أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله تركماني - الطائفية السياسية وسيرورة الدولة السورية














المزيد.....

الطائفية السياسية وسيرورة الدولة السورية


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 5140 - 2016 / 4 / 22 - 23:34
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الطائفية السياسية وسيرورة الدولة السورية
لا تتحول التعددية الطائفية إلى مشكلة تهدد الدولة الوطنية إلا عندما تفتقر هذه الدولة لشروط بناء المواطنة كإطار لتفاعل الأفراد، وغالباً ما تحاول هذه الدولة نفسها أن تغذِّي العصبيات الأهلية أو تعبئها في سبيل تأمين قاعدة اجتماعية مضمونة لها. وفي سورية ما بدأته مراحل تكوُّن الدولة الحديثة من إعلاء شأن الوطنية السورية الجامعة عملت سلطة آل الأسد على تقويضه وتدميره.
ووفق تعريف د. برهان غليون في كتابه " مسألة الطائفية ومشكلة الأقليات "، فإنّ الطائفية السياسية هي التعبيرات السياسية للدين والتدين، أي الوجود السياسي للطوائف، وهي حتماً ترتكز على أرضية ثقافية واجتماعية ونفسية، كما يُسمّيها د. عزمي بشارة في أحد مقالاته " وعياً طائفياً اجتماعياً يومياً ".
وفي الواقع فإنّ وجود الطوائف لا يعني وجود الطائفية، بمعنى تحويل الطائفية لمشروع سياسي ومحاولة فرضه على مكوّنات المجتمع الأخرى. ولكن طالما أنّ الطائفية تعبير عن التعددية الطبيعية للمجتمع، فلماذا تحولت في سورية إلى مصدر للأحقاد وخراب الدولة ؟
لأنّ بنية سلطة آل الأسد تأسست على: أولاً - دولة سلطانية تقوم على: تبعية المجتمع الأهلي لها، والفتنة الأهلية الدائمة، وتوريث السلطة ضمن عائلة آل الأسد. وثانياً - حجاب بنيوي بين " الدولة الظاهرة " (الموظفون التنفيذيون الذين لا سلطة لهم، ولا حرية) و " الدولة المخفية " (المركب السياسي - الأمني - المالي الذي يملك القرار السياسي، وهو المنظمة الأكثر سرية وعنفاً وتطرفاً وصفته الطائفية حاسمة) حسب توصيف الدكتور ياسين الحاج صالح. وثالثاً - احتكار تعريف الوطنية، بما تعني التكتم التام على الطائفية والممارسات المرتبطة بها. في حين أنّ النظام هو الذي أعاد إنتاج الانقسامات الطائفية وخفّض الوزن السياسي للرابطة السورية العامة الجامعة. رابعاً - نظام الأعيان وقضاء الحاجات، حيث يوجد وجهاء نافذون في جماعاتهم المحلية أو الدينية يقومون بالوساطة بين هذه الجماعات ومركز الدولة المخفية. مما أتاح للكثير من هؤلاء الوجهاء أن يحققوا ثروات طائلة من خلال حصصهم في محاصيل الفساد المستشري في مفاصل الدولة وتحت مظلة صفقاتها المجزية، حتى صار الحكم، في حقيقته، نوعاً من الشراكة بين طبقة واسعة من الأثرياء والمتنفذين من مختلف الطوائف.
لقد انطوت سلطة آل الأسد على تشكيل عصبية علوية سلطوية، عملت على اللعب في التنوع المجتمعي، وتحويله إلى أسوار عازلة بين مكوّناته، وذلك بأن يحظى أبناء الطائفة العلوية بموقعٍ متميزٍ وقياديٍ في المؤسسة العسكرية وفي الأجهزة الأمنية. وبذلك كانت الطائفية أداة حكم للبقاء في السلطة " إلى الأبد "، ونزع الصفة العامة للدولة وإنتاج الدولة الخاصة، القائمة على الولاء الشخصي، مع تطييف الركائز الأمنية والعسكرية للنظام. ولكنّ الطائفة العلوية كانت، ولا تزال، أسيرة لسلطة آل الأسد.

إنّ الطائفية مسألة ممارسات وأفعال، وليست مسألة نيات وماهيات، فالمسألة ليست مسألة الطائفة العلوية، بل هي مسألة نظام حكم عسكري استبدادي نشأ منذ البداية على أساس الشللية العائلية والعشائرية والجهوية فأحال الدولة إلى مزرعة للفساد يرتع فيها النافذون من جميع الطوائف على حساب الأكثرية الساحقة من الشعب الذي بذلت السلطة كل جهودها لتحويل أبنائه من مواطنين لدى الدولة المدنية الحديثة، إلى رعايا محكومين بالاستقطابات الطائفية والمذهبية.
لقد عملت سلطة آل الأسد منذ بدايات الثورة السورية في سنة 2011 على تعميم الفتنة، والاستعانة بإيران وأتباعها من لبنان والعراق وأفغانستان وغيرها منذ منتصف 2012، إضافة إلى عمليات التهجير والتطهير العرقي، ونقل الأسلحة الفعالة إلى الساحل السوري.
إنّ وجود كثرة من العلويين في المفاصل الحيوية من السلطة ووجود نفوذ كبير لهم في مختلف دوائرها لا يعني أنّ سلطة آل الأسد علوية. فماذا عن وجود أعداد كبيرة، بل نسبة أكبر بكثير من نسبة العلويين إلى مجموع الشعب، في عداد من دخلوا سجون هذه السلطة من المعارضين العلويين ؟ ثم ماذا عن شركاء السلطة من غير العلويين ممن حققوا بنفوذهم وفسادهم ثروات طائلة لا تقل عما حققه النافذون الفاسدون من العلويين ؟

تونس 20/4/2016 الدكتور عبدالله تركماني
باحث استشاري في الشؤون الاستراتيجية



#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جدل التنمية والديمقراطية ومؤشرات التعثّر المغاربي (2 - 2)
- جدل التنمية والديمقراطية ومؤشرات التعثّر المغاربي (1 - 2)
- فرص وتحديات اندماج اللاجئين المغاربيين في أوروبا
- فرص وتحديات اندماج اللاجئين المغاربيين في أوروبا (2 - 3)
- فرص وتحديات اندماج اللاجئين المغاربيين في أوروبا (1 - 3)
- كي لا تكون الفيدرالية مقدمة لتقسيم سورية
- مخاطر صك الانتداب الروسي على سورية
- مقاربة للثورة السورية في ذكراها الخامسة
- الحضور المميز للنساء في الثورة السورية
- مآلات الدولة والمجتمع في سورية
- التداخلات الإقليمية والدولية وآفاق حل المسألة السورية
- محاولة استشراف مستقبل النظام الدولي
- بيان إلى الرأي العام السوري حول جينيف 3
- عقدة الأسد في خطة طريق فيينا
- بيان إلى الرأي العام السوري حول تطورات الوضع الداخلي لحزب ال ...
- معطيات المشهد السوري وتداعياته (3 - 3)
- معطيات المشهد السوري وتداعياته (2 - 3 )
- معطيات المشهد السوري وتداعياته (1 - 3)
- بيان إلى الرأي العام السوري حول قرار مجلس الأمن 2254
- بيان حزب الشعب الديمقراطي السوري حول مؤتمر الرياض


المزيد.....




- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- -تصريح الدخول إلى الجنة-.. سائق التاكسي السابق والقتل المغلف ...
- سيون أسيدون.. يهودي مغربي حلم بالانضمام للمقاومة ووهب حياته ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله تركماني - الطائفية السياسية وسيرورة الدولة السورية