أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماجد احمد الزاملي - الشرعية السياسية والتحول الديمقراطي















المزيد.....

الشرعية السياسية والتحول الديمقراطي


ماجد احمد الزاملي
باحث حر -الدنمارك

(Majid Ahmad Alzamli)


الحوار المتمدن-العدد: 5152 - 2016 / 5 / 4 - 19:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الشرعية السياسية والتحول الديمقراطي
جوهر الشرعية لا يمكن فرضه بالسطوة والرهبة حتى لو تحججنا بالقوانين المكتوبة وبالدساتير ، ومن هذا المنطلق فإن الأنظمة غير الشرعية ، أو التي انتفت شرعيتها نتيجة لممارسات غير قانونية تسارع عادة إلي تعليق الدساتير وتلجأ إلي العمل بالأحكام العرفية ، وهو اعتراف صريح من جانب تلك الأنظمة بأن قانونيتها مع ما هي عليه من شكلية لم تعد مبررا كافيا لممارسة السلطة. كما لم يعد مبررا أن يتم في إطار ممارسة السلطة أن يبقى مبدأ تفضيل الموالين للنظام الحاكم في مواجهة الإصلاحيين وأهل الخبرة هو الأساس الذي يتم وفقا له ممارسة السلطة وتكريسها لصالح فرد ما أو نخبة ما، وفي مقابل ذلك يكون لهؤلاء مصلحة في بقاء واستمرار الطغمة الحاكمة رغم انتفاء الشرعية عنها، وهو ما يدفعهم إلي المشاركة و الدفاع عن سياسات وممارسات الترهيب وقمع الجماهير ، كما أنها تتولى الترويج لمنجزات النظام الحاكم وافتعال الأزمات الداخلية والخارجية لتبرير التقاعس والفشل، بمعني أنهم يقومون بالدور الأساسي في تبرير وفرض وسائل شرعيتها من خلال مؤسسات الدولة المتعددة كأجهزة الإعلام والأمن وغيرها.
يمكن التعامل مع أزمة الشرعية علي مستويين رئيسيين يعبران عن جوهر تلك المشكلة يرتبط أولهما بما يعرف بأزمة الشرعية السياسية، والتي ترتبط ارتباطا وثيقا بكثير من القضايا المتعلقة ببناء الدولة كمشكلات التحول الاجتماعي والتطور الاقتصادي وقضايا الديموقراطية وغيرها، كما أشار ماكس فيبر بإقراره أن النظام الحاكم يكتسب شرعيته من شعور المحكومين بأحقيته وجدارته في الحكم ، وأنه دون الشرعية يصعب علي أي نظام حاكم أن يملك القدرة الضرورية علي إدارة الصراع بالدرجة اللازمة في المدى البعيد، ومن ثم يبقي جوهر الشرعية متمثلاً في ضرورة رضا وقبول المحكومين وليس إذعانهم لفرد أو نخبة في أن يمارسوا السلطة عليهم.
الأنظمة السلطوية بقيت تعاني من فقدان الشرعية السياسية بدرجات متفاوتة تصل في بعضها إلي مستوي الأزمة الحقيقية، وتتجسد في فقدان الثقة بينها وبين المواطنين وانعدام الثقة والمصداقية في قدرتها علي إيجاد الحلول المناسبة للمشكلات الأساسية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، كما لم تتيح تلك الأنظمة للمواطنون الفرصة للتعبير السلمي عن الاضطهاد الذي يتعرضون له ولا تلبية رغباتهم في تغيير القيادات الفاسدة وغير المقبولة شعبيا.
و أزمة الشرعية السياسية قد تلازمت مع ما يعرف بأزمة الشرعية الدولية والتي تعني قبول ورضا المجتمع الدولي عن دولة متخلفة ما، لقد أسهم في تنامي تلك الأزمة انتهاء الحرب الباردة وانهيار القطبية الثنائية، حيث دأبت الدول المانحة الأوروبية والأمريكية وعلي رأسها الولايات المتحدة في إطار سعيها لتكريس هيمنتها و التدخل في الشؤون الداخلية للدول ، سواء بشكل مباشر , في محاولة لتشويه صورة الدول المتخلفة أمام المجتمع الدولي وإظهارها في وضع الدول الخارجة عن المجتمع الدولي وحرصت في ذات الوقت على دفع مجلس الأمن الدولي لفرض عقوبات عليها ، أو قيام الولايات المتحدة بأعمال عدوانية علي تلك الدول متذرعة بذرائع مختلقة وواهية ومنها أنها تدعم الإرهاب ، أو أنها نظم غير ديموقراطية وغير ذلك من الذرائع التي تتستر وراءها لإضفاء المشروعية علي سياساتها وممارساتها العدوانية تجاه العديد من الدول, وفي إطار استراتيجيتها للهيمنة والسيطرة. ومن ثم فإن الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة وحلفائها علي الدول تحت غطاء الشرعية الدولية، ومن أجل إحداث التحولات السياسية والاقتصادية، وإن كان في ظاهرها الإصلاح ، إلا أن الواقع يشير إلي أن الهدف الأساسي من وراء ذلك ، هو إيجاد لغة تخاطب وآلية سياسية واقتصادية واحدة بينها وبين تلك الدول بحيث تتيح لها فرصة وحرية التدخل وإحكام سيطرتها علي قدراتها ومواردها.
