الكتابة الاكاديمية : نحو المزيد من الاهتمام

حارث سعيد الورد

الحوار المتمدن-العدد: 5144 - 2016 / 4 / 26 - 22:09
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    

تعـرف الكتابــة الأكاديميــة بأنهــا أســلوب ونســق لغــوي يتكون من ادوات و تراكيب لفظية وبناء ودلالات و خصائص معينه ، والتي تستخدم في كتابة الرســـائل والأطروحـــات و البحـــوث والدراســـات والتقـــارير والملخصات العلميـة و يتميز هذا النـوع مـن الكتابـة عـن غيرهـا مـن أنـواع الكتابـة الأخـرى وبشكل واضح. ان كتابة البحث العلمي او الورقة العلمية بالنسبة للطلبة عموما و لطلبة الدراسات العليا بشكل خاص هو احد الامور المهمة التي تساوي بأهميتها الجزء العملي من البحث ان لم تكن تظاهيه. وتكمن اهمية الاعداد الجيد للبحث او الورقة العلمية في انها يمكن الاعتماد عليها في بناء فرصيات او احقائق معينة او حتى ابحاث علمية اخرى مكملة.
وعند الحديث عن الكتابة الاكاديمية فلابد ان نضع في الحسبان ان الباحث الجيد قد لا يكون بالضرورة كاتبا جيدا، اذ ان الكثير من البحوث التي افتقرت الى اسلوب جيد في الكتابة كانت قد تحولت الى مجرد بيانات مرصوصة يصعب على القارئ ان يستوضح منها ما يريد احيانا. ولان معظم البحوث تكتب باللغة الانجليزية فان بعض من مشاكل الكتابة العلمية قد تواجه غير الناطقين باللغة الانجليزية اذ ان اللغة الانجليزية هي لغة ثانية بالنسبة لهم. وان هؤلاء الباحثين قد يتمتعون بقدره جيدة في قراءة و فهم موادا معقده ذات مستويات عالية في تخصصاتهم الا انهم في الوقت نفسه قد لا يمتلكون المقدرة على انتاج نصوص عالية المستوى على غرار مستواهم العالي في القراءة و الاستعياب. واذا تم الاعتماد على لغة التحدث لترجمه ما يتم كتابته في البحث العلمي بدون تطوير مهارات كتابية معينه فان الباحث قد يقع في مشكلة عدم قدرته على التعبير بشكل صحيح حتى وان كانت نصوصه المكتوبة صحيحة من الناحية القواعدية. وعادة ما يصطدم البعض بعقبات معينه خصوصا فيما يتعلق بالصياغة العامة للنص التي قد تعود الى عدم الدراية الجيدة بكيفية استخدام ووضع ادوات الربط في مكانها الصحيح او الجهل بقواعد التنقيط وعدم التعاطي مع المصطلحات المناسبة وبالتالي فان النص المكتوب ضمن البحث العلمي سيكون غير مترابط و غير مؤثر.
كل هذه العقبات او المشاكل قد تعود الى اعتماد الطرق النمطية في تدريس وتعليم مهارات الكتابة العلمية وعدم الحث على جعل الطلبه يمارسون الكتابة بالشكل الذي يجب وخصوصا في مراحل الدراسة الاولية وهنا اود التاكيد على موضوع ممارسة الكتابة في المراحل الدراسية الاولية وعدم الاعتماد على اتباع قواعد الكتابة فقط فمعرفة القواعد قد لا تكفي للكتابة وانما يجب ان توظف هذه القواعد عن طريق الممارسة المستمره وعندها ستتطور الكتابة العلمية لديهم كمهارة و ليس قواعد و ضوابط وعندها سيخرج الطالب شيئا فشيئا من القوالب النمطية باتجاه الابداع. وضمن هذا المفصل لا يمكن لنا ان نلوم الطالب لوحده ان تعثر في الكتابة الاكاديمية في مرحلة الدراسات العليا مثلا حتى لو تم اعداده جيدا ، كما نتصور، في هذه المرحلة. مالم يتم بناء مهاراته في الكتابة الاكاديمية بناءا تدريجيا في مراحل مبكرة و التي غالبا ما تترابط مع بناء اكاديمي اكثر شمولا . والاعداد الجيد لا يعني بالضرورة بناء منهاج جيد دون ممارسة و تدريب حقيقين.
