بيئة مكة والمدينة والمطر

وليد يوسف عطو

الحوار المتمدن-العدد: 5144 - 2016 / 4 / 26 - 11:26
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

بداية من القرن الهجري الثالث, قامت الايديولوجيا الاسلامية بتصنيع اسطورة مكة والكعبة , وقامت ببناء الجغرافيا الفولكلورية والتي هي بعيدة كل البعد عن الجغرافية الطبيعية .
لقد كان المطر نادر الهطول على مكة وغير منتظم , ويمكن ان ينقطع لاربع سنوات ,لكنه كان يعود على نحو عنيف ومخيف , حيث تخترق السيول في طريقها كل شيء حتى تصل الى البيت الحرام واحيانا كانت الكعبة تغرق بمياه الامطار.

لقد عبر القران عن تلك الظاهرة بان قام بالتفريق بين المطر الذي ورد في القران (15) مرة , وبين المياه التي تنزل من السماء , حيث ورد ذكرها ( 63) مرة . وذلك بحسب الباحث في الانثروبولوجيا الدكتور فالح مهدي في كتابه :
(الخضوع السني والاحباط الشيعي : نقد العقل الدائري ). حيث يكون المطر محملا بالخراب والدمار وهو توصيف لبيئة مكة الجغرافية والبيئية .

تحدث القران عن ( اذى من مطر )( سورة النساء – 102). والى الاهوال التي تصيب الكافرين (وامطرنا عليهم مطرا فانظر كيف كانت عاقبة المجرمين ) (الاعراف -84).
لقد صور القران المطر على شكل احجار متساقطة (فامطر علينا حجارة من السماء ..)(الانفال – 32). ان كل السور التي تحدثت عن المطر وردت في الفترة المكية.ان السورة الوحيدة التي وردت في الفترة المدنية كانت في سورة النساء (102):
( ولا جناح عليكم ان كان بكم اذى من مطر او كنتم مرضى ان تضعوا اسلحتكم وخذوا حذركم ان الله اعد للكافرين عذابا مهينا ).

المطر هنا يتوازى ويترافق مع الاذى وهو توصيف لبيئة مكة . في حين ورد الماء في الايات القرانيةعلى نحو ايجابي , فالله ينزل الماء ليروي به الارض بعد ظما .
لقد فرق القران بين الماء والمطر , علما بان الماء الذي ينزل من السماء ماهو الا مطر بحقيقته . لكنه توصيف انثروبولوجي للتمييز بين المطر الذي يروي ظما الارض والانسان , والمطر الذي يسبب الاذى للناس .

لقد رسم القران بيئة مكة وكذلك يثرب – المدينة . يقول فالح مهدي ان الجنة اخذت المدينة – يثرب كمكان لرسم بعض معالمها , مثلما ورد في (سورة البقرة -25 ).لقد وردت عبارة ( جنات تجري من تحتها الانهار )اكثر من 24 مرة , اي في معظم الايات التي تطرقت الى موضوع الجنة .

كما ان اشجار الجنة تعبر عن ذلك الحيز بامتياز .معظم اشجار الجنة من النخيل ومعظم فواكه الجنة من الاعناب . ليس هنالك نص من النصوص المقدسة يرد فيه المطر بشكل سلبي مثلما ورد في القران . فكل الديانات ظهرت على منابع الانهار وضفافها . ولم تكن هنالك حاجة للكلام عن المياه واقناع المؤمنين بان المياه ستكون متوفرة بكثرة في جنتهم .اما في القران فكان لابد من الاشارة الى المياه في حيز يعتبر فيه الماء النازل من السماء من البركات .يثرب والتي سميت بالمدينة , هي احدى الواحات في شبه الجزيرة العربية , ليس فيها انهار, انما تحتوي على مياه جوفية , عبر عنها القران بعبارة( جنات تجري من تحتها الانهار ).

الجنة الاسلامية تتميز بطابع حسي فاضح حيث الغلمان والحور العين . فما تم تحريمه على الارض يتوفر بكثرة في الجنة السماوية .انه في اعتقادي الشخصي تعويض للمؤمن في الجنة السماوية لما كابده على الارض من الفقر والحرمان والعذابات ..
انه الامل ..

ورد في( سورة محمد – 15 )( مثل الجنة التي وعد المتقون فيها انهار من ماء غير آسن وانهار من لبن لم يتغير طعمه وانهار من خمر لذة للشاربين وانهار من عسل مصفى , لهم فيها من كل الثمرات ومغفرة).

كما اشار الحديث النبوي , كما ورد عند ابي هريرة,عن وجود اربعة انهار في الجنة , واحد من لبن , والثاني من عسل ,والثالث من خمر , اما الرابع فمن مياه عذبة .

فكرة الانهار الاربعة ليست جديدة , فهي موجودة في سفر التكوين من التوراة من العهد القديم ( تنخ ). كما اشار حمورابي في مسلته الى انه مالك الجهات الاربعة .كما اشار الشاعر الروماني اوفيد الى جنة طوباوية ستكون مستقرا لنفوس الانقياء , تحتوي على اربعة انهار .

الجغرافية ذات الحيز الدائري اعتمدت على مفهوم الجهات الاربعة . ان عبارة ( ماء غير آسن وانهار من لبن لم يتغير طعمه )يشير الى بيئة المدينة وبؤس الطعام والشراب فيها . حيث الماء يكون آسنا , واللبن يتغير طعمه , وتذهب جودته ,كذلك الخمر .

اما مسالة وجود الاعناب والتين والزيتون في المدينة – يثرب من عدمها فاتركه للباحثين المتخصصين . وهل الجنة القرانية توصيف لبيئة المدينة ام لبيئة فلسطين او بلاد الشام , او بلاد فارس والعراق ؟.
لقد كان الفرعون يقوم برحلته السنوية المعهودة في كل عام بعد ان تنحفض مناسيب نهر النيل , لكي يعطي الوفرة لمياه نهر النيل لتعود المياه الى سابق عهدها .

كما ان ادب بلادالرافدين يشير الى طقوس التطهير التي تجرى في الماء.ففي قانون حمورابي يرمى الزاني والزانية في النهر بعد ربطهما الى بعضهما البعض .
طقوس الحج الهندوسية تجري على ضفاف نهر الكنج ,ولا يجري الكلام عن طقوس الحج لان هنالك ( 150) مركزا للحج . كما يعتبر الشيعة ان كربلاء والنجف اكثر قدسية من مكة .

اما الصوفية فيعتبرون ان الانسان هو هيكل الله وكعبته . يقول ابن عربي في كتابه (الفتوحات المكية):
(ليس هناك من كعبة اهم من كينونة كل انسان ).وللحديث عن التصوف ومراسيم الحج الصوفي وعن رموزه احيلكم الى كتاب الباحث العراقي هادي العلوي والمعنون ( مدارات صوفية).

#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات