أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الحسين شعبان - اللحظة اليابانية.. ال«هُنا» و«الآن»














المزيد.....

اللحظة اليابانية.. ال«هُنا» و«الآن»


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 5141 - 2016 / 4 / 23 - 18:26
المحور: الادب والفن
    


اللحظة اليابانية.. الـ«هُنا» و«الآن»


عبد الحسين شعبان

هل توجد آسيا واحدة؟ سؤال يواجه الزائر إلى عدد من بلدان آسيا مثل اليابان والهند والصين، ومع وجود مشتركات ومقتربات، لكن هناك مفترقات ومختلفات، فحسب المفكر الفرنسي أندريه مالرو: لا يمكن وضع آسيا كلّها في سلّة واحدة.
مناسبة هذه الاستعادة هي زيارة غير مسبوقة لوزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري الذي وصل إلى هيروشيما، قادماً من أفغانستان للمشاركة في اجتماع مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى، وهي أول زيارة لوزير خارجية أمريكي على الإطلاق لهذه المدينة التي ذاقت القصف النووي. الزيارة تأتي تمهيداً لزيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما (الشهر المقبل، مايو/‏أيار، 2016). الحديث عن هيروشيما هو حديث ذو شجون لما يثيره من آلام وأحزان وذكريات مريرة، فالمدينة تعرّضت للتدمير يوم 6 أغسطس/‏آب العام 1945 حين تم استهدافها، ووصل عدد ضحاياها إلى أكثر من 140 ألف قتيل خلال بضعة أشهر، ومات خلال أيام نحو 70 ألفاً منهم.
وإذا كانت تلك إحدى المفارقات التاريخية، فهناك مفارقة أخرى هي أن اليابان عاشت لنحو قرنين من الزمان عزلة تامة عن العالم الخارجي وأغلقت حدودها، فلا غريباً يدخلها ولا يابانياً يغادرها. واستمر الوضع على هذا المنوال حتى أواخر القرن التاسع عشر، حيث شهدت حركة انفتاح وطائفة من الإصلاحات لإعادتها إلى المجتمع الدولي، وهكذا اندفعت بقوة نحو الخارج متخطّية آسيا برمتها ومتجهة إلى أوروبا وتحت شعار «فلنترك آسيا لنلتحق بالغرب».
عند زيارتي لليابان بقيت أبحث عن الجوامع التي تربط اليابان بالآخرين وفي الوقت نفسه، تفرّقها عنهم، مع اهتمام خاص بالمشترك الإنساني الذي يعظّم الجوامع ويقلّص الفوارق. وكانت الموسيقى أحد جوانب الاجتماع الإنساني. وعرفت أنه لا يوجد شعب تتملّكه الموسيقى مثل اليابانيين، وهي لغة جامعة بين مختلف الشعوب. وإذا كانت حفلات لجوقات موسيقية تقام في برلين وفيينا وسالزبورغ، فإن جموعاً بالآلاف من اليابانيين يقفون ليعزفوا السمفونية التاسعة لبيتهوفن. ومنذ عدة أعوام نستمع سنوياً في بيروت في المركز الأكاديمي الياباني، التابع لجامعة القديس يوسف، إلى الموسيقى اليابانية ذات الشجن الخاص. وبقدر ما تكتشف آسيويتهم، ففي الوقت نفسه ترى مدى قربهم من الغرب، وبقدر ما يفصلهم عن آسيا (الأخرى)، فإن بعدهم عن الغرب يزداد اتساعاً.
أحياناً يضيع علينا الحساب أين ينتمي الياباني؟ فهو آسيوي وغريب عن آسيا، وهو يتوجّه إلى الغرب، لكنه يبقى بعيداً عنه بمسافة شاسعة، ولكنك حين تمضي في قراءة كتاب السفير اللبناني السابق في اليابان سمير شمّا الموسوم «اليابان.. أمريكا ونحن» تدرك حينها، ثمة فرادة وتميّز هي التي يتمسّك بها اليابانيون، باعتبارهم يابانيين وليس غير ذلك.
