أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عماد صلاح الدين - وهم الانتصارات ووهم القادة العظام















المزيد.....

وهم الانتصارات ووهم القادة العظام


عماد صلاح الدين

الحوار المتمدن-العدد: 5146 - 2016 / 4 / 28 - 11:43
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


لقد سبق لي في كتابات ومراجعات عديدة، أن أوضحت، بل وحاولت تأصيل مسألة غياب العقلانية عند الشعوب المتراجعة عن ركب الاستقلال الحقيقي والتطور والتقدم، ومن بينها المجتمع الفلسطيني ومجتمعات العالم العربي، ولقد تحدثت أن غياب العقلانية سببها غياب المنهجية التي من خلالها يصنع الإنسان ويُقام، ليكون فاعلا ومؤثرا في الحياة، ولقد قلت إن المنهجية لا بد وان تقوم على التفكير العلمي، الذي تغلب عليه النزعة المادية، في البحث والتحري والتحليل والتجريب، للوصول إلى نتائج معقولة وسليمة، في المسارات الإنسانية المختلفة.
وقلت – أيضا- انه لا بد من مسألة فصل الدين عن الدولة، أو تبني النموذج المخفف للعلمانية؛ وهي العلمانية الجزئية التي نادى بها الراحل الدكتور العالم عبد الوهاب المسيري رحمه الله؛ ذلك لان خلط الدين بالسياسة، يؤدي إلى اهانة وامتهان الدين نفسه، وجعله حالة من الخزعبلية والتهويمية الاتكالية الشاملة، وربما المتطرفة والإرهابية، ويجعله كذلك أداة سيئة لتقديم التبريرات والتفسيرات للجماعات والنظم المتطرفة، سواء كانت منها النظم السياسية المستبدة، أو حالات الاستعمار الكولونيالي، كما هو الحال بالنسبة للكيان الصهيوني أو حالة امبريالية ناهبة لثروات الأمم والشعوب، كما هو الحال مع الولايات المتحدة، أو دول عظمى كروسيا والصين الصاعدة بقوة، وغيرها من دول أوروبية.
كما أن السياسة بخلطها بالدين، تصبح سياسة استبدادية أو قامعة أو تطهيرية أو فارضة لتصور معين أحادي، وفي جزء كبير من هذا نجد الولايات المتحدة الأمريكية وعولمتها وما بعد ليبراليتها وما بعد حداثتها ونهاية التاريخ، لدى بعض منظريها ومفكريها، أو كنظم الردة العربية على ثوراتها الحديثة والشعبية، أو كحالة إسرائيل؛ وهي تتبنى المنظومة الدينية التزيفية من ادعاء كونها دولة يهودية، ودولة اليهود الخالصة.
وأشرت - من السابق- في أبحاثي ومقالاتي أن جعل الدين كمنظومة أخلاقية وقيمية مرجعية لكل تفصيلة وجانب حياتي معقد، خصوصا السياسي منه، يفقد الدين فاعليته كمحفز ودافع إيماني، نحو الانجاز والاحتمال والبحث الحثيث، لأجل صيانة وحماية إنسانية الإنسان وحياته وكرامته. هذا بشهادة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في قصة تأبير صحابته للنخل: أنتم أدرى واعلم بشؤون دنياكم. إنها الحياة والاجتماع وتعقيداتها واجتهاداتها لأجل الوصول إلى المصالح والنجاة الفردية والمجتمعية، وحين يدخل الدين بطريقة تفصيلية وتعقيدية، من خلال أحكام فقهية وتصورات حكمية، في جلها كانت لأقوام ومجتمعات أكل عليها الزمن وشرب، فانه يضع العقبات الكأداء أمام مسيرة النشاط والفاعلية الإنسانية، لا بل انه يمس صحيح السجية لديه كانسان، وبالتالي يخلق لديه حالة من الانحطاط الاجتماعي وأيضا الديني نفسه؛ حين يتحول الدين إلى حالة شعائرية مجردة عن كل أخلاق عملية، وتصبح هذه الشعائر طقوسا وتنقلب فيما بعد إلى أوثان، مما يخلق تناقضات خطيرة ومنفصمة ما بين ما يؤمن به الإنسان ويمارسه، وما بين ما يظنه طريقا للنجاح ويتوقعه، وبين الفشل المتتالي سلسلة بعد سلسلة، حتى يصبح يسأل أين الخلل؛ هل هو فينا جينيا أم في الدين، أم في المؤامرة علينا، أم في حظوظنا، أم أننا العرب عاطفيون والغرب عقلانيون؟؟ ولماذا نفشل نحن وهم ينجحون؟ وما إلى ذلك في هذا السياق. وكل هذا بالطبع خلق ولا يزال يخلق عندنا القابلية للفشل والهزيمة والانكسار وتسلط الشعوب والدول الأخرى علينا؛ بسرقة أراضينا واحتلالها وطردنا منها أو بنهب ثرواتنا ومقدراتنا، وجعلنا تحت السيطرة، بحيث لا نستطيع رفع رؤوسنا إلى أعلى للتطلع إلى أفق إبداعي إنساني ممكن وجديد، أو حتى لمجرد اللحاق بركب الناهضين من المجتمعات والأمم في الشمال والجنوب.
وفوق هذه القابلية للخسارة والهزيمة، التي لا تتوقف لدينا أيضا قابلية - ويساعدنا في ذلك مستهدفونا وأعداؤنا- في ادعاء وتصديق أننا دائما نخرج منتصرين، و هنا الأعداء تاليا وبعد عقود طويلة يشاركوننا في صناعة الأفلام والوثائقيات عن انتصاراتنا المرعبة والكاسحة، كما في فيلم عمر المختار الذي أخرجه لنا المرحوم مصطفى العقاد وآخرون غربيون وطليان. ولا اعرف ما قصد المرحوم العقاد وزملائه من هذا الفيلم الذي يُمجد انتصارات الثوار الليبيين في العقد الثاني والثالث من القرن العشرين، والكل يعرف انه تم القضاء على الثورة واحتلت ليبيا، وان انسحاب ايطاليا منها كان لأسباب تتعلق بالحربين العالميتين الأولى والثانية ونتائجهما على دول المحور، في مواجهة دول الحلفاء، والى تغيير في طريقة الاستعمار التقليدية إلى طريقة أكثر ناعمة، من خلال أدوات حكمية في المشرق والمغرب العربي، تابعة للمركزية الاستعمارية الغربية والأمريكية، ومن خلال جامعة الدول العربية صاحبة السبق في تحقيق الانجازات العربية الكبرى في الوحدة والتكاملية السياسية والاقتصادية والاجتماعية العربية!!!!!
ولا اعرف ما كل هذه الانجازية الهائلة للثوار والثورة الليبية المجيدة، التي كان عماد ثوارها وشعبها الظروف الصعبة في الفقر والجهل والمرض والتخلف والقبلية، كمخرج اخطر من ترهل الحالة العثمانية ككل، وأيلولتها إلى الانهيار والسقوط، ومن ثم توزيع تركتها بما فيها العرب والعالم العربي بين المنتصرين من الحلفاء الأوروبيين في الحرب العالمية الأولى. ولا اعرف كيف لا تقود هذه العظمة في الانتصار في الاستراتيجيا والتكتيك والشخوص والتنظيم والوعي في حركة الثورة الليبية قبل أكثر من تسعين عاما إلا إلى نظام ملكي سنوسي رجعي، ومن ثم إلى نظام أكثر تخلفا ورجعية وحتى جنونية؛ قاده مجنون اسمه معمر القذافي لأكثر من أربعين عاما، ومن ثمار هذا الانتصار والقدرة والوعي لدى الليبيين، أنهم صبروا على هذا المتخلف والمجنون والمريض نفسيا كل هذه المدة!!!!!
طبعا الانتصارات العربية والفلسطينية كثيرة وكثيرة جدا، فما قبل الاستقلال كنا ندرس في الكتب المدرسية عن انتصار الثورات في الجزائر ومصر وسوريا ولبنان وفي المشرق والمغرب العربي، وما بعد الاستقلال كنا أيضا ندرس عن القومية العربية الضاربة والمنتصرة على الإسرائيليين والغربيين والأمريكيين، أما النكبة والنكسة والحروب الأهلية العربية والفلسطينية القديمة والحديثة، فهذه فقط نتيجة عدم الاستعداد والجهوزية ونتيجة التأمر الفوق كوني علينا. ولا أريد أن أحدثكم عن انتصارات العراق الكبرى وانتحار الأمريكيين والغربيين على أسوار بغداد في عام 90، وفي عام 2003، أما نحن الفلسطينيين فكانت معركتنا ضخمة ومنتصرة في عام 1982 حين عاد الثوار إلى قواعدهم من لبنان إلى تونس سالمين عام 1982.
أما حصار الفلسطينيين وقتلهم بالقنابل والصواريخ في غزة جولة بعد جولة، وتوسع الاستيطان في القدس والضفة، إلى درجة تحولت فيها المدن والبلدات الفلسطينية إلى معازل مُحكمة الإغلاق، نتيجة لمخطط شارون بالانسحاب الأحادي الجانب من غزة عام 2005، وما مهد له لاحقا من اقتتال فلسطيني فلسطيني بين فتح وحماس على السلطة؛ فهذه أيضا انتصارات كبرى على إسرائيل؛ لدرجة أن إسرائيل حكومة وشبعا صارت في جلها يمينا متطرفا، تريد اليوم إعادة حلم إسرائيل الكبرى واقعا على ما تبقى من ارض فلسطين التاريخية. هذه الأوهام، والتفاقم في الأمراض الأخلاقية والاجتماعية، ومما هو حاصل على ارض الواقع، على مستوى الشعب الفلسطيني والشعوب العربية، يعني ما يلي :
1- هناك خلل بنيوي في قيامة الشخصية الفلسطينية والعربية المشوهة، بممارسة وثنية دينية، قُلبت فيها الشعائر إلى طقوس، ومن ثم إلى وثن. وهذا الخلل قائم ومستمر منذ قرون، وليس منذ عقود قريبة أو متوسطة.
2- غياب التفكير العلمي والمنهجي في بناء شخصية الإنسان الفاعلة، سواء في مواجهة احتلال والسعي إلى التحرير والاستقلال، أو في مواجهة أعباء النهوض لمجتمع ودول مستقلة بالاسم والشكل.
3- غياب العقلانية وسيادة الشخصانية والمزاجية، في النظر إلى وقائع وأحداث والى أشخاص بعينهم في الحالة العربية والفلسطينية؛ بحيث أن النظر أو محاولته في التقييم والفحص العلمي - بهذا الخصوص- محكومة بالأفق المغلق، والايديولوجيا المغلقة، والأحكام المسبقة، وحتى التجربة المغلقة والفاشلة. أو أنها محكومة بالخوف المجتمعي أو الاجتماعي وحتى الثقافي، في تحليل الوقائع والأحداث ونقد الأشخاص؛ بحيث تجعلنا ننظر إلى الهزيمة على أنها نصر، والى ما يعتورنا ويعتور نخبنا من ارتجالية وعدم أخلاقية وعلمية، على أنها بطولة وكاريزما وقدسية، لا يأتيها الباطل أبدا؛ وهذه نتيجة من نتائج حالة الشكلانية الدينية والاجتماعية، التي جعلتنا وثنيين في السلوك والممارسة الأخلاقية والثقافية والسياسية.
والله اعلم