وما زال موضوع الكتابة الاكاديمية واحدا من المواضيع المهمة للطلبة و الباحثين والتي لايمكن المرور عليها بشكل مختصر في مقال واحد او حتى في مجموعة مقالات، بل تحتاج الى الاسهاب و التفصيل خصوصا لمن يريد ان يطور امكاناته بالكتابة باللغة الانجليزية وفي هذا المقام ساقوم بذكر و مناقشة بعض السبل التي يجب الاهتمام بها لتطوير الكتابة الاكاديمية.
الامر الاول هو الدعوة للاكثار من القراءة, لقد نوهت في بداية المقال ان الباحث الجيد قد لا يكون كاتبا جيدا وان القارئ قد يستطيع فهم موادا عالية المستوى في تخصصه بدون ان يستطيع الكتابة بنفس مستوى ما يقرا. الا ان ما ذكر هنا لا يعني ان نتوقف عن القراءة لا بل علينا ان نقوم بالاكثار منها وعندئذ ستكون القراءة ليس لغرض الاستزادة العلمية و الاطلاع فحسب وانما بهدف تعلم الكتابة وفي هذه الحالة سيبحث القارئ عن القواعد اللغوية، بناء الجمل و بعض التعابير او الاصطلاحات في الورقه العلمية او البحث الذي يقراه في تخصصه. ولا باس بتحديد الافعال, المصطلحات او الجمل الاصطلاحية التي يمكن ان يواجهها الطالب او الباحث للمرة الاولى.
الامر الثاني الاهتمام بانشاء قاموس شخصي, حيث بمتطلبات بسيطة يمكن للطالب ان ينشئ قاموسا خاصا به، ليسجل المصطلحات و الجمل الاصطلاحية و غيرها من الملاحظات خلال مرحلة القراءة ، هذا القاموس قد يكون مفيد في احيان معينه فائدة لا يمكن تصورها.
اما الامر الاخيرفهو دعوة الى انشاء مراكز او منتديات خاصة بالانشطة اللغوية و الكتابة الاكاديمية, في معظم الجامعات توجد مراكز او منتديات للانشطة اللغوية التي تعمل على تقديم استشارات لغوية في كتابة المقالات و البحوث و حتى الرسائل او الاطاريح الجامعية و هي بذلك تساعد في ترصين النتاج الجامعي اللغوي وتعمل على تدريب الافراد تدريبا مناسبا . بالاضافة الى تحديث معلومات اعضاء هيئة التدريس و الباحثين في المجالات اللغوية المتعددة ومنها موضوع الكتابة الاكاديمية.وغالبا ما تنظم هذه المراكز ورش عمل او مجاميع للكتابة والقراءة وتدعو الطلبة للانضمام ليقوموا مثلا بمراجعة نصوص مكتوبة او تبادل افكار معينه بحيث يجد الطالب او الباحث نفسه ضمن بيئة من الشركاء مختلفين في المستويات تتسم هذه البيئة بديناميكية خاصة تولد استجابة سريعة لدى المتلقي و تساعد في تبادل الافكار والمهارات وعادة ما تكون تحت اشراف متخصصين في اللغة و الكتابة الاكاديمية.
وعلى الر غم من ان ما ذكر اعلاه قد لا يفي وفاءاكبيرا بقضية مهمة مثل قضية الكتابة الاكاديمية الى ان هذه المقاله قد تكون بذرة لدعوة المهتمين و المتخصصين الى ضرورة بذل جهود حثيثة ومركزة للبدء ببرنامج واضح يدعم الكتابة الاكاديمية اعتبارا من المراحل الاولية للدراسة صعودا نحو الدراسات العليا ضمن منهاج ثابت و معتمد اساسه وعموده المهم هو التدريب و الممارسة .


المصادر:
Swales, John M., and Christine B. Feak. Academic writing for graduate students: Essential tasks and skills. Vol. 1. Ann Arbor, MI: University of Michigan Press, 2004.

#حارث_سعيد_الورد (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات