أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد حياوي المبارك - الثلاثة... سعدي















المزيد.....

الثلاثة... سعدي


عماد حياوي المبارك
(Emad Hayawi)


الحوار المتمدن-العدد: 5142 - 2016 / 4 / 24 - 14:09
المحور: الادب والفن
    


الثلاثة... سعدي

يَا مَدلولة خلص عمري بين الألم والحسرة
جسمي عايش ببغداد وروحي ساكنة البصرة
كانت تطوف بها هذه الكلمات الرقيقة بلحنها الدافئ وصوتها العذب المعبر بين البصرة وبغداد، فحملتها منتشية لأقرب محل تسجيلات تسأل عن هذه الأغنية وعن صاحبها...
تهامس أثنين من الحضور فيما بينهما، فبدا لبنت مدينة البصرة في أعوام السبعينات، الصبية ذات الأثني عشر عاماً، بأن الأغنية ممنوعة بزمن كان يُمنع فيه كل شيء ، وظنت أنه ربما المغني كان مطلوباً وملاحقاً كحال بقية مطربي البصرة آنذاك وهي لا تدري! أنسحبت مرعوبة لا تدري ما الجريمة التي أقترفتها ولتسأل إخوتها ما الغبار على الأغنية أو على المطرب؟ أجابها أخيها الأكبر بغيظ بأنها قد إقترفت بالسؤال عن مطربها جريمة أكبر مما تظن!
بعد أيام أستمعتْ بالصدفة لأغنية (حبيب اُمه) ووجدتها جميلة تعبر عن العلاقة الأزلية في داخل جدران البيت العراقي التقليدي بين الزوجة والعمّة فأعجبتها، سألت عن مطربها قالو أنه (سعدي الحلي). ذهبتْ بمبادرة شخصية لشراء كاسيت له من محل تسجيلات آخر، وما أن نطقت أسم (سعدي) حتى فُتحت عيون صاحب المحل وأوقف أغاني كانت تهز المحل ليسألها بينما صار الصمت يلف المكان... (وأي سعدي تطلبين، فهُم كُثرُ)، قالت (الحلي... الحلي) فرمقها بنظرة ثم ناولها الكاسيت مع أبتسامة خبيثة! عادت متسائلة عما قصده بكثرة (السعديين) وليتحول فضولها لولع بهم جميعاً وهم يتنافسون على حلبة الأغاني العراقية الجميلة.
تُعزى المحاولات الجادة في تطوّر الأغنية الشبابية لجيل لمع نجمه في السبعينات فضخوا في بدن الأغنية العراقية دماءاً أسهمت في ضمير ووجدان المشاهد والمستمع العراقي وفي فتح آفاق رحبة أمام الأغنية وفي رفع شأنها، تلك الأغنية التي أريدَ لها ان تبقى لتعيش وتتنافس حتى يومنا هذا. الفضل، كل الفضل، لجيل كتاب وشعراء شعبيين وملحنين ومطربين عاشوا وسيعيشون في ضمير كل عراقي منتمي لتراب وطنه ووفي لمياهه ونخيله. في سماء السبعينات سطعت نجوم لامعة تلألأت، ياس خضر، فاضل عواد، حسين نعمة، سعدون جابر، ستار جبار، سعدي البياتي، سعدي توفيق البغدادي وسعدي الحلي... والقائمة تطول.
يمزج البعض القليل من مستمعي جيل الخمسينات وما قبله بالعراق، والكثير من الأجيال اللاحقة بين ثلاث مطربين كبار ظهروا على الساحة الغنائية العراقية في أزمان متقاربة، سعدي (البياتي والبغدادي والحلي) والمساهمة في أدناه تلقي لنا الضوء على الثلاث لكي نكون أقرب أليهم...
× × ×
