أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شاهين - أديب في الجنة (66) ليلة حلبية مغمسة بدموع الملك لقمان !














المزيد.....

أديب في الجنة (66) ليلة حلبية مغمسة بدموع الملك لقمان !


محمود شاهين
روائي

(Mahmoud Shahin)


الحوار المتمدن-العدد: 5141 - 2016 / 4 / 23 - 08:37
المحور: الادب والفن
    


أديب في الجنة (66)
ليلة حلبية مغمسة بدموع الملك لقمان !*
في الإستراحة التي أعقبت الحوار بين الملك لقمان والإمبراطور ألقى الملك نظرة على السفوح المرجانية المحيطة بجانبي الروض وإذا بها تتحول إلى مئات الألوان، ثم على الكائنات المحلقة في أعماق المحيط وإذا بها تتحول كذلك، ثم على الأعشاب البحرية ، فعلى موائد الروض ،وإذا بالعالم يضج في عالم من الألوان المتغيرة بحيث لا يشبه لون لونا آخر، وسط موسيقى رومانسية هادئة كانت تتردد من كافة أرجاء الروض ، والفتيات يلقين رؤوسهن على صدور الشباب ليمطروا رؤسهن بالقبل وليهيم الجميع في عالم من السحر والمحبة دون أية حدود .
ما أن أنهت الموسيقى وصلتها الرومانسية حتى انفتح باب هائل وسط سفح مرجاني ليتكشف عن مسرح هائل تقف عليه أكثر من مائة فتاة يرتدين ثياب رقص بيضاء . وظهرت في عمق المسرح فرقة موسيقية وقف خلفها عشرات فتيات الكورال ، شرعت في عزف موسيقى عربية حلبية . وقدم من عمق المسرح شاب وسيم فائق الجمال يرتدي طقما أسود . وقف على مقدمة الخشبة أمام الفتيات الواقفات بانتظام .
بقدراته الخارقة جعل الملك لقمان جميع المحتفين يعرفون اللغة العربية ويتذوقونها حتى أنه نمّى إحساسهم الجمالي العربي ليعيشوا الجو كأنهم عرب . شرعت الموسيقى في عزف لحن " آه يا حلو يامسليني "
شرع الملك لقمان وجميع المحتفين بالتصفيق. انطلق صوت الشاب يشدو بأبدع ما تجود به الأصوات :
" آه يا حلو يا مسليني .. يلي بنار الهجر كويني
إملا المدام يا جميل وسقيني يا عيني ..
من كتر شوقي إليك ما بنام " !
رفع الملك لقمان كأسه ووقف يشرب نخب الفرقة . ولم يعد إلى الجلوس ،بل وضع الكأس وشرع يغني مع المغني والفرقة ويرقص وهو في حالة هيام عجيب، وقد راحت دموع تنزلق من عينيه وتنحدر في انزلاقها على وجنتيه لتسقط على صدره .
" حبيت جميل يا ريتني ظلّه .. حاش الجمال والحسن دا كلّه
لما رأيته ملك فؤادي .. صبّرت قلبي وحملت غلّو"
أدرك الجميع أن الملك يعيش حالة وجدانية ذكرته بسورية وبأوطانه الحزينة المنكوبة، فنهضوا يرقصون معه، كما نهض كثيرون من الجالسين .احتضنته الملكة وشرعت تراقصه وهي تحتضنه ضامة رأسه إلى صدرها ماسحة دموعه .
تمايلت الأجساد بين الموائد بل ووقفت بعض الفتيات السوريات عليها وشرعن في رقص معبّر تفاعل مع أقصى إمكانيات الجسد ، فيما انطلق بعضهن في الماء ليرقصن بمرافقة الدلافين .
أنهت الفرقة الوصلة ودخلت في وصلة جديدة :
" خمرة الحب اسقنيها .. همّ قلبي تنسني
عيشة لا حب فيها .. جدول لا ماء فيه
يا ربة الوجه الصبوح .. أنت عنوان الأمل
اسكريني بلثم روحي .. خمرة الروح القُبل
أن تجودي فصليني .. اسوة بالعاشقين
أو تضني فاندبيني .. في ظلال الياسمين "
وشرع الملك لقمان يكرر المقطع الأخير بانفعال ، دون أن تنضب دموعه:
" أن تجودي فصليني .. أسوة بالعاشقين "
ولم تجد الملكة إلا أن تحتويه تاركة دموعة تنزلق على راحتها ، مدركة أن ذلك يريحه كثيرا ،وأن رغبته في البكاء والحنين إلى سورية والأوطان المنكوبة يكتنف دخيلته . وتمنت الملكة لو في مقدورها أن تشق صدرها لتضع الملك فيه ، حين قفلت الموسيقى الوصلة ودخلت في وصلة جديدة بمرافقة صوت المغني الذي تجلّى عن إمكانيات ومساحات هائلة في صوته :
" ابعث لي جواب وطمني .. ولو إنه عتاب ما تحرمني
ابعث لي جواب وطمني .
غيابك طال .. وبستنا .. وقلبك مال .. تتهنا .
إن كنت هويت ونسيتني .. وعليه جنيت وما رعيتني
ابعث لي جواب وطمني ..
صبرت عليك وذقت مرار.. وبعثت إليك أخبار وأخبار
أتاريك نسيتني مع الأيام .. ورضيت تفوتني على الآلام
ابعت لي جواب وطمني ..
أنا ليه إله يعرفني .. من حر الآه ينصفني
مش قادر أقول انته الجاني .. حاصبر على طول على على أحزاني
ابعث لي جواب .. وطمني "
أنهك جسد الملك لقمان من الرقص والبكاء ومرافقة الغناء في بعض المقاطع ،وكاد أن ينسى أنه في السماء ، بل في شوارع حلب الجميلة غير المدمرة ، حيث تتكئ النوافذ على النوافذ وتحاكي الشرفات الشرفات وتنام الحارات على صدر الحارات، وتنثر قلعتها من أعالي قمتها تحية الصباح زهورا على الحلبيين .
أجلسته الملكة وظلت تحتوي رأسه إلى صدرها وتمسح بيدها على وجنته وتمسح ما بقي من آثار دموع على وجنتيه . همس لها :
- هل دعوتم الفرقة للجلوس معنا .
- أجل يا حبيبي دعونا الجميع . المغني والموسيقيين والكورال والراقصات .
- اعتذري لي من الإمبراطور والإمبراطورة .. يبدو أنني ثملت !
- لا يا حبيبي لم تثمل مجرد حالة حزن انتابتك لتذكر سورية والأوطان المنكوبة .
- تقولين منكوبة ؟ ألم يقل لي الملك شمنهور في بداية رحلتنا أنه سحب السلاح من كوكب الأرض وأن السلام قد عم وأعيد إعمار سورية وأن الفلسطينيين والإسرائيليين تصالحوا وأقاموا دولة ديمقراطية ؟
- أجل يا حبيبي أجل !
- إذن لماذا رأيت حلب وحمص مدمرتين ، هل تكذبون علي !
- لا يا حبيبي ربما حلم انتابك !
- أين أنا الآن ؟
- في السماء يا حبيبي في أعماق محيط !
- وهل هذا صحيح ؟
- أجل يا حبيبي .
- وهل هو واقع أم خيال ؟
- بل واقع واقع واقع !
- خلص صدقت طالما أنت تلحين وتصرين على ذلك ! لكن إياك أن أعود إلى الواقع !
- لا لن تعود يا حبيبي !
- سأعيد الملك شمنهور وملوكه وجيوشه إلى قماقم سليمان إن عدت !!!
احتوته الملكة وراحت تقبله وتربت على ظهره . إلى أن غفا في حضنها . وسط صخب المحتفين وقرع الكؤوس وصدح الموسيقى وتحليق الكائنات في الماء .
****
يتبع



