أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جمال ابناس - نقد أسس المطابقة والتأسيس في نظرية الحقيقة -نموذج وليام جيمس-














المزيد.....

نقد أسس المطابقة والتأسيس في نظرية الحقيقة -نموذج وليام جيمس-


جمال ابناس

الحوار المتمدن-العدد: 5139 - 2016 / 4 / 21 - 07:58
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


دأب أغلب الباحثين والدراسين في مقاربتهم لفلسفة وليام جيمس البراغماتية، على توجيه مجموعة من الانتقادات التي تختزل فلسفة معاصرة غنية في تصوراتها، بكونها فلسفة تجارية، ولعل انتقادات راسل من بين أهم الانتقادات التي صنفت فلسفة الأمريكي في إطار فلسفة نفعية تجارية تقوم على الخلط بين المنفعة والحقيقة (vérité et intérêt). ، ورغم أن راسل من بين الفلاسفة المعاصرين الكبار، فإن تأريخه لتاريخ الأفكار يدخل في نطاق التأريخ الإيديولوجي، وهذا واضح بشكل جلي في العديد من المواقع التي تطرق فيها لتاريخ الفلسفة، ففي حكمة الغرب نستشف من خلال رؤيته التاريخية لتاريخ الفلسفة نقطتين أساستين يمكن اعتبارهما كحجج للإقرار بإيديولوجيته في التأريخ، أولهما عدم إيلاءه الأهمية للمكانة التي تحتلها الفلسفة الإسلامية، كلحظة أساسية لا محيد عنها لبناء نظرة وتصور موضوعيين عن تاريخ الفلسفة الكوني، ثانيهما أنه في معرض حديثه عن هيجل يتبين بأن راسل لم يخصص حيزا يتناسب ومكانة الفيلسوف الألماني باعتباره أحد النماذج الفلسفية الأساسية التي اكتمل عندها الوعي بالمقومات والأسس التي أسست الفلسفة الحديثة من جهة، وكون فلسفته أحد الفلسفات التي شكلت منطلق لتأسيس اتجاهات فلسفية معاصرة.
وعموما، فإن ما يهمنا هنا ليس هو نقد تصور برتراند راسل لتاريخ الفلسفة، وإنما محاولة تبيان إلى أي حد وقع تأريخه ضحية وهم إيديولوجي، جعله يؤول تاريخ الفلسفة وفق مستويات سياسية دينية لا تقدم تاريخ الأفكار النظري اعتمادا على مقاربة تاريخية تمنح لكل مرحلة قيمتها العلمية،ولكل نموذج أهميته داخل النسق الفلسفي، بما هو نسق فلسفي كوني لا يقبل التجزيء والانحياز، لذلك سيكون حسبنا في هذا المقال، لا تبيان كل هذه التأويلات التي لم يوفق فيها راسل في تقديم تأريخ موضوعي، وإنما إزالة نوع من اللبس والغموض النظري الذي يطال نظرية الحقيقة في فلسفة وليام جيمس في علاقتها بمفهوم الواقع ومعيار المنفعة، وبالتالي الرغبة في الاعتراض على كل تصور فلسفي يرى في نظرية الحقيقة عند وليام جيمس نظرية تخلط بين الحقيقي والنافع.
بناءا على هذه المعطيات، فإن أي رغبة لإقامة فهم عميق وموضوعي لنظرية الحقيقة في فكر صاحب الشخصانية (personnaliste)، يقتضي الإنطلاق من فرضية فلسفية أساسها أن وليام جيمس لم يكن يسعى إلى بناء نظرية في الحقيقة تقوم على الخلط بين المنفعة والحقيقة، وإنما كان رغبته تتجسد في محاولة هدم ونقد دعائم وأسس المطابقة في سؤال المعرفة ، وسؤال الحقيقة في تاريخ الفلسفة كما تمت بلورته في تاريخ الفلسفة عند مجموعة الفلاسفة الكبار أمثال (إمانويل كانط، ديكارت، ادموند هوسرل...).
بهذا المعنى يطرح وليام جيمس سؤالا جوهريا يسعى من خلاله الكشف عن تهافت التصور المرآوي،ليس من حيث دلالته الصورية، وإنما من حيث دلالته التوافقية مع معطيات الواقع المتغيرة، لذلك نجده يتساءل وبشكل صريح ومباشر"ماهي الإضافات التي يمكن أن تنضاف إلى الواقع الإنساني، إن تم الاعتقاد بأن الحقيقة هي تطابق الفكر مع الواقع؟" وبأي معنى يمكن للواقع الإنساني أن يشهد تغييرات تجعله يرنو إلى إقامة إنسانية متطورة تواكب الواقع المتغير وغير التابث بالضرورة؟، وللإجابة على هذا التساؤل يرفض وليام جيمس دلالة التطابق والتأسيس أو ما يعرف بمبدأ الهوية في تاريخ الفلسفة، فالتطابق أداتي وليس توافقيا، و الحال أن معطيات الواقع في حقيقتها غير مكتملة وتشهد انبثاقا حيويا متجددا باستمرار. من هنا ضرورة الحاجة إلى تجاوزالتصور الكلاسيكي وتقديم مفهوم ذو دلالة حيوية يتوافق والوقائع اللانهائية، بحيث يكون هذا المفهوم في ماهيته مبدأ يؤسس لتصور جديد في تاريخ الفلسفة قائم على تصور لا يقر بجاهزية الحقائق، وأزليتها واكتمالها، فالحقائق لا تزال قيد التكوين والاصطناع، وتنتظر جزءا من ملامحها في المستقبل، ولما كانت كذلك فينبغي استبدال مفاهيم المطابقة والتأسيس والهوية، بما هي مفاهيم تكرس لمنظور مرآوي لحقائق الواقع، بمفاهيم المنفعة والمفيد والأنجع والأصلح....
تكمن قيمة هذا المفهوم الذي حاول به الفيلسوف البراغماتي إحلال مفهوم المنفعة محل المطابقة ليس في التأسيس لمذهب تجاري كما ادعى ذلك راسل، وإنما رغبة في إيجاد مخرج للأزمة النظرية التي طالت سؤال المعرفة والحقيقة في تاريخ الفلسفة، يتعلق الأمر إذن أن المفيد والنافع معيارين ناجعين يمكن اعتبارهما مقياسين أساسيين للحكم على الأفكار والمعتقدات والعادات والاصطلاحات والقوانين، وكل ما يخص الوجود الإنساني باعتباره وجودا تؤسسه التجارب ذات الدلالة العملية، وليس وجودا خالصا منعزلا ومتعاليا عما يقع من تغييرات وإضافات على العالم الذي يعيش فيه، لهذا الغاية الإنسانية وليست التجارية، يبرر وليام جيمس تصوره في جميع إنتاجاته الفلسفية ومحاضراته على أن ما يدافع عنه هو الإنسانية بالدرجة الأولى، فالأفكار ينبغي أن تقاس بنجاعتها وفاعليتها، خصوصا وأن الحقيقة لسيت نسخة (copie) لما هو كائن، بل إنها تحيل إلى ما سيقع أو بالأحرى هي التي توجه أفعالنا إلى ما سيكون، فهي تنظر إلى المستقبل من أجل استشرافه والتحكم فيه، وبلغة برغسون"الحقيقة اختراع"
خلاصة القول، للفصل بين الخلط النظري الذي أقامه العديد من النقاد والباحثين بخصوص تصور وليام جيمس للحقيقة، يمكن التأكيد بأن الأمر يتعلق برغبة فلسفية جامحة في رسم اتجاه جديد لتاريخ الأفكار يتم فيه أخذ بعين الاعتبار النتائج العملية التي يمكن أن تترتب عن تصوراتنا وأحكامنا، بدعوى أن ارتباط تاريخ الفلسفة بجملة من المفاهيم والمقولات الميتافيزيقية جعلته تاريخا للقضايا المتيافيزيقية الخالية من المعنى على حد تعبير فيتغنشتين في رسالته المنطقية.



