وجود العنكبوت بحد ذاته كيف نشأ ، وكيف نشأت كائنات ضارة وكائنات نافعة ، وكيف يمكن أن يكون الخالق في كائنات ضارة وكائنات نافعة ؟
أدرك الملك أن الإمبراطور بدأ يدخل في الأسئلة المعقدة التي أعجزت العقل البشري ! قال بعض لحظة تفكير :
- سأبدأ بإجابة جلالتك من الآخر،وبطرح السؤال التالي ؟
- ألا يتكون العنكبوت من مادة وطاقة ؟
- بلى !
- وألم أقل أنا أن الخالق مادة وطاقة ؟ طاقة تتمظهر وتتجلى في مادة ، ومادة تتحول إلى طاقة ، أو ينتج عنها طاقة ؟
- صحيح !
- إذن لماذا لا يكون الخالق موجودا في العنكبوت كما هو في كل شيء؟
- وماذا عن النشأة ؟
- تعرف جلالتك كم مليارات الأعوام التي دامت قبل نشوء الحياة ؟
- أجل .
- وتعلم جلالتك أن كل عنصر كيميائي في الطبيعة يتكون من ذرات متشابهة تختلف عن بعضها في عدد جسيمات البروتونات والالكترونات ،وأن ذرات هذه العناصرهي أبسط مكونات الكائن الحي. تشترك جميع الكائنات من البكتيريا إلى الإنسان في ستة عناصر أساسية هي : الكربون ، الهيدروجين ، النيتروجين ، الأكسجين ، الفسفور ، الكبريت . طاقة الخلق أو الخالق إن شئت وضع قوانين ومعادلات لهذه العناصر وغيرها في المادة، أي في التراب أو الأرض بشكل عام . تواجد هذه العناصر يكون بنسب متفاوته في كل مكان . لنأخذ مثلا مجاري المياه في المدن حيث تنشأ كائنات ضارة . فالمعادلة مثلا تنص على أن نسبة كذا من عنصركذا وتفاعله مع عنصركذا، ألخ.. ينشأ عنها خلق ما، ليس بالضرورة أن يكون هذا الخلق معروفا مسبقا أو أن يكون ضارا أو نافعا . القاعدة متعلقة بنسبة العناصر في المادة وتنوعاتها . فنحن نجد أن ثمة فيروسات تظهر وتسبب أمراضا للبشر وتطور نفسها بنفسها وتقاوم حتى الأدوية ،فيضطر الناس إلى البحث عن دواء جديد فعال .. إذن يمكن تلخيص المسألة في أن كل عنصر في الطبيعة قد وضع له عبر مليارات الأعوام قوانين ومعادلات محددة حسب نسبة ما يحويه من مواد وتفاعله مع عناصر أخرى حسب نسب المواد فيه وتنوعها . ولا شك أن هذه القوانين تتطور وتطور نفسها بنفسها بفعل طاقة الخلق السارية في الكون . ويمكن القول أن التحكم المطلق في نسب المواد في العناصرحتى اليوم غير متوفر، كما أن التحكم في العناصر نفسها غير ممكن نتيجة لما تفرزه الكائنات من مخلفات وبشكل خاص البشر ، حيث تختلط مخلفات قذرة ومواد كيماوية ضارة بالتربة فتلوث البيئة وتنشئ كائنات ضارة .
- هل في الإمكان القول أن التوصل لخلق الكائن الذي جاء منه الإنسان قد تأخر كثيرا مقارنة بخلق الكائنات الحية الأخرى ؟
- أكيد فالإنسان احتاج إلى توفر عناصر كثيرة . الكائن البدائي الأقرب إلى البشر قد لا يتجاوز عمره ستة ملايين عام .
- ماذا لو دخلنا في قوانين ومعادلات التوريث !
- بعد أن يخلق الكائن تدون مورثاته في مادته حتى لا تتم العودة إلى الصفر ، فلولا تدوين المورثات لكان تطور الكائنات أكثر تعقيدا . فكل القوانين والمعادلات الأولى التي خلق منها الكائن الأول تنتقل إلى خلفه ،وخلفه بدوره يكسبها تطورا ،وهكذا ..
- وهكذا تدخلنا جلالتكم في تطور الكائنات كيف تتطور ؟
- تحدثنا لجلالتكم عن الغاية البدائية التي كانت منذ البدء في الهيولى البدئية . والغاية نتاج رغبة ، أو هي بحد ذاتها رغبة ، فكل كائن يحمل في ذاته رغبه لأن يكون أجمل وأرقى وإلا لما ارتقى الإنسان إلى ما هو عليه ولما ارتقى كائن . الكائنات تؤثر في بعضها وتتأثر وحين يرى كائن أن كائنا آخر أجمل منه مثلا يحاول أن يرقى بجماله فيحدث في من يخلفه ، ليس بالضرورة أن يكون واعيا تماما للأمر ، رغم أن المورثات لا تفوت أي رغبات يمكن أن تراود كائنا وهو يتأمل جمال كائن أجمل منه . وقد تسألني جلالتكم . هل تتأثر النباتات بالنباتات والورود بالورود والأشجار بالأشجار وحتى التفاح بفاكهة ما مثلا ؟ أقول : أجل يا عزيزي هذا ما أعتقده ، فكل الكائنات الحية تؤثر بعضها ببعض ، ولولا تلك الرغبات وذلك التأثر لما رأيت هذا التنوع في الخلق ،تأمل الورد ، كل نوع منه يكاد يتفوق على نوع آخر أو أنواع أخرى بجماله. يوجد لدى بعض النساء الحوامل في بعض المجتمعات اعتقاد أن المرأة إذا توحمت ( اشتهت ) شيئا ما قد يترك أثرا يظهر في مولودها. إنها عملية التطور التي لا تتوقف ولن تتوقف إلى ما لا نهاية ، إلى أن تبلغ عملية الخلق كمالا ما قد يحتاج إلى إعادة نظر في قوانين الطبيعة أو الخلق إن شئت .
- جلالتك لا تكاد تميز بين الطبيعة والخالق والخلق !
- هذا صحيح ، فالطبيعة هي الخلق والخالق !
- أشكر جلالتكم . يكفي لهذا اليوم .
****
يتبع