لقد أخذ اليابانيون، الحداثة من الغرب، أما الروح فبقيت شرقية، أو دعنا نقول يابانية، تعترف بالتعدّدية الروحية والتنوّع الثقافي وتؤمن بالتسامح مع مختلف المعتقدات لأنها تقوم على تعدّدية الآلهة. وما يفكر به اليابانيون هو اللحظة الراهنة، ولا شيء سواها الهُنا والآن بالذات، في حين أن الحضارات الأخرى، لاسيّما الأديان السماوية تؤمن بمفهوم الحياة الدنيا، والحياة الآخرة، بل إنها ظلّت تبحث عن معنى الخلود تاريخياً، بمعنى الحياة الأبدية الثانية، في حين إن الياباني غير مكترث بها.
المدخل للهُنا والآن هو التربية والتعليم، حيث بلغت نسبة التعليم في اليابان العام 1907، 97%، وكانت الخطة تقضي منذ أواخر القرن التاسع عشر مدّ التعليم إلى الريف والقضاء على الأمية تماماً، وهي أول بلد آسيوي تمكّن من ذلك، حيث ازدهرت الزراعة، وحسب تعبير برتراند رسل - كانت اليابان متخلّفة اقتصادياً، لكنها لم تشعر بأنها متخلّفة ثقافياً، ولاحظ جان بول سارتر خلال زيارته لليابان، أن اليابانيين حتى الذين يتسكعون في الشوارع، فإنهم يقرأون كتباً.
جدير بالذكر أن أكبر طبقة وسطى في العالم هي موجودة في اليابان، إذْ تبلغ نسبتها حسب سمير شمّا 92%، الأمر الذي يمكن أن نطلق عليه «أمة الطبقة الوسطى»، وهذه الطبقة هي التي حقّقت المعجزة الاقتصادية، في أقل من جيلين، حيث نهض اليابانيون مثل طائر الفينيق من تحت الرماد، فقد تحالفوا مع الحلم، وظلّ «الحق في الحلم» شعاراً لكل ياباني، وهو حلم للواقع المُعاش وليس الما ورائي، وفي الوقت نفسه هو الحلم الذي يتجاوز المأساة، بالنظر إلى المستقبل دون البكاء على التاريخ.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفلوجة وسريالية السياسة العراقية
- محمد السمّاك :الشاب الثمانيني الذي يسيل من يراعه عطر الفلسفة
- «غوانتانامو» وتسييس العدالة
- وليد جمعة : كان يشرب من دمه كأنه النبيذ!
- «وثائق بنما» وتبييض الأموال
- ثلاثة سيناريوهات محتملة في العراق - حوار مع جريدة الزوراء
- اللاجئون السوريون وهواجس التوطين
- الدولة العراقية معطّلة ومشلولة بسبب الطائفية السياسية وألغام ...
- تمنيت على الحزب الشيوعي إدانة المحتل أو مقاومته أو الدعوة لس ...
- مشروع التفكيك الجديد
- جورج جبّور : بين كتابين !
- إسرائيل عنصرية مقننة
- تحيّة وداع إلى زها حديد من جامعة أونور
- تمنيت أن يتّبع الحزب الشيوعي المقاومة المدنية السلمية اللاّع ...
- عن تفجيرات بروكسل
- حوار الحضارات أم صدامها؟
- .. وماذا عن سد الموصل؟
- الجامعة ومستقبل العمل العربي المشترك
- الحق في الأمل
- العراق.. الأزمة تعيد إنتاج نفسها


المزيد.....




- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...
- -كنوز هوليوود-.. بيع باب فيلم -تايتانيك- المثير للجدل بمبلغ ...
- حديث عن الاندماج والانصهار والذوبان اللغوي… والترياق المطلوب ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الحسين شعبان - اللحظة اليابانية.. ال«هُنا» و«الآن»