عدم الاستقرار السياسي يؤدى إلى زعزعة الأمن داخل الدول ويعد مصدر تهديد مباشر للنظام الحاكم ويعد أيضا مؤشرا على التدهور السياسي ويلاحظ أن الحركات الوطنية في ظل الحكم الاستبدادي او الاستعماري لم تضع الأسس الكافية من أجل الدول لفترة ما بعد الديكتاتورية او الاستقلال أو أن أنظمة الحكم لفترة ما بعد الاستقلال تولت الإلغاء للإجراءات الحديثة الموضوعة قبل سقوط الانظمة الديكتاتورية او قبل الاستقلال وخصوصا فيما يتعلق بعمليات بناء الأمة, الشرعية , تحقيق الذات, النفوذ, المشاركة, التوزيع, الاندماج وغيرها. . أن تغييرات الحكم وحالة عدم الاستقرار تعكس حالة من الانحراف السياسي من مسار ما قبل الاستقلال الذي كان يركز على إنهاء الاستعمار وترسيخ الاستقلال والاهتمام بالأمور المتعلقة بالتنمية الشاملة والانشغال بتركيز السلطة والتشبث برموزها وبمصالح النخبة الحاكمة. ومن ثم فقد بات مستقرا في أذهان المواطنين من ناحية ، والحكام من ناحية أخري في الدول التي عانت من الديكتاتورية او الاستعمار أن المخرج من حالة عدم الاستقرار والعنف المتفشية في دولها لن يكون سوي بإعادة النظر في السياسات والممارسات المتعلقة بالديموقراطية وضرورة المشاركة السياسية لجميع القوي داخل تلك الدول .
الديمقراطية لا تنمو ولا تستمر إلا عقب التنمية الاقتصادية التى تؤدى إلى تماسك اجتماعى يخلق ولاء وطنيا يعلو فوق الولاءات دون الوطنية. بروز الظاهرة الديمقراطية فى أوروبا قد تواكب مع ظهور , الثورة الصناعية ، قيام الدول القومية ، والعملية الاستعمارية ، ولم يكن للديمقراطية ولا للثورة الصناعية الاستقرار ولا الاستمرار بدون الاستعمار للدول الذى قادته الدولة القومية ، لأن الثورة الصناعية كانت فى حاجة أسواق خارجية ، وإلى مواد خام ، لكي تستقر النظم السياسية فى أوروبا ، والتى اعتمدت الديمقراطية أسلوبا للحكم ، كان لابد لها أن تزيد من قدرتها المادية من سلب ونهب ثروات الشعوب, لكي تزيد قدرتها التوزيعية لترضي مطالب شعوبها ، وبدون نهب ثروات الشعوب لما استقرت الديمقراطية ولا استمرت في جميع دول القارة الاوربية، مثلا أن كلا من ألمانيا وإيطاليا اللتان تحققت الوحدة القومية لكل منهما أواخر القرن التاسع عشر ، فهما دخلتا العملية الاستعمارية متأخرتين عن الدول الاستعمارية الأخرى (فرنسا-بريطانيا) فلم تجدا مستعمرات ذات ثروات , وقد أدى ذلك إلى سقوط التجربة الديمقراطية فى كليهما بصعود النازية والفاشية . بل إن دولا استعمارية قديمة كأسبانيا والبرتغال ,ونتيجة لفقر مستعمراتهما, بقيتا تحكمان بأساليب شمولية حتى سبعينيات القرن الماضى ، ولم يكن بالإمكان الحفاظ على أوروبا الغربية ، واعادة بنائها الديمقراطى عقب الحرب العالمية الثانية الا بمشروع مارشال الذى ضخ مليارات الدولارات لجعل النظم فى أوروبا الغربية قادرة على تحقيق الحد الأدنى من مطالب مختلف الجماعات فى الدول الأوروبية. التجربة الغربية تؤكد إلى أن الديمقراطية لم تبرز فى أوروبا الا عقب الثورة الصناعية بما استتبعها من تحضر وتعليم حديث ، وجهاز إدارى حديث ، أسفر عن "نتائج اجتماعية" تمثلت فى تفاعل مختلف جماعات المجتمع ، بشكل أدى إلى ظهور " ولاء وطنى " مشترك تخطى الولاءات الأثنية والدينية والإقليمية والثقافية . بمعنى ضرورة وجود قاعدة اقتصادية / صناعية، حتى يمكن الحديث عن الديمقراطية في مجتمعات بلدان العالم الثالث .
برزت قضية الديمقراطية باعتبارها محور أزمة التطور السياسي في البلدان التي استقلت حديثا أو البلدان التي كانت ترزح تحت انظمة استبدادية , بعد أن فشلت استراتيجيات التنمية التي تبنتها الحكومات التسلطية في تحقيق المهام السياسية التي حددتها , وبدلا من الوصول بالمجتمع إلى حالة من الوحدة والتجانس دفعت به إلى حالة الانقسام والتمايز العرقي, وبدلا من تحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية, عملت على نشر الفساد وعدم المساواة في المجتمع, وبدلا من تحقيق التنمية الاقتصادية عززت الكساد المادي والانحراف وبدلا من تأسيس أنظمة سياسية فعاله خلقت توجهات انفصالية وانقلابات عسكرية وحروب أهلية بما أدى إلى بقاء المجتمعات والشعوب رهينة الأزمة الدائمة, والتي يعزى السبب في تكوينها والإبقاء عليها إلى غياب الديمقراطية, ذلك أن التحول الديمقراطي لا يعكس فقط الجوانب النظرية والأخلاقية التي تقف وراء البحث عن بديل للمأزق السلطوي القائم وإنما يعكس كذلك المطالب الشعبية الملحة من أجل التغيير. و ينبغي التركيز في هذا الشأن على ضرورة وأهمية العلاقات المتداخلة والمشتركة بين المجالات الاقتصادية والتعددية السياسية والتجارب الديمقراطية فالمساواة مثلا ليست فقط بين الجماعات الإثنية والطائفية ولكن أيضا فيما بين الطبقات الاجتماعية ، كما أن التكاليف السياسية للفشل الاقتصادي تكون كبيرة وقد تؤدى إلى انهيار أنظمة سياسية بكاملها وهو ما يمكن ملاحظته في أنحاء عديدة في دول العالم النامي.