#محمود_شاهين (هاشتاغ)       Mahmoud_Shahin#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أديب في الجنة (65) * اختلاط الجن بالإنس !
- وجود خالق مشروط بوجود خلق ! شاهينيات 1179
- أديب في الجنة (64) * حوريات عربيات يسبحن في أعماق محيط في ال ...
- أديب في الجنة (63) * لو آمنت البشرية بالمحبة الإنسانية وحدها ...
- أديب في الجنة (62) * الإمبراطور يتمتع بتذوق طعم القُبل !
- أديب في الجنة (61) * حُب وقُبل ما بعد الموت !!
- أديب في الجنة (60) * سحر الألوهة المؤنثة لربة الجمال يتجلى ر ...
- بين الحالمين بحور العين والحالمين بالإنسان السوبر !
- أديب في الجنة (59) * النهود الجامحات العابثات الدانيات !
- أديب في الجنة 58 * تجليات إعجازية للخالق والخلق !
- أديب في الجنة . الجزء الأول.
- أديب في الجنة (57) * في الخلق والخالق والبعث والنشور !
- أديب في الجنة 56 * في الحقيقة والغاية !
- أديب في الجنة (55) * في العقل ونشأة الكون!
- أديب في الجنة (54) * الرقص في الزمن المتوقف في المكان الكوني ...
- أديب في الجنة 53 * الدخول في الأسئلة الصعبة !
- أديب في الجنة 52 في رحاب الخالق العظيم !!
- أديب في الجنة 51 * ألخالق العظيم !
- أحلام مادية طاقوية ! (1) شاهينيات 1178
- مفهوم الألوهة الملتبس بين وجود إله أو عدمه ! شاهينيات ( 1177 ...


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شاهين - أديب في الجنة (66) ليلة حلبية مغمسة بدموع الملك لقمان !