#عماد_صلاح_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحطيم عبادة الأصنام العربية في الحالة المعاصرة
- يا وطني
- فلسطين: هل هي مشكلة الخيانة والفساد وتكفير الآخرين... أم ماذ ...
- في رثاء الشاعر والأديب الراحل كامل فؤاد الفارس
- هل رأس الفتاة أو المرأة عورة؟؟
- ما الذي يجعلهم يصبرون؟؟.....حياتان ومماتان!!
- قبل الحديث عن الوحدة الوطنية والمشروع الوطني الفلسطيني
- قضيتان لا تبقيان دنيا ولا دين في فضاء العرب!!
- الانحدار الخطير
- الدين باعتباره لا أيديولوجيا
- قسرية غياب النص في صورة شخصه الشاخص
- حتى ولو مات صاحب النص في الطريق!!
- صاحب النص يريد إرجاع نصه لوحده
- مظنة احتراق النص
- التفاؤل الحذر جدا جدا بمستقبل القضية والهوية الوطنية الفلسطي ...
- ما قصة التفويز بالجوائز والمسابقات والترضيات الإقليمية والعا ...
- كلام خطير في الفهم السياسي عن تشوه الحالة النضالية الفلسطيني ...
- كلام جميل في الرائع الجميل هيكل رحمه الله تعالى
- مشكلة مجتمع وليس مشكلة الدكتور عبد الستار قاسم وحده
- المشكلة أيضا فينا وليس في أوسلو وحده؟؟


المزيد.....




- فرنسا: الجمعية الوطنية تصادق على قانون يمنع التمييز على أساس ...
- مقتل 45 شخصا على الأقل في سقوط حافلة من على جسر في جنوب إفري ...
- جنرال أمريكي يوضح سبب عدم تزويد إسرائيل بكل الأسلحة التي طلب ...
- شاهد: إفطار مجاني للصائمين في طهران خلال شهر رمضان
- لافروف عن سيناريو -بوليتيكو- لعزل روسيا.. -ليحلموا.. ليس في ...
- روسيا تصنع غواصات نووية من جيل جديد
- الدفاع الأمريكية تكشف عن محادثات أولية بشأن تمويل -قوة لحفظ ...
- الجزائر تعلن إجلاء 45 طفلا فلسطينيا و6 جزائريين جرحى عبر مطا ...
- لافروف: الغرب يحاول إقناعنا بعدم ضلوع أوكرانيا في هجوم -كروك ...
- Vivo تكشف عن أحد أفضل الهواتف القابلة للطي (فيديو)


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عماد صلاح الدين - وهم الانتصارات ووهم القادة العظام