#ماجد_احمد_الزاملي (هاشتاغ)       Majid_Ahmad_Alzamli#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التصدي للفساد بجميع انواعه
- مواجهة الارهاب
- الفترة الانتقالية ما بعد انهيار الديكتاتورية
- التنمية البشرية وادارة رأس المال المالي
- افة الفساد لاتقل شأنا عن جريمة ألإرهاب
- العجز في اقتصاديات دول الجنوب وعدم القدرة على تجاوز الازمات
- السياسة الجنائية الحديثة لمعالجة الانحراف والاجرام
- حكم القانون في ظل الانظمة السياسية الديمقراطية
- تفشي الاجرام المنظم في العراق والعالم
- قراءة لمستقبل الدولة العراقية في ظل الاوضاع الامنية والاقتصا ...
- الكفاح المسلح كطريق للتحرر الوطني
- المخططات الامريكية والغربية وراء فتح باب الهجرة
- داعموا ألإرهاب في العراق
- ماذا ينتظر السيد العبادي؟
- مشروع الشرق الاوسط الكبير والحدود الامنة لاسرائيل
- ألإستبداد وألإرهاب ليس بجديد على العراقيين
- تسيير السياسة النقدية
- ما بعد داعش
- اصل البراءة
- الدعوى العمومية


المزيد.....




- بعد جملة -بلّغ حتى محمد بن سلمان- المزعومة.. القبض على يمني ...
- تقارير عبرية ترجح أن تكر سبحة الاستقالات بالجيش الإسرائيلي
- عراقي يبدأ معركة قانونية ضد شركة -بريتيش بتروليوم- بسبب وفاة ...
- خليفة باثيلي..مهمة ثقيلة لإنهاء الوضع الراهن الخطير في ليبيا ...
- كيف تؤثر الحروب على نمو الأطفال
- الدفاع الروسية تعلن إسقاط 4 صواريخ أوكرانية فوق مقاطعة بيلغو ...
- مراسلتنا: مقتل شخص بغارة إسرائيلية استهدفت سيارة في منطقة ال ...
- تحالف Victorie يفيد بأنه تم استجواب ممثليه بعد عودتهم من موس ...
- مادورو: قرار الكونغرس الأمريكي بتقديم مساعدات عسكرية لأوكران ...
- تفاصيل مبادرة بالجنوب السوري لتطبيق القرار رقم 2254


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماجد احمد الزاملي - الشرعية السياسية والتحول الديمقراطي