سعدي توفيق البغدادي، مواليد بغداد 1941 ، فقدَ بصره بعمر الأربع سنوات، دخل معهد (الملكة خزمة) للمكفوفين ببغداد وتعلم أصول الموسيقى (الصول فيخ) واُتيحت له الفرصة أن يعزف على البيانو. في العام 1962 شارك ببرنامج (ركن الهواة) لكمال عاكف وألتقى بالموسيقي جميل بشير وعباس جميل ورضا علي، لكن من حثه على الغناء بدل العزف على الناي هو الموسيقي أكرم الهبش، ليبدأ مشواره في العام 1973 .غنى على مدى ثلاثون عاماً لإذاعة الكويت وفي سوريا ولبنان وفي دار الأوبرا المصرية عام 2004 .يُؤدي مقام الحجاز بشكل جميل ومتمكن وغنى العتابة والسويحلي والنايل والأبوذية والزهيري.
من أغانيه... (تمشي وتصد عين بعين، سنتين وأنا صابر كالولي يجي باجر، أحجيلي همك، هلي ماجابوا ولفي إلي، جينا لبابكم، إسمع ونين الروح، السمرة تسواهن، محتار أدور أنا، يولفي أرد أنشدك وشلك عليّ يا زمن وشرايد ومحتار أدور أنا...) ومجموعة كبيرة من المواويل والأبوذيات.
https://www.youtube.com/results?search_query=%D8%B3%D8%B9%D8%AF%D9%8A+%D8%AA%D9%88%D9%81%D9%8A%D9%82+%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%BA%D8%AF%D8%A7%D8%AF%D9%8A
× × ×
في مساء يوم من شتاء عام 1982 دعانا أحد زملاء الجامعة لحفلة زواجه، فقد تطوع بعد تخرجنا بالجيش ووفقه الله فأستلم منحة زواج وسيارة وقطعة أرض. كانت حفلة محدودة ببيتهم بالدورة والجو بارد، كان أمام محل جلوسي في غرفة الإستقبال يُقابلني رجل ضرير يحضن عوداً ويستخدم أصابعه بجدارة بتحديد نوع الطعام، فيتلمّس الطعام بداخل الأطباق ويعرفه، وكان بإمكانه أن يحكم على طعمه ودرجة ملوحته قبل أن يتذوقه ودون الإستعانة بأحد.
لفت نظري تصرفه الفطري والذكي، ولما سألت عنه، قالوا أنه المطرب الكبير (سعدي البياتي) جاء ليضفي على جو الحفل فرحاً أكثر وطرباً وسرور. بالفعل فقد أبدع بالغناء في تلك الليلة، وبدا لي أنه كان يرى أحسن منا، فقد أستطاع خلال تلك الجلسة أن يحفظ أسماء جميع الحاضرين ويميزنا من أصواتنا، برغم أنه وللمرة الاولى يتعرف علينا.
ولد الفنان الراحل (سعدي البياتي) كفيف البصر بالعام 1943 فعوضه الله بموهبة الصوت الجميل، ومنذ طفولته راح يتعلم أصول تجويد القرآن الكريم فازداد خبرة بالألفاظ السليمة والأنغام وأصول المقامات والأدوار الغنائية العربية، درس العزف على آلة العود وتفوق في مداعبة أوتاره ودخل عالم الغناء الريفي ناضج الموهبة متسلحاً بالثقافة الموسيقية ومتهيأ لأداء الاطوار والأغاني العراقية منها والعربية وملماً بأوزانها وأنغامها وكان يمتلك أذناً موسيقية تخوله أداء أصعب الاطوار ذلك لأنه يمتلك الريشة الحساسة والصوت العذب والمعرفة التامة بأصول الغناء ونادراً ما تجد هذه المزايا مجتمعة بفنان واحد مرهف الحس مثله، والاطوار التي كان يجيدها... (الحياوي، المجراوي، العياش، الصبي، العنيسي، المثكل، الملائي، المشموم، الشطراوي، ويجيد ايضا غناء البسته وغناء ريف البادية كالسويحلي والعتابة والنايل...) وغيرها.
دخل سعدي البياتي دار الاذاعة العراقية عام 1965 بصفة منشد في الكورس، بعدها قدم العديد من الاغاني الفولكلورية من اذاعة وتلفزيون بغداد، منها... (لا يا ولدي، الكوفة والعشار حنت عليّ، الوجن، هذا الحلو، براضه امشي براضه، بسكوت اون، عاين يا دكتور، يا زين، يا مايرة...).