#محمود_شاهين (هاشتاغ)       Mahmoud_Shahin#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- * في الخلق الخالق . وفي المادة والطاقة ! شاهينيات 1185
- أديب في الجنة (72) * هول التكهنات وسحر المعجزات في شخصية سحب ...
- أديب في الجنة (71) * معجزة المعجزات في ولادة ونمو- سحب السما ...
- أديب في الجنة (70) * الرقص المسحور في تجليات الملك شمنهور !!
- المشاركة غير ممكنة على الفيس!
- أديب في الجنة (69) * الملك لقمان يعد الملكة بطفل معجزة !
- أديب في الجنة (68) * المعراج السماوي والحلول في الذات الإلهي ...
- أديب في الجنة (67) * رؤيا الملك لقمان بالحلول في الذات الإله ...
- أديب في الجنة (66) ليلة حلبية مغمسة بدموع الملك لقمان !
- أديب في الجنة (65) * اختلاط الجن بالإنس !
- وجود خالق مشروط بوجود خلق ! شاهينيات 1179
- أديب في الجنة (64) * حوريات عربيات يسبحن في أعماق محيط في ال ...
- أديب في الجنة (63) * لو آمنت البشرية بالمحبة الإنسانية وحدها ...
- أديب في الجنة (62) * الإمبراطور يتمتع بتذوق طعم القُبل !
- أديب في الجنة (61) * حُب وقُبل ما بعد الموت !!
- أديب في الجنة (60) * سحر الألوهة المؤنثة لربة الجمال يتجلى ر ...
- بين الحالمين بحور العين والحالمين بالإنسان السوبر !
- أديب في الجنة (59) * النهود الجامحات العابثات الدانيات !
- أديب في الجنة 58 * تجليات إعجازية للخالق والخلق !
- أديب في الجنة . الجزء الأول.


المزيد.....




- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شاهين - أديب في الجنة (73) * الخالق بين التنزيه والتشبيه وقوانين الخلق !