#جمال_ابناس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحقيقة والنزعة الإنسانية في فلسفة وليام جيمس


المزيد.....




- مجلس الشعب السوري يرفع الحصانة القانونية عن أحد نوابه تمهيدا ...
- تحذير عسكري إسرائيلي: إذا لم ينضم الحريديم للجيش فإن إسرائيل ...
- السفير الروسي ردا على بايدن: بوتين لم يطلق أي تصريحات مهينة ...
- بالفيديو.. صواريخ -حزب الله- اللبناني تضرب قوة عسكرية إسرائي ...
- وزير الدفاع الكندي يشكو من نفاد مخزون بلاده من الذخيرة بسبب ...
- مصر.. خطاب هام للرئيس السيسي بخصوص الفترة المقبلة يوم الثلاث ...
- -أضاف ابناً وهميا سعوديا-.. القضاء الكويتي يحكم بحبس مواطن 3 ...
- -تلغراف- تكشف وجود متطرفين يقاتلون إلى جانب قوات كييف وتفاصي ...
- إعلام سوري: سماع دوي انفجارات في سماء مدينة حلب
- البنتاغون: لم نقدم لإسرائيل جميع الأسلحة التي طلبتها


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جمال ابناس - نقد أسس المطابقة والتأسيس في نظرية الحقيقة -نموذج وليام جيمس-