سافر الفنان سعدي البياتي خلال حياته الفنية الى العديد من الاقطار العربية: سورية، مصر، الاردن، قطر، السودان، تونس، مقدماً مختلف اطوار الغناء العراقي، لقد كان الفنان الراحل سعدي البياتي ذكياً بأختيار الأغاني التراثية البغدادية القديمة وتقديمها بأسلوب جديد مما اضفى عليها طابعاً جديداً وجمالاً عذبا بالاضافة الى اجادته التامة للاطوار الغنائية الريفية. رحل الفنان سعدي البياتي تاركاً ثروة غنائية تشهد له بالريادة في الاغنية العراقية.
https://www.youtube.com/results?search_query=%D8%B3%D8%B9%D8%AF%D9%8A+%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%8A%D8%A7%D8%AA%D9%8A
× × ×
تولع (سعدي الحلي) بالغناء منذ الصبا وراح يتابع بشغف مجالس الطرب وحفلات الأفراح في مدينته الحلة. بمستهل مرحلة الشباب في الخمسينات، عمل سائق سيارة أجرة بين الحلة وطويريج يلقي الاغاني على مسامع الركاب، وكان يتأثر بما يسمعه من كبار المطربين هناك أمثال (عبد الامير طويرجاوي) فزادت خبرته وتوسعت مداركه في الغناء الفراتي بشكل خاص. في ستينيات القرن الماضي وبالتحديد عام 1964 كان (زيد الحلي) يعمل في الاذاعة العراقية فأعلن أكتشاف صوت ريفي جديد وحاول بلباقته وحبه للوجوه الجديدة ان يُدخل هذا الصوت بالاذاعة والتلفزيون من خلال علاقاته الاعلامية والفنية، وبالفعل أصبح سعدي من أهم الاصوات الريفية في العراق، لحن الفنان الرائد (محمد نوشي) له (ليلة ويوم وعشك أخضر) وقد ذاع صيتهما داخل العراق وخارجه فأختصر الطريق على الحلي ليصبح نجماً لامعاً والأكثر شعبية في سماء الاغنية الريفية ومدرسة غنائية فريدة.
أصبح سعدي من أهم الاصوات الريفية في العراق منذ السبعينيات، لحن الفنان الرائد محمد نوشي له ليلة ويوم وعشك اخضر وقد ذاع صيتهما داخل العراق وخارجه.
https://www.youtube.com/results?search_query=%D8%B3%D8%B9%D8%AF%D9%8A+%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%84%D9%8A+%D9%8A%D8%A7%D9%85%D8%AF%D9%84%D9%88%D9%84%D8%A9

عماد حياوي المبارك
× بعض المقاطع في مقالنا اعلاه، مأخوذة بتصرف من موسوعة (ويكيبيديا) ومن بعض المواقع التي تعنى بالأغنية العراقية الرائدة.



#عماد_حياوي_المبارك (هاشتاغ)       Emad_Hayawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فاز باللذات...
- ماذا لو تشرق الشمس من الغرب؟
- حواسم أيام زمان
- على مودك
- أبو عبد الله
- خطة لا يعلم بها أحد
- ليلة من ليالي رأس السنة
- كرسمس
- للأذكياء فقط... أيضاً
- للأذكياء فقط... رجاءاً
- من هم الأذكياء؟
- حدث بشارع حيفا
- كونتاكت
- أبو ناجي
- لاند خود
- ((زوغق))
- ((ديوان بالديوانية))
- (أوتو ستوب)
- ((خوردل روز))
- آيدلوجيات وأستراتيجيات


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد حياوي المبارك - الثلاثة... سعدي